المطلب الأول : القواعد الموضوعية لعقل العقار
بداية نقول إن إجراء العقل لا يرجع ميلاده إلى قانون 32.18 ، وإنما كان له وجود قبل هذا الحين وذلك بموجب جملة من القوانين الأخرى ، لكن في مجال الجرائم الماسة بالملكية العقارية فإن القانون 32.18 يعد بمثابة السند القانوني ، الذي يستند عليه لتقرير عقل عقارات الشخص المتهم أو المشتبه فيه ، في حالة وجود جريمة ماسة بالملكية العقارية لذلك ،
فإن دراسة هذا المطلب ستكون من خلال التطرق لماهية عقل العقارات ( الفقرة الأولى ) ، على أن نخصص الحديث بعد ذلك عن الطبيعة القانونية للأمر الصادر بعقل العقار ونطاقه ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : ماهية عقل العقار
يعتبر عقل العقار إجراء قانونيا مستجدا يتخذ مفهوما خاصا في التشريع المغربي مما يجعله متميزا عن مجموعة من الإجراءات القانونية المشابهة له ، كما تظهر هذه الخصوصية ف الطبيعة القانونية لهذا الإجراء بوصفه إجراء تحفظيا وتقييدا مؤقتا في السجلات العقارية ه كلما توفرت شروطه القانونية من طرف الجهات القضائية المختصة .
ثم يقودنا الحديث عن ماهية عقل العقار إلى البحث في المقصود بعقل العقار ( أولا ) وتمييزه عن غيره من المؤسسات القانونية المشابهة ( ثانيا ) .
أولا : المقصود بعقل العقار
يعد عقل العقار إجراءا قضائيا يتم اتخاذه كلما تعلق الأمر بجريمة ماسة بحق الملكية العقارية بهدف منع وإبطال كل تصرف في العقار المعقول طيلة مدة العقل ، وإن كان المشرع المغربي من خلال أحكام القانون رقم 32.18 المنظم لعقل العقارات في إطار الجرائم الماسة بالملكية العقارية والذي بمقتضاه تم تعديل المواد 40 و 104 و 299 و 366 و 390 من ق م ج ، لم يعمل على تعريف إجراء العقل 11 .
وفراغ النص القانوني من وضع تعريف واضح ومدقق لإجراء العقل ، وأيضا إحجام المشرع المغربي على إعطاء مفهوم للعقل ، سواء عند تنظيمه للمسطرة الغيابية بموجب المواد من 443 إلى 454 من قانون المسطرة الجنائية ، وأيضا نفس الشيء بالنسبة للقانون رقم 32.18 ، فتح الباب على مصراعيه للمهتمين بالحفل القانوني للتدخل وإعطاء تعريفات لهذا الإجراء ، وفي هذا الإطار نجد أحد الباحثين قد ذهب إلى تعريف عقل العقارات بكونه إجراء وقتي تختص به السلطة القضائية المكلفة ، الغرض منه غل يد المشتبه فيه أو المتهم أو المحكوم عليه غيابيا ، عن إدارة أمواله العقارية أو التصرف فيها تصرف المالك في ملكه ، وهدف هذا الإجراء إجبار الشخص الذي يوجد في حالة فرار على الرضوخ لحكم القانون والقضاء وإخراجه من حالة العصيان إلى الخضوع .12 في حين عرفه البعض بأن عقل العقار هو إبقاء الحالة والوضعية القانونية للعقار بدون تغيير بخصوص أسماء مالكيه ومنع انتقال ملكيته للغير مع وجود العقل سواء بعوض أو بدون عوض إلا بعد صدور حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به في الدعوى العمومية وعند الاقتضاء في الدعوى المدنية التابعة ، ويعتبر كل تصرف في العقار والحالة هذه باطلا وعديم الأثر .
فالعقل حسب مستجدات ق م ج المعدل بمقتضى القانون رقم 32.18 هو ذلك الإجراء التحفظي والوقتي المتخذ من قبل مجموعة من الجهات القضائية المختلفة ( رئيس المحكمة الابتدائية ، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ، قاضي التحقيق ، الهيئة القضائية ) تبعا لكل مرحلة من مراحل الدعوى العمومية والتي يهدف إلى منع التصرف في العقار المعقول موضوع الجريمة الماسة بحق الملكية العقارية إلى حين رفع العقل من طرف الجهة القضائية المختصة أو صدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به ، بحيث يكون كل تصرف عوضي او تبرعي مع وجود العقل باطلا وعديم الاثر .
لكن قد يثار التساؤل حول ما إذا كان عقل العقار الذي استحدثه القانون رقم 32.18 يعتبر تمديدا لمسطرة العقل في إطار أحكام المسطرة الغيابية لتشمل الجنح والجنايات الماسة بالملكية
للتحميل اضغط هنا