دور الاجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ العقاري
يمكن القول بان ظهیر التحفيظ العقاري يمثل أرقى أشكال الحماية التشريعية للمعاملات العقارية ، لما جاء به من مقتضيات وإجراءات تسعى إلى توطيد الملكية العقارية على أسس متينة ، الأمر الذي جعل منه الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الائتمان العقاري والدعامة الأساسية لاستقرار الملكية العقارية في أغلب القوانين .
أضف إلى ذلك ، فقد أضافت التجربة العملية مزايا عديدة لهذا النظام ، الشيء الذي جعل الاحتفاظ به ضرورة لا مناص منها وجعل تعميم مزاياه من الأهداف الأساسية ، غير أن التطور الذي عرفته بلادنا في مختلف الميادين كشف عن جمود مقتضياته حيث لم تعد ملائمة للواقع الراهن ، كما كشف عن ضعف في استجابة بعض المقتضيات الأخرى للحاجات التي فرضها هذا التطور على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية .
ولما كان من المؤكد أن استمرار هذه الوضعية سيؤثر سلبا على تطور عدة قطاعات حيوية في الاقتصاد الوطني ، فقد تمت مراجعة مقتضيات نظام التحفيظ العقاري بهدف جعله أكثر ملائمة لمستوى التطور الحالي وأكثر قدرة على مسايرة ركبه ، لذلك فقد حاول مشروع قانون التحفيظ العقاري تكريس مجموعة من المقتضيات تنم عن نية المشرع في تجاوز بعض الثغرات ، إلا أن ذلك لم يمس بشكل عام المبادئ الهامة التي يقوم عليها نظام التحفيظ العقاري ، كما لم يمس أيضا بعض المقتضيات التي ظل تنظيمها غامضا حتى في ظل هذا المشروع كما سنرى لا حقا .
لكل هذه الأسباب ، ارتأيت أن أساهم بدوري في بحث موضوع يكتسي أهمية بالغة ، وذلك بهدف الوقوف على أهم الإشكاليات التي تطرحها تطبيق مقتضيات ظهير 12 غشت 1913 .