التحفيظ الاجباري

 التحفيظ الاجباري، المسطرة، الحالات العامة، الحالات الخاصة

التحفيظ الاجباري/ المجاني

مقدمة

يشكل العقار الأرضية الأساسية لانطلاق المشاريع الصناعية و التجارية والسياحية المنتجة وأداة لتحقيق الاستقرار و الامن والسلم الاجتماعي، و بالنظر إلى الدور الفعال الذي يقوم به على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي، غير أن اضطلاع العقار بهذه المهمة يتوقف على وجود إطار قانوني يوفر للملكية العقارية أرضية صلبة تمكن الجميع من التعامل فيه بكل ثقة واطمئنان.

وهو ما يحتاج ترسانة تشريعية تضمن الحماية للملاك وأصحاب الحقوق المجاورة ضد عمليات الغصب و الاستحواذ غير المشروع، من غش وسطو، فالإنسان ارتبط بالأرض مند ليالي التاريخ الاولى فردا أو جماعة و جودتا وإعمارا فسعى إليها حائزا أومالكا أو غاصبا مبتدعا في ذلك قواعد تنظم له إستعمالها و إستغلالها والتصرف فيها، وعموما يتسم النظام العقاري المغربي بالازدواجية في هيكله والتنوع في طبيعته، فهناك نظام خاص بالعقارات غيرالمحفظة والذي أصبح خاضعا لمقتضيات مدونة الحقوق العينيةبعدما كان يستمد مبادئه من أحكام الشريعة الاسلامية والفقه المالكي وكدا قواعد القانون المدني، وقد نصت المادة الاولى من مدونة الحقوق العينية في فقرتها الثانية على أنه: " تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331)12 غشت 1913( بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع الى الراجح و المشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي "، وهناك العقارات المحفظة الخاضعة لظهير التحفيظ العقاري. 

القانون العقاري المغربي عرف تطورا تاريخيا مهما يبتدئ من دخول المستعمر الفرنسي إلى المغرب، فقبل ذلك لم يكن هناك قانون ينظم تسيير العقارات، ولكن بعد دخول الحماية الفرنسية للمغرب سنة 1912 تم إصدار ظهير التحفيظ العقاري سنة 12 غشت 1913لكن المناطق الشمالية و الصحراوية خضعت لنظام الرسوم الخليفية،أما منطقة طنجة الدولية فبقية خاضعة لنظام دولي.لكن بعد خروج المستعمر أقر المشرع المغربي بنظام التحفيظ العقاري، واعتبره مكسبا ينبغي الاحتفاظ به والعمل على تطويره، غير أن التعدد في النظم القانونية الذي تركه المستعمر جعل مشرع عهد الاستقلال يتجه أولا نحو تعميم نظام التحفيظ العقاري الذي كان مطبقا في المنطقة الجنوبية على مجموع التراب الوطني قبل التفكير في إجباريته، مما جعله يمدد هذا النظام إلى جميع المناطق الاخرى والقانون العقاري المغربي يخضع لنظام التسجيل العيني للعقارات و المستمدة من نظام " تورانس "الاسترالي نسبة لواضعه روبرت تورانس.

يقوم هذا النظام على أساس التنظيم العيني للعقارات، بحيث ينظم لكل عقار رسم خاص به يتضمن رقمه الخاص واسما يتميز به، وخريطة تبين حدوده ومساحته ومعالمه بكل تدقيق و يعتبر هذا الرسم بمثابة الحالة المدنية للعقار، ويعمل على تشخيص و تجسيد معالم العقار في عين المكان ووضع تصميم دقيق لهذه المعالم، هذا النظام يراه جل الفقه نظاما مميزا يفي بجميع المتطلبات الضرورية.

جدير بالذكر أن نظام التحفيظ العقاري ببلادنا يعتبر من الناحية المبدئية أمرا اختياريا و هو ما نص عليه المشرع في الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري، لكن لأن كان هذا هو الاصل لم يمنع ذلك المشرع من وضع استثناءات على قاعدة الاختيارية سواء في ظهير التحفيظ العقاري أو في بعض النصوص الخاصة التي تنص على حالات التحفيظ الاجباري : 

  1. التحفيظ الاجباري لأملاك الدولة الخاصة في حالة التعرض على تحديدها
  2. التحفيظ الاجباري لأراضي الجماعات السلالية في حالة تحديدها أوتقسيمها
  3. التحفيظ الاجباري في إطار عمليات ضم الأراضي الفلاحية
  4. إجبارية التحفيظ للمجموعات و التجزءات العقارية
  5. التحفيظ الإجباري للعقارات المنزوع ملكيتها
  6. التحفيظ الاجباري في حالة معاوضة عقار محبس تحبيسا عموميا

حقيقة الأمر هو أن المشرع عند نصه على هذه الحالات رغبة منه في تعميم نظام التحفيظ العقاري ،خاصة و أن العقارات غير المحفظة تأخذ حصة الأسد و تشكل عائقا أمام التنمية، لعدم إمكانية الاستثمار فيها نظرا لعدم استقرارها، وتماشيا مع هذا التوجه عمد المشرع المغربي في القانون رقم 07-14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.177 بتاريخ 22 يوليوز 2011، إلى التنصيص على مقتضيات جديدة خاصة بالتحفيظ الاجباري بالفرع السادس من الظهير تحت عنوان "التحفيظ الاجباري" و هو موضوع دراستنا أو هو ما سنتعمق في دراسته من خلال هذا البحث.

هذا الموضوع يكتسي أهمية من الناحية القانونية و العملية و الاجتماعية و حتى الاقتصادية :

الاهمية القانونية : تكمن في أن التحفيظ الاجباري تتخذه السلطة العامة بقرار لا يملك الملاك فيه إلى الانصياع، بحيث أن المفترض في القرار هو المصلحة العامة، و التي تتحقق عبر مجموعة من الاجراءات اتخذها المشرع بغية إدخال أراضي شاسعة في نظام التحفيظ العقاري، الذي يقوم على مبادئ نظام التسجيل العيني، لكنها تختلف عن المسطرة العادية في مجموعة من المسائل، بما يوحي خصوصيتها. 

الاهمية العملية : من المنتظر إعمال هذه المساطر على نطاق واسع نظرا لحجم العقارات غير المحفظة و ما يستتبعه من حل للمشاكل و استقرار للمعاملات، ونظرا لعدم تجاوب الملاكين مع الحملات التحسيسية و الاشهارية لتحفيظ العقارات التي تقوم بها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية، تم على فرض تعميم نظام التحفيظ العقاري وما سيتبعه من توحيد للنظام القانوني وهدم إزدواجية العقارات.

الاهمية الاجتماعية : تتجلى في الاثار التي  يحدثها التحفيظ من إستقرار للملكية و الحد من النزاعات العقارية، وكذا سهولة التعامل بالعقار، حيث أن غالبية العقارات غير المحفظة تستند عل وثائق لايمكن الوثوق فيها على عكس العالقار المحفظ.

الاهمية الاقتصادية : تتجلى في كون التحفيظ العقاري الاجباري لمنطقة شاسعة يرفع من قيمة العقارات المحفظة المتواجدة بها و يجعلها قابلة للاستثمار و التعبئة و تسهيل ولوجها إلى عمليات الرهن الرسمي، بما يساهم في تنمية العمليات التمويلية التقليدية و المستحدثة. 

و تزداد أهمية هذا الموضوع في قلة البحوث و الكتابات التي تساهم في إثارة النقاش و إستجلاء الغموض حول هذا الموضوع. 

و اختيارنا لهذا الموضوع هو الرغبة في تشجيع البحث العلمي و مواكبة كل ما هو رائج في الساحة القانونية، بالاضافة إلى مناقشة مقتضيات كل من مسطرة التحفيظ الاجباري و الحالات الخاصة للتحفيظ الاجباري، التي نادرا ما يتم الالتفات لها في الابحاث.

و من الصعوبات التي اعترضتنا على مستوى البحث :

صعوبة الموضوع و قلة الكتابات فيه نظرا لأنه من المستجدات التشريعية التي أتى بها المشرع العقاري .

بالإضافة إلى تزامن فترة البحث مع حالة الطوارئ حيث أعلنت وزارة الداخلية المغربية في بلاغ رسمي يوم الخميس 2020.03.19 عن فرض حالة الطوارئ الصحية في البلد و فرض حظر التجول و تقييد الحركة للحد من فيروس كورونا المستجد "covid-19" و ذلك مند الوهلة اﻷولى و لخطورته الجسيمة عملت السلطات المغربية على صدور مرسوم بقانون رقم 2.22.292 الصادر بتاريخ 28 رجب 1441 الموافق لـ 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها ثم مرسوم 2.22.293 الصادر بتاريخ 29 رجب 1441 الموافق لـ 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية في سائر أرجاء التراب الوطني المغربي ، و قيام السلطات المختصة بإغلاق المرافق العمومية كالمكتبات و الجامعات بالإضافة إلى توقيف عمل وسائل النقل العمومية و فرض الحجر الصحي عل عموم المواطنين.

بعد هذا التمهيد نكون أمام طرح إشكالية محورية للموضوع الذي سنتناوله :

كيف تتم عمليات التحفيظ الإجباري أو بصيغة آخرى ما هي  مسطرة التحفيظ الإجباري ؟

 ما هي حالات التحفيظ الاجباري المنصوص عليها في قانون 07-14؟

وما هي حالات التحفيظ الاجباري المنصوص عليها في قوانين خاصة؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات سنعتمد التقسيم التالي :


الفصل الأول : الإطار المفاهيمي و مسطرة التحفيظ الاجباري و الحالات المنصوص عليها في قانون 07-14

    

    المشرع المغربي قام بالعديد من التعديلات و الإصلاحات و أقر مساطر خاصة على النظام العقاري المغربي ، و ذلك من أجل توحيد النظام القانوني للعقارات و هدم ازدواجية العقارات )العقار المحفظ و العقار غير المحفظ( .

    فالتعديلات سواء كانت تهم ظهير 12 غشت 1913 و ذلك بتعديل و تتميم بعض مقتضياته أو عن طريق سن مساطر و قواعد جديدة مستقلة بذاتها ، و ذلك تبعا للتغيرات أو القصور أو الإشكالات التي يبين عنها مقتضى قانوني معين ، مما يستوجب معه تدخل المشرع لمسايرة كل هذه الإرهاصات و التطورات.

    لكن رغم مجهودات المشرع في ابتداعه لحلول تخص مشكلة التحفيظ إلا أن نسبة التحفيظ لا زالت متدنية و التي من بين أسبابها هي إختيارية التحفيظ التي تشكل المبدأ من جهة ، و كذلك عدم شمولية المساطر الجماعية و الإجبارية التي تم سنها لهذا الغرض ، و محدوديتها وتعقدها من جهة أخرى وهو ما يقف عائقا أما سريان نظام التحفيظ العقاري على كافة العقارات ، وهو ما دفع الفقهاء و المهتمون ينادون بإيجاد صياغة جديدة للتشجيع على التحفيظ و إقرار مجانيته و كذلك صياغة إطار قانوني قادر على تعميم نظام التحفيظ العقاري.

    فتماشيا مع هذا التوجه المشرع العقاري قام بخلق مسطرة جديدة آلا وهي مسطرة التحفيظ الإجباري ، و التي نحن بصدد دراستها حيث سنقف على الإطار المفاهيمي و خصائص التحفيظ الإجباري في )المبحث الأول( ، تم سنتناول مسطرة التحفيظ الإجباري ، لكون هذا النوع من المساطر ينصب على العقارات الشاسعة و مناطق كبيرة للتحفيظ الإجباري في )المبحث الثاني(.

      


            المبحث الاول : الاطار المفاهيمي للتحفيظ الاجباري :    

اعتبر المشرع المغربي أن التحفيظ العقاري كقاعدة عامة هو أمر إختياري وهو ما نص عليه جليا مند صدور ظهير التحفيظ العقاري، لكن هذه القاعدة ترد عليها مجموعة من الاستثناءات لعل أبرزها، هو أن التحفيظ العقاري عمل إجباري، ويأتي هذا الاستثناء تجاوبا مع الاصلاحات التشريعية، التي اتخذها المشرع في المجال العقاري دعما للترسانة القانونية نظرا للتطور الهائل الذي تعرفه البشرية جمعاء. 

   المطلب الاول : ماهية التحفيظ الاجباري 

نظرا لكون التحفيظ الاجباري هو إستثناء من القاعدة العامة، حيث أن المشرع جعله إجباريا في حالات معينة، نظرا للطابر الاجرائي الذي يتميز به هذا المفهوم وسط المجتمع، وعليه سنتطرق إلى مفهوم التحفيظ الاجباري )كفقرة أولى( على أن نتطرق لخصائص التحفيظ الاجباري ) كفقرة ثانية .( 

الفقرة الاولى : مفهوم التحفيظ الاجباري 

رغم الطابع الاجرائي الذي يكتسبه التحفيظ الاجباري إلا أن المشرع المغربي لم يقم بتعريفه، سواء في الفصل 7 أو الفصول من 51-0 إلى 51-19 من قانون رقم 07-14 وإنما بين أحكامه فقط، ولكن بالرجوع إلى القانون رقم 07-14

يمكن تعريف التحفيظ الاجباري على أنه إرادة الدولة في تحفيظ عقارات معينة بشكل إجباري و مجاني بإتباع مجموعة من الاجراءات التي تنتهي بتأسيس رسوم عقارية وتطهير الملكية من كل إدعاء، إضافة إلى انه مجموعة من الاجراءات و المساطر الخاصة الهادفة إلى تثبيت العقار من الناحية المادية و القانونية، وجعله خاضع لأحكام ظهير التحفيظ العقاري جبرا وفقا لإجراءات مبسطة ومعفاة من الرسوم، وذلك بهدف المساهمة في تعميم نظام التحفيظ العقاري و تجنبا لمجموعة من المشاكل التي تطرحها الاختيارية،وفي هذا الصدد نص الفصل السابع من قانون 07-14، على أنه "يكون التحفيظ إجباريا في الحالات المنصوص عليها في قوانين خاصة، وفي المناطق التي سيتم فتحها لهذا الغاية بقرار يتخده الوزير الوصي على الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري و الخرائطية بناء على إقتراح من مديرها.

ابتداء من نشر هذا القرار، يمكن لمستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري و الخرائطية و لكل الاشخاص الذين تؤهلهم لذلك دخول العقارات المعنية للقيام بالأبحاث و الأشغال الطبوغرافية التي  التي تتطلبها عمليات التحفيظ الإجباري." 

الفقرة الثانية : خصائص التحفيظ الاجباري

ينفرد نظام التحفيظ الاجباري بمجموعة من الخصائص، التي تجعله مختلفا عن المسطرة العادية للتحفيظ و ذلك نظرا للأهمية القصوى التي يحظى بها، و الهدف الاسمى الذي يرمي إليه المشرع من خلال هذه المسطرة الفريدة في إجراءاتها، والتي تميزها عن المسطرة الاختيارية بمجموعة من الخصائص لعل أبرزها الاجبارية ، المجانية ، و السرعة و البساطة و الشمولية بالإضافة لكونها مسطرة جماعية.

خاصية الاجبارية :                                                                                

 لا أحد يجادل على أن الأصل و القاعدة العامة في تقديم مطالب التحفيظ هو الاختيارية، وهو المبدأ المكرس في الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري، لكن بالرغم من ذلك فإن أول الخصائص التي تمتاز بها هذه المسطرة انطلاقا من تسميتها هي الاجبارية، ففي هذه المسطرة الجديدة التي جاء بها القانون رقم 07-14 مثلا، يتم اتخاذ قرار التحفيظ الاجباري من قبل السلطة العامة الممثلة في وزير الفلاحة،  ولا يملك أصحاب العقارات سوى تحفيظ أراضيهم، وليس لهم حق معارضة التحفيظ أو تأجيله، فالسلطة العامة العامة تعمل من خلال عملية التحفيظ على إحاطة حقوقهم بحماية قانونية تطهرها من شوائب المنازعة بحيث يكتسي التحفيظ الاجباري صبغة المرفق العام.

كما نجد في أن المشرع في مضمون الفصل السابع ينص بصفة صريحة على أن التحفيظ يكون إلزامي في جميع العقارات ابتداء من نشر قرار الوزير الوصي على الوكالة المذكورة و إشهار هذا القرار في الادارات المخصصة لذلك، كما يمكن لكافة مستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري و الخرائطية و كل من له الاهلية و الصفة لذلك دخول العقارات المعنية للقيام بالأبحاث و الأشغال  الطبوغرافية التي تحتاجها عملية التحفيظ الاجباري.

خاصية المجانية :

خلافا لمطالب التحفيظ الاختيارية التي تستوجب أداء الرسوم حسب تعريفات محددة و هذا ما تم التنصيص عليه في الفصل 51-7  " تحرر مطالب التحفيظ و تدرج تلقائيا في اسم الملك الخاص للدولة بالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكيها أثناء أشغال البحث. أما القطع التي تغيب أو تقاعس مالكوها فإن مطالب تحفيظها تحرر و تدرج تلقائيا في اسمهم"، أي أن مطالب التحفيظ التي تهم المناطق المفتوحة للتحفيظ الاجباري تكون مجانية و بدون أداء أي مصاريف، وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الاخيرة من الفصل 7 من القانون رقم      07-14 التي تنص على أنه " تدرج المطالب في المناطق التي سيتم فتحها للتحفيظ الاجباري مجانا." 

وعليه فإن إيداع مطالب التحفيظ و ما يواكبها من أعمال تقوم بها مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية تكون بشكل مجاني، كما أنه يمكن لكل شخص الاطلاع و بدون مقابل بمقر السلطة المحلية و المحافظة العقارية على اللوائح و التصاميم التجزيئية المتعلقة بمناطق التحفيظ الاجباري و هذا الإعفاء من تكاليف التحفيظ يشكل سببا من أسباب التشجيع على تحفيظ العقارات خصوصا في المناطق القروية ليزداد الفلاحون أكثر تشبثا بأراضيهم فلا معنى للإجبارية إن لم تعفي جيوب الملاك من أداء واجبات الرسوم التي تفرض في إجراءات التحفيظ وفق المسطرة العادية. 

خاصية السرعة :

من بين خصائص التحفيظ الاجباري خاصية السرعة فبمجرد صدور قرار الوزير الوصي على القطاع يتم تحضير منطقة التحفيظ الاجباري، وبعد تحديد المنطقة المزمع تحفيظها تجري أشغال البحث التجزيئي و القانوني التي تتم حتى في غياب الملاك ودون موافقتهم، و تتجلى خاصية السرعة في هذه المسطرة من خلال قيام المحافظ على الاملاك العقارية، داخل أجل شهر من توصله بالملف المنصوص عليه في الفصل 51-10 من القانون رقم 07-14 بإدراج مطالب التحفيظ في سجل العمليات السابقة للتحفيظ للتحفيظ بعد مرورها بالصندوق بملاحظة مجانية الاداء فيتم ترقيمها ترقيما تتابعيا و فحوى هذا الفصل في أنه ينص على : " تحيل مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية على لجنة التحفيظ الاجباري ملفا يتكون من : 

تصميم يحدد محيط المنطقة مرتبط بنظام إحداثيات لامبير منجز وفق سلم معمول به 

مطالب التحفيظ المحررة 

العقود و الوثائق التي أدلى بها المالكون و عند الاقتضاء الشهادات الادارية للملكية المسلمة من طرف السلطة المحلية 

اللائحة و التصميم التجزيئيان اللذان يعينان القطع الواقعة داخل منطقة التحفيظ الاجباري و مساحتها المضبوطة و كذا هويات و عناوين المالكين.

تصميم عقاري منجز وفق الضوابط الجاري بها العمل لكل عقار.

خاصية البساطة  : 

تغدو بساطة التحفيظ الاجباري واضحة في عدم إلزام الملاك بدعم مطالب تحفيظ عقاراتهم بسندات الملكية، إن لم يكونوا متوفرين عليها  بحيث يتم الاكتفاء بتحرير شهادات إدارية للملكية أثناء البحث القانوني الذي تنجزه الصالح العقارية بعين المكان بحضور الملاكين، على أن لا يقل عدد شهود هذا العقد عن اللفيف العرفي في اثنى عشر شاهدا، و تتم المصادقة على هذا العقد من طرف ممثل السلطة المحلية و بالتالي فهذه المسطرة إذن  تتميز بخاصية مهمة ألا وهي البساطة وعد التعقيد نظرا لكونها لم تشترط الوجود المسبق لسند الملكية و الذي بموجبه الزمت بمقتضاه المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، أن يكون محررا وفق شكليات محددة.     



خاصية الشمولية : 

تعتبر هذه الخاصية من مميزات التحفيظ الاجباري و ذلك بخلاف باقي الحالات الاخرى التي تستهدف عقارات محددة بعينها، كما هو الشأن بالنسبة للتحفيظ الاجباري  للأراضي الخاضعة للضم أو التحفيظ الاجباري لعقارات الجمعيات النقابية للملاكين أو التجزئات العقارية. 

ولقد كان لزاما على المشرع المغربي أن يحدد نوعية هذه العقارات المشمولة بالتحفيظ الاجباري، فنجد أنه لم يحدد في هذه المسطرة طبيعة العقارات المعنية بقرار التحفيظ الاجباري، سواء تعلق الامر بعقارات قروية أو حضرية، كما لم يعين المشرع أي أنظمة عقارية بعينها.

كما تتجلى أهمية هذه الخاصية في عدم ترك أي عقار يوجد داخل المنطقة المعينة دون تحفيظ، فحتى في حالة وجود عقار ولم يتم التعرف على مالكه، فإنه يحرر مطلب للتحفيظ بشأنه و يدرج تلقائيا في اسم ملك الدولة الخاص طبقا لمقتضيات الفصل 51-7 من القانون 07-14 السالف ذكره.

خاصية الجماعية : 

سمح المشرع المغربي في الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون 07-14 على أنه يمكن لمالكين متعددين أن يتفقوا على تحفيظ عقاراتهم في ان واحد إذا كانت هذه العقارات متجاورة أو تفصل بينها فقط أجزاء من الملك العمومي و في هذه الحالة تحرر مطالب التحفيظ في صبغتها العادية و تضمن بها جميع البيانات المطلوبة في الفصل 13 من نفس القانون، وذلك بالنسبة لكل واحد من طالبي التحفيظ أو لكل مجموعة من طالبي التحفيظ على الشياع، و بالنسبة لكل واحد من العقارات المطلوب تحفيظها، ثم تودع جميع الطلبات بالمحافظة العقارية مصحوبة بطلب مستقل و موحد، موقع من طرف طالبي التحفيظ يرمي إلى إتباع إجراءات دفعة واحدة.

وبعد ما يتوصل المحافظ على الاملاك العقارية بهذا الطلب يجري في شأن مطالب التحفيظ مجتمعة المسطرة العادية، ويحرص عل إنجاز الاجراءات المتعلقة بها في وقت واحد، وذلك بأن يقوم بالإعلانات الواردة في الفرع الثالث  بعده في نفس الوقت ويعين لعمليات التحديد تاريخا واحدا، وينتدب للقيام بها من ينوب عنه في مرة واحدة أو مرات متوالية بقدر ما تدعو إليه الحاجة و يرفع المحافظ على الاملاك العقارية في أن واحد عند الاقتضاء، إلى المحكمة الابتدائية في الفصل 32 من القانون 07-14، ملفات مطالب التحفيظ المثقلة بالتعرضات مجتمعة و يؤسس رسوما عقارية لمطالب التحفيظ الخالية من التعرض مجتمعة كذلك.  

و نستحضر هنا أول تجربة للتحفيظ الجماعي جملة من الاملاك المتجاورة ، قد أنجزت في ناحية مراكش) بأيت زياد( و كان هذا التحفيظ يتعلق بمساحة قدرها 400 هكتار تقريبا موزعة على 700 مطلب.

و بالتالي هذا ما يسمح بالمعرفة و الاحاطة المسبقة بالمساحات المزمع تحفيظها، و عدد المطالب الواجب إيداعها،و بالتبعية عدد الرسوم العقارية المفروض تأسيسها، مما يجعل البرامج التخطيطية تتسم بالوضوح.


المبحث الثاني : مسطرة التحفيظ الإجباري وفق القانون رقم 07-14

الاصل أن الاجراء الذي يفتح مجال تدخل الدولة في ميدان تحفيظ الملكية هو تقدم المعنيين بالأمر و إختيارهم إيداع مطلب التحفيظ، و بالتالي إعطاء الاشارة لإنطلاق مسطرة التحفيظ العقاري، بحيث يقدم مطلب التحفيظ من كل شخص ذاتي أو معنوي، بصفته مالكا أو شريكا على الشياع أو صاحب حق من الحقوق التي تخول لأصحابها حصرا إمكانية تقديم مطلب التحفيظ، أو الدائن الذي حل أجل دينه بعد حصوله على قرار بالحجز العقاري لفائدته، غير أن هذه القاعدة العامة و التي تعتبر الأصل في نظام التحفيظ العقاري ترد عليها استثناءات تقتضيها المصلحة العمة و طبيعة العملية المراد منها إدخال العقار في نظام التحفيظ العقاري، و عليه فبالنظر إلى حجم العقارات التي ستقع في منطقة التحفيظ الاجباري من جهة، و الإلزامية التي تطبع هذا القرار، يقتضي الأمر في مسطرة التحفيظ الاجباري إجراء مجموعة من الأعمال التحضيرية لسريان المسطرة، حيث يتم إعلان قرار فتح منطقة التحفيظ الاجباري، و يتم كذلك نشره، لتحدث بعد ذلك " لجنة التحفيظ الاجباري" ، و التي تضطلع بعدة مهام في هذه المسطرة مؤازرة بذلك مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية لإقامة ما يسمى بالبحث التجزيئي و القانوني الذي ينتج عنه إدراج مطلب التحفيظ )المطلب الاول( و إذا كان سير المسطرة امام المحافظ العقاري في المسطرة العادية تكون فيه السلطة للمحافظ ليتخذ مجموعة من الاجراءات توخيا لإستكمال المسطرة او لإيقافها، فإن الطابع الاجباري للتحفيظ و قرار تعيين منطقة التحفيظ الاجباري لن يوقفه أي عائق إلى أن يتم تأسيس الرسم العقاري سواء في وجود تعرضات أو في عدم وجودها، فهو قرار لارجعة فيه يجب أن يحترم المراحل التي يمر منها العقار في المسطرة العادية من إشهار وفتح باب التعرضات، وصولا إلى تحديد العقار وتأسيس الرسوم العقارية المتعلقة بمنطقة التحفيظ الاجباري )المطلب الثاني(.    

المطلب الاول : الاعمال التحضيرية لسير مسطرة التحفيظ الاجباري 

لا شك أن تبني مبدأ الاختيارية في التحفيظ العقاري يشكل عائقا حقيقيا في سبيل تغطية التراب الوطني بالتحفيظ العقاري، و بالتالي الوصول إلى تكوين سجل عقاري قانوني شامل، ورغبة المشرع في تعميم نظام التحفيظ العقاري فقد استحدث مسطرة خاصة في الفرع السادس من ظهير التحفيظ العقاري. 

تبتدئ هذه المسطرة بقرار تعيين منطقة التحفيظ الاجباري كما أن المسطرة تتطلب إحداث لجنة تدعى " لجنة التحفيظ الاجباري " )الفقرة الاولى( ، و نظرا لاتساع المنطقة التي تعنى بها هذه المسطرة و خصوصيتها فإن المشرع أناط بمصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية  و بمساعدة لجنة التحفيظ الاجباري القيام بالأشغال و الابحاث الميدانية التي تتطلبها عملية التحفيظ أهمها إقامة البحث التجزيئي و القانوني )الفقرة الثانية( .

الفقرة الاولى : قرار تعيين المنطقة و تعيين لجنة التحفيظ الاجباري 

القرار الاداري بشكل عام يرمي إلى تحقيق أهداف القانون في المجتمع و هي العدالة والمصلحة العامة للجامعة وحتى المصلحة الخاصة للأفراد حسب الاحوال، و بوجه عام القرار الاداري يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة تعود بالنفع على المجتمع كله، ونظرا لما تلعبه الملكية العقارية من دور في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية،  يفرض تدخل الدولة في الاشراف على هذا النوع من المساطر الخاصة و التي تبتدئ بتعيين منطقة التحفيظ الاجباري )أولا( و أمام صعوبة هذه المهمة التي قد تتضح في عدم تجاوب الملاك أو جهلهم يستوجب انخراط الادارة بمكوناتها المرفقية  و الترابية في تنفيذ قرارها و ذلك عن طريق لجان  خاصة"  لجنة التحفيظ الاجباري"  )ثانيا. ( 

 أولا : قرار تعيين منطقة التحفيظ الاجباري 

جاء في الفقرة الاولى من الفصل السابع من ظهير التحفيظ العقاري بحسب ما تم نسخه و تعويضه بالقانون رقم 07-14 ما يلي :" يكون التحفيظ إجباريا في الحالات المنصوص عليها في قوانين خاصة، وفي المناطق التي سيتم فتحها لهذه الغاية بقرار يتخذه الوزير الوصي على الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية بناء على إقتراح من مديرها." 

إنطلاقا من ذلك فإن قرار فتح منطقة التحفيظ الاجباري يقوم به وزير الفلاحة حيث تعتبر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية إحدى المؤسسات العمومية التي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.والتي تخضع حاليا لوصاية وزارة الفلاحة ، وعليه سنبين الكيفية التي يصدر بها هذا القرار و المعايير المعتمدة في تعيين المنطقة )1( ثم الاثار الناجمة عن نشر هذا القرار)2(.

كيفية صدور قرار التحفيظ الاجباري و معاييره

أشار المشرع المغربي من خلال الفصل 7 من قانون رقم 07-14، على قرار التحفيظ الاجباري يقترح من قبل مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية مع عدم إشارته للمحافظين، بمعنى هل يعني ذلك عدم وجود رأي للمحافظ الذي يقع العقار بدائرة نفوذه الترابي ؟ 

الاعتماد على النص القانوني لوحده يدل على عدم مشاركة المحافظين في إعداد هذا القرار، غير أنه في الواقع تكون هذه العمليات باقتراح من المحافظ و رئيس مصلحة المسح العقاري، ليتم اقتراح الامر على مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وهذا الاخير الذي يعزم على طرح هذا الاقتراح على وزير الفلاحة. 

وإشراك المحافظ في اتخاذ هذا القرار يكتسي أهمية بالغة لما له من أدوار مهمة فهو الساهر على مسك السجل العقاري الخاص بدائرته الترابية، وتكون له دراية كبيرة بالعقارات فيما يتعلق بنظامها القانوني، أو من حيث تجاوب الملاك مع قرار التحفيظ الاجباري، ثم إن مثل هذه العمليات تستهدف المصلحة العامة و دواعي تنموية تستلزم استشارة المكاتب الجهوية للاستثمار و المديريات الاقليمية للوزارات المعنية.

و الواقع العملي يبين على أن مثل هذه القرارات تتم بعد إختيار المحافظ و رئيس مصلحة المسح للمنطقة المراد فتحها للتحفيظ الاجباري ويتم عرض مقترح الاختيار على عامل العمالة أو الاقليم و المصالح الخارجية لوزارة الفلاحة قصد إبداء رأيهم حول المقترح. 

وإذا حظي المقترح بالتأييد يخبر المحافظ ورئيس مصلحة المسح إدارة الوكالة الوطنية للمحافظة عل الاملاك العقارية و المسح الخرائطية بالمنطقة التي وقع عليها الاختيار، بواسطة مذكرة مشتركة مصحوبة بنسخ من المراسلات و محاضر الاجتماعات المنعقدة ونسخ من تصميم المنطقة المختارة و بناء على ذلك تعمد الادارة المركزيةعلى تهيئ مشروع القرار الوزاري القاضي بفتح منطقة التحفيظ الاجباري و إرساله قصد التوقيع من وزير الفلاحة.

فما هي المعايير المعتمدة لفتح منطقة من مناطق التحفيظ الاجباري ؟

المقصود هنا بالمعايير هو نوعية الاراضي المراد فتحها و كدا المساحة التي يمكن أن يغطيها قرار التحفيظ الاجباري.

إذا كان هذا القرار خلفيته هو المصلحة العامة انطلاقا من تحقيق حاجيات اقتصادية و اجتماعية، فالمشرع لم يحدد معايير معينة سواء بالنسبة لنوعية الارضي أو مساحتها، فعلى عكس بعض المساطر الخاصة و المشابهة، كمسطرة ضم الاراضي الفلاحية التي ينصب قرار التحفيظ فيها على أراضي فلاحية من حيث نوعيتها و مسطرة التحفيظ الجماعي التي تكون خارج المدار الحضري ، فالمشرع المغربي لم يبين هل هذه المناطق حضرية أم قروية ، عارية أم مبنية، كما لم يعط حدا معينا للمساحات التي يمكن أن يشملها قرار التحفيظ الاجباري، إلا أن هذه المسألة ترجع بالأساس إلى الامكانيات المادية والبشرية للإدارة و هي ادرى بمساحة المنطقة التي بالإمكان تحفيظها ، لكن سؤال مثل نوعية المناطق التي سيتم فتحها للتحفيظ الاجباري هل قروية أم حضرية يبقى مطروحا ؟

في ظل عمومية النص ولئن كان قانونيا إمكانية صدور قرار التحفيظ الاجباري في أي منطقة من المناطق، فيرى أحد الباحتين على أن هذه النوعية من القرارات تنصب على العقارات العارية في المناطق القروية و التي لا تعرف حركة للتعمير، و كذلك المناطق العارية الداخلية في المجال الحضري و ذلك للاعتبارات التالية :

أن المناطق الحضرية السكنية في المجال الحضري تعرف إقامة بنايات بوتيرة سريعة و ملاك متعددين بما يجعل العملية معقدة، و كبيرة خصوصا من الناحية التقنية التصميمية. 

أن المشرع لم يمنع الملاك من إقامة أعمال مادية تغير من طبيعة العقارات أو القيام بالتصرفات ، و هو الوضع الذي تعرفه الاراضي المفتوحة في وجه التعمير بكيفية واسعة.

لكن هذا لا يعني أننا -أمام إطلاقية النص- ضد انصباب القرار على المناطق الحضرية المبنية، بقدر ما يجب البدء بداية بالمناطق القروية و الحضرية العارية،لأن تعقد المسطرة في المناطق الحضرية المبنية يستوجب على الاقل اكتساب التجربة في المناطق الاولى من جهة، و من جهة ثانية المناطق الحضرية لدينا من السياسات التشريعية ما يمكن إعمالها لإدخالها لنظام التحفيظ العقاري، خصوصا المادة 5 من قانون 90-25 التي تستوجب أن يكون العقار محفظ أو في طور الحفيظ مع فوات أجل التعرضات،وكأن حال هذه الاخيرة يقول "يجب تحفيظ المناطق القروية أما الحضرية فأن أولى بها " 

و من جهة أخرى، و في غياب نص يبين المعيار المعتمد في هذا الشأن يرى الباحثون على أن المنطقة المزمع تحفيظها بموجب القرار أن تكون وحدة اقتصادية و اجتماعية، و يؤخذ بعين الاعتبار الأهمية الاقتصادية و عدد القطع المشمولة بها و مدى مردوديتها و تأثيرها على التنمية من جهة وعلى استقرار المالكين خاصة الفلاحين، وذلك بناء على أبحاث مسبقة تنجز بغية الوقوف على أهمية التحفيظ العقاري للمناطق المزمع تحفيظها، كالأبحاث المنجزة من قبل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية و كذلك الدراسات اميدانية لمختلف الجوانب الجغرافية و الاجتماعية و الاقتصادية ثم يقع إقتراح المنطقة على وزير الفلاحة.

وعليه إذا كان المشرع المغربي لم يفصل في كيفية إصدار القرار إلا من حيث الاقتراح الذي يبديه مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية فما هي أثار صدور قرار التحفيظ الإجباري و نشره؟ 


 أثار صدور قرار التحفيظ الاجباري  

إن  إصدار القرار دون نشره في الجريدة الرسمية لا يرتب أثار قانونية لذلك فإنه "يجب أن ينشر القرار الصادر بفتح منطقة التحفيظ الاجباري،و أن يعلق بمقر السلطة المحلية و الجماعية و المحكمة الابتدائية والمحافظة العقارية". 

و ابتداء من تاريخ نشر القرار المذكور يمكن لمستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية ولكل الاشخاص الذين تؤهلهم لذلك كالأشخاص المتعاقدين مع الوكالة في إطار صفقات عمومية من القطاع الخاص،دخول العقارات المعنية للقيام بالأبحاث و الأشغال الطبغرافية التي تتطلبها عملية التحفيظ الإجباري.

و من أثار هذا القرار أن العقارات الموجودة بمنطقة التحفيظ الاجباري تصبح خاضعة لمقتضيات الفرع السادس المتعلقة بالتحفيظ الاجباري و لما لا يخالفها من مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري. كما أنه ابتداء من تاريخ نشر القرار لا يمكن إدراج أي مطلب تحفيظ إلا و فق الاجراءات المنصوص عليها في هذا الفرع، غير أن مطالب التحفيظ المدرجة قبل فتح منطقة التحفيظ الإجباري تبقى خاضعة للنصوص القانونية التي أدرجت طبقا لمقتضياتها.

ولئن كانت الآثار الناجم عن القرار تفيد تقديم مطالب التحفيظ الاختيارية،وتسمح بالدخول في نظام التحفيظ العقاري وفق إجراءات خاصة،يمكن لنا التساؤل عن الجهات التي تنخرط في العملية و ذلك بالوقوف على قرار تعيين لجنة التحفيظ الإجباري . 

ثانيا : قرار تعيين لجنة التحفيظ الإجباري

يتم تعيين لجنة التحفيظ الإجباري في إطار هذه العملية بقرار عاملي من العامل أو بقرار مشترك من العامل و ذلك بحسب ما إذا كان العقار يوجد في النفوذ لعمالة واحدة أو يمتد إلى أكثر من عمالة أو إقليم، حيث تتكون لجنة التحفيظ الإجباري من عدة جهات) 1( و تناط بها عدة مهام )2( .

تكوين لجنة التحفيظ الإجباري 

حسب الفصل 51-4 فإن لجنة التحفيظ الإجباري تتكون من :

ممثل السلطة المحلية رئيسا 

رئيس الجماعة المعنية أو من ينوب عنه

المحافظ على الأملاك العقارية أو من ينوب عنه 

رئيس مصلحة المسح العقاري المعني أو من ينوب عنه 

الملاحظ هو أن هذه اللجنة إدارية و لا تتعدد أجهزتها، مما يسهل معه التنسيق و الحسم في المواقف،وإذا كان المشرع حاول أن يزاوج في تكوين اللجنة بين عدم التركيز و اللامركزية الترابية ، مع استحضار المؤسسة الساهرة على الأمن العقاري في شخصين أحدهما قانوني و هو المحافظ العقاري و اخر تقني و فني وهو رئيس مصلحة المسح العقاري أو نائبيهما، فإن الواقع -السوسيولوجي- يفترض وجود جهة تسهر على الصلح بين الملاكين و تليين المواقف التي لا ترقى إلى حد التعارض، وذلك من أجل الخروج من النزاعات البسيطة في أقل وقت ممكن دون اللجوء إلى المحاكم. و لأن حل النزاع عن الطريق الاداري في ظل اتفاق و تراضي خير من جعله مطروحا أمام القضاء في مدة قد تطول .

كما أن المشرع مادام لم يحدد طبيعة العقارات التي من الممكن استهدافها بقرار للتحفيظ الإجباري و مع فرضية انصباب القرار على منطقة حضرية، فقد كان من الاجدر إدخال بعض الجهات الاخرى كالوكالة الحضرية بما لها من معطيات قانونية وتقنية عن المجال التعميري الذي أصبح يصطدم دائما بالقضايا العقارية.

مهام لجنة التحفيظ الإجباري 

انطلاقا من الفصل 51-3 الذي ينص على أنه "تحدث لجنة تدعى )لجنة التحفيظ الإجباري( لإعداد المعنيين بالأمر لعمليات التحفيظ الاجباري و ضمان حسن تنفيذ أشغال البحث التجزيئي  و القانوني و مراقبتها و كذا لاتخاذ كافة التدابير التي تمكن من إدراج و تحديد مطالب التحفيظ."

وكذا إعتمادا على الفصول 51-5 و 51-10 و 51-11 يمكن إجمال مهام لجنة التحفيظ الإجباري في السهر على إعداد الملاكين و مؤازرة مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية )أ( ثم أعمال المراقبة )ب(.

إعداد الملاكين و مؤازرة مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية :

يفترض أن تهم منطقة التحفيظ الإجباري رقعة جغرافية واسعة، مما يكون معه للجنة التحفيظ الاجباري دور مهم في إعداد المعنيين بالأمر أصحاب العقارات و الحقوق العينية العقارية لعملية التحفيظ الاجباري ، ويختلف الإعداد عن الشهر فهذا الأخير يكون لإعلام المعنيين بالأمر و يتم القيام به بمجرد صدور القرار بنشره في الجريدة الرسمية، ولدى السلطة المحلية و المحافظة العقارية فهو دو طابع إعلامي قانوني، أما الاعداد فهو عملية تواصلية تقوم بها لجنة التحفيظ الاجباري بعد هذا الاشهار، حيث تستوجب هذا الاعداد قدرة و حسنا في التواصل عبر تفسير النتائج المرجوة من العملية ، و أثارها عل أمن الحقوق ، و مساهمتها في التنمية التي يرجوها أصحاب العقارات و المراحل التي ستمر منها، و وجوب انخراطهم في العملية لأنها ستعود على الملاك بمصلحة خاصة و مصلحة عامة على البلد ، كما يستحب تذكيرهم بحسنات نظام الشهر العيني و اعتماد الوسائل و اللغة المحلية الأكثر نجاعة، لجعل الملاك يستعدون للعملية بتوفير العقود و سندات الملكية التي تتأسس عليها مطالب التحفيظ ، بالإضافة إلى تذكيرهم بمجانية التحفيظ و المساعدات التي سيلقونها في حالة عدم توفرهم على سندات الملكية ، و من باب الاحتياط تذكيرهم بمطالب التحفيظ و التعرضات الكيدية التي لها أثار سلبية على سيئ النية.

وفي هذا الصدد يمكن استعمال جميع الطرق المتاحة للإعداد و الإعلان عن القرار سواء التقليدية منها كالمناداة في الأسواق )البراح( أو استعمال الملصقات أو اللافتات أو الانتقال إلى عين المكان ومقابلة الملاكين وحثهم على تبليغ الخبر و مدى مرونته و مزاياه، أو استعمال الطرق الحديثة كالمذياع و التلفاز و النشر في البوابات الإلكترونية الأكثر مشاهدة كمواقع التواصل الاجتماعي.

أما بالنسبة لأعمال المؤازرة التي تقوم بها لجنة التحفيظ الإجباري فقد جاء في الفصل 51-5 على أنه تنفذ أشغال البحث التجزيئي و القانوني من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية بمؤازرة من لجنة التحفيظ الإجباري، وهو ما سنعالجه عند الوقوف على أشغال البحث التجزيئي و القانوني.

   ب- أعمال المراقبة

إن جل الاعمال التي يتم القيام بها في عملية التحفيظ الاجباري ككل، تتحمل العبء الاكبر منها مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، حيث كما مر معنى، لم نقف على عمل تقوم به هذه اللجنة له أثار قانونية مهمة بل الاكثر من ذلك أن عضوين من هذه اللجنة هما المحافظ و رئيس مصلحة المسح، فإلى جانب الإعداد و المؤازرة تقوم لجنة التحفيظ الإجباري بمراقبة الملف الذي تعده مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و تحيله على اللجنة التي أوكل لها المشرع مهمة مراقبة هذا الملف – والذي يكون لاحقا لأعمال البحث التجزيئي و القانوني و ناتجا عنه – حيث تقوم بمراقبة الملف المذكور و إرساله إلى المحافظ داخل أجل شهرين إبتداء من تاريخ توصلها به.

وهو ما سنوضح بشكل مفصل كل هذه المهام مع التطرق لأشغال البحث التجزيئي و القانوني.

الفقرة الثانية : أشغال البحث التجزيئي و القانوني :

  تعد هذه المرحلة من أهم المراحل التي تمر منها مسطرة التحفيظ الإجباري، وهي أداة يتم اللجوء إليها في مساطر التحفيظ التي تهم عقارات كثيرة كمسطرتي التحفيظ الجماعي الاجمالي و مسطرة ضم الأراضي الفلاحية ، وهي عبارة عن عمليات ميدانية تهدف إلى التعرف على الوضعية التقنية للعقار وكذا وضعيته القانونية في اتجاه تحرير مطالب التحفيظ، بحيث يتم القيام في هذه المرحلة بمجموعة من الأعمال التقنية و القانونية من طرف مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بمؤازرة ومساعدة لجنة التحفيظ الاجباري )أولا( وتنتهي أشغال البحث التجزيئي و القانوني بحصيلة عبارة عن ملف تعده مصالح الوكالة و الذي بدوره تتخذ بشأنه عدة إجراءات كمآل للأشغال البحث التجزيئي و القانوني )ثانيا (.

أولا : الهدف من إقامة البحث التجزيئي و القانوني 

قرار التحفيظ الاجباري قد يهم رقعة جغرافية قد تصل إلى مئات الهكتارات أو أكثر مما يستلزم القيام ببحث تجزيئي كمرحلة أولى ميدانية )1( وتلي هذه المرحلة البحث في الأوضاع القانونية للعقارات و الحقوق العينية العقارية عبر القيام ببحث قانوني )2(.

البحث التجزيئي في عملية التحفيظ الاجباري  

البحث التجزيئي في مسطرة التحفيظ الاجباري يكون بمؤازرة و مساعدة لجنة التحفيظ الاجباري تذليلا لكل العقبات التي يمكن أن تعترض مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في أعمالها ،

فبناء على الصور الجوية التي تهيئها الادارة المركزية ، تقوم مصالح المسح بما يلي :

تحديد المنطقة و نقلها على الخريطة التأريفية 

رصد و إبراز العقارات المحفظة ، أو التي في طور التحفيظ على الصور الجوية المكبرة

وبناء على ذلك تبدأ عملية البحث التجزيئي في عين المكان بواسطة فرق من العمل لتقوم بغرس الانصاب بالنسبة للعقارات غير المحفظة . 

تنتهي عملية البحث التجزيئي بوضع تصميم للمنطقة مرتبط بنظام إحداثيات لامبير، وفق سلم معمول به، مع تصميم تجزيئي يبين القطع الواقعة داخل منطقة التحفيظ الاجباري و تصميم لكل عقار منجز وفق الضوابط الجاري بها العمل .

وتعتبر هذه العملية من العمليات التي يعود فيها الاختصاص إلى المصالح التابعة لمديرية المسح العقاري.

أعمال البحث التجزيئي هي عبارة عن مرحلة أولية و يأتي التحديد في مرحلة لاحقة بعد اتخاذ إجراءات أخرى، فإذا كانت هذه العملية كفيلة ببيان الوضعية التقنية في المنطقة ، فكيف يتأتى بيان الاوضاع القانونية للعقارات المراد تحفيظها إجباريا. 

البحث القانوني في التحفيظ الإجباري 

بناء على المعطيات التقنية السابقة التي تتحصل عليها مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يقوم المحافظ بتنسيق مع )لجنة التحفيظ الاجباري( الذي هو أحد أعضائها ، بالخروج إلى المنطقة المفتوحة للتحفيظ الاجباري للقيام بأشغال البحث القانوني حيث جاء في الفصل 51-5 " تنفذ أشغال البحث التجزيئي و القانوني من طرف مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية بمؤازرة اللجنة المشار إليها في الفصل 51-3 من هذا القانون."

بناء على هذا الأساس فإنه يتم البدء في أشغال البحث عن طريق تحرير مطالب التحفيظ في عين المكان عبر ملئ مطبوع مخصص لهذا الغرض لكل قطعة وفق البيانات المنصوص عليها في الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري ، مع طلب المحافظ أو من ينوب عنه أصول أو نسخ رسمية للرسوم و العقود والوثاق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية و بالحقوق العينية المترتبة على الملك وفق ما نص عليه الفصل 14. إلا أنه بالنسبة للمالكين الذين لا يتوفرون على أي وثيقة أو تكون وثائقهم غير كافية فإن السلطة المحلية ملزمة بأن توفر لهم شهادات إدارية للملكية.

يطرح تساؤل بخصوص إعطاء المشرع للسلطة المحلية حق إنجاز شواهد إدارية للملكية للملاكين غير المتوفرين على السندات أو تكون سنداتهم غير كافية وكذا المعايير التي ستعتمدها هذه اللجنة؟ 

بداية جرة العادة على القيام بنفس العملية في مسطرة التحفيظ الجماعي و كذا في عمليات ضم الأراضي، فتفاديا لتعطيل ممثل هذه العمليات و لكون التحفيظ يتميز بالإجبارية ، فالإدارة تسهر على إيجاد شهادات إدارية للملكية عن طريق 12 شاهدا، وتبعا لذلك يتم ملئ مطبوع مخصص للشهادة اللفيفية بالنسبة للقطع التي لا يتوفر أصحابها على وثائق أصل التملك مع التأكد من هوية المالك و الشهود ثم إحالة الشهادة على القائد قصد المصادقة عليها.

و يرى أحد الباحثين "على أن هذا المقتضى أحدث سببا جديدا للملكية منحه للسلطة الإدارية المحلية وهي الشهادة الإدارية للملكية التي تسلمها هذه السلطة ، و يكون المشرع بهذا قد أعطى سلطة واسعة لوزارة الداخلية لإثبات الملكية و زاد من نطاق اختصاصها..."

لكن هذا الاتجاه لم يتم التسليم به ليرد أحد الباحثين و يقول على أن الرأي القائل بإحداث المشرع لسبب جديد للملكية هو قول يجانب الصواب، فالمشرع عند استعماله عبارة "المالكين الذين لا يتوفرون على وثائق أو تكون وثائقهم غير كافية" فهو ليس سببا جديدا للملكية بقدر ما هو كشف عن ملكية عقار أو حق عيني غير محفظ.

قام بعض الباحثين بإيراد معيارين بناء عليهما يتم توفير هذه الشهادات وهما :

أن لا ينازع أحد في الشهادة الادارية للملكية المراد إعطائها

أن تكون هناك واقعة قانونية لاكتساب الملكية كالحيازة أو إحياء أرض ميتة لمدته بالرغم مما قد ينقصنا من شروط غير مؤثرة ، أو هناك اتفاق يعتريه عيب شكلي لا أثر له على قواعد قانون الالتزامات و العقود.

أما بالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكيها فإنه يتم تحرير مطالب التحفيظ بشأنها و تدرج في إسم ملك الدولة الخاص، في حين أنه يتم في حالة غياب أو تقاعس أحد الملاكين يتم إدراج مطلب التحفيظ في إسمه فبالرغم من هذا الغياب أو التقاعس حسب ما نص عليه الفصل 51-7 من ظهير التحفيظ العقاري.

و قد نص المشرع المغربي على أن البحث التجزيئي و القانوني يهدف إلى تحرير مطالب التحفيظ في اسم المالكين الذين ادلوا بالعقود و الوثائق المثبتة لحقوقهم، فهل البحث التجزيئي و القانوني يشمل فقط القطع التي يتوفر مالكوها على الوثائق و العقود؟

يرى أحد الباحثين على أن البحث القانوني و التجزيئي يشمل منطقة التحفيظ الاجباري بأكملها وليس فقط العقارات التي يتوفر أصحابها على الوثائق و العقود، وذلك لأن حصيلة البحث التجزيئي حسب الفصل 51-10 هي لائحة و تصميم تجزيئيان يعينان جميع القطع الواقعة داخل منطقة التحفيظ الاجباري و مساحتها و كذا هويات وعناوين المالكين بما يكون معه أن البحث شمل جميع القطع سواء توفر مالكوها على وثائق و عقود أم لا.

ويمكن القول أن المفهوم من هذا المقتضى هو أن المشرع أراد أن تكون أشغال البحث القانوني تقوم مبدئيا على إدلاء أي مالك بوثائقه الداعمة لمطلب التحفيظ و أن فرضية إيجاد شهادات إدارية للملكية أو إيداع مطلب التحفيظ في اسم ملك الدولة الخاص ، ما هي إلا استثناء من قاعدة الادلاء بهذه الوثائق و العقود المثبتة للملكية، و بالتبعية فإن الاستثناءات يجب التعامل معه بحذر ولا يجوز التوسع فيها.




ثانيا : مآل أشغال البحث التجزيئي و القانوني   

تتوج أشغال البحث التجزيئي و القانوني في الاخير بحصيلة عبارة عن ملف تعده مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية)1( و الذي تتخذ بشأنه إجراءات المراقبة من طرف لجنة التحفيظ الاجباري)2(.

 ملف منطقة التحفيظ الاجباري

تعمد مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية في شخص كل من المحافظ العقاري و رئيس مصلحة المسح على إعداد ملف يهم منطقة التحفيظ الاجباري بأكملها، وهو حصيلة لأشغال البحث التجزيئي و القانوني ويتكون الملف من الوثائق التالية :

تصميم يحدد محيط المنطقة مرتبط بنظام إحداثيات لامبير وفق سلم معمول به.

مطالب التحفيظ المحررة 

العقود و الوثائق التي أدلى بها المالكون، وعند الاقتضاء الشهادات الادارية للملكية المسلمة من طرف السلطة المحلية.

اللائحة و التصميم التجزيئيان اللذان يعينان القطع الوقعة داخل منطقة التحفيظ الاجباري و مساحاتها المضبوطة و كذا هوية و عناوين المالكين

تصميم عقاري منجز وفق الضوابط الجاري بها العمل 

وبعده تعمل هذه المصالح على إحالة هذا الملف على لجنة التحفيظ الاجباري كإحدى المهام التي تقوم بها كما أشرنا سلفا.

 مراقبة ملف التحفيظ الاجباري 

نص المشرع في الفصل 51-10 على أن مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية تحيل الملف المشار إليه أعلاه على لجنة التحفيظ الاجباري، كما ألزم المشرع هذه اللجنة بمراقبة الملف المذكور و إرساله إلى المحافظ العقاري المعني داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصلها به.

المشرع لم يبين حدود هذه المراقبة التي تضطلع بها لجنة التحفيظ الاجباري  لكن بعض الباحثين يرون على أن هذه المراقبة التي تقوم بها اللجنة هي فقط  نوع من التنسيق و التأكد من البيانات بين مكونات اللجنة، وهو ما تعمده المشرع من خلال عبارة "المراقبة" وليست "الرقابة" فيرون على أن ذلك به نوع من التعاون بين أعضائها، بل إن عضوين من اللجنة هما المحافظ و رئيس مصلحة المسح اللذان أشرفى على أعمال البحث التجزيئي و القانوني.

لكن قد تكون هذه الاعمال قد تم تفويتها في إطار صفقات عمومية للخواص مما يجب أن تكون معه مراقبة حازمة توخيا للأخطاء التي قد تعرقل سير المسطرة و تثير النزاعات .

و هكذا يجب أن تشمل المراقبة جميع الوثائق و البيانات التي يتكون منها الملف سواء منها التقنية أو القانونية  و المقارنة بينهما، حتى لا يكون هناك تناقض بينها، كالتأكد من أن التصميم يشمل المنطقة التي شملها قرار وزير الفلاحة بفتح منطقة التحفيظ الاجباري، و أن مطالب التحفيظ المحررة تتوافق مع اللائحة و التصميم ، وفي حالة ما إذا كان البحث القانوني قد قام به الخواص فيجب الخروج إلى عين المكان للتحقق من المعلومات المضمنة بها، وقد سبق للمحافظ العام في إطار دورية سابقة متعلقة بالبحث القانوني للتحفيظ الجماعي و كذا ضم الاراضي بتاريخ 9 أكتوبر 2007 أن نبه المحافظين لهذه النقطة حيث جاء في هذه الدورية "... لقد بلغ إلى علمي أن بعض المحافظين على الأملاك العقارية يقتصرون بالنسبة لمطالب التحفيظ المحررة من طرف المتعهدين في القطاع الخاص على إثر عملية البحث القانوني بمنطقة ضم الاراضي و التحفيظ الجماعي على مراقبتها بالمكتب دون اﻹنتقال إلى عين المكان للتحقق من مدى المعلومات المضمنة بها.

... ألفت انتباهكم إلى ضرورة المطابقة بين مضمون المطلب و واقع العقار المطلوب تحفيظه تجنبا للإضرار بالحقوق المتعلقة بها، و لهذا أطلب منكم تعيين ممثل عنكم يتوفر على كفاءة عالية يمكنه تتبع أشغال البحث الذي يجريه المتعهدون الخواص بعين المكان و مراقبة صحة المعلومات المضمنة بمطلب التحفيظ و مدى مطابقتها مع مضمون البيان التجزيئي قبل إيداعه لدى السلطة المحلية" .

كما يتعين في إطار أعمال المراقبة أن تتأكد السلطة المحلية من الشواهد الادارية للملكية و مدى صحتها عبر المقارنة مع باقي الشواهد الإدارية الأخرى و مطالب التحفيظ الاخرى و الوثائق و العقود المعتمدة حرصا على أن يكون هذا الملف في كامل التجانس و عدم التناقض.

كما يستحسن أن ينبه من جديد رئيس المجلس الجماعي بالأملاك التي تدخل في إطار الأملاك العامة الجماعية حرصا على المال العمومي.

و كذا يجب الحرص على حقوق الملاك بشتى الوسائل الممكنة تفاديا للبيانات الخاطئة التي قد تثير النزاعات و التعرضات و بالتالي إطالة المسطرة.

بعد هذه المراقبة يجب على اللجنة داخل أجل شهرين من تاريخ توصلها بالملف، إرجاعه إلى المحافظ العقاري الذي يقوم بإدراج مطالب التحفيظ و اتخاذ باقي الإجراءات القانونية. 

 

المطلب الثاني : سريان مسطرة التحفيظ الإجباري أمام المحافظ  العقاري 

     مسطرة التحفيظ الإجباري أصبح لها دور مهم فقد  أبانت عن نجاعتها في تصفية الأوضاع القانونية لعدة مناطق، و ساهمت في خلق و إعداد هياكل عقارية جديدة ،محفظة و مؤسس بشأنها رسم عقاري سواء في المدن و ضواحيها أو في المجال القروي، و باستعمال عقارات تستجيب لمتطلبات التعمير و تشجيع المستثمرين في إنجاز استثماراتهم وكذلك تشجيع الراغبين في تملك قطعة أرضية خالية من أي نزاع.

 القانون الجديد رقم  14.07 الذي عدل و تمم ظهير التحفيظ العقاري لسنة  1913،  أضاف اختصاصات جديدة للمحافظ على الأملاك العقارية ، و هي تلك المتعلقة بالمسطرة الجديدة التي نص عليها المشرع  في  الفصول من 51-1 إلى 51-19 ، و ذلك لكونه اللبنة اﻷساس في التحفيظ اﻹجباري أو اﻹختياري ﻷنه هو من يتسلم مطالب التحفيظ كأول خطوة .

       يتم تحفيظ العقارات الخاضعة لقرار التحفيظ اﻹجباري بعد إتباع مجموعة من اﻹجراءات اﻹدارية و الفنية ، )و القضائية في حالة المنازعة( لتنتهي بتقييد الملك في السجل العقاري مع الحقوق المترتبة عليه و مساحته و حدوده الصحيحة ، و اسم مالكه المستقل أو مالكيه على الشياع ، بعد أن تكون ثبتت ملكيته نهائيا بدون منازعة،عندئذ يتم تأسيس رسوم عقارية للعقارات موضوع المسطرة لتصبح جميع الرسوم السابقة ملغاة و يحل السجل العقاري محلها .

    فيقوم المحافظ على إثر هذه المسطرة بمهام مختلفة ،إذ يسهر باعتباره مستخدما عموميا على تطبيق نظام التحفيظ العقاري و تثبيت حق الملكية ، و من جهة أخرى يعد الرئيس التسلسلي لجميع المصالحة و المكاتب التي تتكون منها مصلحة المحافظة على اﻷملاك العقارية على الصعيد المحلي ، و ذلك تحت إشراف اﻹدارة المركزية و التي هي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية .

   وعليه سنتناول في حديثنا في هذا المطلب من خلال الحديث في)الفقرة اﻷولى(  على إدراج و شهر مطلب التحفيظ و إقامة التحديد ثم في )الفقرة الثانية( تدخل الغير في مسطرة التحفيظ اﻹجباري .

الفقرة اﻷولى : إدراج و شهر مطلب التحفيظ و إقامة التحديد 

  بعد قيام لجنة التحفيظ اﻹجباري بمراقبة الملف و إعادته إلى المحافظ العقاري، تعتبر هذه المرحلة كأداة لإعطاء الإشارة للمحافظ على اﻹملاك العقارية من أجل إدراج مطالب التحفيظ و شهرها )أولا( بعدها يعد المحافظ برنامجه لعمليات التحديد )ثانيا  (.

    أولا : إدراج مطالب التحفيظ و شهرها في مسطرة التحفيظ اﻹجباري 

     بعد رجوع ملف التحفيظ اﻹجباري إلى المحافظ يكون عمل لجنة التحفيظ اﻹجباري قد انتهى،  و تبدأ عمليات جديدة تبتدئ بإدراج مطالب التحفيظ من طرف المحافظ العقاري و اﻹختصاص الذي يقع على عاتق المحافظ العقاري كما نصت الفقرة الثانية من الفصل 51-11 ،  و التي جاء فيها "يقوم المحافظ على اﻷملاك العقارية داخل أجل شهر بإدراج مطالب التحفيظ و إيداع اللائحة و التصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية ".

     انطلاقا من ذلك فإن المحافظ داخل أجل شهر من توصله بالملف من لجنة التحفيظ اﻹجباري، يعمد إلى إدراج مطالب التحفيظ و إيداع اللائحة و التصميم التجزيئيين لدى السلطة المحلية ،وقد قيد المشرع المحافظ بأجل شهر رغبة في اﻹسراع بالمسطرة ، و حتى تكون هناك مدة زمنية لا يجب أن تتعداها هذه المرحلة في مسلسل التحفيظ اﻹجباري حيت تَجُبُ مدة شهر المعطاة للمحافظ عملية اﻹدراج و كذلك اﻹيداع لدى السلطة المحلية .

     و يعمد المحافظ بعد ذلك إلى إيداع اللائحة و التصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية ، و يتخذ بشأن هذا اﻹيداع عملية شهر واسعة حيت ينشر اﻹعلان عن إيداع اللائحة و التصميم التجزيئيين بالجريدة الرسمية ،كما يتم إرسال إعلان بهذا الإيداع ليعلق بمقر السلطة المحلية أو الجماعة المعنية و المحكمة اﻹبتدائية  ، كما يعلق المحافظ هذا اﻹعلان بمقره بالمحافظة العقارية و يتضمن اﻹعلان المذكور كما هو منصوص عليه في الفصل 51-12 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون رقم 07-14 : 

موقع المنطقة الخاضعة للتحفيظ الإجباري .

تاريخ اﻹيداع المذكور .

أجل التعرض .

        و يبقى هذا اﻹعلان معلق إلى غاية انتهاء أجل التعرض بمقر السلطة المحلية و الجماعة أو الجماعات المعنية أو المحكمة الابتدائية و المحافظة العقارية .

   و يمكن لكل شخص الاطلاع بدون مقابل بمقر السلطة المحلية و المحافظة العقارية على اللوائح و التصاميم التجزيئية المتعلقة بمناطق التحفيظ اﻹجباري.  

   من خلال هذا المقتضى يتبين أن المشرع جعل الاطلاع على اللوائح و التصاميم التجزيئية المتعلقة بمنطقة التحفيظ الاجباري بشكل مجاني و بدون أي مقابل و لا أداءات نقدية .

          ثانيا : تحديد منطقة التحفيظ  اﻹجباري و شهرها 

  اﻹجراء المتبع مباشرة بعد نشر الإعلان هو إنجاز برنامج لعمليات التحديد و شهرها كذلك ،لكن هذا لا يهم النشر في الجريدة الرسمية كما أنه لا يعلق بالمحكمة الإبتدائية ،إذ أنه بمجرد نشر الإعلان المذكور ينجز المحافظ على اﻷملاك العقارية برنامجا لعمليات التحديد يبلغه إلى ممثل السلطة المحلية ، و رئيس الجماعة المعنيين لتعليقه في مقراتهم قبل التاريخ المعين ﻹفتتاح العمليات بشهر واحد ،كما يعلق هذا البرنامج بمقر المحافظة العقارية ،و في


نفس الوقت يستدعي المحافظ العقاري طالبي التحفيظ و كل متدخل في مسطرة التحفيظ بكيفية قانونية للحضور شخصيا إلى عملية التحديد.    

يبقى السؤال المطروح هل يستأثر المحافظ العقاري وحده بعملية التحديد  اﻹداري ؟

 للإجابة عن هذا الإشكال جاء الفصل 19 من قانون 07-14 بصيغة صريحة  و نص على أنه  "يقوم المحافظ على اﻷملاك العقارية بتسيير عمليات التحديد و ينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا من جهاز المسح  العقاري ، مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين.

 و ينجز المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب عملية التحديد ، تحت مسؤوليتهة بحضور طالب التحفيظ"

        من يحظر عملية التحديد ؟

  يستدعي المحافظ على اﻹملاك العقارية شخصيا لهذه العملية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو البريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ :     

1 /  طالب التحفيظ .

2 /  المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ.

3 / المتدخلين و أصحاب الحقوق العينية و التحملات العقارية المصرح  بهم بصفة قانونية .

    و تتضمن هذه الإستدعاءات الدعوة لحضور عمليات التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة .

       ينجز التحديد في التاريخ والوقت المعينين له و لتوفير الظروف الملائمة لإجراء عمليات التحديد يجب على وكيل الملك تسخير القوة العمومية عند اﻹقتضاء بطلب من المحافظ على اﻷملاك العقارية  أو من كل من له مصلحة .

   ويقوم المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب بإشعار طالب التحفيظ و المجاورين و المعارضين و المتدخلين و أصحاب الحقوق العينية و التحملات العقارية و المصرح بهم بصفة قانونية عن كل ما يتعلق بالملك المعني و يبين طالب التحفيظ حدود العقار الذي يعتزم تحفيظه و يبدي المجاورين و كل، المتدخلين مالهم من ملاحظات و منازعات .

    يعاين المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب واقع الحيازة و مدتها و يعاين حالة العقار كما يباشر غير ذلك من المعاينات و أعمال البحث المفيدة .

   يضع المهندس المساح الطبوغرافي اﻷنصاب ،سواء لتحديد المحيط الذي عينه طالب التحفيظ أو لضبط القطع المشمولة به و التي تكون محل تعرضات من طرف الغير، تم يضع تصميما موجزا يسمى التصميم المؤقت للتحديد .

   و يقوم المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب بمهام أخرى و إذا لم يحظر طالب التحفيظ أو من ينوب عنه في المكان و التاريخ و الوقت المعينين ﻹنجاز عملية التحديد فلا يتم إنجازها و يقتصر على أثبات هذا التغيب .

      و يعتبر مطلب التحفيظ لاغيا في هذه الحالة و كأن لم يكن إذا لم يدل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصل بالإنذار ، و يعتبر مطلب التحفيظ كذلك لاغيا و كأن لم يكن إذا تعذر على المحافظ العقاري أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك .

      عملية التحديد هي عملية تقنية باﻷساس ،يقوم بها مهندس مساح طبوغرافي حيث ينتقل إلى عين المكان وفق البرنامج المحدد من طرف  المحافظ العقاري ﻷخد المقاييس اللازمة لمعرفة حدود العقارات و معالمها و مشتملاتها، و بقصد وضع تصميم مدقق لكل عقار ، و هي عملية قانونية كذلك ﻷنها تمكن من التعرف على الوضعية القانونية للعقار و هي مناسبة لحضور الملاك و المتدخلين في المسطرة و فرصة جديدة ليقف المحافظ و المهندس على وقائع يصعب التوصل إليها في غير هذا المكان  كتحديد صاحب الحيازة و مدتها و محل و ضع اليد  .


      الفقرة الثانية : تدخل الغير في مسطرة التحفيظ الاجباري و تأسيس الرسوم العقارية المتعلقة بها 

      أثناء سريان مسطرة التحفيظ العقاري بصفة عامة و كذلك مسطرة التحفيظ الاجباري بصفة خاصة قد تتعرض لتدخل الغير أو ما يسميه المشرع المغربي بالتعرضات )أولا( و في حالة تسوية هذه المنازعة أو عدم تقديم أي تعرض يتم تأسيس الرسم العقاري ) ثانيا( للعقار الذي يخضع للتحفيظ اﻹجباري  .

  أولا: تدخل الغير في مسطرة التحفيظ  [ التعرضات] 

التعرض عرفه الفقه على أنه هو : "ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في الحدود، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقد و ينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه".

و يعرفه الأستاذ محمد العبودي بأنه :"الوسيلة الفعالة التي خولها القانون للشخص المتعرض الذي يدعي بأن له حقا في الملك المطلوب تقييده وإدخاله في نظام التحفيظ العقاري للتعبير عن إعلان المنازعة الجديدة لطالب التحفيظ فيما يرمي إليه في مطلبه من تسجيل للحقوق و تحفيظه لعقار معين في اسمه الخاص و إحداث رسم عقاري له طبقا لظهير 1913 بقرار من المحافظ العقاري". 

 و يهدف التعرض بهذا المعنى إلى إيقاف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ و عدم الاستمرار فيها إلى أن يرفع التعرض و يضع حدا للنزاع عن طريق المحكمة أو إبرام الصلح بين الاطراف. و يخضع التعرض في مسطرة التحفيظ اﻹجباري إلى المقتضيات الخاصة به و الواردة في الفصلين 51-18 و 51-16 ،  كما  يخضع للمقتضيات العامة الخاصة بالتعرضات على مطالب التحفيظ المنصوص عليها في الفصل 24 وما يليه من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون رقم 07-14 و هما لا يختلفان كثيرا وسنوضح فيما يلي بعض الفروقات بينهم من خلال معرض حديثنا .

    و لتسليط الضوء و نفض الغبار على بعض الخصوصيات التي يمتاز بها التعرض في التحفيظ الاجباري سنتطرق إلى أجال التحفيظ الاجباري  )أ( ثم حالات التعرض على مطلب التحفيظ الاجباري )ب( . 


   أ :  أجال التعرض في التحفيظ الاجباري 

     هنا يجب إبداء ملاحظة أساسية و هي أن جل التعرض في المرحلة الاختيارية له أجلين إن صح القول ،اﻷول هو اﻷجل العادي و هو محدد في شهرين هذا ما نصت عليه الفقرة اﻷولى من الفصل 24 من قانون 07-14  و الذي جاء فيها "يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل " .

     و اﻷجل الثاني هو الاستثنائي هو المنصوص عليه في الفصل  29 من نفس القانون الذي جاء في فحواه "بعد انصرام اﻷجل المحدد في الفصل  أعلاه  يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على اﻷملاك العقارية  و لو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة اﻹبتدائية .

     يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على اﻹملاك العقاري بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل اﻷجل، و بالعقود و الوثائق المدعمة لتعرضه ،كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية و حقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية..."

   يتبين من خلال هذا الفصل أن المحافظ على اﻷملاك العقارية يقبل التعرض الإستثائي لكن النص جاء بعبارة صريحة و هي شريطة ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية ، و  يستفاد من هذه العبارة و بمفهوم المخالفة أنه إذا تم توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية المختصة فإنه لا يقبل التعرض الإستثائي ،و على المتعرض على مطلب التحفيظ أداء الرسوم القضائية و حقوق المرافعة ، و إلا عليه إثبات عجزه من أجل الحصول على المساعدة القضائية .

   تنبغي اﻹشارة إلى أن قرار المحافظ على اﻷملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي  . 

    على خلاف ما هو عليه اﻷمر بالنسبة للأجل في التحفيظ الاجباري ،إذا كان في المرحلة الاختيارية له أجل عادي ثم أجل إستثنائي، فإن أجل التعرض في التحفيظ الإجباري هو أجل واحد و محدد في أربعة أشهر تبتدئ من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية ،عن إيداع اللائحة و التصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية ، هذا ما نص عليه الفصل 51-16 ،  كما أنه لا يقبل أي تعرض بعد هذا اﻷجل ، و هنا يبرز لنا الفرق الجوهري في قبول التعرض في التحفيظ الاختيارية رغم فوات الاجل الأصلي لكن بشكل إستثنائي ، بينما في التحفيظ اﻹجباري ليس هناك أي قبول للتعرض بعد مرور أجل أربعة أشهر، و يقدم التعرض سواء في التحفيظ الاختياري أو في التحفيظ الاجباري إلى المحافظ على اﻷملاك العقارية أو المهندس المساح الطبوغرافي أثناء إنجاز عملية التحديد .

     بخصوص شكليات تقديم التعرض ،فيجب أن تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على اﻷملاك العقارية ، و إما للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد و تضمن التصريحات الشفوية للمتعرض ، بحضوره في محضر يحرر في نسخ تسلم إليه أحدها .

 والتصريحات والرسائل المحررة للغرض المشار إليه سابقا يجب أن تبين فيها هوية المتعرض، حالته المدنية، عنوانه الحقيقي أو المختار ، اسم المالك ، رقم مطلب التحفيظ، طبيعة ومدى الحق موضوع النزاع، بيان السندات والوثائق المدعمة للطلب.

يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤذوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لإنتهاء أجل التعرض

يمكن أن تسلم لطالبي التحفيظ والمتدخلين في المسطرة، بطلب منهم، صور شمسية للوثائق المدلى بها من طرف المتعرضين.

يقوم المحافظ على اﻷملاك العقارية بتضمين التعرضات المقدمة وفق الشروط 

المنصوص عليها أعلاه في سجل خاص يدعى  سجل التعرضات.

     إذا كان التعرض يتعلق بجزء من العقار لم يتيسر تحديده بكيفية صحيحة أثناء إجراء عملية التحديد حسبما هو منصوص عليه في الفصل 20 تباشر هذه العملية على نفقة المتعرض.

إذا تعذر تحديد الجزء محل النزاع، فإن المحافظ على اﻷملاك العقارية يحيل المطلب على المحكمة اﻹبتدائية، ويمكن للقاضي المقرر الذي أحيل عليه الملف أن ينجز هذا التحديد   طبقا  لمقتضيات الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري.

ينص الفصل 26 من قانون 07-14 عللى أنه "يجب على كل شخص يقدم طلب التعرض باسم الغير :

أن يثبت هويته

عندما يتعرض بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيلا أن يبرر ذلك بالإدلاء بوثائق صحيحة و أن يعطي البيانات المقررة في 25 من هذا القانون، و أن يدلي برسوم الإراثات عندما يتعلق الامر بشركاء في الإرث.

يمكن في جميع الأحوال، على شرط أن تقدم الإثباتات المنصوص عليها سابقا، التدخل في المسطرة عن طريق التعرض باسم المحجورين و القاصرين و الغائبين و المفقودين و غير الحاضرين، و ذلك من طرف الأوصياء و الممثلين الشرعيين، ووكيل الملك والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم على أموال الغائبين و المفقودين ."

 ب :    حالات التعرض  : 

يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين تبتدئ من يوم نشر اﻹعلان على انتهاء التحديد في  الجريدة الرسمية ، إن لم يكن قام بذلك من قبل و ذلك في حالة :

 المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار

في حالة الإدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه

في حالة المنازعة في حق وقع  الإعلان عنه 

  المحافظ عندما يقدم إليه التعرض هو الذي تبقى له الصلاحية إما أن يقبل  التعرض ، إذا كان يتوفر على جميع الشروط اللازمة و المستندات المؤيدة لرأي المتعرض أو أن يرفضه إذا قدم التعرض خارج اﻷجل أو أن يقوم بإلغائه لعدم أداء الرسوم القضائية أو في حالة عدم اﻹدلاء بالحجج المؤيدة للتعرض .

  إذا كان التعرض من التعرضات الكيدية التي يتم التقدم بها من أجل عرقلة سير مسطرة التحفيظ و تعطيلها  بدعوى أنهم لديهم حقوق عينية عليها أو منازعة طالب التحفيظ في حدود العقار المراد تحفيظه ، يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به ،دون المساس بحق اﻹطراف المتضررة في التعويض .

    و المحكمة التي تحكم بالغرامة هي التي أحيل عليها مطلب التحفيظ و لها صلاحية الحكم و البت فيه تلقائيا  و البت كذلك عند اﻹقتضاء في طلبات التعويض .

  ثانيا :  تأسيس الرسوم العقارية المتعلقة بمنطقة التحفيظ اﻹجباري

        تبقى هذه المرحلة مجرد ثمرة مجهود طالب التحفيظ من أجل جعل أرضه مطهرة من كل نزاع و جعلها في منأى عن المشاكل التي يمكن أن تنجم عنها سواء من قبل الملاك المجاورين أو من قبل أشخاص يمتهنون مثل هذه اﻷفعال و هو ما أصبح يسمى ب "مافيا العقار " الذين يستولون على أراضي أناس حسني النية .

  و لكل هذه اﻹجراءات التي نص عليها ظهير التحفيظ العقاري ،و التي يسلكها طالب التحفيظ من تقديم مطلب التحفيظ إلى المحافظ على  اﻷملاك العقارية ، و مرور المسطرة  بكل ما سبق ذكره ،و بمجرد انتهاء أجل التعرض المحدد في مسطرة التحفيظ اﻹجباري الذي هو أربعة أشهر يقوم المحافظ على اﻷملاك العقارية بإنشاء الرسوم العقارية لمطالب التحفيظ التي لم تكن محل تعرض ،و يحيل المطالب المثقلة بالتعرضات على المحكمة اﻹبتدائية للبت في النزاعات المتعلقة بها وهوما نص عليه الفصل 51-19 من قانون 07-14.

  عند اﻹنتقال من المرحلة اﻹدارية التي يشرف عليها المحافظ العقاري إلى المرحلة القضائية التي هي من اختصاص المحكمة اﻹبتدائية، تقتصر هذه اﻷخيرة بالنظر في التعرض فقط دون أن يتعدى  اختصاصها ذلك .

    و كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على اﻷملاك العقارية تأسيس رسم عقاري يتضمن لزوما  :

وصفا مفصلا للعقار مع حدوده وبيان اﻷملاك المجاورة والملاصقة له ونوعه ومساحته .

اﻹسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة اﻷسرة. ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعاله بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم . وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته و شكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني؛

الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار

يحمل هذا الرسم العقاري رقما ترتيبيا واسما خاصا به ويبقى تصميم العقار ملحقا به .  

و يترتب عن ذلك أن الرسم العقاري نهائي لا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة اﻹنطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة ، بل إن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المقيد، ولا يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم العقاري.

كم أن ف. 64 من ظ.ت.ع ينص على أنه "لا يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع اﻹضرار به  من جراء تحفيظه .

 يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات .

و في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل100 ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بمقتضى القانون رقم 07-14 .


الفصل الثاني : حالات التحفيظ الإجباري بناء على نصوص خاصة.

التنوع الذي يعرفه المغرب من حيث طبيعة و نوعية الأنظمة العقارية و كذا مشكل الازدواجية بالإضافة إلى مجموعة من العوامل الأخرى، فهي التي تقف حاجزا أمام إرساء التحفيظ الإجباري و جعله هو الأصل .

فالعقارات غير المحفظة كانت و لا زالت تقف حاجزا أمام الاستثمار و تقوم بكبح النمو السريع للاقتصاد، بالإضافة إلى أنها تثير العديد من النزاعات و المشاكل القانونية و العملية، ناهيك عن أنها تؤدي إلى انعدام استقرار المعاملات، فأمام هذه المشاكل المشرع أفرد قواعد قانونية خاصة متفرقة خارج ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، وأخضع بموجبها مجموعة من العقارات لنظام التحفيظ الإجباري بمقتضى نصوص خاصة سعيا منه لاستقرار الملكية و توحيد النظام القانوني .

و عليه سندرس في هذا الفصل حالات التحفيظ الإجباري بناء على نصوص خاصة من خلال تقسيمه لثلاثة مباحث : 

التحفيظ الإجباري لأملاك الدولة الخاصة في حالة التعرض على تحديدها و أراضي الجموع في حالة تحديدها و تقسيمها في )المبحث الأول( 

التحفيظ الإجباري في إطار عمليات ضم الاراضي الفلاحية و المجموعات و التجزئات العقارية )المبحث الثاني(  

التحفيظ الإجباري للعقارات المنزوع ملكيتها و في حالة معاوضة عقار محبس تحبيسا عموميا في )المبحث الثالث(.     


المبحث الأول : التحفيظ الإجباري لأملاك الدولة الخاصة في حالة التعرض على تحديدها و أراضي الجموع في حالة تحديدها و تقسيمها 


المطلب الأول :  التحفيظ الإجباري لأملاك الدولة الخاصة في حالة التعرض على تحديدها 

إن الوقوف على القواعد المنظمة للتحفيظ الاجباري بالنسبة للملك الخاص للدولة يقتضي أن نعرف الملك الخاص للدولة )1( أولا، حتى يتسنى لنا أن ندرس عملية تحفيظ الملك الخاص للدولة )2 (. 

تعريف الأملاك المخزنية أو ما يعرف بالملك الخاص للدولة :

الملك الخاص للدولة أو ما يعرف بالأملاك المخزنية يتكون من مجموع العقارات و المنقولات التي تملكها الدولة دون أن تكون مخصصة للعموم، أي بعبارة أخرى جميع الحقوق المرتبطة بحق الملكية أي نفس الحقوق المترتبة للأفراد على ممتلكاتهم الخاصة، و بالتالي فللدولة أن تجري عليها ما تشاء من تصرفات من بيع و كراء و تبادل.

لذا فالمقصود هنا بالأملاك المخزنية هو معناها الضيق أي الأملاك التي تسيرها وزارة المالية ممثلة في مديرية أملاك الدولة و ذلك طبقا للمرسوم رقم 2.07.995 الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2008. 

يعتمد الباحثون و المختصون و المهتمون بقانون الأموال العامة في المغرب على ما أنتجه القانون الفرنسي في هذا المجال، حيث يقيمون تعريفا للملك الخاص على أساس معيار سلبي و يدخلون بناء على ذلك ضمن عناصره كل عناصر الأموال المملكة للإدارة و التي تندرج ضمن حيز الملك العام أو يعتبرون الملك الخاص مجموعة متكونة من الأموال العامة التي لا تنتمي للملك العام .

يرى الباحثون و المهتمون بالمجال العقاري على أن هذا التعريف غير ملائم في القانون المغربي لاعتبارين اثنين :

فمن جهة وقبل دخول الحماية للمغرب، لم تكن لفكرة التمييز بين الملك العام و الخاص وجود على الإطلاق، نظرا لانعدام المنشآت و التجهيزات و المرافق المرتبطة بالملك العام، و بالتالي فغياب مفهوم الملك العام لم يكن يعني عدم وجود مفهم للملك الخاص، بل على العكس من ذلك، إن وجود مفهوم للملك الخاص )الأملاك المخزنية( ارتبط أساسا بوجود سلطة المخزن )الدولة(، الذي كان يسعى لامتلاك الأراضي الخاضعة لسلطته و توظيفها لتقوية موارد بيت المال في مواجهة النفقات العامة

ومن جهة أخرى تعريف الملك على أساس المعيار السلبي يحمل على الإعتقاد بأن أموال الجماعات السلالية و أموال الحبوس و أموال باقي الجماعات العمومية الإقليمية منها الوظيفية تدخل ضمن عناصر الملك الخاص للدولة، بيد ان الحقيقة عكس ذلك، فأموال الجماعات السلالية و أموال الحبوس تعود لأنظمة عقارية خصوصية أشبه ما تكون بنظام الملك العام.

بينما تمتلك الجماعات العمومية )غير الدولة( أموالها الخاصة ملكية كاملة شبيهة بملكية الدولة لأموالها الخاصة، و تدخل أموالها هذه ضمن ذمتها الخاصة المتميزة عن الذمة الخاصة للدولة كلازمة لوجود الشخصية المعنوية و القانونية المتميزة.

أشار أحد الكتب الفقهية على اقتراح نص ينظم الملك الخاص للدولة ، و عرفه في المادة الأولى "يقصد بالملك الخاص للدولة في مفهوم هذا القانون، تلك الحقوق و الاملاك العقارية و المنقولة التي تسيرها و تتولى تدبيرها مديرية أملاك الدولة كما هو مشار إليه في المرسوم رقم 2.07.995، بشأن اختصاصات و تنظيم وزارة الاقتصاد و المالية . 

ولا تندرج هذه الحقوق و الأملاك ضمن مشتملات الملك العام للدولة."  

وحتى لا نطيل في مسألة تحديد مفهوم للملك الخاص للدولة و حتى لا نزيح عن موضوعنا، نشير إلى أن المشرع المغربي لم يتطرق إلى تحديد مفهوم قانوني مميز لملك الدولة الخاص و اقتصر على وضع التشريعات اللازمة لتسيير و تدبير هذا الملك و كذا تنظيم مختلف مكوناتها.

عملية تحفيظ الملك الخاص للدولة :

يكفل ظهير 10 يناير 1916 و المتعلق بتحديد أملاك الدولة الخاصة لكل مدعي بحق عيني على هذه العقارات أن يسلك مسطرة التعرض على عملية تحديد الأملاك الخاصة للدولة ذلك في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ نشر إعلان بالجريدة الرسمية متضمن إيداع محضر التحديد بمقر السلطة المحلية مع ضرورة إرفاق إدعائه بكل المستندات و الوثائق التي تزكي تعرضه و يجب عليه أن يقدم مطلب تحفيظ تأكيدي لتعرضه على عملية التحديد داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء أجل التعرض، وفي حالة عدم احترام المتعرض لهاته الشكلية فإن حقه في التعرض يسقط، اللهم إذا اعترفت له الإدارة بما يدعيه خلال نفس الأجل بواسطة تعديل لمحضر التحديد مع تعديل لحدود العقار، وفق ما ينص عليه الفصل السادس من ظهير 10 يناير 1916، و في غير ذلك يصبح التحديد الإداري نهائيا، وقد اعتبرت محكمة النقض أنه " لما تبين للمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أن عملية التحديد صدر بشأنها قرار وزيري وتم نشر هذا التحديد بالجريدة الرسمية، فإن حق الاعتراض على عملية التحديد حسب ظهير يناير 1916 يكون داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ نشره، و لما تعرض المستأنف عليهم على الملك الغابوي حسب الشهادة المدلى بها بعد مرور الأجل فإن تعرضهم يبقى خارج الأجل القانوني و يصبح التحديد نهائيا".

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن لإدارة أملاك الدولة الإدعاء بحق الملكية لمجرد أن العقار موضوع التصرف أو التعرض مسجل بسجل الأملاك لديها ذلك أن التقييدات المضمنة في كناش الأملاك المخزنية من طرف ممثلي المخزن أو بناء على تصريحاتهم تعتبر غير كافية و هي مجردة بحد ذاتها من كل قوة اثباتية وليس لها على أكثر حد سوى قيمة مجرد معلومات بل يتوجب أن تكون هذه التقييدات مبنية على رسم ملكية أصلي و أن تكون مؤيدة بالحيازة الفعلية للعقار موضوع التحديد.

و عليه ففي حالة التعرض على تحديد عقارات أملاك الدولة الخاصة، فإن مثل هذا التعرض لا يكون صحيحا و لا يمكن أن يحدث نتيجته المطلوبة إلى إذا كان مشفوعا بوضع مطلب التحفيظ خلال الثلاثة أشهر التالية لنشر إعلان التحديد الإداري و يكون لطالب التحفيظ في مثل هذه الحالة دور المدعي بالاستحقاق وعليه يقع عبئ إثبات ما يدعيه . 

        

    المطلب الثاني :التحفيظ اﻹجباري ﻷراضي الجماعات السلالية في حالة التعرض على تحديدها أو تقسيمها .

     قد كان إستغلال ﻷراضي الجماعية بالمغرب يتم بناء على أعراف و تقاليد كل قبيلة ،إلى أن أدخلت الحماية الفرنسية  و عمدت إلى إصدار قوانين من أجل توضيح طريقة استغلال هذه اﻷراضي و اﻹستيلاء عليها ﻹعتبارها كانت تشكل و لا زالت أهم ثروة عقارية نظرا لشساعة مساحتها .

     و المشرع أولى لها أهمية كبرى و ذلك من خلال إصدار العديد من القوانين المتعلقة بها و أصدر المشرع المغربي ثلاثة قوانين جديدة متمثلة في القانون رقم 62-17 بشأن الوصاية اﻹدارية على الجماعات السلالية و تدبير أملاكها و الذي عمل على نسخ ظهير 27 أبريل 1919، ثم القانون رقم 63-17.المتعلق بالتحديد اﻹداري ﻷراضي الجماعات السلالية الذي بموجبه تم نسخ مقتضيات ظهير 18 فبراير 1924.

 و أخيرا القانون رقم 64-17 الذي إكتفى بتعديل و تتميم بعض مقتضيات ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق باﻷراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري.

    يمكن تعريف أراضي الجماعات السلالية أو أراضي الجموع بأنها "أراضي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية أو إجتماعية أو دينية و حقوق اﻷفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة.

  و سنتناول هذا المطلب من خلال الحديث عن التحديد اﻹداري ﻷراضي الجموع (الفقرة اﻷولى ) ثم تحفيظ أراضي الجموع(الفقرة الثانية )


الفقرة اﻷولى : التحديد اﻹداري ﻷراضي الجموع .

      يقصد بالتحديد مجموعة من العمليات القانونية و الفنية في آن واحد التي تهدف إلى ضبط الوضعية القانونية لحالة العقار من حيث وضع اليد و الحقوق التي يشملها و تحيد العقار من حيث المساحة و الشكل الهندسي اﻷفقي أو العمودي مع تحديده موقعه و مركزه على السطح المخصص لتلك المنطقة الواقع بها و بيان مكوناته و مشتملاته الكاملة.

      لما للعقار من أهمية بصفة عامة و ﻷراضي الجموع بصفة خاصة أصبح من مصلحة الدولة في شخص ممثلها مديرية الشؤون القروية تتبع مجموعة من المساطر القانونية ،لتحصين ملكية اﻷراضي الجماعية و ضبط حدودها و تمييزها عن اﻷراضي الجماعية اﻷخرى وأراضي الخواص لحمايتها من الترامي و اﻹغتصاب و تطهيرها من حقوق اﻷغيار و ذلك عبر سلوك مسطرة التحديد اﻹداري أو مسطرة التحفيظ العقاري.

من أجل تسوية الوضعية القانونية لأراضي الجموع و تجنب كل المنازعات مع الجيران و تحديد معالم حدودها بصفة دقيقة يتم سلوك نظامين فرعيين :

اﻷول :هو سلوك مسطرة التحديد اﻹداري طبقا لظهير 18 فبراير 1924 إذا كانت مساحة اﻷرض الجماعية تساوي أو تفوق 500 هكتار أو تعلق اﻷمر بعقارات يمكن ضمها لبعضها البعض فتصبح ذات مساحة هامة تفوق أو تساوي 500 هكتار.

الثاني : يتمثل في سلوك مسطرة التحفيظ العقاري طبقا لمقتضيات ظهير 9 رمضان 1331 إذا كانت مساحة اﻷرض الجماعية تقل مبدئيا عن 500 هكتار .

   لكن اللجوء إلى عمليات التحفيظ العقاري على الشاكلة المنصوص عليها بمقتضى ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تعديله و تتميمه بالقانون 07-14 يكاد أن يكون أمرا مستعصيا بسبب التكلفة المرتفعة لواجبات التحفيظ ، بالإضافة إلى طول المسطرة و التعقيدات التي تكتنفها. الشيء الذي دفع  بالمشرع المغربي إلى إيجاد وسيلة موازية لمسطرة التحفيظ العقاري من حيث اﻹجراءات و اﻷثار و يتعلق اﻷمر بعمليات التحديد اﻹداري المنصوص عليها في قانون 63-17 المتعلق بالتحديد اﻹداري للأملاك الجماعية متى بلغت أو تجاوزت مساحة اﻷرض المراد تحديدها 500 هكتار ،على أساس أن يقع تحفيظ اﻷرض المصادق على عملية تحديدها إداريا وفق مسطرة خاصة للتحفيظ تسرع من عملية تصفية الوضعية القانونية للأرض الجماعية بأقل تكلفة و وفق إجراءات مرنة و منسجمة مع طبيعة اﻷرض التي خضعت لعملية التحديد اﻹداري  .

 و بذلك فإن متى توفرت في أرض ما قرينة الملك الجماعي فإنها تخضع لمسطرة التحديد اﻹداري و ذلك بقصد ضبط حدودها و مساحتها و مشتملاتها    وتصفية وضعيتها القانونية بطلب من سلطة الوصاية على هذه الجماعة ،في شخص كل من وزير الداخلية بصفته الوصي على اﻷرضي الجماعية ، أو جماعات النواب و هو ما يستفاد من مقتضيات المادة اﻷولى من القانون 63-17 في الوقت الذي كان الفصل اﻷول  من ظهير  18 فبراير 1924 غير واضح في التدقيق الإصطلاحي مما كان يحمل الفصل المذكور أكثر مما يحتمل من المعاني و التأويلات. 

  وحتى تتحقق الغاية من عمليات التحديد اﻹداري فإن المشرع بالموازاة مع ذلك نص على مجموعة من الإجراءات و المساطر المنصوص عليها في ذات القانون و على خلاف ظهير 18 فبراير 1924 الذي وقع نسخه بمقتضى المادة 15 من قانون 63-17 ، فإن المشرع المغربي كان أكثر دقة من تحديد بعض المفاهيم التي لم تكن منسجمة مع التطور الذي تشهده المؤسسات العمومية و القضائية المتدخلة في عمليات التحديد اﻹداري إلى جانب الدقة في تحديد الجهات المتدخلة في هذه المسطرة .

بعد إعداد ملف التحديد اﻹداري الذي يتم فتحه بمصلحة اﻷراضي الجماعية بمديرية الشؤون القروية و توجيه السلطة المحلية إلى الجهة الوصية على الجماعات السلالية المتمثلة في وزير الداخلية طلبا في ذلك و بعد الموافقة عليه من طرف وزير الداخلية بصفته الوصي على اﻷراضي الجماعية ، يوجه هو الآخر طلبا إلى رئيس الحكومة يتضمن مجموعة من المعلومات المتعلقة بالعقار من حيت مساحته و موقعه و الملاك المحتملين و أصحاب الحقوق العينية المجاورة.... ،ليصدر في حالة موافقته مرسوما بفتح منطقة التحديد اﻹداري ﻷرض المراد تحديدها يبين فيه تاريخ و مكان القيام بعمليات التحديد اﻹداري و هذا ما نصت عليه المادة 2 من قانون 63-17.

 و عليه يتم نشر المرسوم المنصوص عليه في المادة 2 بالموافقة على عمليات التحديد الإداري بالجريدة الرسمية خلال مدة 30 يوما على اﻷقل قبل التاريخ المحدد للقيام بعمليات التحديد اﻹداري إستنادا للمادة 3 من قانون 63-17.

 و بذلك فالمشرع تفادى مدة الشهر التي كان ينص عليها الفصل 3 من ظهير 1924 التي قد تقل أو تزيد أو تعادل فيها مدة 30 يوما .

 يقع اﻹشهار كذلك بمختلف الوسائل الممكنة من تعليق اﻹعلان بعملية التحديد لذى الجهات المنصوص عليها في الفقرة اﻷخيرة من المادة 3 .

  و من المستجدات التي جاء بها قانون 63-17 هو تفادي صيغة الحصر في تحديد الوسائل الممكنة للإشهار و إعلام العموم بعملية التحديد اﻹداري كما كان عليه الحال بمقتضى الفصل الثالث من ظهير 1924 الملغى و هو ما يستفاد من صيغة التمثيل التي جاءت بها الفقرة الثانية من المادة الثالثة .

 و عند حلول اﻷجل المنصوص عليه في المرسوم القاضي بفتح منطقة التحديد اﻹداري لأراضي الجموع المعنية يتم تعيين لجنة للتحديد اﻹداري بموجب المادة  5 من القانون رقم 63-17  تترأسها السلطة المحلية و تضم  في عضويتها ممثلا عن العمالة أو اﻹقليم الذي يقع العقار في دائرة نفوذه و نائب أو نواب الجماعة أو الجماعات السلالية المعنية و عند اﻹقتضاء ممثلا من سلطة الوصاية ، إلى جانب مهندسا مساح طبوغرافيا أو تقنيا طبوغرافيا ،غير أنه في الوقت الذي كان ينتظر أن يتدخل المشرع لإحداث لجنة تنسجم مع طبيعة الوعاء العقاري السلالي بالإضافة إلى أن يتوافر أعضاء اللجنة على تكوين قانوني في الميدان العقاري بإمكانهم ضبط الوضعية القانونية للعقار و ضمان الحياد المتوخى من هكذا عمليات إدارية تتسم بالحماية ، فإنه أبقى على ذات اللجنة التي يتضمنها الظهير الملغى في فصله الثاني كل ما في اﻷمر أنه غير من أسماء أعضائها بما ينسجم مع التطور الحديث للإدارة و المؤسسات العمومية .

 و بمجرد القيام بأعمال التحديد اﻹداري المنصوص على إجراءاتها  بمقتضى المواد 5 و 6 و 7 من قانون 63-17 فإنه يتعين نشر إعلان جديد عن انتهاء التحديد و ذلك بالجريدة الرسمية أو في جريدة مخصصة لنشر الإعلانات القانونية و القضائية ، بالإضافة إلى الجهات التي نصت عليها المادة 3 من قانون 63-17 السالفة الذكر.

بمجرد نشر الإعلان عن إنتهاء عملية التحديد اﻹداري بالجريدة الرسمية فإنه يحق لكل من يدعي حقا على العقار المراد تحديده أن يقدم تعرضه لدى السلطة المحلية داخل أجل 3 أشهر من نشر الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية بمقتضى المادة 9 من القانون المذكور،هذا إذا لم يكن قد سبق و تم تقديمه أمام لجنة التحديد اﻹداري أثناء قيامها بأشغال التحديد استنادا للمادة 7 من قانون 17.63 ، و الجديد بهذا الخصوص أن المشرع من خلال القانون 63-17 قد قلص من الاجال المتاحة لتقديم التعرضات بعد أن كان الظهير الملغى يحددها في 6 أشهر وهو ما كان يعطل من مسطرة التحديد اﻹداري و بالتالي تعطيل تصفية وضعيتها القانونية مما لا ينسجم مع الغايات الاستثمارية .

و سواء قدم التعرض أمام لجنة التحديد اﻹداري أو قدم أمام السلطة المحلية خلال اﻷجل المشار إليه أعلاه فإنه يتعين على المتعرض أن يقدم مطلب تحفيظ تأكيدي للتعرض خلال آجل 3 أشهر تبتدئ من انصرام آجل تقديم التعرضات تحت طائلة سقوط حقه ذاك و ذلك استنادا للمادة 10 من قانون 63-17.

تتبع في شأن مطالب التحفيظ التأكيدية إجراءات التحفيظ العادية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري كما عدل و تمم بمقتضى القانون رقم 07-14 ،على أساس أن عبء اﻹثبات يقع على عاتق طالب التحفيظ بصفته متعرضا و هو ما نص عليه المشرع من خلال مقتضيات المادة 11 من قانون 63-17 خلافا لظهير  1924 الملغى الذي لم يكن يتضمن أي شيء بهذا الخصوص سوى ما جرى عليه العمل اﻹداري لسلطة الوصاية أو جماعة النواب المعنية .

مما تجدر اﻹشارة إليه أن تطبيق مقتضيات المادة 11 من قانون 63-17 يقتضي من حيت المبدأ إحالة ملف النزاع على القضاء للتثبت من صحة التعرضات حتى يتسنى له استئناف مسطرة تحفيظ العقارات المتنازعة بشأنها بحسب ما سيفضي إليه الحكم القضائي النهائي بصحة أو عدم صحة التعرض .

وبمجرد انصرام اﻷجل المقرر لإيداع مطالب التحفيظ المقررة للتعرضات ،فإن اﻷمر يقتضي و الحالة هذه استصدار مرسوم من لدن رئيس الحكومة يأذن بموجبه بالمصادقة على عمليات التحديد اﻹداري الشيء الذي يجعل العقار السلالي المصادق على عملية تحديده في وضعية قانونية صرفة و في منأى عن كل منازعة تستهدف النيل من حقوق الجماعة على أراضيها  استنادا على قاعدة التطهير .غير أن استصدار المرسوم المذكور مرتبط وجودا وعدما بتقديم شهادة إدارية صادرة عن المحافظ على اﻷملاك العقارية أنه لم يقع إيداع أي تعرض معزز بمطالب تحفيظ تأكيدية أو بمفهوم المخالفة و قع إيداعها إلى جانب التثبت من عدم وجود مطالب تحفيظ في إطار المسطرة العادية للتحفيظ سابقة عن صدور المرسوم  القاضي بالموافقة على فتح منطقة التحديد اﻹداري و كل ذلك استنادا إلى مقتضيات المادة 12 من قانون 63-17.  

 فور المصادقة على عمليات التحديد اﻹداري و نشر المرسوم القاضي بذلك في الجريدة الرسمية فإن العقار الذي وقع تحديده يصبح محصنا من كل منازعة في الحقوق التي لم يقع الإعلان عنها أو المطالبة بها أثناء سريان مسطرة التحديد اﻹداري ،وهذا يشبه قرارالمحافظ العقاري القاضي بتحفيظ العقارات وفق القواعد العامة لظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بقانون 07-14.

غير أنه لا ينبغي في نفس الوقت أن يفهم من ذلك أن مسطرة التحديد اﻹداري تمثل بديلا يحل محل مسطرة التحفيظ العقاري ذلك أن العقارات المحددة إداريا تظل مع ذلك عقارات غير محفظة و لا تتميز بالكثير من الامتيازات التي يوفرها نظام الشهر العيني، من ذلك أنه لا يوجد ما يمنع من تقديم الطعن في المرسوم القاضي بالمصادقة على عمليات التحديد اﻹداريمتى أسس ذلك على سبب موجب للطعن بالإلغاء،خلافا لقرار المحافظ بالتحفيظ الذي لا يقبل ذلك حتى ولو كانت مسطرة التحفيظ مشوبة بسبب موجب للإلغاء .  

          الفقرة الثانية  : مسطرة تحفيظ أراضي الجموع

نظرا لكون نظام تحفيظ أراضي الجماعات السلالية لا يختلف عن نظام التحفيظ العادي إلا في بعض الخصوصيات بحيث تبتدئ فيه المسطرة إدارية و يمكن أن تنتهي قضائية في حالة ما قدم تعرض من الغير و لم يتوصلوا إلى الصلح أمام المحافظ العقاري ... و ما يميز هذه المسطرة عن مسطرة التحفيظ العادية كونها مسطرة سريعة و السرعة من خصائص التحفيظ الاجباري (سبق ذكر هذه الخاصية ) إذ أنها لا تخضع لإجراءات الشهر الواسعة كونها مسبوقة بعملية التحديد اﻹداري مصادق عليه ،غير أن اﻷراضي الجماعية التي تقل مساحتها عن 500 هكتار تظل خاضعة للقواعد العامة للتحفيظ العقاري كما هي محدد في ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تعديله و تتميمه بمقتضى قانون 07-14 المتعلق بالتحفيظ العقاري ،ولأجل ذلك فإن قانون 63-17 وعلى خلاف ظهير 18 فبراير 1924 الملغى نص بصفة صريحة من خلال مقتضيات المادة 13 منه على أنه يمكن لسلطات الوصاية بمبادرة منها أن تطلب الجماعة أو الجماعات السلالية المعنية بعد نشر مرسوم المصادقة على عمليات التحديد اﻹداري بالجريدة الرسمية بتقديم طلب أو مطالب التحفيظ بشأن العقار أو العقارات التي تمت المصادقة على عمليات تحديدها .

يقوم المحافظ على اﻷملاك العقارية بتأسيس رسم عقاري للعقار موضوع التحفيظ  وفق إجراءات مبسطة و سريعة غير مسبوقة بإجراءات إشهار أو تحديد ولا تفتح بشأنها آجال جديدة للتعرضات مبدئيا،لأن هناك استثناءات فيما يخص تقييد العقارات التي وقع إخراجها من حيز الملك العام و تحويلها للملك الخاص للدولة متى كان سيجري تقييدها مرة أخرى في إسم المستفيد من التفويت و ذلك استنادا للفصل الثالث من ظهير 25 يوليو 1927 ، حيث تقتصر حسب الفقرة الثانية من المادة 13 على تأسيس الرسوم العقارية لعقار الجماعة أو الجماعات طالبة التحفيظ و ذلك  بمجرد التحقق من وضع اﻷنصاب و التصميم العقاري ، و ينبغي أن تكون مطالب تحفيظ العقارات المسبوقة بعملية تحديد إداري مصادق عليها طبقا لقانون 63-17 معززة بنسخة من محضر التحديد الإداري و مرسوم المصادقة على عمليات التحديد اﻹداري ثم نسخة التصميم الذي سبق أن أنجزته اﻹدارة المعنية حتى يتحقق المحافظ على ضوئها من وضعية العقار و بالتبعية تحفيظه في اسم الجماعة أو الجماعات السلالية طالبة التحفيظ .

     مما ينبغي التنويه به أن مقتضيات المادة 18 من قانون 62-17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية و تدبير أملاكها و إن كانت قد نصت على تحفيظ اﻷملاك الجماعية فإنه يظل مقتضى عام و يشمل العقارات السلالية بصفة عامة بغض النظر عن وضعيتها القانونية هل هي محددة من عدمه .

و أخيرا هذا عن مسطرة التحفيظ الخاصة و المسبوقة بعملية التحديد اﻹداري  أما عن العقارات التي تقل مساحتها عن العدد المسموح به (500 هكتار) لإجراء عملية التحديد اﻹداري وفقا للقانون رقم 63-17 فإنها تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 كما تم تعديله و تتميمه بمقتضى القانون رقم 07-14 .

                                                                                                                     

المبحث الثاني : التحفيظ الإجباري في إطار عمليات ضم الأراضي الفلاحية و المجموعات و التجزئات العقارية .

المطلب الاول : التحفيظ الإجباري في إطار عمليات ضم الأراضي الفلاح

سنتناول هذا المطلب في فقرتين ، سنخصص )الفقرة الأولى( للحديث عن الماهية و الإطار القانوني ،أما )الفقرة الثانية( فسنخصصها لمرحلة نشر القرار الوزاري بتعيين المنطقة و المرحلة الموالية لنشر هذا القرار . 




الفقرة الاولى : الماهية و الإطار القانوني

سنحاول دراسة الفقرة الأولى من خلال تعريف عملية ضم الأراضي الفلاحية و التعرف على إطارها القانوني )أولا( ، ثم سنتغرف على الجهات المتدخلة في عملية ضم الأراضي )ثانيا( .

أولا : تعريف عملية ضم الأراضي الفلاحية و إطارها القانوني 

تعريف عمليات ضم الاراضي الفلاحية 

في لسان إبن منضور ضم أي ضمك الشيء أي ضم الشيء إلى الشيء و وضعه إليه ، ضمه ضما فانضم و تضام. 

و نقول قام بضم الاوراق مع بعضها أي يجمعها، و كذلك الحال مع السندات...

في حين هناك من عرف عملية الضم بتجميع القطع المتناثرة لكل مالك قطعة واحدة أو أكثر يسهل استمرارها و تصالحها بدلا من أراضيه المتفرقة قبل الضم.

و يمكننا تعريفها بأنها جمع القطع المتبعثرة و المتناثرة و ضمها إلى بعضها و الهذف منها الحد من الفوضوية التي قد تشوب الاراضي الفلاحية .

أما على مستوى خصائص هذه الأراضي فهي خصائص التحفيظ الإجباري عامتا من السرعة في تحفيظها و المجانية و خاصة الإجبار في التحفيظ و الخصوصية في هذه الخاصية هي أنها تشبه باقي الحالات السالف ذكرها الخاضعة لعمليات التحفيظ الإجباري، بمعنى أن المشرع خصها بأحكام تنص على إجبارية تحفيظها، و هو ما يتضح لنا من خلال الفصل الرابع من ظهير 30 يونيو 1962 حيث نص على أنه "تحفظ و جوبا العقارات الموجودة في دائرة الضم و يمكن أن يباشر تحفيظها بصفة تلقائية "

يستفاد من الفصل أعلاه أن عملية ضم الأراضي الفلاحية على خلاف المسطرة العادية للتحفيظ المصبوغة بالاختيارية ذلك بالاستناد إلى الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بموجب قانون 07-14 )نقصد المادة الرابعة من ظهير 30 يونيو 1962( الذي جعل المشرع الاصل في التحفيظ هو الإجبارية ما لم تقم الجهات المختصة بهذه العملية بتحفيظها تلقائيا.

الاطار القانوني لعمليات ضم الاراضي الفلاحية

الاطار القانوني المنظم لمسطرة ضم الاراضي الفلاحية بعضها لبعض نجد :    

المبادرة التشريعية لعملية ضم الاراضي الفلاحية و ذلك مند سنة 1950 و التي تعتبر من الظهائر التي تم إلغائها بموجب ظهير 1962 و الذي هو بدوره تم تعديله بمقتضى ظهير 25 يوليوز 1969، و هذا الاخير لم يسلم بدوره من التعديل وتم تعديله بموجب ظهير 2 يناير 1974.

أما بالنسبة للمراسيم التطبيقية هناك مرسوم رقم 02/62/240 المؤرخ في )22 صفر 1382( الموفق ل)25 يوليوز 1962( المتعلق بتطبيق الظهير السابق )30 يونيو 1962( تم تعديل هذا المرسوم بمقتضى مرسوم جديد رقم 02/30/69 المؤرخ في )10 جمادة الاولى 1389( الموافق ل )25 يوليوز 1969.( 

ثانيا : الجهات المتدخلة في عمليات ضم الاراضي  

من بين المؤسسات الساهرة على تطبيق المسطرة، خول المشرع لمجموعة من المؤسسات و الاجهزة بعض الصلاحيات، منها ما هو تقني و منها ما هو قانوني و هناك تداخل بين هذه المهام، هذه المؤسسات هي: 

وزارة الفلاحة في شخص وزيرها الذي يبدئ دوره في إصدار القرار المحدد بموجب المنطقة المعنية أراضيها بالضم  .

المجالس المحلية التي تقوم بإعداد الاستشارات بحكم قربها من المواطنين أصحاب الاراضي من جهة، ومن جهة ثانية بحكم معرفتها المباشرة و المسبقة للمنطقة .

القضاء كجهاز استثنائي في حالة تقديم التعرضات باعتبار أن وضيفته الحسم في النزاعات و الطعون الموجهة ضد لجنة ضم الاراضي .

وكثرة المؤسسات و الاجهزة و تداخلها أنتج بعض النتائج السلبية، مع إجابيات المسطرة حيث تتجلى في هذا الإطار ببطء الاجراءات المصاحبة لمسطرة الضم و طول الوقت الذي تستغرقه بسبب تعطيل صدور المراسيم النهائية حتى تبقى عملية الضم معلقة بل أكثر من ذلك، قد تتوقف بشكل نهائي دون إعلان عن هذا التوقف رسميا و بشكل صريح.

و نحن نوافق على هذا الرأي باعتباره صائبا لأنه في نظرنا كان يجب أن يعهد بهذه العملية لجهاز واحد يتولى جميع المراحل تفاديا لتداخل الاختصاصات و كثرة المؤسسات المتدخلة.

القفرة الثانية : مرحلة نشر القرار الوزاري بتعيين المنطقة و المرحلة الموالية لنشر هذا القرار

أولا : مرحلة نشر القرار الوزاري

المرحلة الادارية 

إذا  تبين للمصالح الاقليمية لوزارة الفلاحة أو مكتب الاستثمار الفلاحي أن هناك منطقة معينة تتحقق أن تحضى بالعناية اللازمة و يتم إشعار الفلاحين على إمكانية الرفع من إنتاجها، و تحسين ظروف عملهم و الرفع من قيمتها الاقتصادية و بتنسيق من السلطات المحلية و الجماعات، تعمل على القيام بدراسة في موضوع ذلك، و إخبار الفلاحين بالأثار السلبية التي قد تنتج تفتيت أراضيهم و تباعدها و ما سينتج من فوائد إذا تم ضمها بعضها ببعض وربطها بشبكة الري عن طريق قنوات تسهل الوصول إليها . ومن ثم يصدر وزير الفلاحة قرار بتحديد المنطق التي ستخضع أراضيها للضم، كما يعد إصدار هذا القرار بمثابة إعلان عن المصلحة العمومية و يسمح لأعوان الإدارة و جميع الأشخاص المتدخلين أن يلجؤوا ابتداء من تاريخ نشر الاعلان بالقيام بأبحاث و أشغال مسح الاراضي التي تقتضيها عملية ضم الاراضي بعضها ببعض، و يعتبر السند القانوني لأعوان الإدارة في الشروع لهم بالقيام بما تستلزمه العملية داخل الاراضي التي يعنيها القرار.

تأتي مرحلة أخد صورة جوية للمنطقة من قبل المصالح الاقليمية بتنسيق مع مكتب الدراسات الهندسية ، و بمساعدة السلطات المحلية ، ووضع خريطة طبوغرافية لها بحضور اعضاء اللجنة بما هو منصوص عليه في الفصل 1 و 2 من مرسوم 1962 ، كما يهيئ لوائح بأسماء المالكين أو الحائزين للعقارات ، واجراء بعض البحوث لمعرفة العقارات التي هي موضوع رسوم عقارية أو مطالب للتحفيظ. 

كما يتم التعرف على أسماء المالكين أو الحائزين للعقارات غير المحفظة ، و التي لم يسبق لها ان كانت موضوع طلب التحفيظ ، ويسلم لكل مالك بطاقة يبين فيها العقار الذي يملكه أو كل العقارات التي يملكها و التي ستخضع لعملية الضم .

أما بالنسبة للتعرضات التي تم التصريح بها ، فتسلم لأصحابها يبين فيها العقار أو الحقوق العينية التي يدعيها المتعرض.

عندما تنتهي هذه المصلحة المكلفة بالبحث و مكتب الدراسات لمطابقة البحث التجزيئي مع البطاقات المسلمة للمالكين ، و بعد المراجعة الهندسية لهذه الأشغال، توجه الوثائق عن طريق مصلحة الهندسة بعد تأكدها من العمليات التي أنجزتها المصلحة المذكورة و سلامة البيانات و الاشغال إلى المحافظة العقارية لإجراء بحثها القانوني.


مرحلة البحث القانوني

يشعر المحافظ على الاملاك العقارية بعد تسليم نتيجة الابحاث قبل الدراسات ، و بعد مراقبتها من طرف مصلحة الهندسة رئيس لجنة الضم ، و الذي يكون عادة 

هو ممثل السلطة المحلية الذي يقوم باستدعاء اللجنة لاجتماع في تاريخ يتم فيه الإتفاق على تحديد برنامج للشروع في عملية البحث القانوني ، و إخبار جميع المالكين و كل ذي مصلحة . يتم الإشعار بجميع الوسائل المتاحة و الممكنة للسلطة المحلية ، من أجل الحضور و التأكد من البيانات المضمنة في البطاقات المسلمة للمالكين أو الحائزين ، و تلقي الاستفسارات و الملاحظات إن وجدت كما يتم الإطلاع على الوثائق التي بيد المالك و تسلمها للتأكد من تملكه.

إذا كان أصحاب العقارات المحفظة يتم إشعارهم بتبيان أرقام رسومهم العقارية ، فإن أصحاب العقارات الغير محفظة الذين لا يتوفرون على سندات لإثبات ملكيتهم ، يتم إقامة شهادت عرفية من طرف اللفيف على أن لا يقل عددهم عن إثني عشر رجلا بالغين و كبار السن و المتمتعين بالمصداقية من طرف الناس و الملمين بمعرفة المنطقة .

ختاما يسند المحافظ على الأملاك العقارية أرقام المطالب التسلسلية التي لم تكن موضوع مطلب التحفيظ ، ويعمل على تضمين التعرضات ، بعد أن يتم اداء الرسوم القضائية و حقوق المرافعة و بعد كل هاته المراحل التي ذكرناها بالتفصيل تضع المصلحة الإقليمية الفلاحية بتنسيق مع مكتب الدراسات الهندسية، مشروع الضم بعد موافقة اللجنة عليه فيشرع في تنفيذه بتصنيف القطع الأرضية حسب موقعها و جودتها حيث يتم تسويتها إلى قطع دات أشكال هندسية مضبوطة و منسجمة و تسلم القطع الجديدة للفلاحين بصفة مؤقتة ، بديلا عن القطع التي كان يملكونها ، في أجل شهر لتقديم التظلمات و الشكايات ، و بعد انصرام الأجل، يصبح المشروع نهائيا باتا ، وتوجه جميع الوثائق و المحاضر إلى وزير الفلاحة قصد المصادقة. والجدير بالذكر هو أن في هاته المرحلة تستثنى مجموعة من الأراضي منها على سبيل الحصر : 

البنايات المشيدة بمواد صلبة و الأراضي المتصلة بها والتابعة لنفس المالك 

مقالع الأحجار المعينة في النظام المنجمي

الأراضي ذات الاستعمال الخاص

وفي هذا الإطار وطبقا للفصل الثالث من ظهير يوليوز 1962 و الذي إستثنى مجموعة من البنايات كما أشرنا لذلك أعلاه  ، و بالتالي لا يجوز إدخال أي بناية إلا بإذن صاحبها ، غير أنه يجوز إدخال تلك البنايات حتما قصد تعويض مالك البناية بأرض محادية لعقاره.

لكن في حالة عدم موافقة المالك على عملية ضم عقاره أو بنايته أو تمسكه بمطلب تحفيظه الذي قيده بالمحافظة العقارية وفق القواعد العامة و الذي قدمه قبل نشر إعلان الضم و بغض النظر عن الطعن في قرار اللجنة و بحكم سريان التحفيظ هنا تطرح عدة أسئلة : 

هل سيجري المحافظ على مطلب التحفيظ المذكور القواعد العامة أو قواعد اﻹشكالات  على إذا أحال المحافظ الملف أو المطلب نظرا لوجود تعرضات فهل سيحال على المحكمة كمدعي باعتباره متعرضا على المرسوم أو باعتباره مدعى عليه طالب التحفيظ ؟

ثانيا : المرحلة الموالية لنشر مرسوم المصادقة على تصميم الضم 

في هاته المرحلة تباشر عملية التحديد النهائي ومن ثم يقوم المحافظ على الأملاك العقارية على إنشاء الرسوم العقارية.

عملية التحديد النهائي 

المنع المنصوص عليه في الفصل 4 مكرر من ظهير 30/6/30 بمجرد المصادقة على مرسوم الضم ، و يصبح من حق المالكين التصرف في عقاراتهم كما يعلن المحافظ على الأملاك العقارية عن تاريخ و ساعة تحديد القطع الأرضية المسلمة لأحابها و ذلك بعشرة أيام قبل التاريخ المحدد للشروع في العملية ، و بعد إشهار الإعلان في المحكمة الإتدائية و مقر السلطة المحلية و يخبر المحافظ أيضا  لجنة الضم و الملاكيين و ذوي المصلحة من أصحاب الحقوق العينية و جميع المعنيين. 

ويقوم المحافظ بإنذار الملاكين من أجل إيداع نظائر الرسوم العقارية من أجل مطابقتها مع مشروع الضم.

و يتم الشروع في تحديد العقارات و التحقق من حدود كل قطعة على حدة من قبل مصلحة الهندسة و تحت إشراف المحافظ ، و يحرر محضر بذلك ، يتضمن البيانات اللازمة و المنصوص عليها في ظهير 12/8/1913 ، و يبقى طيلة مدة الستة أشهر الموالية لنشر مسوم المصادقة على مشروع تصميم الضم الاجل مفتوحا لتلقي التعرضات بالمحافظة العقارية، حيث تستخلص الرسوم القضائية عن التعرض ، و حقوق المرافعة و بانتهاء مدة الستة أشهر المشار إليها يقفل باب التعرضات بصفة نهائية.

لكن يطرح تساؤل عن مدى صلاحية المحافظ بقبول التعرض الاستثنائي وفق مقتضيات التحفيظ العقاري 07-14 بعد مرور الاجل العادي )6اشهر(؟

إختلف العمل القضائي في الجواب عن هذا التساؤل ، فهناك من أجازه ، و هناك من رفضه، وهو الرأي الراجح بحجة أن الفصل 20 من ظهير 1962 عبر بصراحة على أنه لا يمكن قبول أي تعرض أو تقييد خارج الأجل بدون ذكر أي استثناء و بالتالي رفض قرار المحافظ على الأملاك العقارية بفتح أجال استثنائي للتعرض في إطار مسطرة الضم.

و في هذا الصدد أيضا ، طرح إشكال حول نزاع في ملكية العقارات داخل منطقة الضم و أثارها.

أجابت محكمة النقض في أحد قراراتها الحديثة بشأن الوسيلة الثانية بأن  "النزاع بشأن ملكية داخل منطقة الضم أو الحقوق المترتبة عليها فانها تخضع للتعرض حسب ما هو منصوص عبيه في الفصل 2 من 2.62.240 و أن النص الواجب التطبيق في نازلة الحال هو الفصل 12 من ظهير 30 يونيو 1962 ، وفي إطار المادة الثامنة للطعن في قرار اللجنة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض"  

إنشاء الرسوم العقارية  

من بعد ما تطرقنا إليه في المرحلة السابقة ، يقوم المحافظ بوضع رسوم عقارية تسلسلية للقطع الأرضية التي سبق طلب تحفيظها أو التي سبق طلب تحفيظها أو التي سبق طلب تحفيظها تلقائيا ، والتي لم يسجل ضدها أي تعرض . 

أما بالنسبة للعقارات  التي سجلت تعرضات ضد طلبات تحفيظها فان المحافظ يعمل على توجيه الملفات المتعلقة بها ، إن لم تتم تسوية التعرضات إلى المحكمة الإبتدائية للبت فيها ، وذلك بعد أن يتأكد من أداء الرسوم القضائية و حقوق المرافعة تحت طائلة الإلغاء.

تبت محكمة التحفيظ في التعرضات المعروضة عليها بعد أن يصبح الحكم نهائيا ، وارجاع الملف إلى المحافظ ، فان هذا الأخير يعمل على إنشاء رسوم عقارية إما لأصحاب المطالب أو للذين صح تعرضهم بعد أن تحكم بها هيئة الحكم و يصبح الحكم نهائيا.

أما بالنسبة للعقارات ذات السبق في التحفيظ فان المحافظ يقوم بتضمين المعلومات و البيانات الجيدة والتأكد من مساحتها  والأرقام المخصصة لها، ويشعر مالكيها أن البيانات السابقة التي الغيت أصبحت غير ذي قيمة.

و الجدير بالتأكيد أن عملية التحفيظ و ما يترتب عنها من أثار على العقود و المستندات السابقة بحوزة المالكين تكون عديمة الحقيقة ومنهية الصلاحية بقاعدة التطهير العقاري، و أن ما هو مضمون بالرسوم العقارية جدير بالأغيار فيما يخص اثبات الملكية أو الحقوق العينية المتصلة بها ، وبالتالي فتلك السندات السابقة و العقود أصبحت باطلة.

من الفضول التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق قواعد قانون التحفيظ العقاري على الأراضي الخاضعة لمنطقة الضم ؟

عقب المجلي الأعلى في قرار، أنه "لا تطبق قواعد )ظ.ت.ع( على الأراضي الخاضعة للضم بل واجب التطبيق هو ظهير 30 يونيو 1962... والمحكمة لما أشير إليها من شهادة المحافظ كون العقار موضوع النزاع أصبح خاضعا لعملية الضم طبقت مقتضيات الفصلين 66و67 من ظهير التحفيظ العقاري دون أن تتأكد من كون المرسوم المذكور قد تم نشره و بذلك تكون قد اساءت تطبيق القانون الواجب التطبيق في النازلة و عللت قرارها تعليلا يوازي انعدامه".   

المطلب الثاني  : التحفيظ اﻹجباري للتجزءات العقارية  

       يعثبر حق السكن من الحقوق المعترف بها عالميا و يعد مرتكزا أساسيا لممارسة حق المواطنة غير أنه نظرا للعجز الملحوظ فيه فإنه في بعض اﻷحيان يستحيل أن يتمتع به الجميع ، لا سيما الفئات الإجتماعية ذات الدخل المحدود التي تجد نفسها مظطرة للعيش في اﻷحياء الهامشية و دور الصفيح .

    و في إطار هذا الوضع المشوه الذي عرفه المجال العمراني في النمغرب نتيجة اﻷزمة الخانقة التي عرفها قطاع اﻹسكان بسبب النمو الدمغرافي من جهة و الهجرة القروية نحو المدينة بحتا عن العمل من جهة ثانية ، كان من اللازم اﻹهتمام بهذا القطاع و التدخل لإيجاد بعض السبل لوضع حد أو على القل للتخفيف من هذه الخروقات التي يعرفها المجال العمراني .

    و سنتناول هذا المطلب من خلال الحديث عن مسطرة التزءات العقارية (الفقرة اﻷولى ) ثم نفض الغبار عن اﻷجهزة المختصة بتسليم الرخص و اﻵثار المترتبة على ذلك ( الفقرة الثانية )

         الفقرة اﻷولى : مسطرة التجزءات العقارية 

         حسب المادة اﻷولى من القانون رقم     25.10 "يعتبر تجزئة عقارية تقسيم عقار من العقارات عن طريق البيع أو اﻹيجار أو القسمة إلى بقعتين أو أكثر لتشييد مبان للسكنى أو لغرض صناعي أو سياحي أو تجاري أو حرفي مهما كانت مساحة البقع التي يتكون منها العقار المراد تجزئته "

      من خلال هذا تلعب التجزئة العقارية دور أساسي في تحقيق التنمية اﻹقتصادية و اﻹجتماعية ، فهي من جهة تهذف إلى حل أزمة السكن ، بل و توفير سكن لائق ملائم للعيش الكريم ، و لهذا تدخل المشرع من أجل الحد من دور الصفيح بسن قانون رقم 90 .25 و جعله أرضية من أجل تحقيق هذه المخططات .

     و لكن تبقى الميزة اﻷساسية في سن قانون رقم 90,25 هو توفير أراضي محفظة من أجل تشجيع الإستثمار و جلب المستثمر من أجل إقامة مشاريع تعود بالنفع على اﻹقتصاد الوطني ، و بسبب الهجرة القروية و النزوح بكثرة للأجيال الشابة الذين إجتدبتهم  و استهوتهم مزايا و إغراءات المدينة ( التمدرس اﻷفضل للأطفال ، الحصول على العلاجات ، الترفيه ، الشغل ...).

      أولا: تقييد عملية التجزئة بضرورة الحصول على إذن إداري 

      المشرع من خلال القانون رقم 25.90 اشترط في مادته الثانية وجوب الحصول على اﻹذن اﻹداري المسبق من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية التي يوجد بدائرتها العقار .



   1 السلطات المختصة بمنح الإذن الإداري بالتجزيئ .

        إن عملية التجزيئ تقتضي بداية الحصول على إذن فما هي السلطة المختصة بمنح اﻹذن بالتجزيئ 

   للإجابة عن هذا التساؤل سوف نعتمد التقسيم التالي :

السلطة المحلية .

السلطة الجماعية. 

دور الوكالات الحضرية .

أ / السلطة المحلية 

   من أجل ضبط المجال العمراني و فرض نوع من الرقابة في هذا المجال فإن المشرع من خلال القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات خول للسلطة المحلية منح اﻹذن بالتجزيئ و لو في نطاق ضيق .

    و المبدأ هو أن الإذن تمنحه المجالس الجماعية ، لكن هناك حالات إستثائية التي من خلالها يتم منح اﻹذن من السلطة المحلية و هي الحالات التي نصت عليها المادة 74 من قانون 25 .90 المتعلق بالتجزءات العقارية و التجمعات السكنية .

     و منح هذه الإختصاصات إلى هذه الجهات راجع للخصوصية التي تحظى بها هذه المناطق .

    و هناك حالة أخرى و هذا ما نصت عليه المادة 3 من قانون 90 . 25 و هي كالتالي "و إذا كان العقار المراد تجزئته يوجد في جماعتين أو عدة جماعات يسلم اﻹذن وزير الداخلية أو الولي أو العامل المعني الذي يفوض إليه مباشرة ذلك بعد إستطلاع رأي رؤساء مجالس الجماعات المعنية .

     ب . السلطة الجماعية 

    بالرجوع إلى القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،نجد من بين اﻹختصاصات الموكولة لرؤساء المجالس الحضرية أو القروية ، هو البت في الطلب المتعلق بإحداث تجزئة عقارية .

    كذلك من المشاكل المطروحة في هذا الصدد هو التفويض الذي يمنحه رؤساء المجالس الجماعية إلى النواب ، بحيث هناك عدة حسابات سياسية و حزبية ، بحيث لا يتم إحترام التسلسل اﻹداري ، فعوض أن يفوض اﻹختصاص للنائب اﻷول يفوض للنائب الثالث أو الرابع مما يجعل عملية منح الترخيص في مجال التجزئة العقارية غالبا لا تمر بشكل سليم .

      فإذا كان اﻷصل أن رئيس المجلس الجماعي هو المختص بتسليم رخص التجزئة فإن هناك مجموعة من الإستثناءات على ذلك ما نص عليه الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون المتعلق باﻷماكن المخصصة لإقامة الشعائر الدينية في مادته الثانية حيث إن الرخص في هذا الشأن يسلمها عامل العمالة أو الإقليم بعد إستطلاع رأي االمصالح المختصة بوزارة اﻷوقاف و الشؤون اﻹسلامية و وزارة السكنى و إعداد التراب الوطني.

     بالإضافة إلى فإن بعض رؤساء المجالس الجماعية يرفضون تسليم الشهادة الإدارية في مناطق تستوجب الحصول على الإذن بالتقسيم و و ذلك تفاديا لعرض الملف على اللجنة المختصة حيث أفرزت هذه السلوكات غير القانونية عدة تقسيمات عشوائية مرخصة ساهمت  في تشويه المجال العمراني  ،  بل و شكلت بؤر السكن غير اللائق ، و لذلك فإن الأصلي يستدعي إلزام رئيس المجلس الجماعي بإستطلاع الوكالة الحضرية قبل تسليم الشهادة الإدارية .

    ج . دور الوكالة الحضرية .

   تمارس الوكالات الحضرية اختصاصاتها داخل تراب الجماعات الحضرية المتواجدة في منطقة نفوذها و تتجلى أهم إختصاصاتها في :

      ــ الموافقة على جميع مشاريع  التجزيءات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات 

      ــ مراقبة مطابقة أعمال التجزيئ و التقسيم مع اﻷحكام و المقتضيات التشريعية و التنظيمية المعمول بها في ميدان التعمير مع رخص التجزءات أو البناء أو التقسيم المسلمة إلى المعني باﻷمر .

       و تجدر الإشارة الى أن الوكالة الحضرية يجب أن تقدم رأيها داخل آجل شهر من تاريخ توصلها بملف المشروع حيث تتولى دراسة المشاريع وفق مسطرتين 

  مسطرة سريعة خاصة بالمشاريع الصغيرة و هي المشاريع اﻷقل أهمية ( مسلكن فردية ، فيلات ..) ، و مسطرة عادية تتعلق بالمشاريع الكبرى اﻷكثر أهمية .

(تجزءات عقارية ، مجموعات سكنية ، تقسيم عقارات ...)

    و هذه التجزءات تخضع للتحفيظ اﻹجباري بحيث إذا كانت اﻷرض أو العقار المراد تجزئته غير محفظ لا يمكن تسليم رخصة التجزيئ و هو شرط ضروري يقع على كاهل المجزء بحيث لبا يمكن للسلطة أن تمنحه الإذن لو لم تكن اﻷرض محفظة و هذا الشرط يجد تبريره في المادة الخامسة من قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات حيث نص على "لايقبل طلب التجزئة المنصوص عليه في المادة 4 أعلاه إذا كانت اﻷرض المراد تجزئتها ليست محفظة إلا إذا كان الآجل المحدد لتقديم التعرضات على التحفيظ قد إنصرم دون تقديم أي تعرض على تحفيظ العقار المراد تجزئته "

      و القانون المذكور أعلاه نص على ضرورة الحصول على ترخيص إداري (هو الذي سبق لنا الحديث عنه ) قبل الإقدام على مباشرة أشغال التجزئة أو التقسيم و منح الرخصة اﻹدارية مشروط بتوفر مجموعة من الشروط و من بينها أن يكون العقار موضوع التجزئة محفظا أو في طور التحفيظ و انتهى آجل البتعرض .

       و في سياق هذا الكلام جاء في المناظرة الوطنية المتعلقة بالسياسة العقارية و المنعقدة بالصخيرات في أحد توصياتها أنه يجب تعزيز آلية التجميع الفلاحي كآلية للحد من تجزيئ البنيات العقارية .

 2  شروط  منح الإذن الإداري .

الإذن الإداري بإنجاز التجزئة العقارية هو  قرار تتخده اﻹدارة بعدما تقوم بدراسة المشروع المقدم من طرف  المجزئ بحيث لا يمكن الشروع في إحداث تجزءة عقارية إلا بعد موافقة السلطة الإدارية المختصة من خلال طلب رخصة التجزيئ و كل مخالفة تستوجب العقاب .

وعايه فالإذن المسبق بالتجزيئ هو أمر ضروري قبل أي تجزيئ سواء تعلق اﻷمر بالتجمعات الخاضعة لتصاميم التنمية أم التجمعات المتواجدة خارج الحالات المتوفرة على تصاميم التنمية .

التجمعات الخاضعة لتصاميم التنمية 

حسب االمادة 77 من قانون 25.90 تبقى التجمعات العمرانية القروية المزودة بتصميم تنمية خاضعة لظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنمية التجمعات العمرانية القروية الأمر الذي يتطلب إرساء الطلب في نسختين إلى رئيس المجلس الجماعي مشفوعا بالعديد من الوثائق .

التجمعات غير الخاضعة لتصاميم التنمية 

 المقصود بهذه المشاريع تلك المتواجدة بالمناطق المزودة بتصميم تهيئة و التي تخضع لأحكام القانون 25,90 و من تم فإنه يجدر التمييز في هذا الإطار بين اﻷشغال المتطلبة إنجازها دفعة واحدة وتلك المنجزة على أقساط .

ـــ الشروط المتطلبة في التجزئات المنجزة على دفعة واحدة .

    هنا يتعين تقديم طلب من قبل صاحب المشروع إلى السلطات الإدارية المختصة متضمنا الوثائق التالية :

مذكرة معلومات تهم المشاريع المتعلقة بالمسطرة ، عادة تسلم من طرف الوكالة  الحضرية .

جدادة تعريف تحمل توقيعا مصادقا عليه لطالب الغذن بالتجزيئ  .

إلتزاما يخمل توقيعا مصادقا عليه لصاحب الطلب في ثلاث نسخ لتزم فيه بإحترام بيانات التصميم عندما  يصادق عليها بعبارة " غير قابل للتغير"

جدادة  إحدى      في ثلاث  نسخ ( نموذج مديرية الإحصاء )

بطاقة بيانات في نسختيين تملأ من طرف صاحب المشروع (هذه البطاقة تسلم من الجماعة )

شعادة الوكالة الوطنية للمحافظة ةالعقارية و المسح و الخرائطية تثبت أن ااﻷرض المراد تجزئتها محفظة أو في طور التحفيظ مع ضرورة كون آآجل التعرضات قد  إنصرم .

وقف المشرع المغربي هنا موقف غاية من الأهمية ذلك أنه وضع هذا الشرط لتفادي الإشكالات التي يطرحها العقار غير المحفظ لكون نظام التحفيظ العقاري حسب الفصل الأولو الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري أن التحفيظ يطهر العقار من جميع المنازعات التي يمكن أن تتار بشأنه و هو حجة قاطعة على ملكية صاحب المشروع و الأرض المزمع تجزئتها .

أما بالنسبة للعقار في طور التحفيظ فقد إشترط فيه مرور الآجل القانوني لتقديم التعرضات و المحدد حسب المادة 24 من ظهير 1913 المعدل و المتمم بقانون 14.07 في شهرين من تاريخ الإعلان عن إنتهاء التحديد في الجريدة الرسميسة مالم يكن قد قدم  التعرض من قبل  .

     لكن ما تجب الإشارة إليه هنا أن المشرع لم يحدد المقصود بالأجل الخاص بتقديم التعرضات و نخص بالذكر هنا التعرضات المقدمة إما خارج الأجل القانوني للتعرضات غلى أساسه يمنح إذن بإحداث تجزئة لكن يتم تقديم تعرض إستثنائي بشأن مطلب تحفيظ العقار موضوع التجزيئ خارج الأجل القانوني ، هذا الوضع يمكن ان يخلق عدة إشكالات من قبيل تلك المرتبطة بالعقار غير المحففظ.

وتجدر الإشارة على أن المشرع رتب تخلف أحد هذه الوثائق و المستندات بطلان طلب الإذن الإداري و ذلك ما نصت عليه  الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون 25.90 التي تنص على "... و لا يقبل طلب التجزئة إذا  كان الملف المضاف غليه لا يتضمن جميع المستندات المنصوص عليها في المادة 4 أعلاه .

 الشروط المتعلقة بالتجزئة المنجزة على اقساط .

   انطلاقا من المادة 37 من قانون 25.90 اجاز المشرع امكانية القيام بأشغال التجزءة على أقساط معينة و ذلك بهذف تبسيط المساطر و تسهسل الإجراءات  غير أن هذه الإمكانية مشروطة بضرورة تقديم مجموعة من الوثائق اﻷخرى إضافة إلى الوثائق الخاصة بالتجزءات المنجزة  دفعة واحدة السابق الإشارة إليها ، حيث حددت المادة 38 من قانون 25ز90 هذه الوثائق فيما يلي :

  ــ تصريح مصادق على إمضائه يتضمن جميع المعلومات المتعلقة بطريقة تمويل أقساط اﻷشغال و الضمانات المقدمة لتأمين ذلك سواء تعلق اﻷمر بضمانات عينية أو شخصية .

    كما نصت كذلك المادة 39 من قانون 25.90 على أنه "يجب أن يشمل الضمان المشار إليه في المادة  السابقة المبلغ المقدر لتكلفة أشغال التجهيز التي يتم إنجازها حين بيع البقع اﻷرضية  اﻷولى من التجزئة .

    و الغاية من هذا هو حماية العموم من أ خطر ناتج عن توقف عن إتمام التجهيزات الضرورية ، حيث يؤدي الضمان إلى تمكين الإدارة من تغطية المصاريف التي قد تتحماها لإنجاز تجهيز التجزئة في حالة إعسار أو رفض المجزء إتمام اﻷشغال .

    الفقرة الثانية : الآثار القانونية المترتبة على منح رخص التجزيئ 

      عمل المشرع على إعطاء المجزئ حقوقا و إلتزامات بهذف حماية مصلحته و بها سوف نخصص الحديث عن الإلتزامات التي تقع على كاهل المجزئ (أولا ) 

ثم التنقل للحديث ثانيا عن الحقوق التي خولها القانون للمجزئ و هو بصدد التجزيئ و ذلك بشكل مختصر .

   أولا : إلتزامات المجزئ

المشرع فرض إلتزامات على المجزئ و ذلك تفاديا لبعض المشاكل التي قد تنتج من جراء تجاهل بعض المقتضيات التشريعية ، و من اهم هذه الإلتزامات :

الإلتزام بالإيداع و الإشهار .

نصت عليها المادة 12 من قانون 25.90 يستفاد من  خلال هذه المادة أن المجزئ ملزم بإيداع نسخة ملف المشروع محا الإذن بالمحافظة العقارية و بالتالي إخبار المستفدين من العقار المجزء و إحاطتهم علما بوضعيتهم القانونية .

    أما بخصوص عملية الإشهار رغبة في أن تكون لعملية التجزيئ مجالا واسعا من الإشهار يحيط العموم و يعلم بها كل مستفيد محتمل لذلك فرض المشرع على المالك بأن يقوم بعملية اﻹشهار بمقر الجماعة المعنية و بورش التجزئة .

علاوة على ما سبق يجب على المالك بأنى يتبت بحروف بارزة على لافتة توضع في واجهة ورش اﻷشغال و مصادر الترخيص الإداري طبقا للمادة 48 من قانون 25.90  .

الإلتزام بتجهيز الأشغال 

طبقا للمادة 33 من قانون 25.90 ىفإنه لا يمكن إبرام العقود المتعلقة بعمليات البيع و الإيجار و القسمة إلا بعد أن تقوم الجماعة الحضرية بإجراء التسليم المؤقت لأشغال تجهيز التجزئة .

    و تتعلق هذه اﻷشغال وفق المادة 18 من القانون المذكور :

 ــ إقامة الطرق الداخلية و مواقف السيارات .

 ــ توزيع الماء و الكهراء و صرف المياه و المواد المستعملة .

 ــ تهيئة المساحات غير المبنية كالمساحات و المناطق الخضراء و الملاعب .

 ــ وصل كل بقعة من بقع التجزئة بمختلف الشبكات الداخلية للتجزئة .

 ــ وصل الطرق و مختلف الشبكات الداخلية للتجزءة بما يقابلها من الشبكات الرئيسية .

 ــ إقامة الطرق و وساىل الإيصال الكفيلة بتسيير نفوذ إلى شاطئ البحر إذا كانت الأرض المراد تجزئتها مجاورة للملك العام البحري .

 ــ تخصيص مساحات للمنشات ذات النفع العام .

    بالإضافة إلى هذا هناك إلتزامات آخرى تلقى على عاتق المجزء ، كالتصريح بنهاية التجزيئ و هي تكون محل تسَلُم بشقيه المؤقت و النهائي .

  ثانيا : حقوق المجزئ 

في مقابل الإلتزامات السابقة منحه المشرع مجموعة من الحقوق و تتمثل أساسا في :

1/  الحق في تسلم اﻷشغال .

إذا كانت التجزئة العقارية تبتدئ بالحصول على إذن بإحداثها الذي حدد له المشرع مدة الصلاحية لا تتجاوز 3 سنوات من صدوره للقيام بأشغال التجهيز فغنها تنتهي بالحصول على التسليم النهائي .

التسلم المؤقت 

   يقصد به معاينة اللجنة المختصة للأشغال و تقدير مدىى مطابقتها لمشتملات المشروع .

و من خلال المادة 22 و كذلك المادة 27 من قانون 25.90 و إتباع الإجراءات الضرورية يتم تحرير محضر من طرف للجنة التسلم المؤقت   على أن التجهيزات قد أنجزت طبقا للمسيتندات المصادق عليها ، و إذا وقع العكس يجب تحرير محضر معاينة توضح فيه أوجه الإختلاف بين ما انجز في الواقع و بين المستندات التي تم الغعتماد عليها الإذن بالتجزيئ ، ثم يتم تبليغ الوثيقة إلى صاحب التجزئة وفق ما نصت عليه المادة 26 من نفس القانون ، و على هذا الأخير تسوية الوضعية القائمة من خلال تغيير و إزالة بعض المنشئات أو إنجاز أشغال تكميلية و يمكن للسلطة المحلية أن تقوم تلقائيا على نفقة مالك اﻷرض بهذم المنشأت المقامة بصورة غير قانونية أو إنجاز الننشأت الازمة .

     لكن نجد أن رؤساء الجماعات المعنية لا يحترمون هذه المقتضيات و نجدهم لا يقومون بإستدعاء كل الجهات المعنية بالتسلم المؤقت للأشغال .

    وينتج عن تسليم الجماعة الحضرية أو القروية محضر التسلم المؤقت قيام صاحب التجزئة بتقييد ملف التجزئة بالرسم العقاري ، إذ لا يمكنه إجراء هذا التقييد دون الحصول على المحضر المذكور أو الإدلاء بشهادة مسلمة من رئيس مجلس الجماعة الحضرية او القروية تتبت أن العملية لا تدخل في نطاق القنون 25.90 طبقا للمادة 35 من نفس القانون .

و من آثار الحصول على محضر التسليم المؤقت أن يتمكن صاحب التجزئة العقارية من إبرام عقود تفويت القطع المكونة لها إذ قبل هذه المرحلة لا يمكن إبرام أي عقد تفويت يتعلق بالبقع المكونة للتجزئة .


 التسلم النهائي 

نص عليه المشرع في المادة 27من قانون 25.90 سبق دكرها ، كما يعتبر التسلم النهائي إجراء مكمل لسابقه فهو آلية تعتمدها الإدارة لممارسة صلاحياتها في المراقبة و التحقق من سلامة التجزئة من العيوب في المرحلة الثانية .

    ويهذف التسلم النهائي من أن الطرق و مختلف الشبكات قد أنجزت بطريقة تتلاءم مع القواعد القانونية و التنظيمية الجاري بها العمل .تمنح شهادة التسلم النهائي من طرف رئيس المجلس الحضري أو القروي المعني باﻷمر بعد أخد رأي للجنة المحددة بمقتضى المادة 24 من نفس القانون .

الحق في التعويض عن الإرتفاقات  تلك الإرتفاقات التي سبق و أن 

دكرناها على مستوى الإلتزامات التي تلقى على عاتق المجزئ العقاري تخول للمالك إمكانية الحصول على تعويضات و يمكن القول أن هذه الإرتفاقات هي بمثايبة إرتفاقات قانونية مقررة بحكم القانون تهدف إلى حماية المصلحة العامة و ما تقتضيه المتطلبات الجمالية ، و حق الإرتفاق هو "حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل إستعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر ".

    و تحمل المجزئ الإرتفاقات عقارية يخول له الحق في المطالبة بالتعويض عن هذه الإرتفاقات مع  أخد بعين الإعتبار لبعض الإستثناءات طبقا لما تنص عليه المادة 31 من قانون التجزءات العقارية و التي تقتضي بأن المالك لا يستحق أي تعويض عن الإرتفاقات التي تقتضيها المتطلبات الجمالية و ضرورة الإحتفاظ باﻷشجار الموجودة في اﻷرض المراد تجزئتها ، في حين فإن الإرتفاقات المخصصة لمساحات إحتياطية و بالطرق لا يستحق عنها أي تعويض إلا إذا كانت المساحة تزيد عن المساحات التي حددها القانون .

   عدم إحترام هذذه  الشروط من قبل صاحب التجزئة يعرضه للعقوبات المنصوص عليها في القانون 25.90 و نصوص آخرى و هناك عقوبات حبسية ومالية و ذلك بسبب الخروقات التي تخالف أحكام القانون و هي من أنجع الوسائل التي أعتمد عليها المشرع المغربي و ذلك بهذف زجر المخالفين و ردعهم من أجل إحترام القانون و التقيد بالشروط المطلوبة من اجل إنجاز تجزءة عقارية و إحترام الإرتفاقات و الإلتزامات المفروضة عليهم و لما لذلك من أهمية على مستوى ترسيخ ركائز الأمن العقاري 

    حيث نجد أنه لا يمكن إنشاء التجزءات العقارية فوق أملاك الدولة العامة أو الخاصة و الجماعات الترابية و كذلك اﻷراضي التابعة للجماعات السلالية بدون إذن سابق يجب الحصول عليه قبل مباشرة ذلك  .

     و يقوم بمعاينة المخالفات المشار إليها في المادة 63 و تحرر محاضر بشانها:

ضباط الشرطة القضائية .

مراقبوا التعمير التابعون للوالي و للعامل أو الإدارة المخولة لهم صفة ضابط الشرطة القضائية .

لمراقبوا التعمير التابعين للوالي أو للعامل أو الإدارة الحق في طلب تسخير القوة العمومية أثناء مزاولة مهامهم .

تخول صفة ضابط الشرطة القضائية إلى المراقبين التابعين للوالي أو للعامل أو الإدارة المشار إليها أعلاه و ذلك وفق الإجراءات و الكيفيات المحددة بموجب نص تنضيمي .

     المبحث الثالث : التحفيظ الإجباري للعقارات المنزوعة ملكيتها و في حالة معاوضة عقار محبس تحبيسا عموميا.

المطلب اﻷول :التحفيظ اﻹجباري للأراضي المنزوعة ملكيتها

يعتبر حق الملكية من الحقوق اﻷساسية التي يتمتع بها اﻹنسان و الذي يمنح لها سلطات كاملة يمارسها على ملكه ,لذلك فإن معظم الشرائع السماوية و المواثيق الدولية و الدساتير و التشريعات الوطنية عملت على حماية هذا الحق و ضمان عدم المساس  به.

     كما نص الفصل 17 من اﻹعلان العالمي لحقوق اﻹنسان و المواطن على أن "حق الملكية مقدس و لا يمكن أن يحرم أحد منه إلا إذا فرضت ذلك الضرورة العامة .بصورة قانونية شرط دفع تعويض عادل ومسبق "

    و تستمد هذه اﻷحكام في الحقيقة من واقعة حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و في عهد خلفاء الراشدين رضى الله عنهم ,فعلى سبيل المثال التملك الرسول الكريم المكان الذي بني به أول مسجد في اﻹسلام و بالمدينة المنورة بعد الهجرة إليها ,وسعى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى توسيع أحد المساجد لضيق المصلين به .

     كما نصت المادة 23 من مدونة الحقوق العينية على أنه "لايحرم أحد من ملكه إلا في اﻷحوال التي يقررها القانون ,ولا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة و وفق اﻹجراءات التي يقررها القانون و مقابل تعويض مناسب .

إن المنفعة العامة هي مجموع مصالح اﻷفراد المكونة للمجتمع و تعتبر نتاج تلاقي جميع المنافع الخاصة ,بمعنى آخر إحترام مصالح اﻷغلبية و تغليبها على مصالح اﻷقلية  .

 و يعرف النزع في اللغة نزع الشيئ من فلان أي سلبه إياه ,أما نزع الملكية فيقصد به لغتا إمتلاك السلطة في يد شخص للنفع العام مقابل تعويض ,أما إصطلاحا فيقصد به قيام السلطة اﻹدارية بحرمان المالك من عقاره جبرا لتخصيصه للمنعة العامة مقابل تعويض عادل .

    في مقابل ذلك نجد أنه هناك من عرفها بأنها إجراء يرمي إلى إرغام المالك على التنازل عن العقار الذي يملكه مقابل تعويض عادل وذلك لتحقيق مشاريع تكتسي صبغة المنفعة العامة .

سنتناول في هذا المطلب الحديث أولا على محل نزع الملكية و الجهة التي لها حق القيام  بهذا  النزع  )الفقرة اﻷولى ( ثم ثانيا  حول إعلان المنفعة العامة و إستصدار مقرر التخلي )الفقرة الثانية( .

 الفقرة اﻷولى :محل نزع الملكية والجهة التي لها حق القيام بهذا النزع

قد بين المشرع المغربي في الفصل اﻷول من قانون 07.81 اﻷموال التي يمكن أن تشملها إجراءات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة )أولا( كما وضح في الفصل الثالث من نفس القانون الأشخاص الذين يحق لهم القيام بهذا  النزع )ثانيا(.

أولا :اﻷموال التي يمكن أن تكون محلا لنزع الملكية من أجل المنفعة العام

      1- العقارات الخاضعة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة .

هي الاموال التي يجوز نزع ملكيتها التي تتجلى في ملكية العقارات كلا او بعضا وكذلك الحقوق العينيه العقارية  والعقار ينقسم الى قسمين هناك عقارات بطبيعتها وعقارات بالتخصيص .

  أما بالنسبه للموارد المائية فهي يتم ضمنها وليس نزعها لأن المشرع إستعمل عبارة "الضم" وليس النزع عل إعتبار أنها ملك للدولة  وهذا ما نص عليه الفصل 41 من قانون من قانون 07. 81 بالرغم من أن وجودها بأراضي الخواص فهي تعتبر من اﻷملاك العائدة للدولة طبقا لظهير فاتح يوليوز 1914 وظهير 8 نوفمبر 1919 وظهر غشت 1925.

 ويتم ضم الموارد المائية لفائدة الدولة إما رضاءا وإما عن طريق القضاء  طبقا للمسطره المنصوص عليها في الفصل 18 من قانون 81 .07 .

2- الحقوق العينية 

 تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية  قائمة بذاتها و هي محددة على سبيل الحصر .وحقوق تبعية تنشئ أساسا لضمان حقوق شخصية وهي اجمالا الرهون الرسمية و الحيازية واﻹمتيازات .

   ويمكن أن تكون هذه الحقوق محلا لنزع الملكية شريطة أن تنصب على عقار وذلك على اعتبار أن الفصل اﻷول من قانون 07 - 81 يستوجب ذلك وإن كان يرد استثناءا على هذه القاعده يتعلق الامر بأصحاب حقوق  اﻹرتفاق الذين لا يمكن نزع ملكيتهم في إنفصال عن العقار المرتفق وإن كان من المتصور أن يزول ذلك الحق نتيجة نزع الملكيه العقار المرتفق به .

 ثانيا: العقارات غير  الخاضعه لنزع الملكية ﻷجل المنفعة العامة  

    إذا كان المبدأ العام يقضي بان نظام نزع الملكية ﻷجل المنفعة العامة يطبق على العقارات والحقوق العينية دون المنقولات فان لهذا المبدأ إستثناء لا يطبق فيه هذا النظام وإن تعلق اﻷمر بعقارات , والعقارات التي لا تقبل نزع ملكيتها ﻷجل المنفعة العامة في التشريع المغربي هي تلك الواردة في الفصل الرابع من قانون 07 .81 إذ نص  هذا الفصل على ما يلي" لا يجوز نزع ملكية المباني ذات الصبغة دينية المعدة لإقامة مختلف الشعائر الدينية وكذا المقابر والعقارات التابعة للملك العام والمنشأت العسكرية "

   1/ المباني ذات الصبغة الدينية :

يقصد بها اﻷماكن التي يتعبد فيها ويذكر فيها اسم الله مثل المساجد والزوايا واﻷضرحة وأولياء الله الصالحين بالنسبة للمسلمين والكنائس بالنسبة للمسيحيين والكنيسة بالنسبة لليهود .

       واستثناء هذه الكنائس من نظام نزع الملكية يمليه الشعور الديني واﻹحترام الواجب لها.

 2- المقابر:

      تخص المقابر برعاية خاصة وهي اﻷماكن المخصصة لدفن اﻷموات بإحترام متميز جدا يخالجه نوع من الشعور الديني من جانب الكافة لذلك فإن المشرع قد  إستثناها من الخضوع لنظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة .                      

3- العقارات التابعة للملك العام للدولة :

بالإضافة إلى كون هذه العقارات مخصصة فعلا لخدمة المصلحة العامة فقد نص ظهير 1914 فاتح يوليوز على أن العقارات التابعة لهذا الملك لا تقبل التصرف فيها واﻹنتقال عن طريق التقادم والنص عليها في قانون نزع الملكية ما هو إلا من باب التأكيد فقط .

   4 - المنشآت العسكرية :

 تدخل المنشآت العسكرية ضمن الأملاك العامة للدولة  وهي تخضع لما تخضع إليه هذه الأخيرة من احكام .

      ثانيا : الجهة التي لها حق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.

 نص المشرع في الفصل الثالث من قانون رقم 07. 81 على الجهات المخول لها القيام بنزع الملكية من أجل المنفعة  العامة وهي:

 1/ الدولة. 

   و يقصد بالدولة في هذا المجال السلطة المركزية التي تمارس سلطتها على صعيد الدولة ككل .

     تجسد الدولة فكرة المصلحة لعامة والدولة كشخص معنوي تحتاج إلى مجموعة من الاموال العقارية لتشييد المؤسسات والمرا فق التابعة لعها و المنشآت العامة , كطرق, والسدود, والقناطر... وذلك للقيام بمهامها في كل المجالات كإنجاز كذلك البنيات التحتية, والموانئ ,وإحداث أجهزة عمومية ,و عادة  الدولة  كوحدة سياسية لا تباشر عادة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة الا بواسطة احدى المؤسسات التابعة لها.

 2 /المؤسسات العمومية :

   هي شخص معنوي يقوم بنشاط عام تحت وصاية الدولة أو أحد اﻷشخاص اﻹقليمية العامة اﻷخرى.

  3/ الجماعات المحلية :

  ينص الفصل 87 من دستور المملكة لسنة 2011 على أن  الجمعات المحلية للمملكة  هي العمالات واﻷقاليم والجهات الحضرية والقروية وكل جماعة محلية أخرى تحدث بقانون .

        هؤلاء المختصون بنزع الملكية من أجل المنفعة  العامة يمكننا وصفهم باﻷشخاص اﻷصليون لأنهم يمارسون مهامهم ويستمدون صلاحياتهم مباشرة من القانون ,وبصفة استثنائية يمكنهم تفويض مهامهم  وبذلك تصبح السلطة  إلى أشخاص لم يشير إليهم  القانون بشكل صريح و يمدهم بصلاحية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ,وفي هذا السياق يمكن للأشخاص المعنوية الجاري عليهم أحكام القانون العام أو الخاص والأشخاص الطبيعيين ان يقوموا بإجراءات نزع الملكية  من اجل المنفعة العامة إما بتفويض خاص أو إما بمقتضى نص يقضي بذلك .

بالإضافة الى ما سبق لابد من الإشارة إلى مقتضيات الفصل 40 من قانون 07.18 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت والذي أجاز صراحة تفويت العقارات المنزوعة ملكيتها  الى الخواص شريطة إلتزامهم بتخصيصها للغرض المنصوص عليه  في المقرر المعلن للمنفعة العامة .

الفقرة الثانية :إعلان  المنفعة العامة و إستصدار مقرر التخلي 

يعتبر اﻹعلان عن المنفعة العامة وإستصدار مقرر التخلي أهم اﻹجراءات اﻹدارية التي تتخل هذه المرحلة.


 اولا: إعلان المنفعة العامة.

ينص الفصل السادس من القانون رقم 07 .81 الجديد على ما يلي "تعلن المنفعة العامة بقرارإداري  يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها"

    في حين نص الفصل اﻷول من المرسوم التطبيقي لهذا القانون على مايلي

" تطبيقا للفصل السادس من القانون 07. 81 المشار اليه أعلاه تعلن المنفعة العامة بمرسوم يتخذ بإقتراح من الوزير المعني باﻷمر "

إذا فطلب إعلان المنفعة العامة بشأن المشاريع المزمع إنجازها تتولها بالنيابة عنها اﻷجهزة اﻹدارية المختصة والتي تختلف بإختلاف حالات  نزع الملكية على الشكل التالي:

 إذا تعلق اﻷمر بمشاريع تهم الملك العمومي للدولة من قبيل بناء طريق مثلا فإن وزارة اﻷشغال العمومية هي التي يعود إليها أمر طلب الإعلان عن المنفعة  العامة, واستثناءا يعهد هذا الأمر إلى وزارة النقل أو وزارة الطاقه متى تعلق المشروع بعمليات  تدخل ضمن  إختصاصها.

 المشاريع التي تهم الملك الخاص للدولة كما لو تم ذلك من أجل بناء مدرسة  أو مستشفى أو مكاتب إدارية فإن إعلان المنفعة العامة يتم من طرف وزارة المالية  التي تعهد بذلك إلى مديرية اﻷملاك المخزنية 

ج.  وبالنسبة لنزع الملكية لصالح الملك الغابوي للدولة فإن وزارة الفلاحة بإعتبارها وصية على هذا القطاع هي التي تطلب إعلان المنفعة  العامة .

د.  وإن كان المشروع المقرر إنجاز يعود لصالح إحدى الجماعات الجماعات الترابية فإن  هذه الأخيرة هي التي تتولى هذا الطلب  بعد مو افقة وزارة  الداخلية بوصفها الوزارة الوصية .

  أما بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة  فإن طلب إعلان المنفعة العامة بشأن المشاريع التي تهمها يتخذه الجهاز المسير لها .

ثانيا :استصدار مقرر التخلي 

 هو ثاني إجراء يباشره نازع الملكية في ما يتعلق بالمسطرة  الإدارية لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة , فإذا كان مقرر إعلان المنفعة العامة  بيَن المنطقة  التي ستنزع ملكيتها فإن مقرر التخلي هوالذي يبين اﻷملاك التي يشملها  هذا اﻹجراء مباشرة .إلا أن ما جرى عليه العمل في الواقع هو الإستغناء عن مقرر التخلى متى تكفل قرار إعلان المنفعة العامة بصفة مباشرة تعين الأملاك التي ستقع تحت وطأة نزع الملكية , و في هذه الحالة يعتبر المرسوم المعلن للمنفعة العامة بمثابة قرار التخلي طبقا  لمقتضيات الفصل السابع من القانون رقم 07.81 الجديد و كذلك الفصل التاسع  من نفس القانون .

 1 /إشهار المشروع 

نص الفصل العاشر من قانون 07.81 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة  واﻹحتلال المؤقت على أنه يجب إجراء بحث إداري مدته شهر طبقا لمقتضيات الماده 29 من قانون الرقم 12. 4 المتعلق بالتعمير قبل اتخاذ مقرر التخلي من قبل رئيس المجلس الجماعي اذا كان القائم بنزع الملكية جماعة حضرية أو قروية أو أي شخص تفوض له هذا الحق , أو يتخذ من قبل الوزير المعني باﻷمر بعد استشارة وزير الداخلية و ينشر في الجريدة الرسمية أو في الجريدة المخصص لها نشر اﻹعلانات القانونية و القضائية .

2/ الإيداع ببعض المصالح اﻹدارية 

2/1 الإيداع بمكتب الجماعة

 نصت الفقرة الأخيرة من الفصل العاشر من قانون رقم 07.81 عل أنه يجب أن يودع مشروع مقرر التخلي مشفوعا بتصميم لدى مكتب الجماعة حيث يمكن للمعنيين بالأمر بالإطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم بشأنه خلال أجل شهرين تبتدأ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ,ويجب أن يفسر المعنى باﻷمر تفسيرا واسعا حيث يشمل الملاك والمكترين وأصحاب الحقوق و  أعضاء الجماعة أنفسهم وأعضاء السلطة المحلية  وجمهور المواطنين لأنهم أقرب إلى العقارات ويعرفون عليها الكثير مما قد ينفع نازع الملكية ويفيده وتجعله تضارك بعض الأخطاء المرتكبة .

2/2الإيداع بالمحافظة العقارية.

 زد على ما سبق وطبقا لمقتضيات الفصل 12 من نفس القانون فإنه يجب على نازع الملكية  أن يودع  مشروع التخلي بالمحافظة على اﻷملاك العقارية التابع لها موقع أو العقارات المعنية وبناء على هذا الإيداع يتعين على المحافظ أن يسلم إلى نازع الملكية شهاده تثبت أن مشروع مقرر التخلي  قد قيد.    

 و أما إذا كان اﻷمر يتعلق بعقارات في طور التحفيظ في سجل التعرضات  عملا بالفصل 84 من ظهير تحفيظ العقاري ,وفي هذه الحالة يجب أن تتضمن الشهادة باﻹضافة إلى ذلك عند الإقتضاء أسماء المتعرضين ونوع الحقوق المطالب بها بالضبط وأهلية الأشخاص الحائزين لها ومحل المخابرة معهم وكاذا جميع التحملات المثقل بها العقارأو الحقوق العينية العقارية المقصودة.

    وإذا كان الأمر يتعلق بعقارات غير محفظة ولا في طور التحفيظ فإن مشروع مقرر التخلي يودع لذى كتابة الضبط المحكمة الإدارية التابع لها موقع العقارات لأجل تقييده في السجل الخاص المنصوص عليه في الفصل 455 من قانون المسطره المدنية .ويسلم كاتب الضبط الى نازع الملكية شهادة تثبت هذا التقييد.

    ثانيا : إتخاذ مقرر التخلي 

      بعد نشر مقرر إعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية يبقى أمام نازع الملكية أجل سنتين لإتخاذ مقرر التخلي وإذا إنصرم  اﻷجل المذكور دون أن يتحرك ذلك يتعين تجديد إعلان المنفعة العامة حسب فحوى الفصل السابع من قانون 07.81 .

و بعد اﻹنتهاء من الإجراءات الإدارية النصوص عليها في الفصل 10.11.12 من قانون 07.8  وجب على نازع الملكية إتخاذ مقرر التخلي طبقا للكيفية التي يبينها المشرع ,ويتم إتخاذ مقرر التخلي من قبل الجهات التي يبينها من قبل من خلال معرض حديثنا , وبعد إتخاذ مقرر التخلي من قبل الجهات المعنية وجب نشره طبقا لتدابير اﻹشهار المقررة في الفصل الثامن بالنسبة للمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة طبقا لمقتضيات الفصل 13 من قانون رقم 07.81.        

        و لكل هذه الاعتبارات يتبين أن المشرع أوجب على الجهات المختصة بنزع الملكية وهي محددة في الفصل الثالث من قانون 07.81   أنه على نازع الملكية أيضا إيداع مطلب التحفيظ مشفوع بحكم قضائي صادر بنقل الملكية من المعنى بالأمر الذي تم نزع عقاره  إلى الجهة التي قامت بنزع الملكية ومحضر التحديد الذي أنجزته السلطة النازعة ,وتصميم موقع عليه ومؤشر من طرفها وهذا التحديد هو الذي يعين حدود الأرض بتفصيل الذي سيتم نزعها وتباشر بشأنها مسطرة خاصة للتحفيظ بدون إشهار, وهذا على خلاف ما هو عليه اﻷمر إذا أراد شخص من أشخاص القانون الخاص تحفيظ بقعة أرضية فإنه  بمجرد ما يتم إيداع مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية وأداء الرسوم المفروضة عليه من قبل المحافظ العقاري, يعمل هذا الأخير إلى نشر ملخص من هذا المطلب مع بيان البيانات التي  تطلبها القانون ويتم نشره في الجريدة الرسمية والتعليق لدى المحكمة الإبتدائية المتواجد في دائرتها العقار المراد تحفيظه في اللوحة المخصصة للإعلانات, وكذلك لدى الجماعة الترابية حتى يكون بإمكان من له الحق على ذلك العقار تقديم تعرض له داخل الأجل المحدد له ,وهذا الامر لا نلمسه على مستوى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة قد يكون ذلك بشكل سري ولا يستوجب إجراءات الشهر.

   مما ينبغي الإشارة إليه هو أن الحكم القضائي الصادر بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة الصادر لصالح الجهة التي إنتزعت العقار هذا الحكم يطهر العقار المنزوع ملكيته من كافة الحقوق والتحملات المرتبطة به طبقا لقاعدة التطهير التي يتميز بها التحفيظ العقاري.

المطلب الثاني :التحفيظ اﻹجباري في  حالة معاوضة عقار محبس تحبيسا عموميا 

اﻷملاك الحبسية هي إما أراضي موقوفة لفائدة جهة خيرية أو دينية معينة،و تصرف مداخيلها حسب رغبة من أوصى بها في أوجه الخير و البر المعنية و هي ما تسمى باﻷوقاف العامة ،و إما أراضي موقوفة لفائدة المعقب عليهم ،و تصرف مداخيلها حسب رغبة المعقبين على المعقب عليهم ما تناسلو وهو مايسما  باﻷوقاف المعقبة  فإذا انقطع المعقب عليهم أصبحت ملكيتها للأوقاف العامة .

 و حسب المادة اﻷولى من مدونة اﻷوقاف الجديدة فالوقف هو "كل مال حبس أصله بصفة مؤبدة أو مؤقتة و خصصت منفعته لفائدة جهة بر و إحسان عامة أو خاصة و يتم إنشاؤه بعقد أو بوصية أو بقوة القانون" .

هذا الوقف يجب أن يكون من المال الموقوف الذي له قيمة و منتفعا به شرعا و أن يكون مملوكا للواقف ملكا صحيحا و هو يرد على العقار و المنقول و سائر الحقوق اﻷخرى ،ويمكن أن يكون الواقف شخصا ذاتيا أو إعتباريا ما لم يكن غرضه غير مشروع .

و الملاحظ أن الهدف من إنشاء اﻷملاك الحُبسِية كان ينطلق من مبدأ ديني محض، بحيث يقوم المجلس بتخصيص جزء من أملاكه لفائدة جهة خيرية أو دينية أو اجتماعية معينة ، و لكن هذه اﻷراضي خرجت من غايتها اﻹجتماعية في كثير منا الحالات حيث أصبحت هذه اﻷملاك تستعمل بداية لفائدة العائلة و لا تنتفع منها الجهات الدينية أو اﻹجتماعية إلا بعد أمد طويل )جدا(.

تتميز اﻷوقاف بمجموعة من الخصوصيات أهمها .

ـ  اﻷملاك الوقفية غير قابلة للتصرف فيها .

ـ  الأملاك الوقفية غير قابلة للحجز .

ـ اﻷملاك الوقفية لا تكتسب بالتقادم .

ـ  الوقف العام يتمتع بالشخصية المعنوية .

ـ  الوقف العام غير قابل للنزع ولا للتخصيص .

  إذن فما علاقة التحفيظ اﻹجباري بالوقف ؟ و ما هي خصوصياته ؟و ما هي الآثار المترتبة على تحفيطه ؟

  للإجابة عن هذه اﻷسئلة سوف نقسم هذا المطلب من خلال الحديث عن خصوصيات الوقف في مسطرة التحفيظ اﻹجباري في فقرة أولى ثم اﻷثار المترتبة على تحفيظ اﻷملاك الوقفية في فقرة ثانية .

الفقرة اﻷولى :خصوصيات الوقف في مسطرة التحفيظ اﻹجباري .

كما هو معلوم لا يجوز لوزارة اﻷوقاف بيع العقارات المحبسة تحبيسا عموميا ،لكن يمكن لها المقايضة عليها ،و إن كان العقار المحبس تحبيسا عموميا  الذي ستتم المقايضة به غير محفظ فقد أوجب المشرع قبل إتمام المقايضة ،القيام بتحفيظ هذا العقار ، إما بطلب من وزارة اﻷوقاف أو من صاحب العقار المقايض به .

  و يطبق نفس الحكم في الحالات التي تقوم فيها وزارة اﻷوقاف بمقايضة مبلغ من المال بعقار ،حيث لا بد قبل إنجاز المبادلة من تحفيظ العقار إذا كان غير محفظ .

 سوف نخصص الحديث في هذه الفقرة على من له صفة تقديم مطلب التحفيظ و كذا بياناته (أولا ) ثم خصوصيات الوقف المنصب على عقارات في طور التحفيظ و حمايته عن طريق التعرض (ثانيا).

  أولا :من له صفة تقديم مطلب التحفيظ و بياناته .

  1 - من له صفة تقديم مطلب التحفيظ 

  إن تقديم مطلب التحفيظ هو الذي يعطي للمحافظة العقارية إشارة البدء في إتخاد اﻹجراءات اللازمة لإدخال عقار معين ضمن نظام خاص و إعطائه رسما عقاريا يعتبر عنوانا للحقيقة و نقطة الإنطلاق الوحيدة لجميع الحقوق و التكاليف التي ينص عليها دون ما عداه .

     و مطلب التحفيظ هو ذلك التصريح أو المطلب الذي يتقدم به المعني باﻷمر أو نائبه القانوني و يسمى طالب التحفيظ الي يهذف من ورائه تحفيظ عقاره أرضا كان أو بناء .

  لحماية اﻷملاك الوقفية من الترامي و اﻹعتداء لا بد من تقديم مطلب التحفيظ من طرف الجهة المؤهلة لذلك قانونا ، و لهذا المشرع أُلزم في حالة معاوضة عقار من الأملاك الوقفية أن يتم تحفيظه و هو ما يستشف من خلال المادة 72 من مدونة اﻷوقاف التي جاء فيها "يشترط لإجراء أي معاوضة عينية للأوقاف العامة أن تكون العين المعاوض بها محفظة و أن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة "

   و لهذا يبقى أن نتسائل عن ما هي الجهة التي أوكل لها المشرع تقديم مطلب التحفيظ من أجل جعل اﻷملاك الوقفية محفظة ؟

    لقد إختلف الفقه القانوني حول تحديد  من له الصفة في تقديم مطلب التحفيظ في إسمه حيث ذهب جانب من الفقه إلى  تأييد إمكانية تقديمه من طرف الواقف مستندين في ذلك على موقف المذهب المالكي الذي يعتبر العقار الموقوف باقيا على ملك الواقف بعد التحبيس ،و لقد إتفق  الفقهاء جميعا على أن منفعة الوقف هي للموقوف عليهم في حين وقع الخلاف حول العين الموقوفة.

من خلال هذا يمكن أن يطلب تحفيظ أي عقار محبس من طرف وزير اﻷوقاف و أنظار اﻷوقاف  المفوض إليهم في هذا الصدد .

تعقيبا على  هذا الرأي الأخير يقول بعض الفقه "بدوره يبقى محل نظر (الرأي اﻷخير )إذا علمنا أن ناظر اﻷوقاف لا يملك أي حق عيني على العقار الموقوف ،كل ما في اﻷمر أن القانون أناط به سلطة الإدارة و تسيير المال الموقوف و المحافظة عليه بتكليف من سلطة الحكومة المكلفة باﻷوقاف  .

و هذا الغموض كان له ﻷثر البالغ على مستوى العمل اﻹداري بالمحافظة العقارية حيث أدى هذا الخلط في التأويل إلى تحفيظ بعض العقارات الموقوفة في إسم ناظر اﻷوقاف بصفته ممثلا للنظارة التي يرأسها و أحيانا بصفته المالك لها كما تم تحفيظ عدد من العقارات في إسم وزارة اﻷوقاف ،بل أن بعضهم تم تحفيظه في إسم أحباس مدينة من المدن أو في إسم نظارات اﻷوقاف علما بأن هذه اﻷخيرة ليست لها أي حق على العقارات الحُبسية  . هذا اﻷمر قد يترتب عليه ضياع العديد من العقارات الحُبسية .

   في هذا الصدد يقول عمر السكتاني أنه يجب التمييز على اﻷقل بين اﻷوقاف المعقبة و اﻷوقاف العامة ،اﻷولى تحفظ في إسم المستفيذين من الوقف أما الثانية فيجب تحفيظها في إسم الوقف العام سنده في ذلك أن الناظر عندما يقدم مطلب تحفيظ أي عقار حُبس فإنما يقوم بذلك بمقتضى نيابته القانونية عن الوقف العام الذي يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة التي  تخوله صلاحية اكتساب الحقوق و تحمل اﻹلتزامات .

    كما هو معلوم فإن المادة 50 من مدونة اﻷوقاف نصت على أنه"يتمتع الوقف العام بالشخصية اﻹعتبارية منذ إنشائه و تتولى إدارة اﻷوقاف تدبير شؤونه وفقا ﻷحكام هذه المدونة و تعتبر ممثله القانوني " 

 لكن يبقى السؤال المطروح هل الشخصية المعنوية التي نص عليها المشرع في المادة السالفة هل هي للوقف العام أم للمعقب أم هما معا ؟

   بالنسبة للوقف العام فهو له الشخصية المعنوية و يقول أحد الباحثين بأنه تشمل حتى الوقف المعقب و مهما كان اﻷمر فإن الاعتراف للوقف بالشخصية المعنوية تترتب عليه مجموعة من النتائج أهمها :

 أن الوقف بإعتباره شخصا معنويا فدمته المالية مستقلة عن ذمة ناظر الوقف أو متوليه و عن ذمة الواقف ،و الموقوف عليهم ،فمال الوقف و جميع حقوقه و إلتزاماته خاصة به ،و أن ذمته لا تنشغل بذمة غيره مهما كان و تكون هي المالية ـ إعتباريا ـ بجميع حقوقه و أمواله ، و أن دائني الوقف أو الناظر أو الموقوف عليه ليس لهم حق على ذمة الوقف .

 كما أن ديونه لا يطالب بها غير الوقف نفسه ، كما أنه لا تقع المقاصة بين ديون الوقف و ديون هؤلاء . 

أن للوقف بإعتباره شخصا معنويا أهلية مدنية في كسب الحقوق و استعمالها في الحدود التي رسمها لها القانون .

 كذلك للوقف حق التقاضي ورفع الدعوى على الغير ،كما أن للآخرين رفع الدعوى عليه باعتباره شخصا معنويا .

يمثله في كل ذلك ناظر الوقف أو الشخص الذي يحدده صك الوقف أو القضاء أو إدارة الوقف حسب النظام اﻷساسي له ،و أن هذا الشخص عليه ما على الوكيل للشخص الطبيعي من الحقوق و الواجبات و المسؤوليات .


2- الوثائق و المستندات المدعمة لمطالب تحفيظ عقارات موقوفة 

ينص الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 المغير و المتمم بقانون14.07 ،هذا الفصل تضمن العديد من الوثائق لكن  ما يهمنا في هذه الوثائق هو البيان الثامن و المتعلق ببيان أصل التملك،كما ينص الفصل 14 من نفس الظهير" يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم و العقود و الوثائق التي من شأنها أن تُعرِف بحق الملكية و بالحقوق العينية المترتبة على الملك "،هذا ما يفيد أنه على طالب التحفيظ إيداع مطلبه و هذا المطلب معزز بما يثبت ملكيته ،و في هذا الشأن جاء أحد قرارات المجلس اﻷعلى )محكمة النقض حاليا( قرار عدد 1099 الصادر بتاريخ 2016/04/05 الذي جاء فيه »بأن من يدعي أن عقارا مُحْبسا عليه  إثبات وجود التحبيس و ملكية المحبس و أن رسم إثبات الحبس المدلى به من الطالبة عدد321 بتاريخ 1988/09/29 هو عبارة عن لفيف شهد شهوده بكون مجموعة من اﻷملاك المذكورة بالرسم هي حُبسة ولم يشر إلى المحبس ولا سند تملكه للعقارات موضوع التحبيس رغم كون شهادتهم .تفيد القطع و الجزم

لكن يبقى المعمول به حاليا من خلال ما نصت عليه المادة 48 من مدونة اﻷوقاف و التي جاء فيها بصريح العبارة أنه" يمكن إثبات الوقف بجميع وسائل اﻹتبات و تعتبر الحوالات الحبسية حجة على أن اﻷملاك المضمنة بها موقوفة إلى أن .يثبت العكس"…

       من خلال هذه المادة يتبين أن المشرع المغربي ترك المجال واسعا من حيث وسائل اﻹثبات ، حيث يمكن  إثباته بأي وثيقة أو سند يثبت تملك اﻷملاك الوقفية من أجل تحفيظها ، و تعتبر الحوالات الحُبسية التي نص عليها المشرع في هذه المادة أنها واردة على سبيل المثال و ليس الحصر ، حيث أعتبرها حجة على أنا اﻷملاك المضمنة بها موقوفة و يمكن اﻹستناد عليها من خلال تقديم مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية ، و من هنا تبين أنه يمكن الإعتماد على كل وسائل الإثبات المسموح بها شرعا بما فيها الشهاذات اللفيفية و شهادة السماع .والحوالات الحبسية ورسم تصفح كناش اﻷحباس 

لكن بالإضافة إلى ذلك أقر بعض الفقه لا بد من اﻹستجماع لهذا السند مجموعة من  :الشروط و هي

أن يكون سند التحبيس المعتمد عليه في مطلب التحفيظ محررا وثابت التاريخ .

أن يكون الوقف صادر من محبس مسلم 

أن يكون المحبس مالكا للعقار عند إنشاء عقد التحبيس 

أن يكون العقار المحبس معينا بمقتضى سند التحبيس تحديدا دقيقا ونافيا  .لكل جهالة 

أن تكون الجهة المستفيدة قد حازت العقار المحبس 


ثانيا :حماية الوقف عن طريق سلوك مسطرة التعرض

 

سبق و أن تطرقنا لتعريف التعرض  و كذلك الحقوق التي يمكن التعرض بشأنها من خلال حديثنا سابقا  

و من خلال هذا يمكن للمستفدين من الوقف التعرض على مطالب التحفيظ الذي مس بعقارات اﻷحباس داخل أجل التعرض و الذي هو شهرين تبتدئ .من تاريخ نشر اﻹعلان عن إنتهاء التحديد في الجريدة الرسمية

غير أنه يمكن استثناءا للمحافظ على اﻷملاك العقارية قبول التعرضات المقدمة خارج الآجل من طرف الجهة المكلفة بتدبير شؤون اﻷوقاف ولو لم يكن مطلب التحفيظ متقلا بأي تعرض ، و بالنسبة لشكليات تقديم هذا التعرض نص عليها الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري )سبق و أن تطرقنا إليها

في حالة رفض التعرض المقدم خارج اﻷجل من طرف المحافظ ، فإن قراره في هذه الحالة يكون نهائيا غير قابل لأي طريق من طرق  الطعن

   بناء على ذلك فإن المحكمة لا يمكنها  النظر في التعرضات إلا ضمن الحدود  .الذي قدمت فيها إلى المحافظة العقارية كما أحالها المحافظ على كتابة الضبط سواء من حيث الحقوق المطالب بها أو من حيث الوثائق و المستندات المدلى بها ، و يترتب على ذلك أنه يجب على الجهة المشرفة على اﻷوقاف العامة و اﻷوقاف المعقبة تقديم الحجج و الوثائق المدعمة للتعرضات المقدمة من  طرفها ضد مطالب التحفيظ قبل انصرام الشهر الموالي لإنتهاء أجل التعرض  تحت طائلة إعتبارالتعرض لاغيا و عديم اﻷثر تطبيقا لمقتضيات الفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري.

خلاصة القول أنه على الجهة المشرفة على اﻷوقاف أن تتدخل في اﻷجل المناسب من أجل تقديم تعرضها على مطالب التحفيظ المتعلقة باﻷملاك الموقوفة و ذلك عن طريق اﻹشهار الذي يقوم به المحافظ العقاري داخل أجل 10 أيام تبتدئ من تاريخ تقديم مطلب التحفيظ ،حيث أنه يضع ملخصا له و يقوم بنشره سواء في الجريدة الرسمية أو التعليق لدى المحكمة اﻹبتدائية .أو مكاتب السلطة المحلية الكائن في دائرتها العقار المراد تحفيظه.


   الفقرة الثانية : الآثار المترتية على تحفيظ اﻷملاك الموقوفة 


   تتجلى هذه اﻵثار في تطهير اﻷملاك الحبسية و التملك النهائي )أولا( ثم تقييد اﻷملاك الوقفية و تأسيس رسم عقاري بشأنها )ثانيا(



أولا :تطهير اﻷملاك الموقوفة و التملك النهائي 


نص الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري على " إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، و يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية و التحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة" 

   من خلال هذا يتبين أنه عند سلوك مسطرة التحفيظ من طرف المستفيذ من الوقف فإن قرار التحفيظ المتخذ من طرف المحافظ على اﻷملاك العقارية يعتبر قرارا نهائيا غير قابل لأي طعن كيف ما كان نوعه . لكن ذلك دفع بعض الفقه إستثناء العقارات الحبسية من قاعدة التطهير و التملك النهائي مستندا في ذلك على مجموعة من اﻹعتبارا ت التي تتمثل من  جهة بالمصلحة العامة و من جهة آخرى بطبيعة الوقف و خصائصه الذاتية و التي من بينها عدم القابلية للتقادم و التفويت و بالثالي خروجه من دائرة التعامل الخاص.

    ويبدو أن هذا اﻹتجاه هو الذي استقر عليه القضاء المغربي حيث جاء في قرارالمجلس اﻷعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ بتاريخ 20\02\2008 إن الحُبس لا يطهر بالتحفيظ ، بل حتى ولو حصل تحفيظه لأن ثبوت حبسيته يبطل تحفيظه.

 فمن خلال هذا القرار يمكن القول بأن القضاء المغربي يسير في اتجاه تكريس نسبية قاعدة التطهير في مواجهة اﻷحباس الخاصة عندما رتب على ذلك بطلان عملية التحفيظ برمتها

   و من خلال هذا يتبين أن المشرع يقر في بطلان التحفيظ الذي يمس بحقوق اﻷوقاف ، و بالتالي فإذا ما تجرأ شخص ما و قام بتحفيظ عقار أو جزء منه في إسمه فإنه لايمكن الإحتجاج باﻵثر التطهيري للتحفيظ العقاري ، و هذا اﻹلتزام يدل دلالة قوية على تحمل طالب التحفيظ مسؤولية عدم الإقرار بحبسة العقار المراد تحفيظه ، و في نفس اﻹتجاه و من أجل الحيلولة دون إعداد المختلسين لرسوم اﻹستمرار و التملك لعقارات اﻷحباس يستلزم السادة العدول اﻹدلاء بشهادات تثبت أن تملك العقارات ليس أملاكا حبسية.  

    و في الختام يمكن الإستدلال بما نصت عليه المادة 54 من مونة اﻷوقاف الذي جاء فيها" إن الرسوم العقارية المؤسسة لفائدة الغير لا تمنع المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي إلى إثبات صفة الوقف العام لعقار محفظ، شريطة أن ترفع الدعوى في مواجهة جميع ذوي الحقوق المقيدين. 

  و إذا ثبت أن العقار المذكور موقوف وقفا عاما ،بناء على الحكم القضائي الصادر بذلك و الحائز لقوة الشيء المقضي به ،فإن المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق ، و يقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في إسم اﻷوقاف العامة." 

ثانيا: تقييد اﻷملاك الوقفية في الرسم العقاري 

     تظهر إجراءات و آجال التقييد في الرسم العقاري و كذا أهميته من خلال الفصلين 66 و 65 من القانون 14.07 

ينص الفصل 65 صراحة على أنه "يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري،جميع الوقائع و التصرفات و الاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض ، و جميع المحاضر و الاوامر المتعلقة بالحجز العقاري، و جميع الاحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه ، وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات ، و كل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه" 

يستفاد من الفصل أعلاه أن أي تعديل يطرأ على العقار أو أي نوع من التصرفات يهدف لتأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه ... يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري ، و ما دام أن الأمر هنا يتعلق بمعاوضة عقار موقوف فهو شكل من أشكال التصرفات القانونية الدائرة على عقار محفظ و عليه يكون من اللازم تقييده .

 الفصل 66 في فقرته الأولى ينص على " كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده ، و ابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية"

الفصل 66 أعلاه يقر قاعدة الأثر المنشئ  للتقييد حيث ربط المشرع نشوء الحق بتاريخ التقييد بالرسم العقاري و من تاريخ هذا التقييد يعثبر الوقف موجودا و ثابتا قانونا بالنسبة للغير و لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي  النية الحسنة.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-