عقد الايجار المفضي إلى تملك العقار
السكن إذا كان يعتبر من المتطلبات العامة
بالنسبة لأي مجتمع فإنه عندما يتعلق الأمر بالمجتمع المغربي فالحاجة إليه تعتبر من
الأولويات والأساسيات التي تسعى الدولة إلى تحقيقها ، فعدم التوفر على سكن لدى المواطن
المغربي يحدث له نوعا من عدم الاستقرار و الاضطراب .
والسكن لا يعني توفر الفرد على منزل يقطنه
بل الأهم من ذلك تملكه لهذا المسكن وهو الأمر الذي يكون صعبا أحيانا خاصة عندما يتعلق
الأمر بالطبقات ذات الدخل المحدود أو الضعيف لمجموعة من الأسباب التي ترجع بالأساس
إلى الأزمة الخانقة التي عرفها قطاع الإسكان، لذلك كان من اللازم الاهتمام بهذا القطاع
والتدخل لإيجاد بعض السبل لوضع حد أو على الأقل التخفيف من هذه الأزمة ،
وفعلا اتجهت الدولة لمحاولة الحد من هذه
الأزمة والتقليص من آثارها فكرست كل قدراتها لخدمة هذا الهدف سواء على المستوى الواقعي
بنهجها العديد من البرامج والمخططات التنموية في قطاع الإسكان أو على المستوى التشريعي
بسنها القواعد القانونية التي من شأنها أن تساير وتواكب التحولات التي يعرفها المغرب
في هذا القطاع كالقوانين العقارية الجديدة المتمثلة في قانون 00/18 المتعلق بالملكية
المشتركة. أو القانون 00/44 المتعلق ببيع العقارات في طور الانجاز. والقانون 00/51
المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار .
و يعتبر قانون 51.00 المنظم للإيجار
المفضي إلى تملك العقار موضوع دراستنا هذه وقد حاول المشرع من خلال هذا القانون أن
يِؤطر للعلاقة بين أطراف هدا التصرف بوضعه للعديد من القواعد و الأحكام، وذلك
لإضفاء نوع من الاستقرار على المعاملات التي تنعقد في هذا الجانب .
من خلال ما سبق نطرح الأسئلة التالية :
ما المقصود بالإيجار المفضي إلى تملك
العقار؟
و ما هي خصائصه و نطاق تطبيقه ؟
وما شكليات إبرام هدا النوع من
التصرفات ؟
ومن هذا المنطلق سوف نحاول معالجة
موضوعنا من خلال التصميم التالي :
المطلب الأول: ماهية عقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار ونطاق تطبيقه
المطلب الثاني: التميز عقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار وشكليات انعقاده.
المطلب الأول: ماهية عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
عرف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
اختلافات واسعة حول مدلوله بين من يعتبره
عقد بيع عادي وبين من يعتبر عقد إيجار بيعي سواء على مستوى التشريع أو الفقه لذلك
سوف نتطرق لتعريفه في الفقرة الأولى، كما أن قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار
جاء ليطبق على مجال محدد وهو ما سيتم تناوله في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: تعريف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار وخصائصه
أولا: تعريف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
إن عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أولا هو
وليد حاجات اجتماعية وقانونية، حيث اهتم المشرع بحاجة الناس إلى السكن والحد من
أزمة هذا الأخير من جهة، وإيجاد وسائل جديدة لتمويل مشاريع البناء من جهة أخرى.
وبخصوص التعريف التشريعي لعقد الإيجار المفضي
إلى تملك العقار فبالرجوع إلى المادة 2 من قانون 51.00 نجدها تنص على ما يلي:
"يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه
المكتري المتملك بنقل ملكية العقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض مقابل
أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ
الخيار". من خلال الفصل المذكور يظهر أن المشرع اعتبر هذا العقد هو نوع من
عقود البيع، وبالتالي فهو نوع من أنواع البيوع العقارية وهذا التوجه الذي تبناه
المشرع يجعل التساؤل يثار حول عدم إدراجه (قانون 51.00) بظهير الالتزامات والعقود
الذي تضمن أنواع البيوع الواقعة على العقارات.
أما بخصوص رأي الفقه حول مفهوم عقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار، فإنه نجد البعض[1]
يقول بأنه بالرغم من تركيز المشرع في المادة 2 على عملية البيع، وهي العملية
المتوخاة من هذا العقد غير أنها مسبوقة بعملية أخرى وهي انتفاع المكتري المتملك
بالعقار مقابل أداء الوجيبة المذكورة في المادة 8.
ومنه اعتبر أن عقد الإيجار هو عقد مركب من
تعرفين الكراء والبيع، فالكراء يتم ظهر في إبرام العقد الابتدائي إلى حين حلول
الحق في ممارسة الخيار.
أما البيع فيرتب أثاره من تاريخ سداد المكتري
لجميع أقساط ثمن البيع.
ونجد البعض الآخر من الفقه[2]
اعتبر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار عقد بيع معلق على شرط، أي أنه بيع مؤجل
التملك، فأساسه بيع مؤجل وظاهره كراء، ولعل هذا الأمر ما جعل المشرع يفرض الشكلية رغبة منه في حماية الطرف
الضعيف في العقد وهو المكتري المتملك... على عكس عقود البيع والكراء العادية التي
تكون كقاعدة عامة رضائية.
ثانيا: خصائص عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
كما سبقت الإشارة إلى أن عقد الإيجار يجمع بين
عقد البيع والكراء، وبالتالي فهو يتميز
بخصائص مماثلة للعقدين المذكورين وهي كالآتي:
-أ- عقد شكلي:
بالرجوع إلى المادة 4 من قانون 51.00 نجدها
تطلبت وجوبا أن يتم تحرير عقد الإيجار في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ وذلك تحت
طائلة البطلان وبالنظر للأثر المترتب على
عدم احترام العقد لهذه الشكلية يتبين أنه
عقد شكلي بامتياز وهنا يتلاقى مع الشكلية المفروضة على عقد البيع في الفصل 485 من
ق ل ع.
- ب -عقد ملزم للجانبين
شأنه في ذلك شأن عقد البيع وعقد الكراء، فهما
عقود ملزمة لجانبين، ذلك أن كل طرف يتحمل التزامات معينة، وفي إطار الإيجار المفضي
إلى تملك العقار. فالمكتري المتملك ملزم بأداء الوجيبة بشكل دوري عن الانتفاع
بالإضافة إلى تسبيق نقدي إلى حين حلول أجل الخيار.
أما البائع فهو ملزم بتمكين المكتري من
الانتفاع بالعقار لمدة معينة وفي حالة إتمام الأقساط يلزم البائع بإتمام البيع
النهائي تحت طائلة التزامه من طرف القضاء.
- ج- من العقد المستمر:
إن عقد الإيجار ينعقد على مرحلتين ابتدائية
ونهائية، وبالتالي فهو يعتبر في المرحلة الأولى عقد كراء لمدة محددة باتفاق
الطرفين إلى حين حلول أجل الخيار لإبرام العقد النهائي ليصبح بعد ذلك عقد بيع تام،
وبالتالي فهو عقد مستمر خلال الفترة الفاصلة ما بين إبرام العقد الابتدائي وحلول
حق الخيار.
-د- عمل من أعمال التصرف
ما دام
أن عقد الإيجار سيترتب عنه بعد إبرام العقد النهائي نقل ملكية العقار إلى المكتري،
فإنه يعتبر من أعمال التصرف، والتي تتطلب أن تتوفر في طرفي العقد الأهلية الكاملة
للتصرف والمنصوص عليها في المادة 209 من مدونة الأسرة وهي 18 سنة شمسية كاملة.
- و- من عقود المعاوضة
نظرا لأن كل طرف في عقد الإيجار يتلقى مقابل
لما يعطيه فهو يعتبر من عقود المعاوضة، فالبائع يتلقى تسبيقا نقديا من المكتري
ووجيبة دورية عن الانتفاع، أما المكتري فهو يتمتع بالعقار خلال المدة المحددة إلى
أن يحل أجل الخيار ويصبح بذلك هو المالك للعقار بعد سداد كافة الديون.
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار
في سياق الحديث عن إطار تطبيق قانون 51.00
المنظم للإيجار المفضي إلى تملك العقار، لابد من الرجوع إلى مواد هذا القانون،
وتحديد المادة الأولى منه التي جاء فيها ما يلي: تطبق أحكام هذا القانون المتعلق
بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على العقارات المنجزة والمعدة للسكنى".
وبالتالي فإن هذا القانون يطبق على العقارات،
وهذه العقارات يجب أن تكون منجزة ومعدة للسكنى، فما المقصود بالعقار المنجز
والعقار المعد للسكنى؟
بالنسبة للعقار المنجز نجد أن الفقه[3]
ميزه عن العقار المبني، ذلك كلمة "منجز" غير كلمة " مبني"، ولعل
ما يؤكد هذا التميز هو الترجمة الفرنسية،
ذلك أن العقار المنجز يجد مقابلها في اللغة الفرنسية « Immeuble
achevé »
مما يعني أن عملية البناء قد انتهت وبذلك أصبح العقار جاهزا للسكنى ودون الحاجة
إلى إدخال أي تحسينات عليه من قبيل الصباغة أو الجبص.
في حين أن العقار المبني تقابله في اللغة
الفرنسية عبارة Immeuble construit ،
وهو مفهوم غير معتاد أو بالأحرى غريب في القانون المغربي.
إلا أنه في مقابل هذا الجدل، هناك من الباحثين[4] من
يرى إمكانية اللجوء إلى الفصل 618.15 من قانون 4400 المتعلق ببيع العقار في طور
الإنجاز الذي ينص على أنه:" لا يعتبر العقار محل البيع منجزا، ولو تم الانتهاء من بنائه، إلا بعد الحصول على رخصة
السكنى أو شهادة المطابقة وعند الاقتضاء بتقديم البائع للمشتري شهادة تثبت أن
العقار مطابق لدفتر التحملات إذا طالب المشتري بذلك"، ومن خلال هذا الفصل
فالعقار المنجز هو الذي يتم الحصول بشأنه على رخصة السكنى أو شهادة المطابقة على
حسب طبيعة استعماله وذلك بعد الانتهاء من بنائه.
أما بالنسبة للعقار المعد للسكنى، فإنه يكون
المحل مخصصا للسكنى متى كان متوفرا على المواصفات الضرورية من حيث الأجزاء المكونة
له وشروط التهوية والمطبخ ودورة المياه والربط بشبكة المياه الصالحة للشرب
والكهرباء.
وفي هذا الصد نجد أن بعض الفقه حدد معيارين
لمعرفة ما إذا كان العقار معدا للسكنى، إذ يتجلى المعيار الأول في ما تضمنه العقد
المبرم بين الطرفين، فيما إذا نص العقد على أن يستعمل المحل للسكنى.
والمعيار الثانية يتمثل في طبيعة العقد، بمعنى
آخر العبرة بكيفية الأعداد الطبيعي للمحل، أي إذا اشتمل هذا المحل على بعض المرافق
ذات الطابع الضروري لحياة الفرد من غرف النوع ومطبخ وحمام وغيرها من المرافق التي
تميز المحل المعد للسكن.
وفي هذا الإطار يمكن طرح التساؤل التالي: هل
المشرع أراد حصر تطبيق هذا القانون على المساكن الجديدة دون غيرها من تلك التي تم
استعمالها من طرف المالك المكري أو غيره؟.
وكإجابة عن هذا التساؤل يمكن القول أنه ما دام
لا يوجد نص صريح يجيز هذا الإقصاء، فإنه لا مانع من تمديد هذا القانون على
العقارات التي سبق استعمالها.
لهذا وبناء على ما سبق ذكره فإن نطاق تطبيق
القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار لا يطبق إلا على العقارات المنجزة
والمعدة للسكنى، وبالتالي يتعين استثناء المحلات المعدة للاستعمال المهني
والاستعمال الصناعي والتجاري.
المطلب الثاني: تمييز الإيجار المفضي إلى تملك العقار عن باقي العقود وإبرامه
الفقرة الأولى:تمييز الإيجار المفضي إلى تملك العقار عن باقي العقود
أولا:
تمييز عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار عن باقي النظم المشابهة.
سنعمل
على تمييز عقد الإيجار المفضي إلى التملك عن غيره من العقود المشابهة (أولا) ثم
نميزه بعد ذلك عن عقد الائتمان الإيجاري باعتبار عقدا مركبا (ثانيا).
1-
الإيجار المفضي إلى تملك العقار والعقود المشابهة
كثيرا
ما يلتبس عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار ببعض العقود العادية الناقلة للملكية
، كالبيع الناجز وبيع الخيار، والبيع بالتقسيط، كما قد يلتبس العقد نفسه
ببعض العقود غير الناقلة للملكية ، وإنما تلك التي تمنح المنفعة بالشيء محل العقد
كالكراء، وسنعمل فيما يلي على بيان الفروق الحصالة بين كل من عقد الإيجار المفضي
إلى التملك وغيره من العقود المذكورة كما يلي:
أ: الإيجار المفضي إلى التملك
وعقد البيع :
باستقراء
نص المادة 2 من قانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار والتي تقضي
بأنه : "يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع...".
ويتضح
من خلال نص المادة الثانية من قانون 51.00 أن المشرع المغربي اعتبر الإيجار المفضي
إلى تملك العقار هو عقد بيع، غير أن الرأي السائد لدى الفقه هو أن عقد الإيجار
المفضي للتملك ليس بعقد بيع تام، فهناك من اعتبره عقد بيع معلق على شرط، إذ أنه
عقد بيع[5] مؤجل
التملك وهو إلى حد بعيد منسجم مع البيوعات الموصوفة كبيع الخيار،
أما
بعض الباحثين فيعتبرونه بيع يتأجل فيه نقل الملكية بخلاف البيع التام.
ب: الإيجار المفضي إلى التملك وبيع الخيار:
بيع
الخيار هو البيع الذي يكون فيه الخيار إما للبائع أو المشتري للبقاء في العقد أو
الرجوع فيه، وقد نظمه المشرع المغربي في افصل 601 من ق.ل.ع حيث جاء فيه ما يلي:
"يشترط في عقد البيع ثبوت الحق للمشتري أو البائع في نقضه خلال مدة محددة
ويلزم أن يكون هذا الشرط صريحا، ويجوز الاتفاق عليه إما عند العقد وإما بعده في فصل
إضافي".
وفي
القانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى التملك تنظيم لحق الخيار في المادة
95 والتي تقضي بـ: "يتعين على البائع ثلاثة أشهر قبل حلول تاريخ حق الخيار أن
يطلب من المكتري المتملك بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتسيلم ممارسة حقه في
تملك العقار داخل الأجل المتفق عليه...".
ورغم
ذلك فإن حق الخيار الوارد في الفصل 601 من ق.ل.ع مختلف عن حق الخيار المنصوص عليه
في المادة 95 من ق.51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تلمك العقار، يظهر هذا
الاختلاف فيما يلي:
-
حق الخيار في إطار الفصل 601 من ق.ل.ع هو حق ثابت للبائع والمشتري أما حق
الخيار في إطار القانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار فهو حق
للمكتري المتملك فقط أما البائع فلا يملك هذا الحق على ما يستفاد من نص المادة 99
من ق.51.00.
-
ممارسة حق الخيار في إطار الفصل 601 من ق.ل.ع لا يترتب عليه أي مسؤولية أو تعويض
إذا تم داخل الأجل المتفق عليه، أما حق الخيار الوارد في المادة 95 من ق. 51.00
فإنه مرحلة حاسمة في مسار الإيجار المفضي إلى التملك، فإذا حل تاريخ حق الخيار
وتراجع المكتري عن العقد فإنه يلتزم بتعويض البائع كما هو مقرر في المادة 21 من
ق.51.00.
ج
: الإيجار المفضي إلى تملك العقار والبيع مؤجل الثمن أو بالتقسيط:
اكتفى
المشرع بصدد البيع مؤجل الثمن بإشارة عابرة في معرض الفصل 578 من ق.ل.ع حيث ورد ما
يلي:
"إلا أنه إذا جرى العرف على أن يحصل
أداء الثمن داخل أجل محدد أو في أقساط معينة، افترض في التعاقد أنهما ارتضيا ابتاع
حكمه...".
أما
القانون 51.00 فقد نص صراحة على تقسيط الوجيبة وهي جزء من الثمن بمقتضى المادة 8
منه وهي على جزأين: الجزء الأول خاص بحق الانتفاع من العقار والآخر يتعلق بالأداء
المسبق لثمن تملك العقار، ومن المعلوم أن الجزء المقابل للانتفاع بالعقار يمكن
تقسيطه إلى أقساط متعددة، إلا أن الجديد في القانون رقم 51.00 فهو أن الأقساط
المؤداة تعتبر مندرجة ضمن انتفاع المكتري من العقاري أي مقابل الكراء لعدة شهور أو
عدة سنوات حسب الاتفاق وبهذه الوسيلة أي تقسيط الوجيبة يتميز الإيجار المفضي إلى
تملك العقار تيسيرا على المكتري ولمساعدته على السكن.
د:
الإيجار المفضي إلى تملك العقار وعقد الكراء العادي:
ثمة
أوجه تقارب بين الكراء العادي المنظم بالقواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود
وبين الإيجار المفضي إلى تملك العقار، بحيث إن كلا العقدين يمنحان المكتري حق
الانتفاع بالعقار مقابل ثمن أو أجرة حسب الأحوال.
والجديد
من الكراء المفضي إلى تملك العقار هو أن أداء الأقساط المسمى عوضا عن الانتفاع
بالعقار يحتسب من أصل ثمن البيع بخلاف الكراء العادي فإن ثمن الأجرة فيه لا يقتطع
ولا يحتسب لأن الأمر ليس بيعا إنما كراء عاديا.
2:
الإيجار المفضي إلى تملك العقار والائتمان الإيجاري:
يعد
الائتمان الإيجاري صورة من صور التمويل، وهو عبارة عن تمويل عيني يتيح للمقاولة
فرصة الحصول على الأصول الرأسمالية التي تحتاج إليها إما في بداية التأسيس أو لدى
إحلال وتجديد آلات ومعدات جديدة محل آلات ومعدات قديمة دون أن تستنفذ هذه المقاولة
الموارد المالية الموجودة لديها والتي قد تنفقها في مآرب أخرى.
ويمكن
إيجاد تشابه بينه وبين الكراء المفضي إلى تملك العقار من حيث إن كلا منهما يرتب
كراء يوازي سداد ثمن العقار بالتقسيط لفائدة المكتري المتملك في نهاية المطاف، حيث
يتحول مركزه القانوني من مكتري إلى مالك للعقار.
إلا
أنه ثمة اختلاف واضح بين كل من الإيجار المفضي إلى تملك العقار والائتمان الإيجاري
من حيث إن العقد الثاني هو صنف من العقود التجارية والغرض منه تلبية الأغراض
المهني والصناعية والحرفية بخلاف الإيجار المفضي إلى تملك العقار الذي يتمثل غرضه
في تمكين المكتري المتملك من السكن فضلا عن أنه عقد من العقود المدنية.
الفقرة الثانية: إبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
أولا: العناصر العامة لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
يتطلب
إبرام الإيجار المفضي إلى تملك العقار وجود الأركان العامة الواجبة في انعقاد
العقود كافة من أهلية وتراضي ومحل وسبب ولقد عالجها المشرع في الفصل
من 2 إلى من 65 ق,ل,ع [6].
فالأهلية
لابد من توفرها في أطراف العقد وهما البائع المكري والمكتري المتملك، وكذلك إلى
وجود التراضي وذلك لكي يقوم العقد صحيحا ما دام أن عقد الإيجار المفضي إلى تملك
العقار عقد مركب يجمع بين الإيجار والبيع.
أما
فيما يخص محل هذا العقد فيتمثل في العقار المنجز المعد للسكن حيث يجب تعيينه
تعيينا مانعا للجهالة ولقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 51.00 على ذلك
بقولها تطبق أحكام هذا القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على
العقارات المنجزة والمعدة للسكنى. وبذلك يستبعد العقارات التي توجه في طور الإنجاز
والغير المبنية.
وأخيرا
سبب العقد: فسبب التزامات البائع في هذا العقد هو حصوله على الوجيبة وعلى باقي
الثمن وسبب التزامات المكتري المتملك هو الانتفاع بالعين أولا تم تمليكها بعد ذلك
فالباعث الدافع للبائع هو تصريف منتوجه السكني والباعث الدافع للمكتري المتملك هو
حصوله على العين لغرض السكن فيها.
ثانيا: العناصر الخاصة لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
وتتمثل
في العناصر الآتية:
- اشتماله
على وعد بالبيع.
- تمكين
المكتري المتملك من الانتفاع بالعين.
- تحديد
الوجيبة المفروضة على المكتري المتملك.
1:
الوعد بالبيع:
إن
التكييف الشامل لهذا العقد أفضى بنا إلى اعتباره كراء مقترنا بوعد بالبيع، ومن ثم
وجب أن يعد البائع بمقتضى هذا العقد المكتري المتملك، بان ينقل إليه ملكية العين،
إن رغب هذا الأخير في ذلك عند انتهاء مدة الانتفاع، وبعد أدائه باقي الثمن، عندها
يبرم عقد بيع نهائي بين الطرفين، بل إن انتقال الملكية هي الغاية التي قصدها
المشرع في هذا العقد أكثر من مجرد الانتفاع بالعين لذلك نجده يعرف هذا العقد في
المادة الثانية من قانون 51.00 بأنه: " كل عقد يلتزم البائع بمقتضاه
تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به
بعوض...".
ويراد
بالوعد بالبيع عموما، العقد الذي يعد بمقتضاه أحد الطرفين الآخر بأن يبيع إليه
عينا معينة، إذا أعلن هذا الأخير رغبته في ذلك خلال مدة معينة، فيكون الواعد هو
الملتزم وحده بإبرام عقد البيع، أما الموعود له فله حق الخيار[7]. وهكذا
فالبائع في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار يكون ملتزما بنقل ملكية العين إلى
المكتري المتملك أي ببيعها له عند نهاية مدة الانتفاع، وتأكيدا لالتزامه هذا، أوجب
عليه المشرع أن يبعث برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى المكتري المتملك، ثلاثة
أشهر قبل انتهاء مدة الانتفاع، يطلب فيها منه ممارسة حقه في الخيار داخل الأجل
المتفق عليه[8] كما أن
للمكتري المتملك إذا تقاعس البائع عن تنفيذ التزامه هذا، أن يرفع دعوى بإتمام
البيع أمام المحكمة المختصة، وفي هذه الحالة الحكم الصادر لصالحه بمثابة عقد بيع[9]، أما
المكتري المتملك، فإن له حق الخيار، بين إبرام البيع النهائي، وبين الفسخ،
هذا ما تؤكده المادة الثانية ومواد أخرى من قانون 51.00[10]، ويشترط أن يشتمل عقد الإيجار المفضي إلى
تملك العقار على عناصر البيع الموعود بإبرامه وهي:
المبيع
: ويتمثل في العقار المنجز المعد للسكن، والذي يسلم إلى المكتري المتملك قصد
الانتفاع به لغرض السكن؛
*:تحديد
الثمن: بحيث يجب تحديده بصورة نهائية في هذا العقد، ويجري تقسيطه كله أو جزء
منه، بحيث يؤدي عبر أقساط مع الوجيبة، التي يتعين على المكتري أدائها، وكذلك
على مدة الخيار، وتكمن في مدة الانتفاع المتفق عليها، بحيث يتعين على المكتري
المتملك، أن يمارس حقه في الخيار قبل انتهائها.
فمقومات
الوعد بالبيع إذن تتوافر جميعها في هذا العقد، إنما يتميز في هذه الحالة بكون مدة
الخيار تتمتل في مدة الانتفاع المتفق عليها وقد تكون طويلة نسبيا وبكون الثمن يؤدى
جزء منه أو كله بواسطة أقساط مع الوجيبة التي يتعين على المكتري أداءها.
*:تحديد
مدة الانتفاع
من
بين العناصر الجوهرية لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
تمكين
المكتري المتملك من الانتفاع بالعين مدة معينة، متفق عليها بين الطرفين، وهذا
يقتضي:
- تسليم
العين إلى المكتري المتملك؛
- إقامته
بالعين لغرض السكن؛
- تحديد
مدة الانتفاع.
وقد
تمت الإشارة إلى هذا العنصر ضمن التعريف الذي خصصه المشرع لهذا العقد – بعد فترة
الانتفاع به بعوض – كما أوجب المشرع أن يكون الانتفاع بالعين على وجه السكن وذلك
في المادة الأولى من قانون 51.00، ومدة الانتفاع هذه يجب أن تسبق إبرام عقد البيع
النهائي، فهذه المعاملة إذن تقتضي أن يكون هناك كراء يعقبه بيع.
ويجب
تعيين هذه المدة بدقة في صك العقد، أي تعيين تاريخ بدئها وتاريخ انتهائها، فالكراء
في هذه الحالة يجب أن يكون لمدة محددة، وهو غير قابل للتجديد تلقائيا، كما
أنه لا ينقلب من كراء محدد المدة إلى كراء غير محدد المدة، هذا ما تقتضيه طبيعة هذه
المعاملة، وما يستفاد من مقتضيات قانون 51.00، ولا سيما من المادتين 22 و 23
منه؛ كل ذلك بخلاف الكراء العادي الذي يمكن أن يكون لمدة محددة أو غير محددة، وقد
ينقلب من مدة محددة إلى مدة غير محددة، ويكون قابلا للتجديد، وذلك تطبيقا للقواعد
العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود[11].
يلاحظ
أخيرا، أن مدة الانتفاع هذه تكون طويلة نسبيا، بحيث تكون كافية لاستهلاك ثمن العين
كله، أو الجزء الأهم منه.
*:
الوجيبة:
يعتبر
أداء الوجيبة من طرف المكتري المتملك لفائدة البائع عنصرا جوهريا في عقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار، أشار إليها المشرع عند تعريفه لهذه المؤسسة في المادة
الثانية من قانون 51.00، - مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها – ويعتبر الوفاء بها،
من بين أهم الالتزامات التي يتحمل بها المكتري المتملك، كما تقضي بذلك المادة
التاسعة من نفس القانون.
وقد
بينت المادة الثامنة منه العناصر المكونة لهذه الوجيبة والأحكام المتعلقة بها فقضت
بما يلي:
"
يتعين على المكتري المتملك أداء الوجيبة باعتبارها مبلغا يؤدي على دفعات مقابل
تملك العقار أو جزء منه لاحقا، تتكون الوجيبة وجوبا من جزئين: مبلغ متعلق بحق
الانتفاع من العقار والآخر يتعلق بالأداء المسبق لثمن تملك العقار.
- يتم
تحديد كل جزء باتفاق بين البائع والمكتري المتملك في عقد الإيجار المفضي على تملك
العقار ولا يؤخذ هذا التقسيم بعين الاعتبار إلا في حالة فسخ العقد".
ويستخلص
من هذا النص ما يلي:
الوجيبة
هي عبارة عن مبلغ من المال متفق عليه بين الطرفين، يتعين على المكتري
المتملك أن يؤديه إلى البالغ في شكل دفعات تؤدى بكيفية دورية في آجال
استحقاقها وذلك طيلة مدة اللانتفاع.
- وقد
يتم ذلك مشاهرة – وهذا هو الغالب – أو لأية فترة أخرى يتفق عليها بين الطرفين.
- تتكون
الوجيبة من جزئين : أحدهما مقابل الانتفاع، والآخر كقسط من الثمن؛
- يجب
أن يتم تحديد مبلغ الوجيبة ومبلغ كل جزء فيها باتفاق فيما بين الطرفين، ويعتبر هذا
الاتفاق بيانا جوهريا يجب تضمينه في العقد على ما سنرى.
- تؤدى
الوجيبة مقابل انتقال ملكية العين إلى المكتري المتملك، فهذا هو القصد الذي راعاه
المشرع من جراء إقراره لهذه المعاملة؛
- تعتبر
الوجيبة وحدة لا تتجزأ في الأصل، بحيث تحتس في ثمن البيع إذا تم إبرام البيع
النهائي، فلا يبقى على المكتري المتملك إلا أن يدفع للبائع باقي الثمن، لكن
تجزئتها يكون ضروريا في حالة فسخ عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو في حالة
عدم إبرام البيع النهائي لأي سبب كان، وذلك من أجل معرفة أقساط الثمن، التي يكون
من حق المكتري المتملك استردادها.
ثالثا: الشروط الشكلية لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
لقد
اعتنى المشرع في قانون 51.00 ببيان الشكليات التي يجب إبتاعها لإبرام عقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار تأكيدا على أهمية هذه المعاملة ودقتها وتنبيها للمتعاقدين
إلى خطورتها فضلا عن رغبته عن قطع النزاع حول مختلف العناصر المتعلقة بهذه
المعاملة وقد خصص لها أربع مواد من المادة الرابعة إلى المادة السابعة مبينا
العناصر التي يجب ذكرها في صك العقد وعلى كيفية إشهاره.
1
– العناصر الواجب ذكرها في العقد:
لا
شك أن هذه العناصر تتعلق بعناصر أساسية وحاسمة في هذه المعاملة لذا اعتبرها المشرع
بمثابة بيانات إلزامية يجب ذكرها في وثيقة العقد وقد حددها في المادة السابعة من
قانون رقم 51.00 وتنص على ما يلي:
"
يجب ان يتضمن عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار العناصر التالية:
ü هوية الأطراف المتعاقدة.
ü مراجع العقار محل العقد: اسمه، ورسمه
العقاري إن كان محفظا، مطلب التحفيظ إن كان في طور التحفيظ.
ü موقع العقار وصفه كليا أو جزئيا وكذا ثمن
البيع المحدد بصفة قطعية (غير قابل للمراجعة).
ü مبلغ التسبيق وعلى مقداره وتحديد الوجيبة
التي يتحملها المكتري وفترات كيفية تسديدها وكيفية خصم هذه الوجيبة من ثمن البيع.
ü تحويل المكتري المتملك إمكانية تسبيق أداء
الثمن كليا أو جزئيا قبل حلول تاريخ حق الخيار أي أن يكون من حق المكتري المتملك
أن يقدم الأداء لباقي ثمن البيع إما بكامله أو بجزء منه.
مثلا
: حدد الأداء لمدة 10 سنوات طلب المكتري المتملك أن تكون المدة ل 8 سنوات أو أن
يؤدي شهريا من مرحلة ما 3000 درهم بدل 2500 درهم المتفق عليها بداية.
فهذا
التحويل إمكاني فقط وليس إلزاميا وواجبا.
ü مراجع عقد التأمين الذي أبرمه لضمان العقار
وذلك بذكر اسم الشركة المؤمنة وعنوانها ورقم البوليحة وبداية التأمين.
ü الشروط الواجب توافرها لإمكانية اللجوء إلى
حق الخيار وفسخ العقد.
ü تاريخ بدء الانتفاع بالعقار والأجل المحدد
للمكتري المتملك لممارسة حقه في تملك العقار وشروط تمديد هذا الأجل وكذلك الشروط
الواجب توفرها للفسخ المسبق للعقد سواء من طرف المكري البائع أو من طرف المكتري
المشتري.
وبإعمال
النظر في هذه العناصر بتيين أن بعضها يشترك فيه هذا العقد مع باقي العقود الأخرى
المتعلقة بمعاملات عقارية كتحديد ماهية العقد وطرفيه مع بيان هوية كل طرف وتحديد
العقار موضوع المعاملة بذكر مراجعه ومواصفاته وموقعه ومساحته... وبعضها يتعلق
بالعناصر المميزة لهذا العقد، كتحديد مدة الانتفاع بدايتها ونهايتها وتحديد
الوجيبة، وتاريخ انتقال الملكية وممارسة حق الخيار....
كما
تؤكد الخاصية التركيبية لهذا العقد أي أنه ينتهي إلى بيع أو أنه كراء مقترن بوعد
بالبيع حيث تشير إلى عناصر الكراء وعناصر الوعد بالبيع مجتمعة.
وأخيرا
فإن هذه العناصر تمثل التجسيد المادي لأركان هذا العقد العامة وعناصرها الجوهرية
الخاصة به وتجدر الإشارة إلى أن تعداد تلك العناصر في المادة المذكورة لم يكن بفرض
حصرها، وإن كان المشرع قد استعمل صيغة الحصر وإنما أشار إليها فقط نظرا لأهميتها
الحاسمة بدل على ذلك اشتماله لبعض الصيغ العامة كشرط مزاولة حق الخيار وفسخه وشروط
التمديد والفسخ المسبق للعقد وإغفاله ذكر بعض العناصر الجوهرية من هذا العقد
كتخصيص العقار لغرض السكن وهو من الخصائص المميزة له.
2
– إشهار عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
تختلف
إجراءات إشهار هذا العقد بحسب ما إذا كان العقار المخصص للسكن محفظا أو عقار غير
محفظ.
أ
– العقار المحفظ:
بما
أن عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار هو إيجار لمدة طويلة نسبيا تفوق ثلاث
سنوات، ومن تم فإذا تعلق بعقار محفظ أمكن تقييده بالسجل العقاري لهذا العقار بهذه
الصفة وذلك لأنه لا يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير إلا بتقييده، وذلك طبقا
لمقتضيات الفصل 68 من ظهير التحفيظ العقاري، غير أن المشرع قد راعى بخصوص هذا
العقد الغاية المقصودة منه والمتمثلة في نقل ملكية العقار على المكتري المتملك عند
نهاية مدة الانتفاع وبذلك يكون التقييد الاحتياطي هو الآلية التي تحفظ له حقوقه
بهذا العقد فقد نص المشرع في المادة الخامسة من قانون 51.00 على ما يلي:
"
إذا كان العقار محفظا، يطلب المكتري المتملك من المحافظ على الأملاك العقارية
إجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري بناء على عقد الإيجار المفضي إلى تملك
العقار، وذلك للحفاظ المؤقت على حقوقه.
يبقى
التقييد الاحتياطي ساري المفعول إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي في الرسم
العقاري يتم تعيين رتبة تقييد العقد النهائي بناء على تاريخ التقييد
الاحتياطي".
ذلك
أن هذا العقد لا ينشأ إلا بمجرد حقوق شخصية، وأن انتقال الملكية لا يتم إلا لاحقا
ومن تم يمكن للمكتري المتملك، وذلك ضمانا لحقوقه المتولدة من هذا العقد، والمتعلقة
بضمان انتقال ملكية العين إليه عند ممارسة لحقه في الخيار وإعلان رغبته في إبرام
البيع النهائي أن يطلب من المحافظ العقاري تقييدا احتياطيا بناء على هذا العقد
لفائدته.
بحيث
يقدم المكتري طلب بإجراء هذا التقييد إلى المحافظة العقارية مرفقا بعقد الإيجار
المفضي إلى تملك العقار وأن يؤدي الرسم المفروض طبقا للتعرفة القانونية كما لا
تشترط موافقة البائع ولا تقديم نظير الرسم العقاري الخاص بهذا العقار.
أما
بخصوص مدة صلاحيته فإن هذا التقييد يسري مفعوله إلى حين تقييد البيع النهائي
بالرسم العقاري فمدة صلاحيته طويلة نسبيا ولا يحتاج إلى تمديد أو إلى تجديد بل
يبقى قائما منذ اتخاذه وإلى حين إبرام عقد البيع النهائي وتقييده بالسجل العقاري
حيث يتحول إلى تقييد نهائي أو إلى حين فسخ عقد الإيجار حيث يتم التشطيب على هذا
التقييد الاحتياطي.
وهكذا
يختص هذا التقييد الاحتياطي بأحكام خاصة تختلف عن القواعد العامة المنصوص عليها في
الفصلين 85 و 86 من ظهير التحفيظ والفصل 6 من ظهير فاتح يونيو 1915 المتعلق
بالأحكام الانتقالية سواء فيما يهم شروط إجراءه أو في ما يتعلق بمدة صلاحيته
وبالنسبة للآثار المترتبة عليه فهي لا تختلف عن آثار التقييد الاحتياطي بوجه عام .
فإذا ما أعلن المكتري المتملك رغبته في إبرام البيع النهائي وثم إبرام هذا البيع
بعد أداء باقي الثمن واعتنى بتقييده بالرسم العقاري فإن آثار هذا التقييد ترجع إلى
تاريخ إجراء التقييد الاحتياطي.
فالتقييد
الاحتياطي إلى جانب كونه تدبيرا تحفظيا يعمل على الحفاظ المؤقت لحقوق المكتري
المتملك فإنه وسيلة لإعلام الغير بأن العقار المزمع إجراء التصرف عليه مثقل بحقوق
المكتري المتملك في انتقال الملكية إليه. عند انتهاء مدة الانتفاع وممارسة حقه في
الخيار وإذا تم فسخ هذا العقد لأي سبب كان فإن من حق البائع أن يطلب التشطيب على
هذا التقييد الاحتياطي.
ب
– العقار الغير المحفظ:
العقار
غير المحفظ هو الذي لم يقدم طلب بتحفيظه إلى المحافظة العقارية المختصة، وهو بذلك
يكون خاضعا لقواعد الفقه الإسلامي على المذهب المالكي، وبعض قواعد الالتزامات
والعقود فقد نص المشرع على إجراءات يتحقق بها إشهار عقد الإيجار المفضي إلى تملك
العقار .
فقضى
من المادة السادسة من القانون رقم 51.00 ما يلي:
"
إذا كان العقار غير محفظ، تسجل نسخة من عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بسجل
خاص يمسك بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية بالدارة التي يوجد بها العقار وتودع
النسخة المذكورة لدى نفس الكتابة".
فإذا
كانت العين التي تعلق بها عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار غير محفظة، جاز
للمكتري المتملك للمحافظة على حقوقه، أن يتقدم إلى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية
التي توجد العين بدائرة نفوذها، يطلب يرمي إلى تسجيل هذا العقد بالسجل الخاص المعد
لهذا الغرض والذي تمسكه هذه الكتابة مشفوعا بنسخة من هذا العقد، قصد إيداعها لدى
نفس الكتابة، حيث يسلم له وصل يثبت له هذا الإيداع والتسجيل وتاريخ وقوعه وهذا
يعني أن جميع التصرفات التي يجريها البائع على هذه العين، بعد إجراء هذا الإشهار
لا يحتج بها على المكتري المتملك ولا تسري في حقه.
وتجدر
الإشارة إلى أن المشرع لم يبين الإجراءات الواجبة الاتباع، إذا كان العقار الذي
تعلق به عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار في طور التحفيظ.
يمكن
القول عموما أن في وسع المكتري المتملك للحفاظ على حقوقه أن يقوم بإجراءات الإيداع
والتسجيل لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية ولكن هذه الإجراءات غير كافية لذا
يتعين عليه أن يتقدم بطلب لإجراء تقييد احتياطي عند تأسيس رسم عقاري له وإيداعه
طبقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري.
2:
الأشخاص المؤهلون لإبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
حسب
مقتضيات المادة الرابعة من القانون رقم 00-51 فقد منح المشرع للأطراف الخيار بين
المحرر الرسمي و المحرر ثابت التاريخ.
وطبقا
لمقتضيات المادة و المرسوم رقم 2, 04, 757 المتعلق بتطبيق أحكام المادتين 4و16 من
القانون رقم 00ـ51 ,فإن الأشخاص المؤهلون لتحرير عقود الإيجار المفضي إلى تملك
العقار هم:
ـ
الموثقون والعدول فيما يخص العقود الرسمية.
ـ
المحامون المقبولون لترافع أمام المجلس الأعلى فيما يخص المحرر ثابت التاريخ.
وبناء
عليه,سيكون تصميم هذه الفقرة على الشكل التالي:
أولا:
التوثيق الرسمي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
ثانيا:
التوثيق العرفي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
أولا:
التوثيق الرسمي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
تنص
المادة 4 من القانون رقم00ـ51 على أنه "يجب أن يحرر عقد الإيجار المفضي إلى
تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ.
يتم
تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود و
ذلك تحت طائلة البطلان."
فمن
خلال هذه الفقرة يتضح أن عقد الإيجار المشار إليه أعلاه يتعين أن يحرر بمقتضى محرر
رسمي أو ورقة رسمية, و المحرر الرسمي هو الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون
اللذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد, وذلك في الشكل الذي يحدده
القانون...". وبعيدا عن المناقشات الفقهية و القضائية التي أثارتها عبارة
"الموظفون العموميون" الواردة في الفصل 418من ق.ل.ع فإن المجمع عليه أن
الموثقون و العدول هم من لهم صلاحية توثيق العقود بشكل رسمي استنادا إلى القانون
المنظم لمهنتي التوثيق و العدالة.
فالموثق و العدل إذن هما الشخصان اللذان لهما الصفة و الصلاحية في تحرير العقود
الرسمية, واستتباعا عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار طبقا للمادة 4 من قانون
رقم 00ـ51 , بل إن المرسوم الصادر في 27 دجنبر2004 المتعلق بتطبيق أحكام
المادتين 4و 16 من القانون 00ـ51 . أكد على ذلك حين نص في
مادته الأولى على أنه:" تطبيقا لأحكام المادتين 4و16 من القانون رقم 00ـ51
المشار إليه أعلاه يؤهل لتحرير عقد الإيجار المفضي لتملك العقار و عقد البيع
النهائي الخاص بالإيجار المفضي لتملك العقار الموثقون و العدول و المحامون
المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى".
و
على الرغم من أن الوثيقة التي يحررها الموثق و العدل تكتسي طابعا رسميا لا يمكن
الطعن فيها إلا بالزور فإنه ينبغي توضيح مسألة من الأهمية بمكان, وهي أن الوثيقة
التي يحررها الموثق و يوقع عليها تعد وثيقة رسمية بمجرد توقيعه عليها. أما الوثيقة
التي يقوم العدل بتحريرها و طبقا لخطة العدالة فهي ناقصة ولا تكتسي الطابع الرسمي,
ما لم يخاطب عليها قاضي التوثيق.
و
عليه فإن عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار يخضع للمبادئ السابق ذكرها, إذ يقوم
بتحريرها موثق أو عدل , ويكتسي حجية قاطعة حتى بالنسبة للأغيار ما لم يطعن
فيه بالزور.
ويتعين
أن نشير إلى العقد المومأ إليه أعلاه, يخضع للتحرير الرسمي بداية و نهاية, أي سواء
تعلق الأمر بعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو بالبيع النهائي الخاص بالإيجار
المفضي إلى تملك العقار.وقد نصت المادة السادسة عشر على هذه المقتضيات حيث "
لا يتم إبرام عقد البيع النهائي إلا بعد أداء المبلغ المتبقي من ثمن البيع المتفق
عليه في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
يبرم
هذا العقد وفق الكيفية التي تم بها إبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار, كما
هو مبين في المادة 4 من هذا القانون".
ثانيا:
التوثيق العرفي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
لم
يعرف المشرع المغربي الوثيقة العرفية و ذلك خلافا لما قام به بالنسبة للوثيقة
الرسمية, وإنما اكتفى بالإشارة إلى بعض خصائصها فحسب.ففي الفصل 426 من قانون
الالتزامات و العقود " يسوغ أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير الشخص
الملتزم بها بشرط أن تكون موقعة منه.
و
يلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه و أن يرد في أسفل الورقة, و لا يقوم الطابع
أو الختم مقام التوقيع و يعتبر وجوده كعدمه".
فالوثيقة
العرفية إذن, عبارة عن ذلك المحرر الذي لا يتولى توثيقه أو تحريره مهني مختص بشؤون
التوثيق,و إنما يقوم بكتابته شخص عادي ليس التوثيق مجالا لاختصاصه و حسب الفصل 426
يمكن أن تكون الكتابة صادرة عن الملتزم نفسه أن تكون موقعة من طرفه.
ولا
حاجة لكي نشير إلى أن الوثيقة الرسمية إذ لا تكون حجة إلا بالنسبة للتوقيع الذي
يكتسي الطابع الرسمي بعد تصحيحه, و التاريخ الذي يكون دليلا رسميا بين المتعاقدين
وورثتهم و خلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه, ما لم يكن الخلف الخاص
لا يعمل باسم مدينه, فهنا يعد غيرا (الفصل 425 من ق.ل.ع).
وارتباطا
بموضوع الإيجار المفضي إلى تملك العقار, فإن المشرع من خلال المادة 4 من القانون
المنظم لهذا النوع من الإيجار, نص على أنه يتعين أن يحرر بموجب محرر رسمي أو محرر
ثابت التاريخ, يحرره مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير
العقد, ويدخل ضمن هؤلاء المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى.
إذن
يمكن الجزم أن المحامين مستثنون من هذه المهمة على الأقل بخصوص هذا العقد, لأنه
منح هذه الصلاحية للمحامين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى وحدهم دون غيرهم
وهذا في اعتقادنا يحتاج إلى إعادة النظر.ما دام يجوز للمحامين الحق في تحرير
العقود فلماذا لا تعمم هذه المكنة عليهم جميعا؟ ويبقى أن نشير في الأخير إلى أنه
يتم تصحيح الإمضاءات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئيس كتابة الضبط
المحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها مهامه.
خاتـــــــــمة:
و خلاصة القول أنه
على الرغم من صدور هدا القانون فإنه يلاحظ عدم انتشار عقود الإيجار المفضية إلى
تملك العقار أو بالأحرى انعدامها بحيث تبقى مجرد حبر على ورق و يعود دلك إلى عدم
توفر الشروط و الأجواء المناسبة لهده العقود بالنظر إلى الطبيعة الاجتماعية و
السوسيولوجية و الاقتصادية للمجتمع المغربي المتمثلة أساسا في خلق مقاولات تهتم بهذا
النوع من الاستثمار.
ü محمد
بن أحمد بونبات، العقود على العقارات، ط 2006.
ü د.
العربي مياد، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد الثاني، 2010.
ü جيلالي
بوحبص، أشار إليه د. العربي مياد في مقاله، الإيجار المفضي إلى تملك العقار
المنشور في مجلة القضاء المدني، عدد 2 سنة 2010.
المطلب الأول: ماهية عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
الفقرة الأولى: تعريف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار وخصائصه
أولا: تعريف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
ثانيا: خصائص عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار
المطلب الثاني: تمييز الإيجار المفضي إلى تملك العقار عن باقي العقود
وإبرامه
الفقرة الأولى:تمييز الإيجار المفضي إلى تملك العقار عن باقي العقود
الفقرة الثانية: إبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
أولا: العناصر العامة لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
ثانيا: العناصر الخاصة لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
ثالثا: الشروط الشكلية لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار:
[1] - محمد بن أحمد بونبات، العقود على العقارات،
ط 2006، ص52.
[2] - د. العربي مياد، مقال منشور بمجلة القضاء
المدني، العدد الثاني، 2010، ص: 39-40.
[3] - جيلالي بوحبص، أشار إليه د. العربي مياد في
مقاله، الإيجار المفضي إلى تملك العقار المنشور في مجلة القضاء المدني، عدد 2 سنة
2010، ص: 38.
[4] - د العربي مياد، المرجع السابق، ص: 38.