آثار الرهن الحيازي وانقضاؤه


الرهن الحيازي
                     أمينة جطيوي

أحاط المشرع المغربي الدائن العادي بنوع من الحماية وذلك بإقراره لقاعدة "الضمان العام" من خلال الفصل 1241 من ق ل ع، والذي يعتبر أن أموال المدين ضمان عام للوفاء بديونه، لفائدة دائنيه.

إلا أنه مع تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية وظهور مجموعة من الضمانات كضمان الرهن الرسمي، أبانت مؤسسة الرهن الحيازي عن محدوديتها وقصورها في حماية حقوق الطرف الدائن لذلك فالدائن الحريص غالبا ما يعمد إلى تقوية مركزه وذلك عبر الحصول على مجموعة آخرى من الضمانات تمكنه من استيفاء ديونه إلى حلول أجله وتجنبه الدخول في قسمة الغرماء مع باقي الدائنين لذلك نجد الدائن يعمد إلى ضمان خاص، وهذا الأخير قد يكون ضمانا شخصيا كالكفالة، وقد يكون ضمانا عينيا كالرهن الحيازي.

والرهن الحيازي  كضمانة عينية أولاه المشرع المغربي بالتنظيم ضمن القسم الحادي عشر من الكتاب الثاني المتعلقة بمختلف العقود المسماة وأشباه العقود المرتبطة بها وذلك من الفصل 1170 إلى الفصل  1240، وكذا في مدونة الحقوق العينية ضمن الباب الثاني من القسم الثاني والمتعلق بالحقوق العينية التبعية من المادة 145 إلى المادة 164.

يعكس هذا التنظيم،  والعناية التي أولاهما المشرع لهاته المؤسسة القانونية، أهميتها في مساهمتها في عملية الائتمان العقاري وخاصة دورها في إدماج العقار غير المحفظ في الدائرة الاقتصادية عكس الرهن الرسمي الذي يقع على العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ.

والرهن الحيازي باعتباره من العقود الملزمة للطرفين فإنه يرتب مجموعة من الحقوق والالتزامات على كلا الطرفين، وباعتباره من العقود المؤقتة لارتباطه بحق شخصي فإنه يدور معه وجودا وعدما.

انطلاقا مما سبق، وانسجاما مع الموضوع، يمكن طرح الإشكالية التالية : مامدى نجاعة الرهن الحيازي باعتباره ضمانة عينية في خلق ثقة في مجال الائتمان وبالتالي أداء وظيفته في التنمية الاقتصادية ولمحاولة مناقشة هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم هذا الموضوع وفق التصميم الآتي :

المبحث الأول : آثار الرهن الحيازي

المبحث الثاني : انقضاء الرهن الحيازي















المبحث الأول : آثار الرهن الحيازي

يرتب الرهن الحيازي بمجرد انعقاده مجموعة من الآثار هي عبارة عن حقوق والتزامات لكل من الدائن المرتهن والمدين الراهن، وسنحاول من خلال هذا المبحث تناول حقوق والتزامات المدين الراهن (المطلب الأول) وحقوق والتزامات الدائن المرتهن 

المطلب الأول : حقوق والتزامات الراهن

إذا كان عقد الرهن تصرفا يقوم من خلاله المدين الراهن بتخصيص شيء معين من ماله ليكون ضامنا لدين المرتهن، وهذا يعني أن المدين لايفقد ملكية الشيء المرهون ولا تبقى له حرية التصرف فيه لتعلق حق الدائن به، وبناء عليه يمكن أن نقول أن للراهن حقوقا على الشيء المرهون (الفقرة الأولى) وعليه التزامات أيضا (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : حقوق المدين الراهن

يتمتع المدين الراهن بمجموعة من الحقوق التي تتمثل فيما يلي:

أولا : حــــــق التصـــــــــرف

تبقى للمدين الراهن في الرهن الحيازي كل عناصر الملكية التي كانت له على الشيء المرهون إذ يبقى له حق الانتفاع، واستغلاله والتصرف فيه إلا أن هذا الحق لا يتفرع في حقيقته عن عقد الرهن وإنما هو حق سابق في وجوده عن وجود الرهن، واستمر معترفا به بعد نشوء هذا الأخير  إلا أن هذا الحق يبقى مقيدا بشرطين:

الشرط الأول : أن الراهن لا يحق له أن ينتفع أو يستغل الشيء المرهون بنفسه لأن المرتهن هو من ينوب عنه في إدارة المال المرهون واستغلاله حسب المادة 156 من مدونة الحقوق العينية حيث نصت على أنه "تكون ثمار الملك المرهون لمالكه وعلى الدائن أن يتولى جنيه وله أن يسلمها إلى الراهن أو أن يحتفظ بها على أن يخصم ثمنها من رأسمال الدين"، يبين من خلال هذه المادة أن الثمار التي تكون في الملك المرهون تكون كأصل لمالكه أي الراهن حيث أن الدائن المرتهن هو من يقوم بجنيها وله أن يسلمها لمالك الشيء المرهون كما يمكنه أن يحتفظ بها لنفسه، وذلك شريطة أن يخصم ثمن تلك الثمار التي أخذها من رأسمال الدين

الشرط الثاني :   أن الراهن إذا تصرف في الشيء المرهون عن طريق نفويته للغير فإن هذا التفويت لايؤثر على حق المرتهن الذي يبقى له الحق في استيفاء دينه من ثمن ذلك العقار بالرغم من انتقال ملكيته وذلك طبقا لما نص عليه الفصل 1177 من ق ل ع حيث أن تصرفه يقع معلقا على شرط وفاء ثمن الدين المضمون مالم يقر المرتهن هذا التصرف . ومن تم يبدو أن المشرع المغربي لم يحدو حدو بعض التشريعات المقارنة التي تمنع المدين الراهن من تفويت المال المرهون كالتشريع السوري في مادته 1068 من القانون المدني التي نصت على أنه " ليس للمدين ولا للدائن أن يتصرفا بالعقار المرهون دون رضائهما المتبادل وكل عقد يجري خلافا لهذه القواعد باطل حكما"

وإذا كان بإمكان المدين الراهن أن يتصرف عن طريق التفويت في المال المرهون فبإمكانه أيضا أن يعقد عليه رهنا آخر فإذا كان الرهن حيازيا، تطبق مقتضيات المادة 1228 من ق ل ع، حيث إن المرتهن الحيازي الأول يحوز الشيء المرهون لحساب نفسه ولحساب المرتهن الثاني وذلك ابتداء من الوقت الذي يخطر فيه بطريقة قانونية، على أن موافقة المرتهن الأول غير لازمة لصحة الرهن الثاني إلا إذا تم الاتفاق على ذلك، لأن المرتهن الثاني لن يستوفي دينه إلا بعد سداد دين المرتهن الأول، الذي يتمتع بحق الأفضلية، وذلك طبعا في حالة مالم يؤذي المدين ما عليه من دين

كما يبقى بإمكان المدين برهن حيازي أن يقيم رهنا رسميا على الشيء المرهون أيضا دون حاجة إلى موافقة المرتهن بالرهن الحيازي، إلا إذا تم الاتفاق على ضرورة الحصول على هذه الموافقة بحيث أن الدائن بالرهن الرسمي، يستخلص دينه بعد سداد دين المرتهن الأول المتمتع بحق الأفضلية

ثانيا : الحق في استرداد الشيء المرهون

بناء على الاعتراف للراهن باستمرار ملكيته على الملك المرهون فإن له حق استرداده من المرتهن الذي لا يحبس المال المرهون إلا مؤقتا على سبيل الاحتياط ليستوفي من ثمنه حقه الشخصي في حالة عدم وفاء الراهن بالدين الذي في ذمته معنى هذا أن الراهن إذا أوفى للدائن حقه كان له استرداد المرهون، إلا أنه إذا رفض الدائن المرتهن هذا الوفاء يحق للمدين اللجوء إلى مسطرة العرض العيني و يستتبعه الإيداع بصندوق المحكمة، بناء على أمر من رئيس المحكمة و الحاصل أن يد الدائن المرتهن آنذاك يد حائز سيء النية مع ما يستتبع ذلك من آثار قانونية

.ويسترد الراهن المال المرهون لا عند وفائه بالدين فقط بل بانقضاء الدين بأي سبب من أسباب الانقضاء مثل المقاصة والتجديد وكذلك يحق للراهن استرداد المرهون في حالة تعرضه للهلاك أو التلف، وذلك باللجوء إلى القضاء بأن يستبدله بشيء آخر يكون مساويا له في القيمة حسب ماجاء به الفصل 1206 من ق ل ع في الفقرة الأولى منه "إذا كان الشيء المرهون أو ثماره تنذر بالتعيب أو الهلاك، وجب على الدائن أن يخطر المدين بذلك فورا، وللمدين هنا أن يسترد المرهون وأن يستبدل به شيئا آخر يساويه في القيمة، وله أيضا أن يلزم الدائن في أن لا يستعمل الشيء المرهون، أو أن يتصرف فيه لمصلحة نفسه، ما لم يؤذن له بذلك صراحة، وإلا فإنه يثبت للمدين إحدى الخيارات المنصوص عليها في الفصل 1208، من ق ل ع السابق الإشارة إليها والمتمثلة في :

  • أن يطلب وضع المرهون في يد أمين مع حفظ حقه في الرجوع على الدائن بالتعويض،

  • أن يجبر الدائن على إعادة المرهون إلى الحالة التي كان عليها عند إنشاء الرهن.

  • أن يسترد المرهون مع قيامه بأداء الدين ولو قبل حلول أجله


الفقرة الثانية : التزامات الراهن

تتحدد التزامات الراهن بالنظر إلى الحق الذي اكتسبه المرتهن الدائن على الشيء المرهون، ذلك الحق الذي يتجلى في إمكانية المطالبة باستيفاء قيمة الشيء المرهون، وبالتالي فإن عقد الرهن الحيازي، يفرض على الراهن التزامات سنعرض لها تباعا على الشكل التالي :

أولا: الالتزام بتسليم العقار المرهون

الالتزام بالتسليم يعني تسليم المال المرهون إلى المرتهن، فالتسليم الفعلي للعقار المرهون سواء كان محفظا أو غير محفظ يعد أحد الأركان لقيامه، ويتم هذا التسليم في العقار غير المحفظ بوضع العقار لدى الدائن المرتهن، بالإضافة إلى تقييد الرهن في السجل الخاص المملوك من طرف كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها،وإذا كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ فلابد من التقييد في السجلات العقارية، على أن تسليم المرهون ليس من الضروري أن يتم للدائن المرتهن بل يمكن أن يتسلم المال المرهون شخص آخر يتفق عليه الأطراف، يسهر على الحفاظ على المرهون نيابة على الدائن المرتهن كما يستفاد ذلك من مقتضيات الفصل 1188 من ق ل ع، وهذا الأمر يصعب تصوره بالنسبة للعقار المحفظ مادام يتم الاكتفاء بالحيازة القانونية.

ثانيا : الالتزام بضمان سلامة المرهون :

ومن بين الالتزامات الملقاة على عاتق المدين الراهن  برهن حيازي ما جاءت به المادة 1179 من ق ل ع، التي منعته من القيام ببعض الأعمال التي من شأنها أن تنقص من قيمة المرهون مقارنة مع الوضع الذي كان عليه في السابق، فمن رهن عقارا لايحق له أن يهدم بعضه و لا أن يقطع أشجاره ولا أن يقرر عليه ارتفاقا ينقص من قيمته



ثالثا : الالتزام بأداء المصاريف الضرورية التي أنفقها المرتهن للمحافظة على الشيء واسترداده

ومفاد هذا الالتزام أن الراهن عندما يسترد الشيء المرهون يجب عليه أداء كل ما أداه المرتهن من ضرائب وتكاليف تتعلق بذلك المرهون، طبقا للمادة 160 من م ح ع التي تنص على أنه " يجب على المدين أن يؤدي للدائن المرتهن المصروفات الضرورية التي أنفقها على الملك المرهون لديه" ، وكذلك  ما لحق الشيء المرهون من خسارة بسبب المرهون طبقا للفصل 1216 من ق ل ع حيث نص في بنده الثاني" يلتزم المدين عند استرداده المرهون بأن يؤدي للدائن  ... قيمة الخسائر الحاصلة للدائن بسبب الشيء المرهون مالم تكن راجعة إلى خطأ يعزى إليه"

كما يجب على الراهن أداء مصاريف الاسترداد والنقل التي يستلزمها الشيء المرهون في حالة مالم يتفقا على خلاف ذلك طبقا للفصل 1210 من ق ل ع.

ومن بين الالتزامات أيضا أنه إذا طلب الدائن المرتهن ببيع المرهون لاحتمال تعرضه للهلاك وعارض ذلك المدين الراهن، فإن هذا الأخير يلزم بتغيره بشيء آخر يساويه في القيمة حسب ما يقضي به الفصل 1206 من ق ل ع.

المطلب الثاني : حقوق والتزامات المرتهن 

باعتبار عقد الرهن من العقود التبادلية، فإن المرتهن كطرف فيه يتمتع بمجموعة من الحقوق (الفقرة الأولى) ويتحمل مجموعة من الالتزامات (الفقرة الثانية) 

الفقرة الأولى : حقوق الدائن المرتهن 

يخول عقد الرهن الحيازي للدائن المرتهن مجموعة من الحقوق في مواجهة المدين الراهن وذلك مقابل الدين الذي يوجد بذمة هذا الأخير، هذه الحقوق ترد أساسا على العقار المرهون

أولا : حق حبس الشيء المرهون حتى استيفاء الدين

تقتضي طبيعة الرهن الحيازي تسليم العقار المرهون للدائن المرتهن، ولهذا الأخير حق حبسه إلى أن يستخلص دينه كاملا من الراهن بتمامه وهو ما أكده المشرع المغربي من خلال المادة 155 من مدونة الحقوق العينية التي نصت على أنه " يتمتع الدائن المرتهن رهنا حيازيا بحق حبس الملك المرهون...".

وتجدر الإشارة إلى أنه للدائن المرتهن استعمال حق الحبس على العقار وعلى سائر  الزوائد التي كانت متصلة به إلى حين إنشاء الرهن أو التي اتصلت به فيما بعد ، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن الدائن المرتهن ليس له استعمال الحق إلا بالنسبة للدين المضمون فقط، أما بالنسبة للديون الآخرى والتي قد يكون المدين ملزما بها اتجاه الدائن والغير المضمون بهذا العقار ولا يسوغ له (الدائن) التمسك بحق الحبس مادام قد تم استيفاء الدين المضمون.

وفي نفس اتجاه ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش بأن للدائن حق حبس الشيء المملوك للمدين حتى يوفي بما هو مستحق شرط أن يكون الشيء الذي في حيازة "الدائن" مملوكا لمدينه.

ثانيا : حق بيع المرهون لاستيفاء الدين

خول المشرع للدائن المرتهن حق بيع المرهون في حالة حلول أجل الدين، وعدم أداء المدين ما بذمته، وذلك عن طريق البيع بالمزاد العلني وفق الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون، وذلك طبقا للمادة 155 من م ح ع.

إلا أن ما تجدر الإشارة إليه أن هذا البيع لا يعتبر قانونيا إلا إذا أشعر به المدين، وهو ما قضت به محكمة الاستئناف التجارية بفاس"... حيث تبين حقا من نص الفصل 476 من ق م م المحتج به أن إعلام المنفذ عليه بالمزاد العلني، يعتبر إجراءا لازما وجوهريا وأن هذا الإعلام ينبغي أن يتم ضمن الشروط المنصوص عليها في الفصل 469 من ق م م ... وحيث إنه اعتبارا لذلك يكون الطلب بإبطال إجراءات البيع ومحضر إرساء المزاد وترتيب الآثار القانونية على ذلك  مؤسسا وجديرا بالقبول ويبقى الحكم المستأنف القاضي بخلاف هذا النظر في غير محله وواجب الإلغاء".

كما يمتنع عن المرتهن تملك العقار المرهون مقابل الدين من غير الالتجاء إلى البيع، وهو ما جاءت به المادة 158 في فقرتها الأولى حيث نصت على أنه " لا يصبح الدائن مالكا للمرهون بمجرد عدم الوفاء في الأجل المتفق عليه..."

كما أن أي شرط يقضي بجواز تملك العقار المرهون في حالة عدم الوفاء في الأجل المتفق عليه يعتبر باطلا مع بقاء الرهن منتجا لأثاره بين المتعاقدين وبالتالي لايبقى أمام الدائن سوى مطالبة المدين الراهن ببيع العقار المرهون بالمزاد العلني.

إن الغاية من وراء سن مثل هذه الإجراءات من طرف المشرع هو حماية المدين الراهن الذي قد يضطر تحت تأثير الحاجة إلى قبول شرط تملك الدائن، للمرهون عند عدم الوفاء  رغم كون العقار أكثر قيمة من الدين 

ثالثا : حق الأفضلية في استيفاء الدين

من بين الخصائص التي يتميز بها الرهن الحيازي كونه يمنح الدائن المرتهن حق الأفضلية أي أن الدائن يمكنه استيفاء دينه مقدما على باقي الدائنين وهو ما أشار إليه الفصل 1170 من ق ل ع وأكدته المادة 155 من مدونة الحقوق العينية فإذا لم يؤد المدين مابذمته من دين عند حلول أجله، فإنه من حق المرتهن أن يستوفي دينه، إما مباشرة من الرهن أو من التعويض الناتج عن نزع ملكية المرهون أو نتيجة مبلغ التأمين إذا كان العقار مؤمنا عليه طبقا للفصل 1181 من ق ل ع.

وحق الأفضلية يكون بالنسبة لأصل الدين بالنسبة لأصل الدين ولسائر ملحقاته ولاسيما بالنسبة للمصاريف الضرورية التي أنفقها المرتهن على الملك المرهون من أجل صيانته والحفاظ عليه حسب الفقرة الثانية من المادة 157 من م ح ع.

رابعا : حق تتبع الشيء المرهون واسترداده

خول المشرع للدائن المرتهن من خلال المادة 155 من م ح ع الحق في استرداد المرهون من أي يد انتقل إليها.

فإذا فقد المرتهن حيازته للشيء المرهون بسبب اختياري وعاد إلى الراهن فإنه يفقد حقه الناشىء عن الرهن، أما إذا فقد حيازته بغير إرادته كأن يتخلى عنه بسبب إكراه أو تهديد أو غصب فله الحق أن يطالب برده، بعد زوال المانع، وفي هذا الإطار نص الفصل 1232 من ق ل ع على أن "للمرتهن حيازيا الذي تنتزع منه حيازة المرهون برغم إرادته أن يسترده من يدي المدين أو من أي شخص من الغير، لذلك يتعين عليه أن يطالب برده إليه من أي شخص وجد عند داخل أجل 30 يوما من يوع الغصب  أو ارتفاع الإكراه.

الفقرة الثانية : التزامات المرتهن

بعد أن ينفذ المدين التزامه بتسليم الشيء المرهون ونقل حيازته إلى الدائن المرتهن، يصبح هذا الأخير بمثابة حارس لهذا الشيء، ويترتب هن ذلك التزامات في ذمة الدائن المرتهن تتجلي فيمايلي :

أولا :  المحافظة على الشيء المرهون

يلتزم الدائن بأن يسهر على حراسة الشيء أو الحق المرهون وعلى المحافظة عليه بنفس العناية التي يحافظ بها على الأشياء التي يملكها، وإلا فهو مسؤول عما يقع للملك المرهون ,,, إذا حصل بفعله أو بخطئه أو بفعل أو خطأ الأشخاص الذي يسأل عنهم، والالتزام بالمحافظة يقتضي من الدائن المرتهن أن يقوم بالترميمات والإصلاحات النافعة والضرورية للعقار المرهون، كأن يقوم مثلا بكل الترميمات المتطلبة للحفاظ على متانة جدران العقار المرهون وكذا القيام بإصلاحات الصيانة البسيطة، على أن يسترد مأنفقه في هذا السبيل من ثمار الشيء، وفي هذا نصت الفقرة الثانية من المادة 157  من م ح ع على أنه "يجب عليه أيضا أن يقوم بالترميمات والإصلاحات النافعة والضرورية للعقار، مع بقاء الحق له في أن يقتطع من الثمار جميع المصروفات المتعلقة بماذكر وإلا كان مسؤولا عن تعويض الضرر"

وفي حالة عدم المحافظة على الشيء المرهون، وأدى ذلك الإهمال إلى هلاكه أو تلفه أو تعييبه، فإن الدائن المرتهن يكون مسؤولا عن كل ذلك، وهذا ما أشارت إليه المادة 159 من م ح ع، إذ نصت على أنه " يسأل الدائن عن هلاك أو التلف الذي قد يصيب الملك نتيجة إهماله له".

وغني عن البيان أنه لايتحمل ضمان الحادث الفجائي والقوة القاهرة، إلا إذا حصل الضرر بعد أداء الدين وأبقى على الحيازة بين يديه رغم مطالبته برفع اليد، أي أنه أصبح في حالة مطل ، وبعد أن يصدر منه خطأ، ويقع عليه عبء إثبات الحادث الفجائي والقوة القاهرة، هذا ويكون الشرط الذي من شأنه أن يحمل الدائن نتيجة القوة القاهرة باطلا ، وفي جميع الحالات التي يسيء فيها الدئن استعمال الشيء المرهون أو يهمله أو يعرضه للخطر يكون للدائن الخيارات المنصوص عليها في الفصل 1208 من ق ل ع والتي سبق ذكرها.

ويبقى أن نتساءل من يتحمل عبء إثبات أن الدائن المرتهن قام بالتزامه بالمحافظة على الشيء بعناية الشخص المعتاد؟

هنا نقول إن عبء الإثبات يتحمله الدائن المرتهن، إن هذا الالتزام تعاقدي ناشىء عن عقد الرهن في جانب الدائن المرتهن، وهكذا إن أي هلاك أو تلف أو خلل في الشيء المرهون، بعد أن يتسلمه الدائن يفرض أنه حصل بخطئه، مالم يثبت أنه حصل بخطأ الراهن أو بخطأ الغير، أي مالم يثبت هو أنه حصل بسبب أجنبي لايد له فيه

      ثانيا : التزام بجني ثمار الشيء المرهون

باعتبار الدائن المرتهن حارسا للعقار الذي يحوزه فإنه يلتزم بجني ثماره سواء كانت طبيعية أو صناعية أو مدنية وله أن يسلمها إلى الراهن، أو يحتفظ بها على أن يخصم ثمنها من رأسمال الدين وهذا ما أكدته المادة 156 من م ح ع إلا أن التساؤل الذي يمكن طرحه بهذا الخصوص، ماذا لو كانت الثمار التي يجنيها المرتهن معرضة للضياع الحال؟

يجيب العربي مياد، عن هذا التساؤل بالقول، إذا كانت الثمار معرضة للهلاك والتعيب جاز للدائن المرتهن أن يحصل على إذن ببيعها طبقا للمسطرة المعمول بها ببيع المرهون رهنا حيازيا، على أن يباشر خصم ثمنها من رأسمال الدين، أما إذا لم تكن معرضة للتلف الحال فله أن يتملكها ويحدد ثمنها بالتسعيرة الجاري بها العمل في السوق، وله أن يدفع ثمنها للمدين المرتهن، أو خصم ثمنها من رأسمال الدين

        ثالثا : أداء التكاليف والتحملات السنوية الخاصة بالشيء المرهون

نصت المادة 157 من م ح ع على هذا الالتزام في فقرتها الأولى، "إن الدائن ملزم بأداء التكاليف والتحملات السنوية الخاصة بالعقار الذي بيده على وجه الرهن الحيازي ما لم يقع الاتفاق على خلاف ذلك"

وبناء على هذه المادة فإن التكاليف والتحملات السنوية، لا تقع بقوة القانون على الدائن المرتهن وإنما يمكن الاتفاق على تحملها من طرف المدين، فهي قاعدة مكملة وبالتالي فهذا الالتزام ليس من النظام العام.

ويقصد بالتكاليف والتحملات السنوية مجموع الرسوم والضرائب المفروضة على العقار المرهون بحكم موقعه وطبيعته ويدخل في حكمها رسم الخدمات الاجتماعية وغيرها، ويحق للدائن الذي تحمل هذه التكاليف والتحملات أن يستردها، حيث تنص المادة 160 من م ح ع على أنه "يجب على المدين أن يؤذي للدائن المرتهن المصروفات التي أنفقها على الملك المرهون لديه"

رابعا : الالتزام برد الشيء المرهون 

بمجرد استيفاء الدائن المرتهن لدينه من المدين يتوجب عليه رد المرهون مع توابعه إلى المدين أو إلى الغير المالك للمرهون، كما يلتزم بتقديم حسابا له عما قبضه من ثمار.

وكما أسلفنا فإذا لم يرد الدائن المرتهن المرهون رغم استفاء دينه، وأصبح في حالة مطل، وحدث أن هلك ذلك الشيء، أو تلف أو تعيب، فإن الدائن يتحمل تبعة ذلك وإن كان ناتجا عن قوة قاهرة أو حادث فجائي.

وعندما يضع المرتهن الشيء المرهون رهن إشارة مالكه وبعد استيفاء دينه تنتهي مسؤوليته عن ذلك الرهن، ولايتحمل بأي ضمان لما يصيب ذلك الشيء من الضياع و التلف، ولو لم يتسلمه المدين بالفعل .

وإذا احتاج رد المرهون إلى نفقات، فإن الذي يتحملها هو المدين، إلا إذا اتفق الطرفان على أن يتحملها المرتهن.

كما تجدر الإشارة إلى أنه إذا تعلق الأمر برهن حيازي على عقار محفظ، فإنه ينبغي تشطيب قيد الرهن من الرسم العقاري

المبحث الثاني : انقضاء الرهن الحيازي

بالنظر إلى أن الرهن الحيازي حق عيني تبعي، فإنه يتبع الدين المضمون، لذلك فهو ينقضي تبعا لانقضاء الدين، كما ينقضي ببيع المرهون بيعا جبريا (المطلب الأول) وبالإضافة إلى هذا فهو ينقضي في حالات معينة بغض النظر عن الدين المضمون به (المطلب الثاني)

المطلب الأول : انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية أو ببيع المرهون بيعا جبريا

سنتناول في الفقرة الأولى انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية، على أن نعرض في الفقرة الثانية لانقضاء الرهن ببيع المرهون في المزاد العلني 

الفقرة الأولى : انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية

حدد المشرع المغربي طريقة انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية، من خلال نصه في المادة 161 من م ح ع على أنه : "يعتبر الرهن الحيازي تابعا للدين المضمون ويدور معه وجودا وعدما" ونفس هذا المقتضى تقريبا كان قد نص عليه الفصل 1233 من ق ل ع حيث نص على أنه " بطلان الالتزام الأصلي يؤدي إلى بطلان الرهن".

الأسباب التي توجب إبطال الالتزام الأصلي أو انقضائه توجب إبطال الرهن أو انقضائه "

وهكذا فالرهن الحيازي ينقضي إذا تبين أن الدين الذي يضمنه باطل كما إذا تبين أنه ناتج عن قمار مثلا، أو تبين أن ذلك الدين قابل للإبطال تم تقرر إبطاله، وذلك طبقا للقواعد العامة التي تقضي بأن بطلان الالتزام الأصلي يترتب عليه بطلان الالتزامات التابعة

إذا انقضى ذلك الدين بسبب من أسباب الانقضاء، كما إذا أوفى الراهن بالدين الذي عليه للمرتهن، أو وقعت مقاصة بين الراهن والمرتهن، أو أقال الدائن "المرتهن" مدنيه الراهن في المعاملة التي نتج عنها الدين المضمون، أو أبراه منه

وبالنسبة للوفاء بالدين فإنه يجب أن يكون تاما، وغير مجزأ ومعنى ذلك أنه إذا انقضى جزء من الدين لا ينقضي معه الرهن، بل يبقى ضامنا لالتزام، ما لم ينقض الدين بتمامه.

وللمدين أن يؤدي الدين المضمون وتوابعه قبل حلول أجل استحقاقه ولكن ماذا لو امتنع المرتهن عن قبضه بعد عرضه؟

 تجيب الفقرة الثانية من المادة 164 من م ح ع عن هذا التساؤل إذ تنص على أنه " ... إذا لم يقبل الدائن هذا الوفاء فإن للراهن أن يقوم بعرض لدين عرضا عينيا حقيقيا، تم إيداعه بصندوق المحكمة، وتحكم المحكمة برد الملك لمالكه، وبانقضاء الرهن بعد التحقق من أداء الدين بكامله.

و نتساءل أيضا، هل تقادم الدين يعتبر من أسباب انقضاء الرهن الحيازي؟ أو بعبارة أخرى هل يتقادم الدين المضمون برهن حيازي؟

هناك بعض التشريعات التي تدرج التقادم من ضمن الأسباب التي تؤذي إلى انقضاء الرهن بشكل تبعي لانقضاء الدين المضمون،  إذ نصت المادة 1370 من القانون المدني الأردني أنه "إذا انقضت مدة التقادم على الدين موثق بالرهن جاز للراهن أن يطلب الحكم بفك الرهن..."

لكن بالنسبة للمشرع المغربي نجد مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 1233 من ق ل ع تنص على أنه "تخضع آثار تقادم الالتزام لمقتضيات الفصل 377 وبالرجوع إلى هذا الفصل فإنه ينص على أنه .. لا محل للتقادم إذا كان الالتزام مضمونا برهن حيازي على منقول أو برهن رسمي" مما يعني لا يتصور، أن ينقضي الرهن مهما طال الزمن عليه، لأن الدين المضمون به، لا يمكن أن ينقضي عن طريق التقادم.

وهذه القاعدة وإن كانت على رهن المنقول أو الرهن الرسمي الواقع على كل ماله سجل خاص كالسيارات والعقار المحفظ، إلا أنه لا مانع من تطبيقها حتى على رهن عقار غير محفظ، فحيث إذا رهن شخص عقار غير محفظ في دين عليه، فلا يمكنه أن يطالب برد ذلك العقار إليه، إلا إذا أثبت أنه أدى الدين المرهون ولو مرت سنوات عديدة ولا يمكنه أن يدعي انقضاء ذلك الدين بمرور أمد الحيازة عليه، لأن مرور الزمن لا يسقط الديون الثابتة بحجة، ولاشك في أن الرهن مادام في يد المرتهن يعتبر أقوى حجة على ذلك الدين. 

وتجدر الإشارة إلى أنه إذا زال سبب انقضاء الدين الأصلي، كما إذا انقضى الدين المضمون بالوفاء أو المقاصة أو الإبراء أو الإقالة، ثم تبين بطلان ذلك وتقرر ذلك الدين في ذمة المدين، فإن الرهن يعود إلى إنتاج أثاره ويتعين على الراهن رهنا حيازيا أن يمكن المرتهن من ذلك الشيء المرهون إذا كان قد استرده منه، على أن هذا السريان يجب ألا يخل بمن كسب حقوقا عينية على المال المرهون متى كان حسن النية. إذ ينص الفصل 1239 من ق ل ع على أنه" يعود الرهن مع الدين في جميع الحالات التي يتقرر فيها بطلان الوفاء الحاصل للدائن مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة على وجه قانوني صحيح للغير حسن النية، في الفترة الواقعة مابين حصول الوفاء وبطلانه" 

وخلاصة القول أنه إذا بطل أو انقضى الالتزام الأصلي، فإن الرهن ينقضي تبعا لذلك ويفقد كل آثاره ويتعين على المرتهن أن يرد الشيء المرهون إلى الراهن، كما تجدر الإشارة أنه يكون للمدين الراهن أن يتمسك اتجاه المرتهن بكل سبب يؤذي إلى بطلان أو انقضاء الدين المضمون ليترتب عن ذلك انقضاء الرهن.

الفقرة الثانية : انقضاء الرهن ببيع المرهون بيعا جبريا

تنص المادة 163 من  م ح ع على أنه "ينقضي الرهن ببيع الملك بيعا جبريا بالمزاد العلني وفقا لإجراءات المنصوص عليها في القانون"

وبناء على هذه المادة فإنه يحق للدائن المرتهن، إذا استحق الدين ولم يقم المدين بالوفاء به فله أن يطالب ببيع المرهون بيعا جبريا أي بالمزاد العلني، ويقع هذا البيع صحيحا طبقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون خاصة المسطرة المدنية؟

وإذا بيع الملك المرهون كلا أو بعضا ، بيعا جبريا بالمزاد العلني، وبترخيص من المحكمة وفق جميع الإجراءات القانونية فإن الثمن المتحصل عليه من ذلك البيع يكون للدائن المرتهن بقوة القانون وذلك في حدود دينه وتبعا لذلك ينقضي الرهن ببيع هذا الملك المرهون.

أما إذا كان الشيء مرهونا لعدة دائنين وكانت تواريخ رهنهم مختلفة وقعت تصفية الرهن عن طريق بيعه قضاء لفائدة الدائن الأسبق تاريخا، فإن الرهن ينقضي بالنسبة للمرتهنين الآخرين مع حفظ حقهم مما يمكن أن يفضل من الثمن بعد  حصول الدائن الأسبق على دينه وهذا ما أشار إليه الفصل 1240 من ق ل ع ، على اعتبار أن بيع الملك في المزاد العلني يطهره من جميع الرهون والامتيازات ولا يبقى للدائنين حق إلا على الثمن ( المادة 220  من م ح ع).

وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أنه في حالة رهن عدة أملاك لضمان أداء دين واحد فإن بيع كل واحد منها يتم بناء على إذن من رئيس المحكمة المختصة الواقع في دائرة نفوذها الملك، ويجب بيع هذه الأملاك على التوالي وفي حدود ما بقي بأداء الدين بكامله طبقـــا للمــادة 217 من م ح ع

المطلب الثاني: انقضاء الرهن الحيازي بصفة أصلية

ينقضي الرهن الحيازي بغض النظر عن الدين المضمون به بصورة أصلية إما بتنازل الدائن المرتهن عن الرهن صراحة وإما بهلاك الملك المرهون هلاكا كليا كما ينقضي باتحاد الذمة، وسنتناول حالة تنازل الدائن المرتهن في فقرة أولى ونخصص الفقرة الثانية لاتحاد الذمة  وهلاك العقار المرهون هلاكا كليا.

الفقرة الأولى : تنازل الدائن المرتهن عن الرهن صراحة

نصت المادة 162 من م ح ع في الفقرة الأولى على أنه "ينقضي الرهن بغض النظر عن الدين المضمون به في الحالات الآتية :

بتنازل الدائن المرتهن عن الرهن صراحة ..."

من خلال هذه المادة يسوغ للدائن أن يتنازل عن الرهن ويترتب على ذلك انقضاء الرهن الحيازي دون أن يؤدي ذلك إلى انقضاء الدين المضمون، غير أن الدائن في هذه الحالة يصبح دائنا عاديا كسائر الدائنين العاديين وعند تزاحمهم يكون منضبطا للترتيب المعتمد ويصبح في وضعية أقل من الدائنين المرتهنين رهنا حيازيا.

ويشترط في هذا التنازل توافر أهلية التصرف لأنه تصرف يدخل في مجال التبرع كما يشترط فيه أن يكون صريحا، وذلك بأن يوقع المرتهن على وثيقة رسمية أمام الموثقين أو (العدول) الذين لهم صلاحية تحرير الرسوم التوثيقية المقررة قانونا .وفي هذا الاتجاه صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بسيدي بنور بتاريخ 18/02/2015 في الملف عدد 306/13 جاء فيه "-لئن نصت مدونة الحقوق العينية في المادة 162 على أن الرهن ينقضي بتنازل الدائن المرتهن صراحة عنه، فبالمقابل اشترطت في مادتها 4 أن تحرر تحت طائلة البطلان، جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، وبمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص قانون خاص على خلاف ذلك" 

الفقرة الثانية : اتحاد الذمة وهلاك العقار المرهون

تنص المادة 162 على أنه "ينقضي الرهن بغض النظر عن الدين المضمون به في الحالات التالية :

..... بهلاك المرهون هلاكا كليا

باتحاد الذمة"

وسنتناول حالة هلاك الملك المرهون هلاكا كليا (أولا) ثم نعرض لحالة اتحاد الذمة (ثانيا)

أولا : هلاك المرهون هلاكا كليا

حسب المادة 162 أعلاه، فإن الرهن الحيازي ينقضي بهلاك الشيء المرهون هلاكا كليا والهلاك الكلي إما أن يكون ماديا، كالبناء الذي تهدم وإما أن يكون قانونيا كما لو تم نزع ملكية المرهون لأجل المنفعة العامة.

أما إذا كان الهلاك جزئيا فإن الجزء الذي لم يصبه الهلاك يبقى مرهونا، كما لو تهدمت الدار المرهونة، حيث إن أرضها تبقى مرهونة وكذلك إذا هلك الشيء المرهون دون توابعه، فإن الرهن ينصب على تلك التوابع

وإذا كان هلاك الشيء المرهون أو تلفه بسبب شخص آخر وألزم هذا الشخص بأداء تعويض عن ذلك فإن الرهن ينصب على ذلك التعويض الذكور، وكذلك إذا انتزعت ملكية الشيء المرهون للمصلحة العامة فإن الرهن ينتقل إلى التعويض الذي تدفعه الإدارة لمالك العقار المرهون (الفصل 1236  من ق ل ع).

وتجدر الإشارة إلى أن الهلاك الذي يمس العقار المرهون قد يكون قبل التسليم أو بعده، فإذا كان قبل التسليم فإن مسؤوليته تقع على عاتق الراهن، إما إذا كان الهلاك وقع على العقار المرهون في حيازة الدائن المرتهن فلا يمكن دفع المسؤولية إلا إذا كان الهلاك راجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ المدين المرتهن أو الغير 

ثانيا : اتحاد الذمة 

ينقضي الرهن باتحاد الذمة، إذا اجتمع حق الرهن الحيازي مع حق الملكية في يد شخص واحد كأن يملك المرتهن المرهون كلية بشراء أو هبة أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية.

وإذا لم يملك المرتهن إلا جزءا من المرهون فإن الرهن لا ينقضي وإنما يصير الجزء الباقي ضامنا للدين كله وكذلك إذا كان ذلك الشيء، مرهونا لعدة دائنين، وملكه أحدهم، فإن الرهن لا ينقضي بذلك ولكن يحتفظ  الدائن الذي ملك المرهون كلا أو بعضا بالدرجة التي كانت له في الرهن بحيث إذا كان هو المرتهن الأول، وطالب بقية الدائنين المرتهنين ببيع ذلك الشيء المرهون تبعا لما لهم من حق التتبع فيحق له أن يستوفي دينه من الثمن قبل بقية الدائنين







خاتمـــــــــــــة :

 بعد تناولنا بالتحليل عقد الرهن الحيازي، وذلك بالتطرق للالتزامات وحقوق كل طرف سواء الراهن أو المرتهن، تطرقنا في المبحث الثاني لأسباب انقضائه ومن خلال هذه الدراسة ارتأينا تقديم بعد الملاحظات والمقترحات :

  • تميز الرهن الحيازي بطابعه المزدوج فهو عقد مسمى وفي ذات الوقت حق عيني تبعي.

  • مادام أن الدائن المرتهن مقيد بالحصول على إذن المدين الراهن من أجل استعمال واستغلال الشيء المرهون مما يعطل مساهمة العقار المرهون في عملية التنمية

  • يتبين من خلال الواقع العملي أن مؤسسات الائتمان لاتتعامل بالرهن الحيازي بل تفضل التعامل بالرهون الرسمية

  • يتعين إلزام الوكيل في عقود الرهن الحيازي بالإدلاء بوكالة رسمية تماشيا مع شكلية تحرير هذا العقد درءا لكل ما قد ينجم عن الوكالة العرفية 

  • نظرا لعدم فعالية الرهن الحيازي في الوقت الحاضر يتعين قصرها على المنقولات دون العقارات. 









المراجــــــــــــــع :

  • عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني في التأمينات الشخصية والعينية" الجزء العاشر دار النهضة العربية، طبعة 1980

  • مأمون الكزبري "التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية" الجزء الثاني، مطبعة الساحل الرباط، طبعة 1987  

  • محمد ابن معجوز "الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي" مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة 1999

  • عبد العالي الدقوقي "محاضرات في نظام التحفيظ العقاري والضمانات العينية والشخصية" طبعة 2009 

  • محمد محبوبي"أساسيات في الحقوق العينية العقارية وفق القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الطبعة الأولى 2012 . 

  • عبد الكريم شهبون :"الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39 .08 الطبعة الأولى سنة 2015، ص : "322

  • العربي محمد مياد : "تأملات في مدونة الحقوق العينية"مطبعة المعارف الجديدة الرباط الجزء الرابع طبعة 2017 

  • المصطفى ولد محمد الامين الفاضل" الضمانات العينية في مجال القروض بين التنظيم القانوني والممارسة البنكية" أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2013 /2014

  • نوال أحلو "الرهن الحيازي العقاري" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2010/2011

  • مجلة المحامي عدد 66 


الفهـــــــــــرس :

 المقدمة : ....................................................................................................... 2

المبحث الأول : آثار الرهن الحيازي ....................................................................... 4

المطلب الأول : حقوق والتزامات الراهن ................................................................ 4

الفقرة الأولى : حقوق المدين الراهن ...................................................................... 4

الفقرة الثانية : التزامات المدين الراهن .....................................................................7 

المطلب الثاني : حقوق والتزامات المرتهن .................................................................8

الفقرة الأولى : حقوق الدائن المرتهن ...................................................................... 8

الفقرة الثانية : التزامات الدائن المرتهن .................................................................... 11

المبحث الثاني : انقضاء الرهن الحيازي ................................................................... 14

المطلب الأول : انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية أو ببيع المرهون بيعا جبريا.................... 14

الفقرة الأولى : انقضاء الرهن الحيازي بصفة تبعية .......................................................14 

الفقرة الثانية : انقضاء الرهن الحيازي ببيع المرهون بيعا جبريا ........................................ 17

المطلب الثاني : انقضاء الرهن الحيازي بصفة أصلية ................................................... 18

الفقرة الأولى : تنازل الدائن المرتهن عن الرهن صراحة ............................................... 18

الفقرة الثانية : اتحاد الذمة وهلاك العقار المرهون ..................................................... 19

الخاتمة :.........................................................................................................21

المراجع :.......................................................................................................22 

الفهرس :..................................................................................................... 23


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-