الضرر في القانون المغربي

مفهوم الضرر في القانون، انواع الضرر في القانون. الضرر الموجب للتعويض


الضرر

يعتبر الضرر الركن الثاني لقيام المسؤولية بشقيها العقدي والتقصيري ، فلا يمكن الحديث عن مسؤولية مدنية دون قيام ضرر لأن الهدف من إقرار المسؤولية هو جبر الضرر ، والضرر في المسؤولية المدنية إما تقصيري ( المطلب الأول ) ، أو عقدي ( المطلب الثاني ) .

 المطلب الأول : الضرر التقصيري


 ليس أي ضرر يمكن التعويض عنه في إطار المسؤولية التقصيرية ، لذلك يقتضي الأمر تحديد مفهومه ( الفقرة الأولى ) ، بالإضافة إلى أن هذا الضرر لابد وأن يستوفي عدة شروط ( الفقرة الثانية ) .


 الفقرة الأولى : تعريف الضرر التقصيري


 عرف المشرع المغربي الضرر التقصيري في الفصل 98 من ق.ل.ع حيث نص على أن : " الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات الضرورية التي اضطر وسيضطر إلى إنفاقها الإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرار به وكذلك ما حرم منه من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل ، ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدني أو تدليسه " .

 وهذا التعريف الذي وضعه المشرع المغربي بالرغم من أهميته ، إلا أنه لم يشر إلى الأضرار المعنوية وكذا الأضرار الجسدية ، إلا أن الذي يتعين الإشارة إليه هو أن النقص الذي اعترى الفصل 98 من ق.ل.ع يمكن تداركه بالرجوع إلى جملة من النصوص الأخرى التي تكمل هذا النقص من ذلك مثلا تسوية المشرع في الفصل 77 من نفس القانون بين الضررين المادي والمعنوي من حيث قابليتهما للتعويض . 

الفقرة الثانية : شروط الضرر التقصيري



الشروط الواجب توافرها الضرر سواء كان ماديا أو معنويا هو أن يكون محققا ( أولا ) وشخصيا ( ثانيا ) ، ومباشرا ( ثالثا ) ومشروعا ( رابعا ) . 

أولا : أن يكون الضرر محققا

 يجب أن يكون الضرر محقق الوقوع ، بأن يكون قد وقع فعلا أو سيقع حتما ، مثل الضرر الذي وقع فعلا - الضرر الحال - وهو أن يموت المضرور أو يصاب بتلف في جسمه أو في ماله أو في مصلحة مالية له .
 ومثل الضرر الذي سيقع حتما ـ الضرر المستقبل - هو أن يصاب عامل فيعجز عن العمل ، فيعوض ليس فحسب عن الضرر الذي وقع فعلا من جراء عجزه عن العمل في الحال ، بل وعن الضرر الذي سيقع حتما من جراء عجزه عن العمل في المستقبل . فالضرر المستقبل محقق الوقوع لذلك يجب التعويض عنه ، أما الضرر المحتمل فهو غير محقق الوقوع فقد يقع وقد لا يقع ، لذلك لا يصح التعويض عنه وإنما يجب الانتظار إلى أن يقع .

ثانيا : أن يكون شخصيا

 بغض النظر إن كان ماديا أو معنويا فإنه يتعين فيه أن يكون شخصيا وهذا يعني أن المطالبة بالتعويض حق للمضرور المباشر وحده لارتباط ذلك بمصلحته ، إلا أنه ليس هناك ما يمنع من تمديد التعويض ليشمل أشخاصا آخرين كما سنرى عند حديثنا عن الأضرار المشمولة بالتعويض في ضوء ظهير 1984 و القانون 18.12 .

ثالثا : أن يكون مباشرا

يقصد بهذا العنصر ، أن الضرر ينبغي أن يكون ناتجا بشكل مباشر عن الخطأ التقصري ، ويتضح هذا الشرط من خلال الفصل 77 من ق.ل.ع الذي جاء فيه ما يلي : " ... إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر ، أما الضرر غير المباشر ، فلا يجوز التعويض عنه ، لانقطاع السببية بين الخطأ والضرر . 

رابعا : أن يكون مشروعا

يقصد بهذا الشرط أن الضرر لا يمكن أن يكون محل تعويض إلا إذا مس مصلحة مشروعة ، فإذا كانت المصلحة التي تم المساس بها غير مشروعة ، كأن تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب ، فإن عنصر الضرر غير موجود قانونا ، فلا يمكن للخليلة | تطالب بالتعويض نتيجة الحادثة التي تعرض لها خليلها " . 

المطلب الثاني : الضرر العقدي


 للإحاطة بالضرر العقدي او الضرر في المسؤولة العقدية ، يقتضي الأمر الإشارة إلى تعريفه ( الفقرة الأولى ) ، ثم تحديد شروط قيامه ( الفقرة الثانية )


الفقرة الأولى : تعريف الضرر العقدي


عرف المشرع المغربي الضرر العقدي في الفصل 264 من ق.ل.ع ، حيث نص على أن : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كان ناتجا مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام ... " . من خلال هذا التعريف يتبين أن الدائن إذا لم يتعرض لضرر من جراء إخلال المدين بالتزامه ، ما كان ثمة تعويض ، إذ الغاية من التعويض هو إزالة الضرر أو تخفيفه على الأقل ، فإذا لم يكن هناك ضرر ، أصبح التعويض غير ذي موضوع . 

الفقرة الثانية : شروط الضرر العقدي


الضرر العقدي سواء كان ماديا أو معنويا فإنه يتعين فيه أن يكون محققا ( أولا ) وشخصيا ( ثانيا ) ومباشرا ( ثالثا ) ومتوقعا عند إبرام العقد ( رابعا ) . 

أولا : أن يكون محققا

 الضرر المحقق هو الذي وقع فعلا أو وقعت أسبابه ، ولكن آثاره تراخت إلى المستقبل ، وسبب تعويض الضرر المستقبل هو وجود أدلة تؤكد وقوعه في المستقبل لا محالة ، أما الضرر المحتمل الوقوع فإنه لا يستوجب التعويض لعدم وجود ما يقطع بحصوله في المستقبل ، ولا يتم التعويض عنه إلا إذا تحقق فعلا .

ثانيا : أن يكون شخصيا 

ينحصر التعويض عن الضرر العقدي في شخص الدائن باعتباره المتضرر المباشر بفعل الإخلال الذي ارتكبه المدين ، وقد أشار المشرع إلى هذا الشرط في الفصل 264 من ق.ل.ع بقوله : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب ... " ، وإذا كانت القاعدة هي اقتصار التعويض عن المضرور المباشر في العقد ، إلا أن ذلك لا يتعارض مطلقا مع إمكانية انتقال هذا الحق للورثة عن طريق الحلول محل الهالكة .

ثالثا : أن يكون مباشرا

 انطلاقا من الإشارة الواضحة للمشرع في الفصل 264 من ق.ل.ع التي تتجلى في الصيغة التالية " ... متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام " ، يتبين أنه يتعين في الضرر أن يكون مباشرا وهذا ما يتحقق بالنسبة للأضرار التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالخطأ العقدي ، أما فيما يخص الأضرار الغير المباشرة ، فإن الإجماع حاصل في ميدان الفقه والقضاء على عدم جواز اشتقاق التعويض عنها ، لا فرق في ذلك بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية  . 

رابعا : أن يكون متوقعا 

المقصود بالضرر المتوقع هو الذي كان منتظرا الحدوث عند إبرام العقد ، وخلافا للمسؤولية التقصيرية التي يعوض فيها حتى ولو كان الضرر مباشرا غير متوقع ، فإن التعويض في نطاق المسؤولية العقدية يقتصر على الضرر المباشر المتوقع عند الإبرام.


الفصل الأول : طبيعة الأضرار المشمولة بالتعويض في التشريع المغربي


إن الضرر إما أن يكون ضررا ماديا ( المبحث الأول ) ، أو معنويا يصيب المضرور شخصيا ( المبحث الثاني ) ، أو مرتدا يصيب الغير نتيجة إصابة المضرور ( المبحث الثالث ) . 


المبحث الأول : الضرر المادي



 الضرر المادي هو إخلال بمصلحة للمضرور ذات قيمة مالية ، كان يتلف شخص متاعا أو مزروعات لآخر ، أو يلحق عيدا بسنقول أو عقار لغيره ، وإما في جسمه كمروح وردود يسببها سائق السيارة لأحد المارة ، أو كنت شخص مصاب بمرض من الأمراض السارية عدوى هذا المرض إلى شخص سالمة .
 وقد أشار إليه المشرع المغربي في الفصل 98 من قلاع في إطار حديثه عن الالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم ، كما أشار إليه كذلك في الفصل 264 وهو بصدد حديثه عن القواعد العامة للمسؤولية العقدية . وانطلاقا مما سبق يتضح لنا أن الضرر المادي قد يصيب السلامة الجدية للمتضرر ( المطلب الأول ) ، كما قد يصيب نسته المالية ( المطلب الثاني ) .

 المطلب الأول : الضرر الجسماني


 ذهب الفقه إلى أن الضرر الجسماني هو الأذى الناتج عن الاعتداء على حرمة الجسد البشري وسلامته سواء بالموت أو بالجرح أو بالمرض ، وأنه هو ذلك الضرر الذي يصيب حياة الإنسان بمظاهر منها الجراح في الجسم أو إزهاق للروح أو إحداث العامة أو التسبب في العمل الدائم ، أو خللا بالعقل وعموما يقصد بالضرر الجسماني ذلك الضرر الذي يمس السلامة الجسدية للشخص مهما كانت خطورته ، فمختلف هذه الأضرار تستوجب التعويض عنها . 

المطلب الثاني : الضرر المالي


 يقصد به ذلك الضرر الذي يمس مصلحة مالية للشخص فيفتر ثمته المالية ، مثل الأضرار التي يتعرض لها صاحب حقل نتيجة حبس مياه السفي عنه ، ويمكن أن يكون الضرر المالي مهنيا أو تجاريا ، كما يمكن أن يكون ناتجا عن منافسة غير مشروعة كالتاجر الذي تعرضت بضاعته للكساد بسبب ممارسة تاجر آخر الأعمال المنافسة غير المشروعة ضده . 

وتجدر الإشارة إلى أن المصلحة المالية القابلة للتعويض عنها هي المصلحة المالية المشروعة ، أي المحمية قانونا ، أما تلك المصلحة الناتجة عن عمل أو علاقة غير مشروعة فلا يستحق عنها أي تعويض ولو وقع المساس بها . 

والضرر المادي واجب التعويض ، سواء في المسؤولية العقدية أو التقصيرية ، فبالرجوع إلى المقتضيات القانونية المنظمة للتعويض ولاسيما الفصول 77 و 78 و 264 من ق.ل. ع ، تجدها تعطى سلطة تقديرية واسعة للقاضي لتحديد التعويض اللازم لجبر الضرر وكذلك نص المشرع المصري في المادة 121 من التقنين المدني على أنه : " إذا لم يكن التعريض مقدرا في العقد أو ينص في القانون فالقاضي هو الذي يقدر ...... 

وإلى جانب الاعتبارات السابقة هناك حالة اتفاق طرفي العقد في المسؤولية العقدية على تحديد التعويض مسبقا في العقد ، أو ما يعرف بالتعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي ، وهو اتفاق سابق على تقدير التعويض الذي سيحققه الدائن في حالة عدم التنقيد أو التأخر فيه ، و في هذا الصدد جاء قرار المحكمة النقض بتاريخ 06/5/17 تحت عدد 489 في الملف التجاري عدد 04/1314 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 68 ص 111 و ما يليها على أنه : " عملا بالفصل 264 من ق.ل.ع فإن كل شرط يتم تضمينه في العقد بأن يتفق طرفاه على تحديد تعريض يؤدي عند عدم الوفاء بالالتزام كليا أو جزئيا أو في حالة التأخر في التنفيذ ، يعتبر شرطا جزائيا يمكن للمحكمة تعديله في إطار سلطتها التقديرية و لو لم يطلب ذلك المتضرر لعدم النص بالمقتضى المذكور على ما يوجب الا يتم ما ذكر إلا بطلب من طرف هذا الأخير " و بالتالي يمكن للقاضي تعديل بنود العقد القاضية بالتعويض ، إما بالرفع من مقداره ان گان زهيداء أو التخفيض منه إن كان مبالغا فيه .

المبحث الثاني : الضرر المعنوي


الضرر المعنوي أو الأدبي هو كل ما يصيب الشخص في الناحية المعنوية كالشعور والكرامة والعاطفة ، والسمعة والشرف والعقيدة ، كما يعتبر ضررا معنويا ما يصيب الإنسان في جسمه من ألم أو تشويه فيستحق عنه تعويضا يضاف إلى التعويض عن الضرر المادي الناتج عن هذه الإصابة و من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن الضرر المعنوي قد يكون مستقلا ( المطلب الأول ) ، أو قد يكون ناتجا عن ضرر مادي ( المطلب الثاني ) . 

المطلب الأول : الضرر المعنوي المستقل


 إن هذا النوع من الضرر المعنوي المسمى بالضرر المعنوي الصرف أو المحض ، هو الناتج عن المس بالحقوق غير المالية للمضرور ، أو الحقوق المرتبطة بشخصه أو بأسرته ، وسواء كان هذا المضرور مطالب بالتعويض عن هذا الضرر شخصيا ذاتيا أو معنوياة . 

وإذا كانت المطالبات المرفوعة أمام القضاء المغربي للتعويض عن الضرر المعنوي تظل قليلة قياسا بالنسبة للمطالبات بالتعويض عن الضرر المادي ، فالملاحظ بالمقابل أن مثل تلك المطالبات ما فتأت تتصاعد بفرنسا خاصة مع سعة صدر القضاء الفرنسي لقبولها ، وتقرير التعويض عن الأضرار المعنوية الصرفة العديدة يزداد نطاقها اكتساحا وامتدادا بمجالات مختلفة ، يمكن جرد بعضها على سبيل المثال فقط والتي قد تعثر لها عن ملامح في التشريع المغربي : المس بالشرف : كحالة نشر أخبار كاذبة عن المضرور تتضمن مجرد افتراءات .
 الكشف المس بالحياة الخاصة للفرد : كالإعلان عن زواج أو حمل ممثلة شهيرة ، عن ا العنوان الشخصي لشخص معين يرفض الإعلان عنه . 
المس بالحق في صورة الفرد : كاستعمال صورة لشخص معين دون إذن منه . 
المس بالحق المعنوي للمؤلف : كنسبة الإنتاج الفكري لمؤلف معين لشخص آخر أو تغيير الإشارة إلى اسمه مع نسبة إنتاج هذا المضرور إلى المسؤول عن الضرر نفسها 

المطلب الثاني : الضرر المعنوي الناتج عن الضرر المادي


لا يتصور هذا النوع من الضرر إلا في الحالة التي يكون قد نتج فيها ضرر مادي ، فمن البديهي أن إصابة جسد الإنسان أو أي عجز أو عاهة تخلف ضررا ماديا متمثلا في المس بالقدرة على الكسب كما تخلف بشكل ملازم ألما جسيما يجب التعويض عليه كضرر معنوي ، و هو ما سماه العميد ( G.Ripert ) بثمن أو سعر الألم .

 ومن المؤكد أيضا أن مبلغ التعويض هذا إذا لم يكن من شأنه أن يمحو الألم قد يكون على الأقل عزاءا معنويا عن هذا الضرر المادي ، على أن إصلاح الضرر المعنوي لا يتم عن طريق تعريض الألم الجسمي فقط بل أيضا الألم النفسي ، على الرغم من أن المنطق يقتضي توافر عنصر الوعي أو الإدراك لدى الضحية لتعويضه عن الألم النفسي .


المبحث الثالث : الضرر المرتد


 إذا كان هناك ضحية أني أو أولي فإن هناك العديد من الضحايا اللذين يتضررون عن طريق الارتداد ، فإذا كان الضرر كقاعدة عامة يستوجب أن يكون شخصيا ، فإنه يمكن قبول تعويض الضرر بالارتداد ، أي الضرر المرتد ، فما المقصود بالضرر المرتد ( المطلب الأول ) وما هي أنواعه ( المطلب الثاني ) . 

المطلب الأول : تعريف الضرر المرتد


 إن مشرع قانون الالتزامات والعقود لم يتطرق إلى تحديد تعريف لهذا النوع من الأضرار ، إلا أن بعض الفقه عرفه بأنه ، " الضرر الذي يلحق شخصا نتيجة ضرر أصحاب شخص آخر ، ومن ثم فإن الضرر المرتد هو ما يلحق الشخص من ضرر مباشر نتيجة الإصابة اللاحقة بالغير " . 

أي أنه لقيام هذا الضرر ، فإن ذلك يتطلب ثلاث عوامل أساسية أولها ، أن يكون الفعل قد أحدث ضررا للضحية مباشرة ، ثانيا أن يكون هذا الضرر قد ترتب عنه ضرر ما لشخص آخر ، أي أن يكون متولدا عن ضرر أصلي ومتصل به ، ثالثا ، أن تكون هناك علاقة معينة جمعت بين الشخص المتضرر بالارتداد ، والمتضرر الأصلي ، والتي تجعله يتأثر في ماله أو كيانه المعنوي . 


المطلب الثاني : أنواع الضرر المرتد


 إن الضرر المرتد الذي يصيب الغير ، قد يكون ماديا ( أولا ) ، كما يصح أن يكون معنويا ( ثانيا ) .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-