مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة

مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة



يعتبر التعرض من مميزات نظام التحفيظ العقاري ووسيلة من وسائل تطبيق التطهير المسبق للحقوق المزمع تحفيظها أو تسجيلها ، فهو أشد سلاح يواجه به طالب التحفيظ . ونظم المشرع المغربي مسطرة التعرضات في ظهير 9 رمضان 1331 هجرية ( 12 غشت 1913 ميلادية ) كما تم تتميمه وتعديله بمقتضى القانون رقم 14.07 في الفرع الرابع من الباب الثاني للقسم الأول لبحث التعرضات ( الفصول من 24 إلى 51 ) ، كما نطمتها نصوص قانونية أخرى خاصة . وتبين مختلف هذه الفصول المسطرة التي يجب اتباعها لتقديم التعرض .

 فالتعرض وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ ، وذلك من خلال الآجال القانونية المقررة وتوقيف المحافظ على الأملاك العقارية لإجراءات التحفيظ وعدم الاستمرار فيها إلى أن يرفع التعرض ويوضع حدا للنزاع عن طريق المحكمة أو إبرام صلح بين الأطراف . 

وعليه نتساءل إلى أي مدى ساهمت مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ العقاري بالنصوص المنظمة لها حماية المتضررين من جراء التحفيظ ؟ وهل استطاع المشرع بصياغة نصوص مسطرة التعرض التخفيف من حدة القوة التطهيرية التي منحها ذات المشرع عند تأسيس الرسم العقاري ؟ وإذا كان هذا هو الإشكال الرئيسي ، فإن الإشكالات الفرعية للموضوع متعددة ومتنوعة ترتبط ارتباطا وثيقا بالواقع العملي . 

فتأرجح مسطرة التعرضات بين مرحلتين إدارية وقضائية يدفعنا حتما إلى التساؤل عن طبيعة القرارات الصادرة خلال المرحلتين ، وما هو نطاق وسلطة كل من المحافظ على الأملاك العقارية والقضاء في حماية حقوق المتعرضين وطالبي التحفيظ ؟ وعن كيفية عمل المحافظ على الأملاك العقارية وقاضي التحفيظ ؟ وما هي اختصاصات ومجال تدخلهما في مسطرة التحفيظ ؟ فهل هناك تكامل وتناسق بين مهام المحافظ على الأملاك العقارية وقاضي التحفيظ على مستوى مسطرة التحفيظ خصوصا في جانبها الأكثر نزاعا ، وهو حالة وجود تعرضات وكذا حالة تنفيذ الأحكام العقارية ؟ وما هي حدود العلاقة بينهما في إجراءات التحفيظ ؟ وهل كان المشرع المغربي موفقا بإسناد عملية التحفيظ لجهازين متباينين في الوظيفة ؟ وهل سار هذان الجهازان نحو التكامل أم نحو التنازع؟ 


وهل مقتضيات قانون التحفيظ عامة ومسطرة التعرض خاصة بعد التعديل الذي لحق ظهير التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 14.07 كانت كفيلة بسد الثغرات التي كانت تعتري ظهير التحفيظ القديم ، وأكثر ملاءمة للواقع الاجتماعي أم أن ظهير التحفيظ بحلته الجديدة يستدعي هو الآخر تدخلا تشريعيا من أجل سد الثغرات التي برزت أثناء تطبيقه ؟ 

كل هذه الإشكالات وغيرها سنحاول دراستها حتى يتسنى لنا معرفة ما إذا كانت مسطرة التعرض كافية لتوحي بالثقة إلى أصحاب الحقوق العينية الأصلية والتبعية وكذلك حماية طالبي التحفيظ ، وبالتالي تحقيق الاستقرار والأمن العقاريين المنشودين .

 ـ خطة البحث
في ضوء الإشكالات السابقة التي تبين أهمية الموضوع النظرية والعملية نصوغ موضوع هذا البحث الذي ارتأيت الاعتماد على المنهجين الوصفي والتحليلي لدراسة القواعد القانونية المنظمة له ، والإشكالات المختلفة التي تطرحها مسطرة التعرض وتحليل القضايا والمسائل المتعلقة به .


 ونظرا لصعوبة الإحاطة بنظام التحفيظ العقاري في شموليته فقد اقتصرت الدراسة في هذه الأطروحة على البحث في مسطرة التعرضات على مطلب التحفيظ العقاري في شقيها الإداري والقضائي من خلال الوقوف على النصوص القانونية المنظمة لهذه المسطرة سواء المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 كما تم تتميمه وتعديله ، أو المنصوص عليها في القوانين الخاصة . 

ولا يمكن أن تكون دراستنا للتعرضات على مطلب التحفيظ العقاري بمنأى عن مسطرة التعرض في إطار المساطر الخاصة للتحفيظ و مساطر التحديد .

ولن تبقی دراستنا أسيرة الجانب النظري الصرف بل سنهتم كذلك بالجانب العملي ، لذلك سعيت جهد الإمكان إلى تطعيم هذا البحث بكل ما اطلعت عليه من اجتهادات وأحكام قضائية ، محاولة في ذلك ربط الكثير من الوقائع بالنصوص القانونية . وللإلمام بموضوع " التعرضات على مطلب التحفيظ العقاري " ، فإن منهجية البحث تقتضي منا تناول البحث في شقين وفق التقسيم الآتي : 

الباب الأول : التعرض على مساطر التحفيظ العقاري ودور المحافظ على الأملاك العقارية فيها 


الباب الثاني : مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ العقاري أمام القضاء



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-