- الفصل الأول : التنظيم القانوني لمسطرة الإكراه البدني في التشريع المغربي .
- المبحث الأول : مجالات تطبيق الإكراه البدني والأجهزة المتدخلة فيه
- المبحث الثاني : شروط تطبيق الإكراه البدني وموانعه وحالات انتهائه
- الفصل الثاني : الرقابة القضائية على تطبيق مسطرة الإكراه البدني
- المبحث الأول : دور قاضي تنفيذ العقوبات في مسطرة الإكراه البدني .
- المبحث الثاني : دور قاضي المستعجلات في مراقبة صحة إجراءات الإكراه البدني .
الفصل الأول : التنظيم القانوني لمسطرة الإكراه البدني في التشريع المغربي .
إن الإكراه البدني باعتباره أحد أهم الآليات الإذعانية التي تهدف إلى إجبار المحكوم عليه بالأداء ، على تنفيذ الحكم الصادر ضده ، وذلك عن طريق إيداعه بالسجن ، عرف انتقادات متعددة ونداءات متزايدة بإلغائه ، باعتباره إجراء يحط من الكرامة الإنسانية .
وهكذا فقد تغيرت نظرة التشريعات الحديثة لهذا النظام ، فعمدت إما إلى إلغائه بصفة نهائية ، أو إلى تضييق مجالات تطبيقه بجعله ينحصر في الأداءات المالية المحكوم بها في المسائل الجنائية ، وكذا في تحصيل الديون العمومية .
أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد حاول خلق توافق ايجابي ، بين الاتجاه القائل بإلغاء الإكراه البدني ، والاتجاه القائل بالإبقاء عليه ، إذا أقر إمكانية اللجوء إلى تنفيذ الأحكام الصادرة بالأداء ، عن طريق هذه الآلية التنفيذية التي أثبتت نجاعتها ، على مستوى تنفيذ الأحكام القضائية ، إلا انه قيد اللجوء إليها بعدة قيود وشروط قانونية وإجرائية صارمة ، بمناسبة مراجعة قانون المسطرة الجنائية.
و سعيا منه إلى مسايرة الطفرة الكبرى التي عرفها مجال حقوق الإنسان ببلادنا ، والحرص على صيانة هذه الحقوق والمكتسبات ، والتزاما بالمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب ، خاصة منها العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ، الذي تنص مادته 11 على أنه " لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي " .
فإن المشرع عمد إلى إصدار القانون رقم 30-06 الذي عدل بموجبه ظهير 20 فبراير 1961. حيث أصبح الفصل الأول منه مصاغا على الشكل التالي " إن تنفيذ جميع الأحكام والقرارات النهائية الصادرة بأداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني .
المطلب الأول : مجالات تطبيق مسطرة الإكراه البدني .
لقد أخذ المشرع المغربي موقفا وسطا من نظام الإكراه البدني ، فلم يقم بإلغائه تماما ، كما لم يأخذ به على إطلاقه ، إلا أنه سعى إلى تعزيز ضمانات المدين المزمع إكراهه بدنيا ، وذلك تفاديا للمس المجاني بحريته ، فعمل على تحديد نطاق تطبيق مسطرة الإكراه البدني ، وحدد لها شروطا وإجراءات دقيقة ، يتعين على طالب الإكراه سلوكها .
ويخضع مجال تطبيق الإكراه البدني لقوانين مختلفة تختلف حسب طبيعة الديون المنصب عليها ، التي تنقسم إلى نوعين من الديون ، ديون خصوصية نظم مسطرتها المشرع من خلال قانون المسطرة الجنائية وظهير 20 فبراير 1961 ، وديون عمومية منظمة في إطار قانون رقم 15/97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية ، وبعض النصوص الخاصة الأخرى .
وتتميز مسطرة الإكراه البدني في كل من الديون الخصوصية ( الفقرة الأولى ) ، والديون العمومية بخصوصيات معينة تميزها عن الأخرى ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : مسطرة الإكراه البدني في الديون الخصوصية .
يعتبر الإكراه البدني في الديون الخصوصية وسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على تنفيذ الحكم الصادر ضده بأداء مبلغ مالي ، وذلك في حالة فشل وسائل التنفيذ العادية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية في الوصول إلى النتيجة المرجوة منها ، والديون الخصوصية في هذا الإطار قد تنتج إما عن دعوى مدنية مستقلة تقضي بأداء معين ( أولا ) أو عن دعوى مدنية تابعة ( ثانيا )
أولا : الإكراه البدني في إطار الدعوى المدنية الأصلية .
يمكن لكل دائن بمبلغ معين اللجوء إلى القضاء المدني ، لاستصدار حكم بالأداء وتنفيذه ، لكن في حالة امتناع المين عن التنفيذ طوعا ، وفشل طرق التنفيذ العادية في الوصول إلى نتيجة معينة ، فقد أجاز المشرع للدائن من خلال ظهير 20 فبراير 1961 ، متابعة تنفيذ هذا الحكم عن طريق سلوك مسطرة الإكراه البدني ، وهكذا فقد نص الفصل الأول منه على أن " تنفيذ جميع الأحكام أو القرارات النهائية الصادرة باداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني"