مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي

مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي

مسؤولية المهندس


مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي

      يعد الإنعاش العقاري مجموعة من العمليات القانونية والتقنية والمادية التي تهدف إلى تهيئ العقار للسكن أو لغرض أخر, والتي تتطلب تدخل عددا من الفاعلين من ضمنهم المقاول والمهندس المعماري والمهندس المختص و المهندس المساح الطبوغرافي... هذا الأخير الذي يؤدي دورا لا يقل أهمية في عمليات المذكورة  بحيث نجد أن المشرع المغربي بموازاة مع تحديد مهامه حدد أيضا المسؤولية التي يمكن ان تثار بمناسبة القيام بعمله وعموما إذا كانت المسؤولية القانونية تشمل الجنائية والمدنية فإننا في هذا العرض سوف نقتصر على المسؤولية المدنية للمهندس المساح الطبوغرافي وتتفرع المسؤولية المدنية إلى فرعين : المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.

فالمسؤولية العقدية تنشأ عند الإخلال بالتزام تعاقدي، أما المسؤولية التقصيرية فإنها تترتب عن الإخلال بالواجب القانوني الواقع على الكافة بعدم الإضرار بالغير.

  ولما للمسؤولية المدنية بنوعيها من مكانة مرموقة بين موضوعات القانون المدني فإن التشريعات لم تدركها مرة واحدة بل تدرجت في ذلك حقبا زمنية طويلة يمكن إجمالها في أربع مراحل .

     تميزت المرحلة الأولى : بارتباط المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية واختلاطهما فكان جزاء الفعل الضار متروكا للمضرور يثأر لنفسه ممن أوقع به الضرر دون ضوابط الثأر مما يؤدي إلى نزاع بين العشائر فساد في القانون الروماني مبدأ العين بالعين، والآنف بالأنف.

     وفي مرحلة ثانية كانت المسؤولية المدنية لا تترتب إلا على الأفعال الضارة المنصوص عليها في القانون دون النظر فيما إذا كانت تتضمن خطأ من جانب مرتكبيها أم لا.

     وفي مرحلة الثالثة تأكد اعتبار الخطأ أساس المسؤولية، بحيث لا يعتبر الفعل الضار إلا إذا أمكن، وصفه بأنه خطأ من جانب المسؤول.

    وفي المرحلة الرابعة تبين عدم كفاية الخطأ كمعيار وضابط للمسؤولية المدنية خصوصا بعد انتشار استعمال الآلات وكثرة مخاطرها وتعذر تحديد مصادر الخطأ بين مالكها وصانعها ومستخدميها، فظهر اتجاهات فقهيان الأول يرى أصحابه إن من تسبب في الضرر بنشاط يجني تماره فيجب أن يتحمل تبعته بغض النظر عن وجود الخطأ، بناء على قاعدة الغرم بالغنم وأن أساس المسؤولية هو تحمل التبعة، فنادوا بالتحول من فكرة الخطأ كأساس للمسؤولية إلى فكرة الخطر

     فأما الاتجاه الثاني فأصحابه يتشبثون بفكرة الخطأ كأساس للمسؤولية ويعارضون الاتجاه الأول ويرون أن فكرة تحمل التبعة تضع عوائق للإنتاج والنشاط الاقتصادي خوفا من المسؤولية وهكذا .... روح المبادرة ويضع عقاب في سبيل النمو والتقدم[1].

    وتظهر أهمية دراسة موضوع مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي على المستوى النظري أهمية بالغة على أساس أنه كان اختلاف بين التشريعات فيما يخص تنظيم هذه المسؤولية، فلكل تشريع رأي يأخذ به ونظرية يتأسس عليها وكذا الطابع الفضفاض لموضوع المسؤولية أما على مستوى الأهمية العملية نجد أن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي تنظمها قواعد متداخلة يصعب الفصل بينها.

    وقد انبثقت عن هذه الأهمية إشكالية رئيسية تتجلى في : ما هي طبيعة الأحكام التي تنظم كل من المسؤولية الجنائية والمدنية بشقيها العقديي والتقصيري للمهندس المساح الطبوغرافي ؟ وتتفرع عن  هذه الإشكالية الرئيسية إشكاليات فرعية :

 - ما هو الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية التقصيرية  للمهندس المساح الطبوغرافي؟

 - ما هي أركان المسؤولية العقدية للمهندس المساح الطبو غرافي في التشريع المغربي؟

-  ما هي الآثار المترتبة عن الإخلال بالتزام التعاقدي للمهندس الطبوغرافي؟

- ماهى إجراءات رفع دعوى المسؤولية والاثار المترتبة عنها ؟

 

 

بالإضافة إلى مجموعة من الإشكالات التي سوف نحاول أن نجيب عنها لهذا اعتمدنا التصميم التالي:

 

المطلب الاول : حدود مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي وأساسها.

  المطلب الثاني  : دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي  وأثارها

 

المطلب الأول : أحكام مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي.

           إن إنجاز عملية التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب من لدن المحافظ على الأملاك العقارية، قد يعرضه لمسؤولية وذلك بناء على الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم بالقانون 14.07 والذي أسند المسؤولية لمهندس بعدما كانت ملقاة على المحافظ على الأملاك العقارية .

     وعليه سنحاول أن نتناول في هذا المطلب حدود المسؤولية التقصرية للمهندس المساح الطبوغرافي وأساسها القانوني (الفقرة الاولى) على أن نتناول أحكام المسؤولية العقدية في (الفقرة الثانية) .

الفقرة الاولى: حدود مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي وأساسها القانوني  .

 

أولا :ٍٍ حدود مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي.

          إن إجراء عملية التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي تجعله معرضا للمسؤولية في حالة إخلاله بأحد المقتضيات اللازم إتباعها قانونا[2]

      بحيث نجد الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بالقانون رقم 14.07 على أنه " يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتسيير عمليات التحديد،وينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا من جهاز المسح العقاري،مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين

  ينجز المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب عملية التحديد تحت مسؤوليته بحضور طالب التحفيظ..." .

       كما ينص الفصل 20 من نفس الظهير على أنه" يقوم المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب باستفسار طالب التحفيظ والمجاورين والمعارضين والمتدخلين وأصحاب الحقوق العينية التحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية ...

يقوم المهندس المساح الطبوغرافي بمعاينة واقع الحيازة ومدتها ويعاين حالة العقار ،كما يباشر غير ذلك من المعاينات وأعمال البحث المفيدة.

    يضع المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الأنصاب سواء لتحديد المحيط الذي عينه طالب التحفيظ أو لضبط القطع المشمولة به والتي تكون محل تعرضات  من طرف الغير ثم يضع تصميما موجزا ويسما التصميم المؤقت لتحديد.

ويحرر المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب محضرا لتحديد يبين فيه:

1: تاريخ ووقت العملية سواء أنجزت في مرة واحدة أو عدة مرات

2: الأسماء الشخصية والعائلية للحاضرين وصفاتهم ومراجع الوثائق المتبثة لهويتهم وعناوينهم...[3]

     ومن خلال القراءة المتأنية لهذه الفصول يمكن القول بأن المشرع المغربي قد حمل المهندس المساح الطبوغرافي المسؤولية سواء المنتمي للقطاع العام أوالقطاع الخاص عند إنجاز عملية التحديد[4]،  وبذلك يجب عليه أن يسهر على إنجاز عملية التحديد سواء المؤقت أو النهائي على أحسن وجه ،وذلك عكس ما كان سائدا في ظل ظهير التحفيظ العقاري قبل تعديله بمقتضى قانون 14.07 الذي كان ينص في فصله 19 على أنه "يقوم المحافظ على الأملاك العقارية أو نائب عنه بتسيير عمليات التحديد المؤقت بمساعدة ومشاركة مهندس محلف من مصلحة المسح والتصميم بمحضر طالب التحفيظ أو مفاوض خاص عنه.

    حيث كان المحافظ هو من يقوم بتسيير عمليات التحديد على عكس ما عليه الأمر اليوم بعد تعديل هذا الفصل حيث أصبح المهندس المساح الطبوغرافي هو المسؤول عن تسيير هذه العمليات ويتحمل مسؤولية عن أي عيب يمكن أن يطالها.

     ويرى الباحث علي العيساوي أن القاء المسؤولية على عاتق المهندس الطبوغرافي قد جاء انسجاما وأحكام المادة الأولى من قانون 30.93 المتعلق بمزاولة الهندسة المساحية الطبوغرافية التي تنص على أنه يناط بالمهندس المساح الطبوغرافي مهمة القيام باسمه وتحث مسؤوليته بإعداد الدراسات والعمليات والتصاميم الهندسية...

      ويرى نفس الباحث بأن مسؤولية المساح تنحصر في ما يتعلق بالجانب التقني،كاستفسار طالب التحفيظ والمجاورين والمعارضين عن كل ما يتعلق بالملك المعني غير أن هناك بأن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي يجب أن تكون مزدوجة بين ما هو تقني وما هو قانوني،لأن المشرع عندما أسند اليه القيام بعمليات التحديد لم يكلفه فقط بما هو تقني وإنما خول له ألقيام أيضا بمهام قانونية وبالتالي فإن حصر مسؤوليته في ما هو فني يتعين بالضرورة حصر مهامه في هذا الجانب،والحال أن الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري كما ثم تعديله بقانون 14.7 قد جاء واضح الدلالة في إسناد المسؤولية على عاتقه بسبب القيام بعمليات التحديد دون تمييز بين الجانب الفني أو القانوني [5] .

       لكن المهندس المساح الطبوغرافي يمكنه إسناد مهمة  انجاز عمليات التحديد ألى أحد التقنيين الطبوغرافيين وذلك بمقتضى المادة الأولى من المرسوم التطبيقي لمقتضيات القانون رقم 12.57 والتي أوجبت تأهيل فئة التقنيين الطبوغرافين المرسمين والمحلفين التابعين لمصلحة المسح العقاري لإنجاز عمليات التحديد التي يكلفون بها من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المحلف من مصلحة المسح العقاري والمنتدب من لدن المحافظة على الأملاك العقارية.

 

 

 

       ثانيا :المسؤولية التقصيرية للمهندس الطبوغرافي وأساسها القانوني

         إن الحديث عن مسؤولية المهندس الطبوغرافي فيما يخص شقها ألتقصيري  المتمثل في الإخلال بالتزام  مصدره العمل الغير المشروع  وغير العمل الجرمي[6] .الشيئ الذي يدفعنا إلى أن نتساءل حول طبيعة  الأساس الذي تنبني عليه  مسؤولية المهندس الطبوغرافي  المساح .

- هل تنبني على أساس الخطأ الواجب الإثبات ؟ أم على الخطأ المفترض ؟

- أم أن هذه المسؤولية تنبني على أساس نظرية  تحمل التبعة ؟  أم على نظرية تحمل المخاطر ؟

      وللإجابة على هذه الإشكالات  سنحاول الوقوف على أهم النقاط المتعلقة بأهم جوانب هذه المسؤولية  لتحديد الأساس الذي تنبني عليه مسؤولية المهندس  والتي تنبي على أساس مجموعة من الفرضيات.

Ø     مسؤولية المهندس الطبوغرافي  على أساس الخطا الواجب الإثبات.

    هذا الاساس يعمل به في غالب الاحيان  في ظل المسؤولية الشخصية  عكس المسؤولية الموضوعية ،فإذا ما كان الخطأ واجب الاثبات ففي هذه الحالة يقع  على المتضرر أو المدعي إثبات علاقة السببية بين الضرر والخطأ  الواقع  ولايمكن دفعها  إلا بإثبات السبب الاجنبي [7].

 

Ø     مسؤولية المهندس المساح على أساس الخطأ المفترض .

   إن الغاية من بناء المسؤولية التقصيرية على اساس الخطا المفترض او الخطأ الواجب الاثبات  هو معرفة من يقع عليه الاثبات أثناء إجراءات التقاضي ،ففي دعاوى التعويض التي يكون فيها الخطأ مفترض فإن النتضرر لا يكلف بإثبات الخطأ  بل يكفي وقوع الضرر  بسبب الفعل الخاطئ.

ففي هذه الحالة فإن إفترضنا  أن المهندس المساح  بمناسبة قيامه بعملية التحديد  سبب ضررا لأحد الاشخاص ،ففي هذه الحالة لايكفيه أن يثبت أنه لم يرتكب أي خطأ أو أنه إتخذ جميع الاحتياطات  او قام بالعناية الواجبة  لكي لايفلت زمام  الشيئ من يده[8] بل من اجل تخلصه  من المسؤولية  عليه ان يثبت السبب الاجنبي . 

 

 

Ø     مسؤولية المهندس على اساس نظرية تحمل التبعة

إستبدال  فكرة الخطأ بفكرة تحمل التبعة التي لا تستلزم الخطأ من أجل إلزام محدث الضرر بالتعويض وإنما تكتفي بأن يكون الضرر قد حدث نتيجة  نشاطه .ومن ابرز المدافعين عن هذه النظرية نجد الفقيه سالي [9].

  ومفاد هذه النظرية أن كل نشاط نتج عنه ضرر يتحمل صاحبه المسؤولية إذا ما أحدث ضررا للغير،حتى ولو كان فعله غير مشوب بخطأ .

وإذا ما أخذنا بهذه النظرية وأسقطناها على نشاط المهندس المساح الطبوغرافي  فيما يخص قيامه بعملية التحديد فنجد أنها تتماشى وإثارة مسؤوليته وإن كان للقضاء المغربي في غالب الاحيان يأخذ بقرينة الخطا  المفترض.

 

Ø     مسؤولية المهندس الطوبوغرافي على أساس نظرية تحمل المخاطر .

إن هذه النظرية تتماشى بصورة كلية مع مسؤلية المتبوع التي تتأسس على فكرة المخاطر.بحيث أن المتبوع يضمن أخطأ التابع[10] لأنه يعتبر بمثابة الشخص الذي يعمل من أجله والذي يتحمل نشاطه فهو يستفيد من الجيد كما يعود عليه السيئ[11].

 وإذا ما رجعنا إلى مسؤولية المهندس نجد أن هذا الاخير يعتبر مستخدم أو موظف تابع للدولة إذا فهي التي تتحمل تبعة أعماله إستنادا لمقتضيات الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود المغربي.

 وإستنادا لما سلف ذكره ونظرا لإختلاف الاراء حول طبيعة مسؤولية المهندس المساح الطوبوغرافي الذي يشتغل في القطاع العام والخاص نتسأل :

- ماهي الحجج التي تنبني عليها المسؤولية التقصيرية للمهندس المساح الطبوغرافي ؟

إن مناط المسؤولية التقصيرية في الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي جاء فيه " كل فعل إرتكبه الانسان عن بينة وإختيار ومن غير أن يسمح به القانون وتسبب في ضرر مادي  او معنوي للغير الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا تبث أن ذالك الفعل هو السبب المباشر لحصول الضرر ..." .

إنطلاقا من مضمون الفصل السالف الذكر نجد أن المسؤولية التقصيرية تقوم على أساس الاخلال بإلتزام قانوني ومنه فماهي الاحكام التي تحكم مسؤولية المهندس  المساح على أساس المسؤولية التقصيرية  ؟

 يرى الاستاذ علي العيساوي أن مسؤولية المهندس المساح  تقوم على أساس

 

 

المسؤولية التقصيرية  وذلك بالاستناد الى الاعتبارات التالية[12] :

 

- المهندس المساح الطبوغرافي وهو بصدد عملية التحديد فإنه لايقوم إلا بواجبه القانوني  تمليه عليه قواعد وظيفته  كمستخدم دون أن يستطيع  الامتناع عن ذالك  كما أن إختصاصه  في مجال التحديد محدد في دائرة نفوذ المحافظة العقارية  المشتغل بها

- نأن المهندس المساح لايمكنه إضافة شروط أو أية بنود مما  يفيد خروجه من دائرة المسؤولية العقدية  وبالتالي فهو منظم بأحكام المسؤولية التقصيرية دون غيرها .

- بإعتبار المهندس المساح الطبوةغىابلاثبإعتبار المهندس المساح من مستخدمي الدولة فإن هده الاخيرة تسلأل عن الاضرار المرتكبة من طرف هذه الفئة  [13] .

      وتماشيا مع الحجة الاخيرة  ولتعزيز مضمونها  القانوني سنقف  عند فصلين في غاية من الااهمية  يؤطران لنا المسؤولية التقصيرية للدولة  عن أعمال موظفيها الضارة  ( الفصل 79 80 من ق ل ع) .

     فبالرجوع للفصل 79 نجده ينص على مايلي " الدولة مسؤولة عن الاضرار الناتجة مباشرة عن تسير إدارتها  وهن الاخطاء المصلحية لمسخدميها " [14] .

أما الفصل 80 فقد جاء فيه "مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن  الاضرار الناتجة  عن تدليسهم  أو عن الاخطاء  الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم .

  نستشف من هاذين الفصلين أن هناك أساسين للمسؤولية الادارية الاول هو المنصوص عليه في الفصل 79 أي مسؤولية الدولة عن الاضرار  الناتجة عن التسيير  والتي إعتبرها جانب كبير من الفقه بالمسؤولية الموضوعية  .بحيث ان الشق الثاني هي المنصوص عليها في الفصل  80 أي تلك المسؤولية الناتجة عن الاخطاء المصلحية حيث يعتبر الخطأ المصلحي هو أساس هذه المسؤولية [15].

       أما فيما يخص رؤية القضاء المغربي  للقاعدة ومسؤولية الدولة  عن أخطأ موظفيها  والذي يعد المساح الطبوغرافي من بينهم فإنها قد عرفت إختلافا فيما يخص أساس مسؤولية الدولة  بمقتضى الفصل 79.هذا ما نستشفه من خلال القرارين التاليين :

-  قرار صادر عن محكمة النقض المغربية بتاريخ 14 يناير 1993 الذي جاء فيه "إن مسؤولية الدولة تكون قائمة ولو عند عدم إرتكاب  أي خطأ من جانبها إستنادا إلى فكرة المخاطر [16].

         وإستنادا إلى هذا القرار نجد أن القضاء المغربي قد أخذ بنظرية المخاطر  بإعتبار أن الموظف ( المهندس) يعمل لدى الدولة  وبالتالي فهي تستفيد من أعماله وفي نفس الوقت تتحمل أخطاءه .ولكن هذا الموقف سرعان ما تراجع عنه القضاء وأخذ بالموقف  الذي يقوم على أساس  ضرورة إثبات الخطأ  لقيام مسؤولية الدولة  أي أن المسؤوليىة الواردة في الفصل 79 قوامها خطأ واجب الاثبات  والقرار الذي يؤكد هذا الامر هو التالي :

-لا قرار صادر عن محكمة النقض المغربية  بتاريخ 6 ماي 1994 الذي جاء فيه " طبقا للفصل 79 فإن مسؤولية الدولة  هن تسير إدارتها  وعن الاخطاء المصلحية لمستخدميها لاتفترض  بل لابد إثبات الخطأ المصلحي المنسوب إلي موظفيها لأنها من المسؤولية التقصيرية "[17].وتماشيا هم

 

الفقرة الثانية: أحكام المسؤولية العقدية  للمهندس الطبوغرافي في التشريع المغربي.

          يمكن ان تربط المهندس المساح الطبوغرافي بالغير علاقة تعاقدية في ايطار إنجاز مهامه

و لما كانت الغاية من إنشاء العقود والاتفاقات المبرمة بين الأطراف هو تنفيذ مضمونها بالطريقة المألوفة في ميدان التعامل، ونعني بذلك تنفيذ الالتزام عينا حسب ما تم الاتفاق عليه لا فرق في ذلك بين الالتزامات بالقيام بعمل أو التي تفيد إعطاء شيء ما إلا أن هناك أكثر من سبب يحول دون حصول هذا التنفيذ العيني[18]، الأمر الذي يمكن أن تترتب عليه مسؤولية موجبة لتعويض.

    لهذا يمكن أن نتساءل عن أركان قيام المسؤولية العقدية للمهندس الطبوغرافي وموقع الضمان اعشري منها؟

    إذا كان المهندس المساح الطبو غرافي  طرفا في العلاقة التعاقدية فإن مسؤوليته التقصيرية تخضع للقواعد العامة من حيث الشروط والاثار .

 

    _ أركان المسؤولية للمهندس الطبوغرافي

   كل التشريعات اتفقت على أن المسؤولية العقدية تقوم على ثلاثة أركان ، وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وهي نفس شروط المسؤولية التقليدية، وهذا سوف نحاول الإجابة عنه من خلال 3 فقرات.

أولا: الخطأ العقدي

     المشرع المغربي يعتبر الخطأ العقدي شرطا لقيام المسؤولية لكنه وتماشيا مع معظم التشريعات لم يعرفه، تاركا تحديد معناه للفقه والقضاء[19] لكن عرف الخطأ بصفة عامة في الفصل 78 بإعتباره ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه ذلك من غير قصد إحداث الضرر.

     ولقد تضاربت الآراء بخصوص تحديد معنى الخطأ العقدي، ولذلك يمكن القول: بـأن الخطأ هو الانحراف أو التعدي في السلوك المألوف للشخص العادي مع إدراكه لهذا الانحراف[20].

    ويتخذ الخطأ العقدي في التشريع المغربي أكثر من مظهر قانوني يختلف باختلاف نوعية الإخلال الذي ارتكبه المدين فهو قد يتمثل :

     إما في الامتناع أحد المتعاقدين عن الوفاء بالالتزامات التي تعهد بها، وقد يكون الامتناع إما كليا أو جزئيا وفي كلا الوضعين، فإن الطرف المضرور له الحق في المطالبة بالتعويض (المادة 259 ق.ل.ع).

    وإما أن يكون ذلك في شكل تأخر في التنفيذ، الأمر الذي يتسبب في إلحاق الضرر بالطرف الدائن[21].

       وهذا ما جاء به الفصل 263 من ق.ل.ع المغربي " يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام وإما بسبب التأخر في الوفاء به ...." وهكذا تسري على المساح الطبوغرافي الأحكام السالفة الذكر في حالة ما إذا كان مرتبط بعلاقة تعاقدية في إطار انجاز  مهامه الجيوديزيا.

     وطبقا للنظرية التقليدية أو نظرية تدرج الخطأ[22]، كان يتم التمييز في المجال التعاقدي بين ثلاث درجات من الخطأ غير العمد.

 - خطأ جسيم وهو ما لا يرتكبه أقل الناس عناية وهو أقرب ما يكون إلى الخطأ العمدي و يلحق به[23]، حيث يفترض أن المدين كان يتوقع عند إهماله  أو إمتناعه عن تنفيذ التزامه حدوث الضرر ولكنه لا يكترث بذلك.

- خطأ يسير وهو الذي لا يرتكبه شخص متوسط العناية[24]، وبتعبير أستاذنا عبد القادر العرعاري بأنه ذلك الخطأ الذي يتحاشى الوقوع فيه الشخص المتوسط الذكاء واليقظة.

- الخطأ التافه وهو من لا يرتكبه شخص متوسط العناية بمعنى آخر، وهو الذي لا يمكن الوقوع فيه إلا باتخاذ احتياطات حازمة، ولا يتفاده في الغالب إلا الشخص الحريص جدا في سلوكه[25].

    إلا أن هذه النظرية في تقسيم الأخطاء العقدية الموجبة للمسؤولية تعرضت إلى انتقادات شديدة أدت إلى نبذها وهجرها ما ترتب عنه ظهور نظرية حديثة تقوم على وحدة الخطأ غير العمد وأنه تدرج في جميع الالتزامات أيا كان مصدرها العقد أم القانون.

ثانيا : الضرر

    لا يكفي مجرد توافر الخطأ في جانب المتعاقد الذي لا يقوم بتنفيذ التزامه لتنشأ على عاتقه مسؤولية عن التعويض، بل يجب أن يترتب على عدم التنفيذ ضرر لدائن بالالتزام الذي لم يتم تنفيذه فالضرر روح المسؤولية العقدية، وعلتها التي تدور معها وجودا وعدما، فلا مسؤولية دون ضرر مهما بلغت درجة جسامة الخطأ[26].

   فالضرر هو كل خسارة تلحق الدائن وكل نفع يفوته بسبب إخلال المدين بالتزامه، وفي ذلك تقضي المادة 264[27] قانون الالتزامات والعقود المغربي

ومن أمثلة الضرر الذي  يمكن أن يلحقها المهندس المساح الطبوغرافي بالمتعاقد معه وهو تفويت عليه الاجال للحصول على الإذن بالتجزئة بسسب التأخر في إعداد رسم طبوغرافي المنصوص عليه في البند الأول من المادة الرابعة من قانون 25.90.

ثالثا : العلاقة السببية

     لا يكفي لتحقق المسؤولية العقدية أن يكون هناك ضرر وخطأ وإنما يلزم أن يكون هذا الخطأ هو الذي تسبب في وقوع الضرر[28].

ولكي تتحقق مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي يجب أن يكون عدم تنفيذ الالتزام أو التأخر في تنفيذه هو السبب المباشر وراء حصول الضرر .

_مسؤولية الضمان العشري للمهندس المساح الطبوغرافي

      ينص الفصل 769 من قانون الإلتزمات والعقود على أنه : المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحملان المسؤولية إذا حدث خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذها أو أشرف على تنفيذها إن انهار البناء كليا أو جزئيا أو هدده خطر واضح بالانهيار بسب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض .....)

       وتنص المادة 17 من قانون 25.90 على انه يجب على صاحب التجزئة أن يعن مهندسا معماريا أو مهندسا مختصا أو مهندس من مهندسي المساحة ليتولى بوصفه منسقا مهمة السهر على إنجاز الأشغال على أفضل وجه .

      بناءا على النصين أعلاه فإن المهندس المساح الطبوغرافي إذا تولى أهمية الإشراف على عملية البناء أو التجهيز وحدث عيب في ما أشرف عليه أو نفذه بعد تسليمه داخل اجل عشر سنوات بسبب نقص في المواد أو خطأ في طريقة البناء  يسأل مسؤولية الضمان العشري .

 

المطلب الثاني : دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي  وأثارها.

 

   في هذا المطلب سنحاول أن نحيط  بأهم النقاط المتعلقة بالاجراءات المتعلقة برفع دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي (الفقرة الاولى)،على ان نتناول اهم الاثار التي يمكن أن تترتب عن هذه المسؤولية (الفقرة الثانية) .

الفقرة الاولى : إجراءات رفع دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي

    من المعلوم أن المسؤولية تنبني على العناصر الثلاث الخطأ والضرر والعلاقة السببية فكلما تحققت هذه العناصر إلا وترتب التعويض لفائدة المتضرر.

      فإستنادا إلى هذه المقتضيات والتي يمكن إسقاطها على مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي في حالة إرتكابه لخطأ سبب ضرر للغير بمناسبة مزاولته لمهامه،بحيث تقوم المسؤولية و يترتب التعويض لفائدة المتضرر .

      فمن أهم الاجراءات التي يسلكها المتضرر لرفع دعوى المسؤولية كطريق من طرق الحصول على التعويض .

- تقديم المقال الافتتاحي لدى كتابة الضبط لدى المحكمة المختصة ،شرط القيام بهذا الإجراء داخل أجل قانوني حدده قانون المسطرة المدنية .

        اما فيما يخص المحكمة المختصة للنظر نوعيا في الدعوى الموجهة ضد المهندس المساح الطبوغرافي بمناسبة إرتكابه أخطاء الحقت ضررا بالغير ،هي المحكمة الابتدائية هذا على إعتبار أنها صاحبة الولاية العامة [29].هذا فيما يتعلق بجانب الاختصاص النوعي.

     أما المحكمة المختصة في النظر في الخطأ المرفقي الذي قام به المهندس الطبوغرافي المساح بمناسبة قيامه بعمله كمستخدم إداري فهي المحكمة الادارية وفقا للأحكام المادة الثامنة  من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الادارية[30].

    أما الاختصاص المكاني فقد منح المشرع الاختيار للمدعي لرفع دعوى التعويض، إما أمام محكمة وقوع الفعل الضار، أو أمام محكمة موطن المدعى عليه [31].

     وللتقادم بخصوص هذا الامر أهمية خصوصا مايتعلق بدعوى التعويض ،فإنها تخضع لأحكام الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على :

  "إن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات  تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه  إلى علم الفريق  المتضرر ومن هو المسؤول عنه

 وتتقادم في جميع الاحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث  الضرر " .

        وعليه فإن الدعوى الموجهة  ضد المهندس المساح الطبوغرافي تتقادم بمرور خمس سنوات  من وقت تبليغ الضرر إلى المتضرر،وتتقادم في جميع الاحوال بعشرين سنة  من وقت حدوث الفعل الضار  من طرف المهندس المساح الطبوغرافي .

  هذا كل مايتعلق بالاختصاص والتقادم في الدعوى التي يمكن أن تقام على المهندس المساح الطبوغرافي أثناء إلحاقه ضررا بالغير أثناء مزاولته مهامه .

الفقرة الثانية : أثار دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي

    إنه بالقراءاة المفصلة لأهم المواد المنظمة لمهنة المهندس المساح الطبوغرافي يمكن أن نستشف أن هذه المسؤولية تنتج عنها مجموعة من الاثار وذالك من قبيل (التأمين .والمسؤولية الجنائية ).

-        اولا : التأمين :  نجد مقتضيات المادة ‍19 من القانون 30.93 المتعلق بتنظيم مهنة الهندسة الطبوغرافية تنص على مايلي :

   "يجب على المهندسين المساحين الطبوغرافين العاملين بالقطاع الخاص إكتتاب وثيقة تأمين .لضمان المسؤولية المدنية  التي قد يتعرضون لها  بسبب قيامهم بالأعمال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى  من هذا القانون".

  من خلا هذه المادة ومحاولة التفصيل في أهم ما جاءت به أمكن القول على أنه يلزم المهندس المساح الطبوغرافي العامل بالقطاع الخاص  قبل القيام بأي عمل من الأعمال التي تقتضيها مهنته ،أن يبرم وثيقة تحمله الضمان عن الاخطاء التي يمكن تنتج عنه بمناسبة قيامه بعمله .

بالإضافة إلى أن الفقرة الثانية من نقس المادة تنص على أنه يلزمه أن يقدم إلى هيئة المساحة الطبوغرافية :

- شهادة تثبت أنه إكتتب وثيقة تأمين تشمل جميع الأخطار التي قد يكون مسؤولا عنها هذا إن كان يزاول مهنته مستقلا أو بوصفه شريكا  في إحدى  شركات المهندسين  المساحين الطبوغرافين .

-  شهادة تثبت أن رب عمله قد إكتتب تأمينا يشمل مسؤوليته إن كان يزاول المهنة بوصفه مدير القطاع الطبوغرافي تابع لشركة متعددة الانشطة  تزاول مهنة الهندسة المساحة الطبوغرافية بصورة تبعية .[32]

     وفي هذا الصدد نجد الفصل 20 من نفس القانون يضيف مايلي :

     "لاتعفى المسؤولية المدنية لشركات المهندسين الطبوغرافيين أي واحد من أعضائها  من مسؤوليته الشخصية عن الاعمال التي ينفذهالحساب الشركة.ويجب أن تحمل هذه الاعمال توقيعه الشخصي  وتوقيع الشركة كذالك " .

       من خلال هذا الفصل يتضح أن المسؤولية الشخصية للمهندس تنبني من خلال قيامه بمجموعة من الاعمال التي من شأنها ان تسبب ضررا للغير بحيث يلزم هنا أن يكون المهندس تابع للقطاع الخاص.

     وعموما فيما يخص هذه النقطة المتعلقة بالتأمين يصرح أحد الباحثين العاملين بهذا القطاع إلى أن هذه الاجراءات تبقى في صورة شكلية فقط لا تتجسد على أرض الواقع بحيث أن أغلب المهندسين الطبوغرافيين يتهربون من أداء الواجبات المستحقة  بالرغم من أن مقدار التأمين لايتعدى 300 درهم سنويا .

      والمقصود هنا بالتأمين هو ذالك المبلغ المحدد قانونيا لتفادي الاخطار التي يمكن أن تسببها الاعمال التي يزاولها المهندس للغير بمناسبة قيامه بأعماله تكون مسقبلية يمكن أن تقع أو لا تقع .

    كان هذا فيما يندرج ضمن أهم الاثار التي يمكن أن تنتج عن مسؤولية المهندس الطبوغرافي في إطار المسؤولية المدنية .

   إلا أنه بالاضافة إلى هذه المسؤولية يمكن أن تترتب على غرارها أثارا تكون نتيجة المسؤولية الجنائية للمهندس الطبوغرافي .

   - ثانيا : المسؤولية الجنائية  بإعتبارها هي ذالك الاثر القانوني المترتب عن الجريمة كواقعة قانونية ،تقوم على أساس تحمل الفاعل الجزاء الذي تفرضه قواعد القانون الجنائي .

     وبالرجوع لمقتضيات الفصل 109 من القانون رقم 30,93 المنظم لمهنة الهندسة الطبوغرافية  نجده ينص على مايلي :

  "يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 381 من القانون الجنائي كل من يحمل لقب مهندس مساح طبوغرافي خلافا لأحكاه هذا القانون ".

     وقد قضت جنايات بني ملال في 22 من فبراير 2012 فيما يعرف بقضية المحافظ السابق للفقيه بنصالح ومن معه ،بمؤاخدة كافة المتهمين التسعة من أجل المنسوب إليهم، ومن بينهم مهندس مساح طبوغرافي.بحيث قضت على المحافظ والمهندس المساح الطبوغرافي بعشر سنوات نافدة ،وعلى سبعة متهمين بسبع سنوات سجنا نافدا في حدود ست سنوات  موقوفة التنفيذ.وفي الدعوى المدنية  التابعة بالنسبة للطرف المدني .مع الحكم على المتهمين بالتعويض قدره 200 الف درهم.[33]

       وبالاضافة الى المواد المنظمة لمسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي الجنائية نجد المواد 110 .111 ,112 .113 من القانون المنظم لمهنة الهندسة الطبوغرافية رقم 93,30 تنص على أهم المقتضيات الزجرية التي يمكن أن يتعرض لها المهندس المساح الطبوغرافي ،أما فيما يتعلق بالعقوبات التأديبية  فإن المادة 7 من نفس القانون حددتها   في:

  1 – الاندار

  2 – التوبيخ

  3 – الوقف هن مزاولة المهنة لمدة لاتزيد عن ستة أشهر .

  4 – الحدف من جدول الهيئة .

       ويمكن بقرار من المجلس الاعلى أن يشمل الانذار والتوبيخ ،والوقف على عقوبة إضافية تتمثل في المنع من العضوية بمجالس الهيئة خلال مدة لاتزيد عن ست سنوات .

        وفي الاخير تجدر الاشارة إلى أن صندوق التامين المشار اليه في الفصل 100 من التحفيظ العقاري 14.07 والذي يحيل عليه الفصل 64 بشان التعويضات في حالة العسر لايمكن إدخاله في الدعوى المرفوعة  في مواجهة المهندس المساح الطبوغرافي  ولو ان خطأه يندرج ضمن أحد اهم اجراءات التحفيظ ألا وهي عملية التحديد .[34]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                 

 

 

 

 

 

 

                                خاتمة

     كما سبق ورأينا أن المهندس المساح الطبوغرافي دوره في عملية الإنعاش العقاري لا يقل أهمية بالموازاة مع قيام بمهامه سواء كانت نظامية أو عقدية بحيث نظم المشرع مسؤوليته المدنية بشقيها العقدي والتقصيرية والتي تأطرها نصوص مختلفة منها الأحكام العامة التي يمكن استنباطها من قانون الالزامات والعقود باعتباره الشريعة العامة وكذلك يمكن ان نستشف مسؤوليته من خلال قانون التحفيظ العقاري ثم أيضا في قانون 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحة الطبوغرافية وإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافين.

        وعموما فإن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي وإن تعددت القوانين التي تأطرها فإنها تبقى تتشابه مع العديد من المتدخلين في مجال الإنعاش العقاري من قابيل زميله المهندس المعماري والتي في مجملها تهدف إلى جبر الضرر.

       وهنا نتساءل لماذا المشرع المغربي في قوانين التعمير ترك المسؤولية المدنية على حالها وشدد من المسؤولية الجنائية لتصل إلى حد العقوبات السالبة للحرية للمهندس المساح الطبوغرافي ؟ الجواب هو أن المسؤولية الجنائية ذات طابع عام تهدف إلى ضبط مجال التعمير من الخروقات أما المسؤولية المدنية للمهندس المساح لها علاقة بالتعويض وجبر الضر فقط  لكن ماذا عن ظاهرة البنيات الآيلة للسقوط التي لم تمر فترة طويلة على تشيدها  ولا تقوم فيها مسؤولية الضمان العشري بسبب انصرام اجل عشر سنوات.

    الدولة في إطار سياستها التعميرية يجب أن تقوم بمراقبة موازية على عملية البناء ولا تنتظر قيام مسؤولية الضمان العشري والتي غالبا ما يصعب تحديد فيها المسؤول الرئيسي وحتى قيام هذه المسؤولية لا تغني شيئا بالنسبة للسياسة التعميرية للبلاد فقط سينتج عنها انتشار البنايات المعيبة وكثرة المتابعات امام القضاء في حين إذا كان دور الدولة وقائي سيتم تفادي مثل هذه المشاكل.

 

 

 

                               المراجع المعتمد عليها

 الكتب :

- عبد العزيز توفيق .شرح قانون المسطرة المدنية  والتنظيم القضائي .الجزء الاول  .ط الثانية  1988

- عبد الكريم اطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية .ط الاولى 2003

- حسن علي الذنون، الوجير في النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الجزء الأول، الطبعة الأولى، سنة 2002.

- عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، دار النشر للجامعات المصرية، سنة 1952.

- زيد قدري الترجمان " المسؤولية المدنية"، طبعة الأولى 2007

- الطيب الفضايلي:"النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1.

- عبد القادر العرعاري مصادر الالتزامات الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، طبعة 3 سنة 2011

   - محمد اهتوت،وضعية المهندس  المساح الطبوغرافي في التشريع العقاري المغربي،منشورات المنبر القانوني،طبعة 2017

  - مأمون الكزبري "نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي" الجزء الاول –مصادر الالتزامات-الطبعة الاولى . سنة 1972

  - عبد الرحمان الشرقاوي"الواقعة القانونية الجزء الثاني"سنة 2013

 -  مرزوق أيت الحاج، المسؤولية المدنية، دراسة تحليلية على ضوء الفقه والقضاء، طبعة 2، 2005

 

المجلات :

مصطفى الكيلة، التقدير القضائي للتعويض، دراسة مقارنة في مجال المسؤولية المدنية، طبعة أولى، 2009، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة دراسات قضائية، العدد الأول

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                               الفهرس

مقدمة................................................................................1

المطلب الأول حدود مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي وأساسها...........4

الفقرة الأولى حدود مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي وأساسها القانوني. 4

الفقرة الثانية أحكام المسؤولية العقدية  للمهندس الطبوغرافي......................11

المطلب الثاني دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي  وأثارها.......15

الفقرة الاولى إجراءات رفع دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي............15

الفقرة الثانية أثار دعوى مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي..............17

الخاتمة ...........................................................................21

لائحة المراجع....................................................................22

الفهرس............................................................................23

 



[1] زيد قدري الترجمان " المسؤولية المدنية"، طبعة الأولى 2007، ص 9.

[2] - محمد اهتوت،وضعية المهندس  المساح الطبوغرافي في التشريع العقاري المغربي،منشورات المنبر القانوني،طبعة 2017،ص80.

[3] - الفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بقنون رقم 14.07 .

[4] -محمد أهتوت:مرجع سابق:ص 81.

[5] -محمد أهتوت،مرجع سابق،ص83 .

[6] مأمون الكزبري "نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي" الجزء الاول –مصادر الالتزامات-الطبعة الاولى . سنة 1972 ص 367

[7] عبد الرحمان الشرقاوي"الواقعة القانونية الجزء الثاني"سنة 2013 ص 193

[8] عبد الرحمان الشرقاوي "نفس المرجع"ص 192

[9] عبد الرحمان الشرقاوي "مرجع سابق .ص193

[10] عبد الرحمان الشرقاوي "نفس المرجع"ص 173

[11] عبد القادر العرعاري "المسؤولية المدنية في التشريع المغربي"طبعة 2014 .ص219

[12] محمد أهتوت "وضعية المهندس الطبوغرافي في التشريع العقاري المغربي" منشورات المنبر القانوني  سلسلة أعمال جامعية سنة 2017 ص 82 83 86

[13]  محمد أهتوت "مرجع سابق " ص 86 85

[14] قانون الالتزامات والعقود المغربي –دار الانماء الثقافي وفق أخر المستجدات  المدخلة بالقانون رقم 53,05 الفصل 79

[15] قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 12يناير 1993 .ورد في كتاب عبد الرحمان الشرقاوي  ص289

[16] قرار صادر عن محكمة النقض المغربية بتاريخ 12 يناير 1993 في كتاب عبد الرحمان الشرقاوي ص 289

[17] قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 6 ماي  بتاريخ 1994 ورد في كتاب الواقعة القانونية .لعبد الرحمان الشرقاوي ص 290

 

[19] - مرزوق أيت الحاج، المسؤولية المدنية، دراسة تحليلية على ضوء الفقه والقضاء، طبعة 2، 2005، ص 192.

[20] - الطيب الفصايلي : "النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1،
ص 218.

[21] - عبد القادر العرعاري، م.س، ص 33.

[22] عبد الرزاق السنهوري ,الموجز في نظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري ,دار الاحياء التراث العربي بيروت, ص:298

[23] - مصطفى الكيلة، التقدير القضائي للتعويض، دراسة مقارنة في مجال المسؤولية المدنية، طبعة أولى، 2009، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة دراسات قضائية، العدد الأول، ص 27.

[24] - زيد قدري، الترجمان، م.س.، ص 134.

[25] - عبد القادر العرعاري، م.س، ص 34.

[26] - حسن علي الذنون، الوجير في النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الجزء الأول، الطبعة الأولى، سنة 2002، ص 208.

[27] - المادة 264  ق.ل.ع : الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية ما فاته من كسب متى كان ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام...."

[28] - عبد القادر العرعاري م.س، ص 47.

[29] عبد العزيز توفيق .شرح قانون المسطرة المدنية  والتنظيم القضائي .الجزء الاول  .ط الثانية  1988 ص110

 الظهير الشريف رقم 1.9.225 الصادر في 22  من ربيع الاول 1414 الموافق 10 دجنبر 1933 بتنفيذ القانون 41,90[30]

عبد الكريم اطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية .ط الاولى 2003 ص 62 [31]

[32]محمد اهتوت .وضعية المهندس المساح الطبوغرافي في التحفيظ العقاري ، رسالة لنيل الماستر .تحت تقديم محمد ابو نبات .

 قرار صادر عن إبتدائية بني ملال،ملف جنائي إستئنافي عدد 190_11 بتاريخ 22 فبراير 2012 (غير منشور ) أشار إليه .محمد اهتوت.المهندس المساح الطبوغرافي في التحفيظ العقاري المغربي.مرجع سابق .[33]

[34] محمد اهتوت،وضعية المهندس  المساح الطبوغرافي في التشريع العقاري المغربي،منشورات المنبر القانوني،طبعة 2017،ص 38

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-