الرقابة على عمليات التجزيء والبناء بين النص والواقع


الرقابة على عمليات التجزيء والبناء بين النص والواقع


الرقابة على عمليات التجزيء والبناء بين النص والواقع

من إنجاز الطلبة:

  • رجاء الصغير

  • رشيد الغلام

  • يونس بولحفة

تحت إشراف الأستاذ:

د. سعيد انطيطح





السنة الجامعية: 2017 - 2018

مقدمة

يحظى العمران بأهمية بالغة نظرا لاهتمامه بالمظهر الهندسي للمدينة من خلال وضع إطار تنظيمي وفق أسس ومقاييس تحكم مختلف المجالات المتعلقة به.

فأمام التوسع الحضري والنمو الديموغرافي الذي شهدته المدن في الحقبة الأخيرة من القرن العشرين أدى إلى ارتفاع نسبة التمدن وتوسع المناطق الحضرية على حساب المناطق القروية وتكاثر استهلاك الأراضي بالمدن وضواحيها وتعدد مشاكل العقار والبناء غير المنظم، مما أدى إلى انتشار عمليات البناء والتجزيء دون مراعاة قيود التعمير.

فأمام هذا الوضع فرض على الدولة التدخل بسن مجموعة من القوانين التي تنظم هذا المجال ومن هذه القوانين ظهير  15 يوليوز 1992  الخاص بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وظهير 25 يونيو 1960 المتعلق توسيع نطاق العمارات القروية ، وظهير 17 يونيو 1992 بشأن تنفيذ القانون 12.90.

فكل هذه القوانين رامت إلى إضفاء رقابة إدارية على عمليات البناء والتجزيء من خلال رصد مجموعة من الآليات والسلطات في يد الإدارة تخولها  فرض رقابة وقائية تتمثل في إلزام الأفراد باتباع المسطرة القانونية والحصول على ترخيص إداري بإحداث تجزئة عقارية أو بناء.

كما أن الرقابة تأخذ طابعا ردعيا يتمثل في الرقابة البعدية التي تمكن الإدارة من تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير وزجر كل مخالف لها بعد منح الترخيص الإداري.

فمن خلال ما سبق تراءت لنا إشكالية أساسية مفادها ما مدى تمكن الإدارة من خلال الآليات التي منحها لها المشرع من فرض رقابة على عمليات التجزيء والبناء وهل كانت هذه الرقابة موفقة على مستوى الواقع.

ولمحاولة مقاربة هذه الإشكالية قمنا بتقسيم هذا العرض إلى مبحثين على الشكل التالي:

المبحث الأول: الرقابة القبلية على عمليات البناء والتجزيء

المبحث الثاني: الرقابة البعدية على عمليات التجزيء والبناء

المبحث الأول: الرقابة القبلية على عمليات البناء والتجزيء

يمكن حق الملكية صاحبه من القيام بمختلف التصرفات القانونية المرتبطة به على وجه دائم، إلا أن هذا الحق ليس مطلقا لأنه قد يصطدم بحق الإدارة في الرقابة، وذلك من خلال فرض ضوابط وقيود بغية تنظيم مجال العمران، وتتجلى هذه القيود من خلال رصد آليات رقابية قبيلة على كل من عمليات التجزيء (المطلب الأول)، وعمليات البناء (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الرقابة القبلية على عمليات التجزيء

يخضع النشاط العمراني لقيود تفرضها الهيئات الإدارية من أجل تنظيم الحركة العمرانية ومنع التجاوزات التي قد ترتكب بسبب تعسف الأفراد في استعمال حق الملكية، ومن بين هذه القيود نجد اشتراط إذن إداري بإحداث تجزئة عقارية (الفرع الأول)، ثم تليها دراسة وبحث مشروع التجزئة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الإذن الإداري بإحداث تجزئة عقارية

لإحداث تجزئة عقارية لابد أن يتقدم المجزئ بمجموعة من الوثائق المكونة لملف المشرع وتكمن أهميتها في كونها تساعد السلطة الإدارية على التعرف على مشروع التجزئة ومدى مطابقته للقوانين والمقتضيات التعميرية، وهذه الوثائق تتمثل في:

شهادة الملكية: وهي شهادة تسلم من طرف المحافظة العقارية تثبت أن الأرض المراد تجزئتها محفظة أو في طور التحفيظ وأن الأجل المحدد لإيداع التعرضات في هذه الحالة قد انصرم من غير أن يقدم أي تعرض بذلك، وذلك حسب ما تنص عليه المادة 6 من المرسوم 2.92.833.

فشرط التحفيظ العقاري للأراضي المراد تجزئتها كضرورة لقبول الإذن في التجزيء يطرح عدة مشاكل من الناحية العملية، بل يعتبر أحد العوائق التي تعترض التطبيق السليم لنظام التجزئات العقارية، فهو شرط صعب التحقق عمليا بالنظر إلى ضعف نسبة الأراضي المحفظة من جهة، ومشكل عدم تعميم التحفيظ وبطء مسطرته وتعقدها من جهة ثانية، بالإضافة إلى ما يتطلبه من تكاليف مالية باهظة لذلك يلجأ بعض المجزئين إلى تجزيء عقاراتهم بعيدا عن مراقبة السلطات العمومية بهدف تفادي تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بعملية التجزيء وتحقيقا للربح السريع كهدف أساسي.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع في المادة 5 من القانون 25.90 عندما اشترط قبول الطلب المتعلق بأرض بصدد التحفيظ أن يكون الأجل المحدد لتقديم التعرضات قد انصرم دون تقديم أي تعرض على مطلب التحفيظ، فإنه أغفل التعرض الاستثنائي الذي يكون خارج الأجل ويقبله المحافظ وذلك طبقا لما ينص عليه الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتغييره بالقانون 14.07، ففي هذه الحالة ما مآل التجزئة العقارية؟

لذلك وجب على المشرع أن يتدخل لسد هذا الفراغ بتنصيصه صراحة على أن قبول ملف التجزئة العقارية رهين بانتهاء آجال التعرضات العادية والاستثنائية.

- رسم طبوغرافي: محرر على أساس النقط المحسوبة للدائرة المراد تجزئتها المبنية على الخريطة العقارية، يتم إعداده من طرف مهندس معماري حر مسجل في هيئة المهندسين المعماريين وتكمن أهمية هذا الرسم في تحديد وضعية وموقع مشروع التجزئة في إطار الأراضي المجاورة له في جميع الجهات بحيث يبين للسلطة الإدارية طبيعة البنايات المحيطة بالملكية ومدى ملاحظة الشروع لها من حيث موقع التجزئة، فلا يسمح مثلا ببناء تجزئة سكنية وسط تجزئات صناعية، هذا ويتعين أن وضع الرسم الطبوغرافي المومأ إليه على أساس سلم 500/1 أو 1000/1 إذا كانت مساحة التجزئة المراد القيام بها تزيد عن 25 هكتار، ويلزم أن يبين فيه:

  • حدود الأرض مع أركان الأنصاب والرسوم العقارية الموضوعة لأراضي مجاورة لها.

  • المسافات الفاصلة بين الأنصاب.

  • النقط المضلعة ومنحنيات المستوى.

  • الأغراس والأبنية.

ـ المستندات المتعلقة بالتصور المعماري للتجزئة.

ـ المستندات الفنية المتعلقة بإنجاز الطرق ومختلف شبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء.

ـ دفتر التحملات: الذي يتضمن بوجه خاص بيان مختلف أنواع الارتفاقات التي تثقل العقار وحجم البياني وشروط إقامتها والتجهيزات التي تتحمل الجماعة الحضرية أو القروية إنجازها صاحب التجزئة، وتكمن أهمية هذا الدفتر بكونه يخبر المتعاملين مع المجزئ بالمعلومات المتعلقة بالتجزئة، إذ ألزم المشرع بمقتضى المادة 36 من قانون 25.90، أن تتضمن عقود البيع والإيجار والقسمة إحالة على دفتر التحملات، لذلك فإنه في حالة مخالفة الأطراف لمقتضياته، فإن عقد البيع أو الإيجار أو القسمة يعتبر باطلا وقد أراد المشرع بذلك الحفاظ على احترام المقتضيات والقوانين الجاري بها العمل في مجال السكن والتعمير وحماية الخواص من أعمال التحايل التي قد يلجأ بعض المجزئين، أمام جهل المستفيدين المتعاقدين لأبسط حقوقهم في بعض الأحيان، لذلك أخضع المشرع هذا الدفتر لرقابة قبلية من طرف الإدارة حتى يتبين لها معرفة مضمونه وهل يتماشى مع قوانين التعمير والسكن، وعملا بالمادة 5 من المرسوم التطبيقي للقانون 25.80 فإن هذا الدفتر يجب أن يتضمن:

- مختلف الارتفاقات التي تشغل العقار.

- عدد ومساحة البقع والغرض المحدد له.

ـ حجم المباني المراد إنجازها.

- المواضع الواجب تخصيصها للمؤسسات التجارية والتجهيزات العامة والجماعية ومساحتها.

- الطرق والمساحات المبنية المغروسة.

- الطرق والمساحات غير المبنية التي تتولى الجماعة إنجازها وتهيئتها.

ـ برنامج ترتيب الأشغال في تجهيز التجزئة قسما فقسما: سمحت المادة 37 من قانون 25.90 للصاحب التجزئة في إنجاز تجهيز تجزئته على أقساط، غير أنه لاستفادة من ذلك وجب على المعني بالأمر أن يضيف إلى طالب الإذن بإحداث تجزئة عقارية ملفا تكميليا يحتوي على وثائق من شأنها أن تعطي لإدارة ضمانات كافية، على أن المجزئ سيقوم بإنجاز جميع التجهيزات المنصوص عليها قانونا، وهذه الوثائق التكميلية حصرتها المادة 38 في:

- برنامج يحتوي على بيان تقسيط الأشغال مع تقديم تكلفتها، وتعين البقع الأرضة التي سيطلب صاحب التجزئة أن يؤذن له في بيعها وإيجارها فور الانتهاء كل قسط من أقساط الأشغال.

- تصريح مصادق على الإمضاء الذي يحمله يتضمن جميع المعلومات المتعلقة بطريقة تمويل أقساط الأشغال والضمانات المقدمة لتأمين ذلك.

فالضمان المالي يؤدي، إن اقتضى الحال ذلك، تمكين الإدارة من تغطية المصاريف التي قد تتحملها لإنجاز تجهيز التجزئة في حالة عدم قيامه بذلك.

إلا أن المرونة التي اتخذها المشرع كمبادرة منه للتشجيع على عمليات التجزئات قد أخذت مسار معاكسا على المستوى الواقع، إذ غالبا ما يلجأ المجزئ إلى بيع أراضي غير مجهزة، وهذا ما يستخلص من قرار المحكمة الإدارية بالرباط الذي نص على أنه "بناء على المقال المقدم أمام هذه المحكمة من طرف المدعي سعيد لزرق الذي يعرض فيه أنه توصل من قيادة بلدية تمارة بالأمر لأداء مساهمة في بناء أودية الماء المراد قدرها 8.293.00 درهم، وبناء عليه أوضح المدعي بأنه اشترى بقعة أرضية تقع بالتجزئة المسماة "النمسية" الواقعة ببلدية تمارة، وأنه كان يجب أن تكون مجهزة بقنوات توزيع الماء والكهرباء وصرف المياه، الواد الجاري، وأنه يتعين على صاحب التجزئة أداء مصاريف إقامة الواد الحار، وأنه لا يمكن بيع البقع الأرضية من طرف المجزئ إلا بعد تسليم أشغال تجهيز التجزئة... وبعد المداولة طبقا للقانون، حيث إنه من الثابت من أوراق الملف أن الطاعن ليس هو الذي أحدث التجزئة المسماة "النمسية" وانه مجرد مشتر لبقعة أرضية منها، وحيث إنه مادام المجزئ هو الملزم بأداء مصاريف التجهيز طبقا لمقتضيات المادة 18 تحت طائلة مصادرة مبلغ الضمان من طرف المجلس الجماعي، الشيء الذي يجعل مطالبة الجماعة الحضرية لتمارة الطاعن بأداء مصاريف التجهيز مخالف للمقتضيات القانونية، لذلك يتعين التصريح بإلغائه".

هذا فيما يخص التجزئات الخاضعة للقانون 25.90 أما فيما يتعلق بالشروط المتطلبة للتجمعات العمرانية الخاضعة لتصميم التنمية، هذه الأخيرة حسب المادة 77 من ق 25.90 تبقى خاضعة لظهير 25 يونيو1960 الأمر الذي يتطلب إرفاق الملف بالوثائق التالية: شهادة ملكية البقعة المعنية، مذكرة المعلومات مسلمة من طرف الوكالة الحضرية، تصميم مقياس 1500/1 يبين بوضوح موقع الأرض في التجمع العمراني الأمر الذي يطرح إشكال حول المختص بإعطاء هذه المذكرة في المناطق خارج نفوذ الوكالة الحضرية.

غير أن ما يلاحظ في هذا الإطار أن المشرع في ظهير 25 يونيو1960 أنه اشترط في العقار المراد إحداث تجزئة به أن يكون قد تم تقديم مطلب التحفيظ بشأنه، دون الاشتراط على انصرام أجل التعرضات كما فعل في قانون 25.90.

الأمر الذي قد يولد مجموعة من الإشكاليات على مستوى الواقع العملي، فإذا تم إعطاء إذن بالتجزيء رغم وجود تعرضات عليه، ثم تلاه قيام هذا المجزئ بعمليات التجهيز بعدها أبرم مجموعة من عقود التفويت، فما مصير هذه العقود بعد أن حصل أحد المتعرضين على حكم نهائي بصحة تعرضه موضوعه استحقاق العقار موضوع التجزئة؟

نعتقد أنه لتجاوز هذه الإشكالية يجب على المشرع اشتراط أن يكون العقار محفظ لقبول طلب الإذن بإحداث تجزئة عقارية بالمناطق الخاضعة لهذا الظهير خصوصا وأن طبيعة المناطق يغلب عليها الطابع القروي الذي يكون في أغلب الأحيان محل نزعات حول الحدود.

هذا إضافة إلى أن تفويت بقع تجزئة خاضعة لهذا الظهير لا يستلزم حصول المجزئ على التسلم المؤقت مما يضعف رقابة الإدارة على هذا النوع من التجزئات.

الفرع الثاني: دراسة ملف مشروع التجزئة

يخضع إحداث التجزئة العقارية لمجموعة من الإجراءات، حيث ألزم المشرع الهيئات التي تمنح الإذن قبل إصداره أن يمر الطلب بمسطرة إدارية من أجل دراسته لفرض الرقابة الإدارية السابقة للتحقق من أن الطلب تتوفر فيه جميع الشروط القانونية (أولا) ثم تصدر قرارها (ثانيا).

أولا: مسطرة دراسة الملف

حسب المادة 17 من المرسوم المتعلق بالضابط العام للبناء فإن دراسة ملفات طلب الإذن بالتجزئة يتم عبر مسطرتين الأولى متعلقة بمسطرة المشاريع الكبرى والثانية تتعلق بمسطرة المشاريع الصغرى.

أ - مسطرة المشاريع الكبرى

تخضع عدة مشاريع بالنظر لحجمها ومدى تأثيرها على مناخ الاستثمار للمسطرة العادية المسماة بمسطرة المشاريع الكبرى كما هو الحال بالنسبة لمشاريع إحداث التجزئات العقارية وتبتدئ هذه المسطرة بتقديم ملف طلب الرخصة إلى مكتب ضبط الجماعة المعنية التي تحيله داخل أجل لا يتعدى ثلاثة (3) أيام مفتوحة تحتسب من تاريخ تسلم الملفات من طرف الجماعة المعنية على لجنة الدراسة وذلك حسب ما هو منصوص عليه في المادة 18 من الضابط العام للبناء التي تبث في موضوع الملف داخل أجل لا يتعدى 15 يوما تحتسب من تاريخ تسلم الملفات من طرف الجماعات المعنية، ويوجه مكتب الضبط ملف المشروع إلى الشباك الوحيد لرخص التعمير، إذا تعلق الأمر بجماعة يتجاوز عدد سكانها خمسين ألف  (50.000) نسمة (المادة 10 من الضابط) أو يقوم بتوجيهه إلى اللجنة الإقليمية المكلفة بالتعمير في حالة ما إذا كان عدد ساكنة الجماعة يقل أو يساوي خمسين ألف (50.000) نسمة وذلك حسب المادة 15 من نفس الضابط.

وتوكل إلى لجان الدراسة دراسة ملفات طلبات الرخص بالشباك الوحيد لرخص التعمير واللجان الإقليمية للتعمير والتي تتكون من أعضاء دائمين وآخرين غير دائمين.

فالأعضاء الدائمون هم:

ممثلين عن العمالة أو الإقليم.

ممثلين عن الجماعة.

ممثلين عن الوكالة الحضرية.

ممثلو المصالح المختصة في مجال الربط بشبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية.

ممثلوا الأجهزة المكلفة بتسيير مختلف الشبكات.

أما الأعضاء غير الدائمين فيتم تعينهم بالنظر لخصوصيات ملفات الرخص المعروضة على لجان الدراسة.

وتتكلف المصالح الجماعية في ميدان التعمير بكتابة أشغال الدراسة على مستوى الشباك الوحيد لرخص التعمير، والمصالح المختصة في ميدان التعمير التابعة للعمالة والإقليم بالنسبة للجنة الإقليمية للتعمير.

وتجدر الإشارة أنه في حالة المجالات غير التابعة لنفوذ الوكالة الحضرية فإن الملف يرفع إلى المصالح الإقليمية المكلفة بالتعمير تحت إشراف السلطات المحلية وذلك دراسته من طرف المصالح التقنية الجماعية، كما يوجه الملف لنفس الغاية إلى المصالح الخارجية المعنية كالمصلحة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، الوقاية المدنية، المحافظة العقارية الأشغال العمومية، الشؤون الثقافية إن اقتضى الأمر ذلك.

والصلاحية في وضع التأشيرة على المشروع هو من اختصاص لجنة تقنية تجتمع لهذا الغرض وهي تتكون من:

- رئيس المجلس الجماعي المعني أو من ينوب عنه.

- المفتش الجهوي أو من ينوب عنه.

- رئيس قسم التعمير بالعمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه.

- المهندس المعماري البلدي للجماعة المعنية.

هذا بالإضافة إلى استطلاع رأي مصالح العمالة أو الإقليم التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالأشغال العمومية فيما يتعلق بمشاريع التجزئة المجاورة للملك العام البحري أو المراد إنجازها بأرض واقعة على طول طرق المواصلات البحرية غير الجماعية.

ب ـ مسطرة المشاريع الصغرى

تطبق المسطرة السريعة والمسماة "المشاريع الصغرى" على مشاريع البنايات ذات استعمال سكني ومهن.

وعلى عكس المسطرة العادية المتعلقة بالمشاريع الكبرى والتي تتطلب لدراستها وقتا عدد فإن مسطرة المشاريع الصغرى ذات طبيعة خاصة، وهكذا بمجرد إيداع ملف طلب الرخصة بمكتب ضبط الجماعة المعنية يتم عرضه مباشرة على أعضاء لجنة الدراسة، التي تقوم بدورها بالتداول بشأن هذه الملفات في حينه.

ويتكلف مدير الوكالة الحضرية أو من يمثله برئاسة اللجنة المذكورة ويتخذ قرار اللجنة بالتوافق، دون المساس برأي الوكالة الحضرية يجب أن يقتصر على الجوانب التالية:

- مطابقة مشروع البناء للمقتضيات القانونية والتنظيمية العامة المتعلقة بالتعمير والبناء.

- مطابقة المشروع لوثائق التعمير المعمول بها.

وبعد اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير لدراسة الملفات من طرف اللجن المذكورة، يمكن اتخاذ إحدى القرارات على ضوء المعطيات المتوفرة.

ثانيا: نتائج دراسة المشروع

بعد دراسة ملف إحداث التجزئة العقارية من طرف اللجان المكلفة بذلك، توجه هذه الملفات إلى الجهة المختصة لاتخاذ القرار، إما بالقبول (أ) أو الرفض (ب).

أ ـ قبول الطلب

إذا صدر قرار اللجنة بقبول الطلب هذا يعني أن الجهات المعنية بدراسة ملف المشروع قد وافقت عليه.

فبعد انتهاء أشغال لجنة الدراسة، يتم تحرير محضر يتضمن الأفراد الفردية لكل عضو من أعضائها، والتي يتعين تقييدها على الوثائق المكتوبة والمرسومة لملفات طلبات الرخص المعروضة عليهم، ثم يتم توجيه محضر أشغال لجنة الدراسة مرفوقا بجميع الوثائق إلى رئيس الجماعة داخل أجل لا يتعدى ثلاثة (3) أيام مفتوحة تحتسب من تاريخ انعقاد اجتماع لجنة الدراسة قصد اتخاذ القرار المناسب، ويتعين على رئيس المجلس الجماعي أن يقرر مآل طلب بإحداث التجزئة العقارية على ضوء الآراء والاستشارات المعبر عنها من طرف أعضاء لجنة الدراسة، ولا يمكن في أي حال من الأحوال تسليم الرخصة دون الحصول على الرأي المطابق الذي يبديه ممثل الوكالة الحضرية على مستوى لجنة الدراسة.

ويجب أن يصدر قرار الإذن بإنشاء التجزئة العقارية في أجل 3 أشهر على تقديم طلب إحداثها، وفي هذه الحالة يبلغ الإذن إلى طالبه برسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم في أجل لا يتعدى يومين مفتوحين يحتسبان من تاريخ إصدار هذا القرار ويشفع من كل وثيقة من الوثائق المرسومة والمكتوبة للملف الذي يتضمن رأي أعضاء لجنة الدراسة بعد وضع عبارة "غير قابلة للتغيير".

وإذا كان الأصل هو أن تصدر الموافقة صريحة للطلب فإن المشرع قد خرج عن هذا الأصل وقرر أنه قد يصدر الإذن ضمنا ويترتب عليه ما يترتب على الإذن الصريح حيث إنه بمجرد انقضاء 3 أشهر من تقديم الطلب دون أن يصدر قرار من الجهة المختصة يعتبر بمثابة موافقة على طلب الإذن.

لكن في حالة عدم وجود تصاميم التنطيق والتهيئة أو عدم ملائمة المشروع لهذه التصاميم، فإن سكوت الإدارة يعتبر رفضا ضمنيا للطلب.

ب ـ رفض الطلب

يمكن للسلطة المختصة بمنح الإذن أن تصدر قرارا سلبيا يتعلق برفض الطلب، وقد حددت المادة 5 من قانون 25.90 حالتين لا يقبل فيهما طلب الإذن وهما:

  1. الحالة التي تكون فيها الأرض المراد تجزئتها محفظة ولا بصدد التحفيظ.

  2. الحالة التي يكون فيها ملف طلب الإذن لا يتضمن جميع المستندات المنصوص عليها قانونا.

وعدم القبول مسطريا لا يعني رفض المشروع، وإنما يمكن إعداد الملف من جديد وتحضير طلب مستكمل للشروط الناقصة لعرضه مجددا على السلطات المختصة لتبدي رأيها فيه.

ويجب أن يكون رفض الإذن بالقيام بالتجزئة معللا بالأسباب التي تبرره لأن قرار رئيس المجلس الجماعي قرار إداري يخضع للرقابة.

المطلب الثاني: الرقابة القبلية على عملية البناء

من بين أهم وسائل الرقابة على عمليات البناء نجد رخصة البناء، هذه الرخصة التي تطلبها المشرع للقيام بعمليات البناء وبعمليات أخرى، وسنتناول في هذا المطلب نطاق رخصة البناء في (الفرع الأول) على أن نتناول في (الفرع الثاني) دراسة ملف طلب رخصة البناء وتسليمها.

الفرع الأول: نطاق رخصة البناء

عرف القضاء الفرنسي رخصة البناء بأنها "ترخيص إداري وإجراء من إجراءات الضبط الإداري وتعني الترخيص بعمل، أي السماح بالقيام بعمل وليس لها علاقة بحق الملكية، أي أنها لا تمنح حقا بالملكية وليس لها أي أثر فيما يتعلق بملكية الأرض".

من خلال هذا التعريف يتبين أن رخصة العمل تسمح بالقيام بعمل، وبالتالي يجب تحديد نطاق هذا العمل سواء المكانية أم طبيعة العمل.

أولا: نطاق رخصة البناء من حيث الدوائر الملزمة بها

حددت المادة 210 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير المناطق التي لا يجوز البناء فيها دون الحصول على رخصة البناء، ويتعلق الأمر بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة وكذا المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمجموعات العمرانية وأيضا لا يجوز البناء دون رخصة في جميع أو بعض أراضي جماعة قروية أو جماعات قروية تكتسي صيغة خاصة تستوجب خضوع تهيئتها لرقابة إدارية، وكذا على طول السكك الحديدية وطرق المواصلات غير الطرق الجماعية إلى غاية عمق كيلومتر واحد ابتداء من محور السكك الحديدية أو الطرق المذكورة، وعلى طول الملك العام البحري إلى غاية عمق مبلغ خمسة كيلومترات.

كما أوجب المشرع الحصول على رخصة البناء داخل التجزئات المأذون في إحداثها عملا بالقانون 25.90 كما أن رخصة البناء واجبة التوفر في العمارات المتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاق تشييدها وذلك حسب ما ينص عليه الفصل 7 من ظهير 1960 حيث جاء فيه: "يمنع في العمارات القروية المتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاقها تشييد أية بناية دون الحصول على إذن بالبناء تسلمه السلطة المحلية".

ولقد نصت المادة 42 من القانون 12.90 على أنه يجوز فرض الحصول على رخصة البناء خارج الدوائر المنصوص عليها في المادة 40 وذلك إما في جميع أو بعض أراضي المملكة أو فيما يتعلق ببعض أصناف المباني التي تحدد بمرسوم.

ثانيا: النطاق من حيث أعمال البناء المعنية بالترخيص

إن رخصة البناء تتطلب الحصول عليها إما لأجل القيام بتشييد بناء أو القيام بتغيرات وهكذا تطالعنا المادة 40 من قانون التعمير بأنه يمنع القيام بالبناء دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك، ويقصد بالتشييد الإنشاء أو الاستحداث بمعنى البدء في إقامة مبنى لأول مرة بداية بوضع الأساسات، كما تكون بصدد تشييد بناية جديدة في حالة الهدم وإعادة البناء.

وتنص كذلك نفس المادة على أنه "ويجب الحصول على رخصة البناء كذلك في حالة إدخال تغييرات على المباني القائمة إذا كانت التغييرات المزمع إدخالها عليها تتعلق بالعناصر المنصوص عليها في الضوابط المعمول بها، كما يجب كذلك الحصول على رخصة البناء على كل تغيير كيفما كانت طبيعته يهم واجهة البناية.

وبالرجوع إلى المادة 63 نجدها تنص على أنه "لا تسري أحكام الباب الثالث من هذا القانون على المنشآت الفنية (الجسور والأنفاق...) ولا على التجهيزات الأساسية كالخزانات الأساسية والسدود..."، حيث أن هذه المادة تضع استثناءاته على الأشغال التي لا تتطلب الحصول على رخصة البناء، لكن ما يلاحظ على هذه المادة أنها لم تحدد مفهوما دقيقا للمنشآت الفنية والتجهيزية الأساسية، مما ترك للسلطة الإدارية بمنح الإذن إعمال سلطتها التقديرية لتحديد نوع تلك المنشآت والتجهيزات التي هي معفاة من الرخصة.

الفرع الثاني: تسليم رخصة البناء

بعد أن تتم دراسة الملف من طرف رئيس الجماعة يعطي قرار بشأن الرخصة وهذا القرار اللجنة فإن إما بالموافقة وإما بالرفض وإما بتأجيل  البث في الرخصة.

أولا: قرار بالموافقة على منح الرخصة

بعد ان يتأكد رئيس الجماعة من أن المبنى المزمع إقامته تتوفر فيه الشروط التي تفرضها الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خصوصا الأحكام الواردة في تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة يقوم بتسليم رخصة البناء إلى طالبها، وذلك دون إخلال بوجوب إحراز الرخص الأخرى المنصوص عليها في تشريعات خاصة وبعد أخذ الآراء والحصول على التأشيرات المقررة بموجب الأنظمة الجاري بها العمل (المادة 43 من القانون 12.90).

وتجدر الإشارة إلى أن رخصة البناء المسلمة من أجل إقامة بناء داخل المناطق المحيطة يقوم بتسليمها رئيس المجلس القروي بتنسيق مع رئيس المجلس الحضري، لكن على المستوى العملي غالبا ما لا يحترم رئيس المجلس القروي هذا التنسيق ويقوم بتسليم الرخص مما قد ينتج عنه بنايات غير منظمة في المستقبل إذ أن هذه المناطق هي موروث مستقبلي للجماعة الحضرية التي قد تكون لها رؤية لتأهيل تلك المناطق.

ثانيا: الموافقة الضمنية

القاعدة أن رخصة البناء تمنح بشكل صريح من طرف السلطة المختصة لطالبها، غير أنه عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول على رخصة البناء فإن سكوت رئيس مجلس الجماعة يعتبر قبولا ضمنيا وهو ما نصت عليه المادة 48 من القانون 12.90 وكذلك الفصل 7 من ظهير 1960).

وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار لها جاء فيه "وحيث أن الطلب المودع بالمجلس الجماعي بتاريخ 18-07-2007 يهدف إلى الترخيص إلى بناء واستئناف أشغال البناء، ولم تجبه الجهة المعنية أو تطلب منه وثيقة تعديلية إذا كان الأمر ضروريا، وأنه حسب المادة 48 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير ففي حالة سكوت رئيس المجلس الجماعي تعتبر رخصة البنك مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها".

ثالثا: تأجيل البث في طلب الرخصة

إلى جانب الرخصة الصريحة والرخصة الضمنية فإن رئيس مجلس الجماعة يمكن أن يتخذ قرار تأجيل البث في طلب رخصة البناء وذلك إذا كان الغرض المخصصة له الأراضي غير محدد في تصميم التهيئة أو تصميم التنطيق، وذلك بعد استطلاع رأي الإدارة المكلفة بالتعمير وهذا التأجيل يكون مسببا ويجب ألا تتعدى مدته سنتين.

ومما تجدر الإشارة إليه في الأخير أن هذه الرخصة المسلمة من طرف رئيس المجلس الجماعي يجب أن تتضمن إلزام المستفيد منها إيداع تصريح بانفتاح الورش موقع من طرف المهندس المعماري المشرف على الورش في المشاريع الخاضعة لإلزامية الاستعانة بالمهندس المعماري، كما يلزم بوضع سياج محيط بالورش ولوحة عند مدخله تبين رقم الرخصة وكذا تاريخ تسليمها وعند الطوابق والمساحة المغطاة واسم صاحب المشروع والمهندس المكلف بتتبع الأشغال وكذلك وضع الوثائق المرخصة الحاملة لتأشيرات المصالح المختصة ولعبارة "غير قابل للتغيير" داخل الورش وكذلك الوثائق التقنية المنجزة من طرف مهندس مختص وذلك طيلة مدة إنجاز الأشغال وعند الانتهاء من الورش فإن المستفيد من الرخصة يضع تصريحا بإغلاق الورش وانتهاء الأشغال بمقر الجماعة وكل ذلك طبقا لما تنص عليه المادة 54-1 من القانون 12.90.

المبحث الثاني: الرقابة البعدية على عمليات التجزيء والبناء

تعتبر الرقابة البعدية  مرحلة ثانية لاستكمال الإدارة رقابتها على عمليات البناء و التجزئ ، إذ هي رقابة هدفها ثني صاحب الشأن عن المغامرة بتشييد بناء أو تجزئة بدون احترام المواصفات التقنية والضوابط القانونية التي  منحت على إثرها الإذن بإحداث تجزئة، أو رخصة البناء، و تكمن هذه الرقابة في فرض رقابة إدارية (المطلب الأول) وأخرى زجرية (المطلب الثاني)

المطلب الأول: الرقابة الإدارية البعدية على عمليات التجزئ والبناء

لمقاربة الرقابة البعدية على عمليات البناء والتجزئ سوف نعمد إلى دراسة الآليات التي تعتمدها الإدارة لفرض رقابتها على عمليات التجزئ (الفرع الأول) والبناء (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الرقابة الإدارية البعدية على عملية التجزئ

قبل السماح للمجزئ من إبرام المعاملات على بقع التجزئة ألزمه المشرع عند نهاية أشغال التجهيز بتقديم تصريح بذلك إلى المجلس الجماعي المختص، ويعقب هذا التصريح خضوع التجزئة العقارية لتحقق والمراقبة، ليصدر في أول الأمر التسلم المؤقت (أولا)، وفي مرحلة ثانية التسلم النهائي (ثانيا).

أولا: التسلم المؤقت

يعتبر التسلم المؤقت من أهم الآليات الرقابية التي تملكها الإدارة على أشغال التجهيز لضمان حسن الأشغال المقامة، وكذا وسيلة لتحقق من أشغال التهيئة وإعداد الأرض للبناء والصرف الصحي قد تم إنجازها وفق ما ينص عليه المشروع الذي صدر الإذن بشأنه.

فبعد انتهاء أشغال التجهيز يجب على المجزئ أن يقدم تصريحا إلى السلطة المختصة بتسليم الإذن بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو إيداعه بمقر هذه السلطة مقابل وصل، هذه الأخيرة عليها أن تصدر محضر التسلم المؤقت خلال الخمسة والأربعين يوما التي تلي التصريح بانتهاء الأشغال.

وتعتبر هذه المدة مبالغا فيها بعض الشيء، إذ من شأنها إطالة وتعقيد المسطرة مما يترتب عنه بطء المعاملات وضياع فرص المستثمرين.

وتتولى التسلم المؤقت لجنة حددت في تأليفها المادة 16 من المرسوم التطبيقي لقانون 25.90، حيث تقوم بعد انتهاء اجتماعها إما تحرير محضر التسلم المؤقت لأشغال وإما وثيقة المعاينة تثبت عدم مطابقة الأشغال المنجزة لما تنص عليه المستندات الموافق عليها، وفي هذه الحالة يجب على صاحب التجزئة داخل المحدد فيها بعد تبليغه بوثيقة إثبات حال المعاينة بتسوية الوضعية القائمة، ويكون للسلطة المحلية أن تقوم تلقائيا وعلى نفقة مالك الأرض بهدم المنشآت المقامة بصورة غير قانونية أو بإنجاز المنشآت اللازمة (المادة 26).

إلا أن الملاحظ على مستوى الممارسة أن المادة المذكورة تكاد تكون قد ولدت ميتة طالما أن اللجنة في الغالب الأهم من الحالات لا تلزم المعني بالأمر بآجال محددة، كما ان السلطة المحلية لا تتدخل لإنجاز الأشغال، كما تجدر الإشارة كذلك إلى الخروقات الكثيرة التي يتم ارتكابها من قبل الإدارات المتدخلة في هذا الشأن، حيث غالبا ما يتم التسليم المؤقت لأشغال التجهيز رغم عدم إتمام الأشغال بحجة تبسيط المساطر وتبسيطها، حيث يقوم المجزئ بتوقيع تعهد يتعهد من خلاله بإتمام الأشغال فيما بعد الشيء الذي يشكل خرقا واضحا للمقتضيات المادة 26 الآنفة الذكر.

الأمر الذي يترتب عنه عدم إنجاز الأشغال المتبقية وبالتالي تشويه المشهد الحضري والعمراني بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من التصرفات غير القانونية التي يقوم بها مجموعة من رؤساء المجالس الجماعية والمتمثلة في تسليم شهادة التسلم المؤقت رغم عدم موافقة بعض المصالح المكونة للجنة المذكورة، رغم أن القانون لا يتحدث إطلاقا على شهادة التسلم المؤقت بل على محضر التسلم المؤقت كما يتبين ذلك من خلال المادة 35 من ق 25.90.

كما أن بعض العدول والموثقين والمحافظين على الأملاك العقارية مأموري إدارة التسجيل الذين يحررون ويتلقون العقود المتعلقة بعمليات البيع والإيجار والقسمة، بناء على شهادة مسلمة من رئيس المجلس الجماعي، دون التأكد من مدى وجود نسخة مشهود بمطابقتها الأصل من محضر التسلم المؤقت كما تقر بذلك المادة 35 السالفة الذكر.

وما يجب الإشارة إليه في الأخير أنه إذا أنجزت أشغال تجهيز التجزئة على أقساط جاز إبرام العقود المتعلقة بعملية البيع والإيجار والقسمة في القطاعات التي تم التسلم المؤقت لأشغال التجهيز (المادة 34).

ثانيا: التسلم النهائي

يعتبر التسلم النهائي إجراء مكمل لتسلم المؤقت، إذ بموجبه تتأكد الإدارة من سلامة التجهيزات والأشغال من العيوب التي قد تشوبها، من خلال التأكد أن الطرق ومختلف الشبكات التي تم إنجازها قد أنجزت بطريقة تتلاءم مع القواعد القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل في المجال العمراني.

وتتولى إعطاء التسلم النهائي نفس اللجنة التي قامت بالتسلم المؤقت وذلك بعد مضي سنة على تحرير محضر التسلم المؤقت لأشغال حيث يقوم رئيس الجماعة الحضرية بتسليم شهادة تثبت أن الطرق ومختلف الشبكات توجد في حالة سليمة وذلك بعد موافقة اللجنة السالفة الذكر، ويترتب على ذلك إلحاق طرق التجزئة وشبكات الماء والمجاري والكهرباء والمساحات غير المبنية المغروسة بالأملاك العامة للجماعة ويكون إلحاق الطرق والشبكات والمساحات المشار إليها أعلاه بالأملاك العامة للجماعة محل محضر يجب قيده باسمها في الصك العقاري الأصلي للعقار موضوع التجزئة، ويباشر هذا القيد مجانا بطلب من الجماعة التي يعنيها الأمر.

وتعتبر شهادة سلامة التجهيز المسلمة من طرف رئيس الجماعة بمثابة إبراء ذمة صاحب المشروع اتجاه الجماعة، إلا أن هذه التبرئة لا تسري في مواجهة الأطراف الأخرى التي تعامل معها المجزئ لمطالبته بمن فيهم مشتري البقع الأرضية، حيث لهذا الأخير الرجوع على المجزئ لمطالبته بالضمان وفقا للقواعد العامة في حالة ظهور عيب موجب للضمان.

ويمكن لرئيس المجلس الجماعي مطالبة المجزئ بإزالة العيوب التي ضبطتها اللجنة المختصة وهذا ما يؤدي إلى تعليق التسلم النهائي وعدم القيام به، إلا إذا أزال المجزئ العيب المضبوط من لدن اللجنة المختصة.

فبالرغم من هذه الآثار المهمة التي تصاحب التسلم النهائي، إلا أنه هناك مجموعة من الثغرات التي لازالت تشوب هذا التسليم منها عدم إجبار المجزئ للمطالبة برخصة التسلم النهائي لأشغال تحت طائلة غرامة تهديدية مثلا، يطرح عدة إشكالات على المستوى العملي فقد أثبت الممارسة عدة خروقات قانونية ناتجة عن عدم تسلم الأشغال، حيث تظل بذلك الطرق والمساحات الخضراء في ملكية المجزئ مما يضعف بالضمانات الكفيلة بالحفاظ على الأملاك الجماعية، وفي هذا الصدد يقترح الأستاذ محمد مالكي أن يعتبر محضر التسلم المؤقت لأشغال بمثابة شهادة تخول للجماعة تملك الطرق والمرافق الجماعية والفضاءات الخضراء.

بالإضافة إلى ذلك فإن المشرع حين تحدث عن قيام اللجنة المختصة بواجبها، سكت عن جانب أهم وأخطر وهو إخلال هذه الأخيرة بواجبها أو بالأحرى تواطؤها بعد اكتشافها للعيوب التي تشوب أشغال التجهيز ولم تخطر المجزئ.

وعموما فإن إنجاز التسلم النهائي يترتب عليه عدة آثار وهي تسليم شهادة بسلامة التجهيزات وإضافة الملحقات ذات النفع العام إلى الملك الجماعي، وقيد الملحقات في الرسم العقاري الأصلي للعقار باسم الجماعة وفقا لرخصة البناء.

وتسلم هذه الشهادة من طرف رئيس مجلس الجماعة بموجب تصريح يدلي به المعني بالأمر بانتهاء الأشغال.

لكن قبل تحرير هذه الشهادة اشترط المشرع القيام بمعاينة للتحقق من الأشغال قد أنجزت وفق ما يجب.

بيد أنه إذا تولى مهندس معماري إدارة الأشغال يمكن الاكتفاء بشهادته عن المعاينة، يشهد فيها أن الأشغال قد م إنجازها وفقا للتصاميم المرخصة وهذه الشهادة تغني عن شهادة المعاينة التي تقوم بها الجماعة.   

الفرع الثاني: الرقابة البعدية على عملية البناء

تعتبر الرقابة البعدية آلية تسعى الإدارة من خلالها إلى التأكد من ان جميع الأعمال قد احترمت المقتضيات المنصوص عليها، ويعد الحصول على رخصة السكن وشهادة المطابقة (أولا) بمثابة ترخيص على أن البناء قد توفر فيه جميع شروط الصحة والسلامة، وكل المقومات التي كانت وارء الحصول على رخصة البناء، غير أنه قد تكون بعض البنايات غير قانونية مما يستدعي على المعني الحصول على رخصة التسوية (ثانيا).

أولا رخصة السكن وشهادة المطابقة

تعتبر شهادة المطابقة وشهادة السكن من بين المقتضيات القانونية التي وضعها المشرع في يد السلطات الإدارية، التي تسعى من خلالها الإدارة التأكد من أن جميع الأعمال احترمت المقتضيات المنصوص عليها، فهذان الشهادتان تعتبران بمثابة ترخيص على أن البناء تتوفر فيه شروط الصحة والسلامة وكل المقومات التي كانت وراء الحصول على رخصة البناء وأن صاحب البناء احترم مقتضيات الترخيص الإداري.

وقد ألزمت المادة 55 من قانون 12.90 على الحصول على هاتين الرخصتين، إذ أقرت على أنه لا يجوز لمالك المبنى أن يشغل بناءه بعد انتهاء الأشغال إلا إذا حصل على رخصة السكن إذا تعلق الأمر بعقار مخصص للسكن، وعلى شهادة المطابقة إذا كان العقار مخصص لغرض آخر غير السكن.

فبالرغم من هاته الإلزامية إلا أن المشرع لم يحدد أجلا محدد للتصريح بانتهاء عملية البناء.

وهذا على عكس المشرع الجزائري الذي ألزم المستفيد من رخصة البناء عند الانتهاء من أشغال البناء والتهيئة أن يصبح بذلك وفقا للمادة 66 من المرسوم التنفيذي رقم 15-19 المحدد لكيفيات تحضير عقود التعمير وتسليمها، والتي تنص "يودع المستفيد من رخصة البناء خلال أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ الانتهاء من الأشغال".

لذلك نعتقد أنه يجب على المشرع أن يحدد أجلا للتصريح بانتهاء الأشغال كما هو الحال بالنسبة للمشرع الجزائري.

ويتم تسليم هذه الرخصة من طرف رئيس الجماعة بعد إجراء معاينة تقوم بها لجنة مكونة من ممثلي العمالة أو الإقليم بالإضافة إلى أي شخص يرى فائدة في الاسترشاد برأيه، يتم دعوته من طرف رئيس مجلس الجماعة نظرا لخصوصية بعض ملفات الطلبات.

غير أنه إذا تولى مهندس معماري إدارة الأشغال يمكن الاكتفاء بشهادته عن المعاينة يشهد فيها أن الأشغال قد تم إنجازها وفقا للتصاميم المرخصة.

غير انه ما يمكن ملاحظته بخصوص هذه النقطة على المستوى الواقع العملي، أنه قد يحصل أن بعض المهندسين يتغاضون عن بعض المخالفات التي شابت البناء والتي لم تحترم التصاميم المرخصة، حيث يتم تحرير شهادة المعاينة من طرفهم تثبت أن الأشغال قد تم إنجازها وفقا للتصاميم المرخصة بالرغم من كون هذا البناء لم يحترم التصاميم المرخصة، ولتفادي إيقاع مسؤوليتهم في المستقبل فإنهم عادة ما يعمدون إلى تضمين تاريخ سابق عن تاريخ المعاينة الحقيقي.

بالإضافة إلى ذلك هناك ظاهرة أخرى بدأ صداها ينتشر عقب حدوث بعض الإنهيارات  للعمارات قائمة، و يتعلق الأمر بظاهرة "المهندسيين الموقعيين"  و هي ظاهرة تقوم على ببيع بعض المهندسيين لتوقيعاتهم وخواتم تصاميم مشاريع، دون تتبع أوراشها ومراقبتها،إذ أن تصاميم المشاريع المرخص لها لا تنجز من قبل مهندسين، وإنما تحمل توقيعاتهم فقط، إذ يتم إعدادها من قبل تقنيين ومخططين، الأمر الذي تسبب في حدوث بعض الانهيارات للعمارات كان سببها الرئيس هو تصاميم لا تراعى فيها مقومات السلامة أنجزت من طرف أشخاص غير مؤهليين لإعداد التصاميم، موقعة من طرف مهندس

 و بالرجوع إلى المسطرة المتبعة، فإنه إذا كانت الرخصة تتعلق بالمباني المنصوص عليها في المادة 44 من قانون 12.90 فإنه يجب الحصول على شهادة مطابقة الأشغال مسلمة من طرف المصالح المختصة في الاتصالات السلكية واللاسلكية.

وعندما يتولى صاحب تجزئة عقارية إقامة مبان في تجزئته فإن الرخصتين لا يجوز تسليمهما إلا بعد الحصول على التسليم المؤقت للتجزئة العقارية.

وبخصوص أنواع القرارات المتخذة من طرف السلطة المعنية عند دراسة هاتين الوثيقتين نجد قرارات منح الرخص، أو رفضها ولا يمكن أن تكون هذه القرارات ضمنية في حالة سكوت الإدارة واعتبارها قبولا أو رفضا ضمنيا، بل يمكن للمعني بالأمر اللجوء إلى العامل من أجل ممارسة حقه في الحلول محل رئيس الجماعة.

وإذا لم يستجب لطلبه آنذاك يمكنه اللجوء إلى القضاء من أجل اقتضاء حقه في الحصول على الرخصتين وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حيث ورد ضمن حيثيات أحد قراراتها على أنه "وحيث لما كان الثابت من وثائق الملف أن طلب تسليم شهادة المطابقة أحيل على الجماعة الحضرية للدار البيضاء من طرف مقاطعة سيدي مومن طبقا للقانون وكان الثابت من محضر معاينة البنايات ورخصة السكن والمطابقة الصادرة عن مقاطعة سيدي مومن أن المحل المخصص للصيدلية مطابق للتصميم المرخص كما أن تصريحا بنهاية أشغال البناء ومطابقتها فيما يخص تغير السكنى مناجل إحداث صيدلية بالعنوان المشار إليه قد منح المدعي فغن الطلب يكون مستوفيا للمقتضيات القانونية الموجبة لمنح الشهادة المطلوبة، وحيث تأسيسا عليه يكون الطعن وجيها ومبررا ويتعين الاستجابة له".

وعموما فإن رخصة السكن وشهادة المطابقة تعد وسيلة إدارية قانونية تتوج بها عملية الرقابة البعدية بعد انتهاء إنجاز أعمال البناء المرخص بها والتحقق من مدى احترام المستفيد من الترخيص بالبناء للقواعد المنظمة للبناء. 

المطلب الثاني: ضبط المخالفات كآلية للرقابة البعدية

 من أجل ضبط المخالفات المشرع المغربي اعتمد على نظاما زجريا مزدوجا، الزجري الإداري (الفرع الأول) ثم الزجر القضائي ( الفرع الثاني).

الفرع الأول: الزجر الإداري

      من القرارات التي تتخذها السلطات في إطار العقوبات الإدارية المفروضة على المخالفين لضوابط البناء و التعمير، نجد القرار بإيقاف أشغال البناء كلما كانت الأشغال موضوع المخالفة ما زالت في طور الإنجاز، و كذلك القرار بهدم ما تم بناؤه وذلك في الحالة ارتكاب مجموعة من الأفعال المنصوص عليها في قانون التعمير. 

أولا: قرار إيقاف أشغال البناء

       يعتبر وقف الأشغال من بين الجزاءات الإدارية التي تلجأ إليها الجهات المختصة، لفرضها على المخالف لمقتضيات القانون رقم 12.90 المغير و المتمم بالقانون رقم 66.12، والقانون 25.90 كما تم تغييره وتتميمه بالقانون 66.12.

      فحسب المادة 67 و 63-3 من القانون 66.12 " يتخذ المراقب أو ضابط الشرطة القضائية، مباشرة بعد معاينة المخالفة أمرا بإيقاف الأشغال في الحال، إذا كانت أشغال البناء المكونة للمخالفة ، مازالت في طور الإنجاز، ويرفق الأمر المذكور الموجه إلى المخالف بنسخة من محضر المعاينة.

يبلغ الأمر الفوري بإيقاف الأشغال إلى كل من السلطة الإدارية المحلية، ورئيس المجلس الجماعي ومدير الوكالة الحضرية ".

      ومن خلال ما سبق أصبح الأمر بإيقاف الأشغال من اختصاص المراقب أو ضابط الشرطة القضائية الذي عاين المخالفة، و أصبح هذا الأخير ملزما باتخاذ هذا الأمر فور معاينة المخالفة، فيوجهه مرفوقا بمحضر المعاينة إلى المخالف. و الغاية من هذا التعديل هو السرعة و الفعالية في ردع مخالفات البناء، فعوض أن يوجه المحضر إلى رئيس المجلس الجماعي للقيام بهذا الإجراء مع ما يترتب عن ذلك من تأخير في المسطرة تكون نتيجته هي التمادي في المخالفة، ارتأى المشرع وهو موفقا في ذلك إسناد أمر القيام بهذا الإجراء لمن عاين المخالفة ابتغاء للسرعة و الفعالية في ردع المخالف، وإضفاء نوعا من الهيبة على مؤسسة المراقب أو ضابط الشرطة القضائية اتجاه المخالفين، حيث غالبا ما كان إلى المراقب نظرة دونية لأنه ليست لديه سلطة على المخالف سوى تحرير محضر المعاينة و توجيهه لرئيسه الذي تبقى له الصلاحية في القيام بالإجراءات الأخرى أو غض الطرف عنها. 

     ونشير إلى أنه يترتب على الأمر بوقف الأشغال إما قيام المخالف بالاستجابة لهذا الأمر ويتخذ التدابير الضرورية لإنهاء المخالفة، و بالتالي وقف المسطرة الزجرية، وإما أن يرفض الأمر أو يتماطل عن تنفيذه، وهنا لا يكون أمام السلطة الإدارية المختصة إلا القيام بحجز مواد البناء

 ونعتقد أن القيام بهذا الحجز يعتبر إجراء وقتيا غير كافي أو غير فعال، على اعتبار أن المخالف يمكن أن يستعين بمواد و أدوات أخرى، وبذلك من الواجب التفكير في حل رداع للمخالف يوقفه عن التمادي في ارتكاب المخالفة .  

ثانيا: قرار الهدم

     المقصود بالهدم هنا ليس العملية التي يقدم شخص معنوي أو ذاتي عليها لهدم بناء قائم بإزالته برمته أو إزالة جزء منه، بل نعني به العقوبة التي تتولها السلطة المختصة كجزاء على المخالفات المرتكبة بمجال البناء و التجزيء، وتعتبر هذه العقوبة من بين أخطر الإجراءات التي تتخذها السلطات المختصة في حق المخالف. 

     وتعددت التعاريف الفقهية لقرار الهدم حيث نجد البعض عرفه على أنه : " هو إزالة البناء المخالف كله أو بعضه على وجه يصير الجزء المهدوم غير صالح للاستعمال فيما أعد له "، ويعتبر هذا الإجراء أخر التدابير الإدارية التي يمكن أن تلجأ إليها السلطات الادارية، غير أنه لا يطبق إلا في الحالات التالية :

+ إذا كانت المخالفة تتمثل في القيام بإحداث تجزئة عقارية أو مجموعة سكنية،

+ إذا كانت الأفعال المكونة للمخالفة يمكن تداركها لكونها لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير و البناء التي تم خرقها ، وذلك بعد عدم استجابة المخالف للاعذار الموجه إليه لإنهاء المخالفة،

+ إذا كانت المخالفة تتمثل في القيام ببناء من غير الحصول على رخصة سابقة بذلك،

+ إذا كان البناء غير مطابق للرخصة المسلمة في شأنه من حيث عدم تقيده بالعلو المسموح به بزيادة أو الشروع في زيادة طابق أو طوابق إضافية أو بالمواقع المأذون فيها أو بالمساحة المباح بناؤها أو الضوابط المتعلقة بمتانة البناء و استقراره أو باستعمال المواد أو الطرق المحظورة في البناء أو بالغرض المخصص له البناء.

+ على ملك من الأملاك العامة أو الخاصة للدولة و الجماعات الترابية، و فوق الأراضي التابعة للجماعات السلالية،

+ في منطقة غير قابلة للبناء بموجب وثائق التعمير.

      إلا أنه رغم التنصيص على التدخل التلقائي لتنفيذ عمليات الهدم في الحالات المذكورة، فإن الدورية المشتركة رقم 07/17 دعت إلى تحصين استعمال هذا الاختصاص من كل النقائص الإجرائية التي قد تؤدي إلى طعنه قضائيا، وذلك باتباع نفس الاجراءات المتعلقة بمعاينة المخالفة و تحرير محضر في شأنها و تبليغه إلى الأطراف المعنية، ثم إصدار الأمر الفوري بإيقاف الأشغال وفق نفس الضوابط ، والعمل على استدعاء لجنة الإشراف على الهدم من أجل هدم البناء موضوع المخالفة على نفقة المخالف. 

     إلا أن السؤال الذي يطرح هو هل إصدار قرار الهدم يعني بضرورة إنهاء المخالفة وردع المخالف؟

للأسف ليس كل إصدار لقرار الهدم يتوج بتنفيذه و إنهاء المخالفة ولعل ذلك يرجع لعدة أسباب منها :  

+ الاعتمار بالمحلات موضوع المخالفة،

+ العيان وعدم الامتثال،

+ عدم التوفر على المعدات و الآليات اللازمة للهدم، 

+ عدم التزام المصالح المعنية بالحضور في عملية الهدم،

+ الطعن بالإلغاء في الأمر بالهدم وطلب توقيف التنفيذ.

الفرع الثاني: الزجر القضائي 

  المشرع المغربي قد جرم مجموعة من الأفعال سواء فيما يتعلق والبناء أو  التجزيء، وعاقب مرتكبيها بعقوبات مالية أحيانا و عقوبات حبسية أحيانا أخرى وذلك حسب خطورة الفعل.

أولا : جرائم التعمير المنصوص عليها في قانون 12.90 

  تشمل جرائم التعمير المنصوص عليها في قانون 12.90 كل من جريمة البناء دون الحصول على رخصة ، جريمة تشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة، جريمة تغيير البناء الموجود دون الحصول على رخصة، جريمة استعمال المبنى دون الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة و جريمة إقامة بناية فوق ملك الدولة و الجماعات الترابية و الأراضي السلالية.

+ جريمة البناء دون الحصول على رخصة:

    تعتبر جريمة البناء دون الحصول على رخصة من الجرائم الإيجابية، و التي تتمثل في قيام الجاني بعمل إيجابي، ينهي عنه القانون، كما تعتبر من الجرائم العمدية، و تعتبر جريمة متتابعة الأفعال التي كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية. حيث نجد المشرع المغربي يعاقب مرتكب الفعل بغرامة من  10.000 إلى 100.000 درهم، وهذا ما أكدته المحكمة الابتدائية بتازة "وحيث انه يعاقب طبقا للفقرة الأولى من المادة 71 من قانون التعمير كل شخص يباشر بناء من غير الحصول على رخصة بذلك مما تكون معه المحكمة قد توفرت لديها العناصر الكافية و اقتنعت بثبوت الجنحة المسطرة في حق المتهم أعلاه الأمر الذي يتعين معه مؤاخذته من اجل المنسوب إليه."

 ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر في حالة العود.

غير أنه من خلال تفحص الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية نجد هناك تباين في الأحكام، ولو تعلق الأمر بنفس الجريمة وهي البناء بدون رخصة، إذ نجد بعض الجناة يقومون ببناء عدة طوابق وتحكم عليهم المحكمة بغرامات هزيلة فقط، وهذا على خلاف شخص يقوم ببناء جدار مثلا نجد المحكمة تحكم علية بالغرابة و الهدم، ومن هذه التناقضات نجد حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتازة ، حكمت فيه بغرامة نافذة قدرها 1000درهم مع الصائر وذلك نتيجة بناء طابق أرضي بدون رخصة و لا تصميم. وعن نفس المحكمة، صدر نفس الحكم و في نفس اليوم و ذلك بعد ارتكب الضنين الجنحة البناء بدون رخصة ببناء جدار، وتم الحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 1000 درهم نافذة مع الصائر.

+ جريمة تشييد بناء خلافا لرخصة المسلمة :

وذلك بتغيير العلو المسموح به أو تغيير الأحجام و المواقع المأذون فيها أو بتغيير المساحة المباح بناؤها أو بتغيير الغرض المخصص له البناء يعاقب مرتكب هذه المخالفة بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم و بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر لكل من سلمت له رخصة بناء و قام بتشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة له وذلك بزيادة طابق أو عدة طوابق.

+ رخصة تغيير البناء الموجود دون الحصول على رخصة : 

أوجب المشرع المغربي على كل من يريد القيام بإصلاح أو ترميم البناء الحصول على رخصة بذلك، وكل من خالف هذا المقتضى يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم، وبغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم إذا كان التغيير يتعلق أساسا بواجهة البناية.

+ جريمة استعمال المبنى دون الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة :

إن استعمال البناء دون الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة هو محفوف بأخطار كبيرة، مما يعني بالدرجة الأولى أن المعني بالأمر لم يحترم التصاميم المرخص بها وكذا الضوابط المعمول بها أو تحايل في البناء بالغش أو غيره.ولمواجهة هذه الجريمة فالمشرع المغربي أقر عقوبات في حق كل الجناة الذين استعملوا البناء دون الحصول إذن مسبق حيث نص من خلال مقتضيات المادة 75 على أنه " يعاقب بغرامة من 2.000 إلى 10.000 درهم مالك المبنى الذي يستعمله لنفسه من غير الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة.

غير أنه إذا جعل المبنى في متناول الغير لاستعماله قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة فيعاقب بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم ".

+ جريمة إقامة بناية فوق ملك الدولة أو الجماعات الترابية و الاراضي السلالية: 

يعاقب مرتكب المخالفة بغرامة من 100.000 إلى 200.000.


ثانيا : جرائم التجزيء المنصوص عليها في القانون 25.90

تشمل جرائم التجزيء كل من جريمة إحداث تجزئة عقارية دون الحصول على رخصة التجزيء وجريمة التصرف في التجزئة دون الحصول على الترخيص.

+ جريمة إحداث تجزئة عقارية دون الحصول على رخصة التجزيء :

   تتجسد صورة هذه الجريمة في قيام المجزئ بالتجزيء دون الحصول على رخصة مسبقة، أو في حالة ما إذا شرع في الأشغال قبل الحصول على الرخصة، أو بعد رفض الإذن لقيامه بعملية التجزيء. وكذلك من صور هذه الجريمة التجزيء بالاستناد إلى رخصة غير صالحة سواء ثم إبطالها، باعتبارها غير قانونية، أو في حالة سحب الرخصة لسبب من الأسباب المشروعة، أو في حالة تقادم، أو انتهاء صلاحية الرخصة بمضي الأجل القانوني من غير القيام بعملية التجزيء.  

حيث نص المشرع المغربي على عقوبات زجرية لمعاقبة كل فرد قام بعملية التجزيء من غير الحصول على الرخصة بغرامة من 100.000 إلى 5.000.000 درهم، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100.000 إلى 200.000 درهم على إحداث تجزئة عقارية أو مجموعة سكنية في منطقة غير قابلة لاستقبالها بموجب النظم المقررة وذلك حسب مقتضيات المادة 65 و 66.

+ جريمة التصرف في التجزئة دون الحصول على الترخيص: 

قد أشارت المادة 68 من القانون 25.90 إلى جريمة التصرف في التجزئة إما بالبيع أو بالإيجار أو القسمة باعتبار هذه التصرفات رهينة بالتسلم المؤقت للأشغال وإلا اعتبرت باطلة بطلانا مطلقا، فالمجزئ بالرغم من حصوله على الإذن بالتجزيء وسلامة التجهيزات التي قام بها إلا أنه مع ذلك لا يحق له التصرف فيها إلا بعد الحصول على التسلم المؤقت. وقد رتب المشرع على التصرف في بقع العقارات موضوع التجزئة العقارية دون احترام 

الإجراءات المقررة بمقتضى القانون جزاء جنائيا يتمثل في عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100.000 إلى 200.000 درهم.

خاتمة

من خلال هذا العرض حاولنا أن نعالج موضوع الرقابة على عمليات التجزيء والبناء وكذا تسليط الضوء على بعض الممارسات العملية التي يشهدها هذا الميدان، وفي خضم هاته المعالجة تراءت لنا بعض الملاحظات والتوصيات نسوقها على الشكل التالي:

الملاحظات:

المشرع عند تنصيصه على شرط انصرام أجل التعرضات لإحداث التجزئات العقارية فإنه أغفل التنصيص على شرط مرور أجل التعرض الاستثنائي.

المشرع في إطار التجزئات الخاضعة لظهير 25 يونيو 1960 لم ينص على التسلم المؤقت والتسلم النهائي كما هو الشأن بالنسبة لظهير 17 يونيو 1992.

المشرع لم يحدد أجلا للتصريح بانتهاء الأشغال البناء

التوصيات:

التنصيص على مرور أجل التعرضات بما فيها الاستثنائية كشرط لإحداث تجزئة عقارية.

اقرار أجل يتعين معه صاحب الأشغال بإيداع تصريح بانتهاء الأشغال لبناء لدى الجهات المختصة


لائحة المراجع

الكتب:

  • سعيد الوردي، الإجراءات المسطرية لمراقبة وزجر المخالف في التعمير و البناء، مطبعة انفو- برانت- فاس، طبعة ثانية 2018.

الرسائل:

  • سعيد الكيداني: "الرقابة على عمليات التعمير بالمغرب" رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- مكناس، السنة الجامعية 2009-2010.

  • شادية وحمدي، تدخل القضاء الزجري في ميدان التعمير-بين أزمة النص و متطلبات الإصلاح-، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2013/2014.

  • منصوري كريمة، رخصة البناء كآلية رقابة في مجال التهيئة والتعمير مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة محمد حيضر بسكرة، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2015-2016.

  • هدى وحتاش "إصلاح قوانين التعمير على ضوء مشروع مدونة التعمير" بحث نيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال- الرباط- السنة الجامعية 2009/2010.

  • ياسين الأسروتي: "إحداث التجزئة طبقا للمقتضيات ضابط البناء العام" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2014/2015.

  • يوسف المداني: التدخل الإداري و القضائي في ضبط مخالفات التعمير، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2010/2011. 

المقالات:

  • أحكام رخصة البناء والمنازعات المتعلقة بها، مقال غير موقع منشور على الموقع الالكتروني:  ordi.over-blog.com/2016/03/56fvoaof-069d.html

  • التدخل العمومي في إحداث التجزئات العقارية، الإذن بالتجزيء والتسلم" مقال منشور بالموقع الالكتروني: www.blog.saeeed.com/2011/02/lotissement-intervention-publique-evenement-premission-partition

  • صلاح الدين كرزابي: رخصة البناء بالمغرب وضوابطه العامة مقال منشور على الموقع الإلكتروني: www.zagorapress.com 

الفهرس

مقدمة    1

المبحث الأول: الرقابة القبلية على عمليات البناء والتجزيء    3

المطلب الأول: الرقابة القبلية على عمليات التجزيء    3

الفرع الأول: الإذن الإداري بإحداث تجزئة عقارية    3

الفرع الثاني: دراسة ملف مشروع التجزئة    8

أولا: مسطرة دراسة الملف    8

أ - مسطرة المشاريع الكبرى    9

ب ـ مسطرة المشاريع الصغرى    11

ثانيا: نتائج دراسة المشروع    11

أ ـ قبول الطلب    11

ب ـ رفض الطلب    12

المطلب الثاني: الرقابة القبلية على عملية البناء    13

الفرع الأول: نطاق رخصة البناء    13

أولا: نطاق رخصة البناء من حيث الدوائر الملزمة بها    14

ثانيا: النطاق من حيث أعمال البناء المعنية بالترخيص    14

الفرع الثاني: تسليم رخصة البناء    15

أولا: قرار بالموافقة على منح الرخصة    15

ثانيا: الموافقة الضمنية    16

ثالثا: تأجيل البث في طلب الرخصة    16

المبحث الثاني: الرقابة البعدية على عمليات التجزيء والبناء    18

المطلب الأول: الرقابة الإدارية البعدية على عمليات التجزئ والبناء    18

الفرع الأول: الرقابة الإدارية البعدية على عملية التجزئ    18

أولا: التسلم المؤقت    18

ثانيا: التسلم النهائي    20

الفرع الثاني: الرقابة البعدية على عملية البناء    22

المطلب الثاني: ضبط المخالفات كآلية للرقابة البعدية    26

الفرع الأول: الزجر الإداري    26

أولا: قرار إيقاف أشغال البناء    26

ثانيا: قرار الهدم    27

الفرع الثاني: الزجر القضائي    29

أولا : جرائم التعمير المنصوص عليها في قانون 12.90    29

ثانيا : جرائم التجزيء المنصوص عليها في القانون 25.90    32

لائحة المراجع    34

الفهرس    36


 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-