الحماية القانونية للمكتري المطالب قضائيا بافراغ المحل الايل للسقوط طبقا للقانون 49.16

الحماية القانونية للمكتري المطالب قضائيا بافراغ المحل الايل للسقوط طبقا للقانون 49.16


الحماية القانونية للمكتري المطالب قضائيا بافراغ المحل الايل للسقوط طبقا للقانون 49.16

من إعداد الطالب

محمد محسن باحث في سلك الماستر قانون العقار والتعمير بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

تقديم

يعتبر عقد الكراء من العقود الأكثر شيوعا نظرا لأهميته الإقتصادية والإجتماعية والقانونية ويتميز بكونه عقد معاوضة كل طرف يأخذ مقابلا لما أعطاه ويخول لأحد الأطراف (المكتري) منفعة عقار أو منقول مقابل أداء واجبات الكراء لفائدة المكري كما يتميز عقد الكراء بعنصر الزمن أي أنه ينتهي بانتهاء مدته.

الحماية القانونية للمكتري المطالب قضائيا بافراغ المحل الايل للسقوط طبقا للقانون 49.16


ونظرا لاهتمام المشرع الكبير بعقد الكراء فقد نظمه في مجموعة من القوانين من بينها القانون 49-16 المتعلق بكراء العقارات والمحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، الذي نسخ ظهير 1955 لتجاوز النواقص والهفوات وتحقيق التوازن بين أطراف العلاقة الكرائية وحماية الملكية العقارية من جهة وحماية الملكية التجارية من جهة أخرى.

وقد سمح المشرع من خلال هذا القانون لمالك العقار أن يسترجع عقاره بمجموعة من الطرق من خلال وضع قواعد آمرة تمكنه من ذلك، وفي المقابل فقد منح المشرع حقا للمكتري لا يمكن الإتفاق على مخالفته وهو الحق في التعويض إذا استوفى شروطه.

وقد قيد المشرع أطراف العلاقة الكرائية باتباع المسطرة من أجل استيفاء حقوقهم وضمانها، وعن ذلك فإن أسباب إنهاء عقد الكراء نص عليها القانون 49-16 في أربع حالات وهي الإفراغ للهدم واعادة البناء، الإفراغ للتوسيع والتعلية، الإفراغ للإستعمال الشخصي، الإفراغ لكون المحل ايلا للسقوط، وهي الحالة التي نعالجها في موضوعنا هذا على اعتبار أنها تعد سببا من أسباب إنهاء العلاقة الكرائية لكون المحل ايلا للسقوط وبذلك فإن المكري يكون له الحق في مطالبة المكتري بالإفراغ.

وعلى هذا الأساس يطرح تساؤل حول ما هي الأحكام العامة للإفراغ لكون المحل ايلا للسقوط؟ ثم ما هي الحقوق التي ضمنها المشرع للمكتري جراء الإفراغ لكون المحل ايلا للسقوط؟

وجوابا على التساؤلات السابقة سنعتمد في معالجتها على التصميم المنهجي التالي ؛

المبحث الاول الأحكام العامة للإفراغ لكون المحل ايل للسقوط.

المبحث الثاني حقوق المكتري جراء الإفراغ لكون المحل ايل للسقوط.

المبحث الأول الأحكام العامة للإفراغ لكون المحل آيل للسقوط

لقد حت المشرع على أطراف العلاقة الكرائية إتباع المسطرة لضمان حقوقهم وقد منح المشرع بهذا الخصوص المكري الحق في المطالبة بالإفراغ للمحل بكونه ايلا للسقوط.

ولقد حددت المادة الثانية من القانون 94-12 المتعلق بمعالجة المباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري مفهوم المبنى الأيل للسقوط واعتبرته على أنه يعد مبنى آيل للسقوط كل بناية أو منشأة كيفما كان نوعها يمكن لانهيارها الكلي أو الجزئي، أن يترتب عنه مساس بسلامة شاغليها أو مستغليها أو المارة أو البنايات المجاورة وإن كانت غير متصلة بها.

ويراد به كذلك، كل بناية أو منشأة لم تعد تتوفر فيها ضمانات المثانة الضرورية بسبب ظهور اختلالات بأحد مكوناتها الأساسية الداخلية أو الخارجية أو بسبب تشييدها على أرض غير آمنة من التعرض للمخاطر.

ومن هذا المنطلق وإن كان المحل كذلك فإنه يجب على المكري الذي يرغب في إنهاء العلاقة الكرائية أن يثبت أن المحل ايلا للسقوط بالفعل وأن يوجه إنذارا إلى المكتري.

المطلب الأول إثبات المكري أن المحل آيلا للسقوط

ألزمت المادة الرابعة من القانون 94-12 المكري بإتخاذ جميع الإجراءات اللازمة والقيام بالتدابير الضرورية لدفع الخطر بتجديد البناية وصيانتها وإعادة تأهيلها بما يضمن مثانتها وسلامة البنايات المجاورة وفي هذا الإطار فان المكري مسؤول عن الضرر الذي يحدثه إنهيارها الكلي أو تهدمها الجزئي مما يفرض على المكري إتباع مسطرة إفراغ المحل لكونه أيلا للسقوط.

وما ينبغي الإشارة إليه هو أن المكري لا يلجأ إلى القضاء لطلب الإفراغ إلا إذا كان بإمكانه إثبات أن المحل آيل للسقوط بالفعل ويستوجب الهدم ويشكل خطرا بمفهوم المادة الثانية من القانون 94-12.

وعلى هذا الأساس فإنه لضمان حماية المكتري من التعسفات التي يمكن أن تمارس عليه خاصة وأنه قد يحوم الشك حول صحة السبب الذي إعتمده المكري في طلب إفراغ المحل، بمعنى هل يصح السبب لكون أن المحل أيلا للسقوط بالفعل أم لا، وتجدر الإشارة في هذا الشأن أن المكري يجب عليه إثبات أن المحل أيل للسقوط وذلك إستنادا على قرار رئيس المجلس الجماعي باعتباره الجهة المختصة للتأكد من حالة البناء والذي يثبت فيه بأن المحل آيل للسقوط ويستوجب الهدم بمفهوم المادة الثانية من القانون 94-12 أي أن البناء يشكل خطرا على سلامة مستغليه أو قاطنيه أو البنايات المجاورة أو المارة.

ويمكن للمكتري أن يطعن في قرار رئيس المجلس الجماعي أمام الجهة المختصة وهي المحكمة الإدارية طبقا للقانون 41-90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، وفي حالة منازعة المكري حول جدية السبب فإنه بإمكان المحكمة أن تقضي بإجراء خبرة للتحقق من وضعية البناء الأمنية.

المطلب الثاني توجيه إنذار إلى المكتري

يعتبر الإنذار تصرف قانوني و إجراء من الإجراءات المسطرية التي يجب على المكري الإلتزام بمباشرتها، إذ أن المكري الذي يرغب في إنهاء العلاقة الكرائية يجب أن يوجه إنذارا إلى المكتري وأن يبين فيه السبب الذي إعتمده من أجل الإفراغ وهو لكون أن المحل آيلا للسقوط ، ويجب أن يتضمن هذا الإنذار مجموعة من الشكليات حيث يجب أن يكون موقعا من طرف الصادر عنه أو من ينوب عنه وأن يكون ذو صفة وأهلية تحت طائلة بطلانه.

وفي حالة وفاة المكتري فإنه يجب أن يوجه المكري الإنذار إلى ورثته أما في حالة تعدد المكرين فإنه مبدئيا يجب أن يوجه الانذار من طرفهم جميعا أو من بعضهم نيابة عن باقي المكرين.

كما يجب أن يمنح المكري المكتري أجل 15 يوما إبتداءا من تاريخ التوصل بالإنذار من أجل إفراغ المحل، وتعد هذه المدة قاعدة آمرة ولا يجوز الإتفاق على مخالفتها أو إسقاطها، بينما يبقى السؤال مطروحا حول هل هذه المدة معقولة لإفراغ المكتري من المحل أو بالأحرى هل هي كافية للإفراغ والبحث عن محل آخر للانتقال إليه، وفي نظرنا فإن المدة غير كافية للإنتقال إلى محل أخر في حين تبقى معقولة لكون أن المحل أيلا للسقوط ويستوجب الهدم لأنه يشكل خطرا على من فيه أو البنايات المجاورة أو المارة.

ومن الشكليات التي يجب إحترامها في الإنذار وهي طريقة تبليغه حيث ألزمت المادة 34 من قانون 49 16 المكري بتبليغ الانذار بالإفراغ للمكتري بواسطة المفوض القضائي أو بواسطة الطرق المنصوص عليها في الفصول 37 38 39 من قانون المسطرة المدنية، وهي؛

• التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط.

• التبليغ عن طريق البريد المضمون.

• التبليغ بالطريقة الإدارية.

• التبليغ بواسطة الطريقة الدبلوماسية.

• التبليغ عن طريق المفوض القضائي.

المبحث الثاني حقوق المكتري المطالب قضائيا بالإفراغ لكون المحل آيل للسقوط

بالرغم من أن المكري ضمن له المشرع الحق في طلب إفراغ المكتري من المحل لكونه أيل للسقوط إلا أن المشرع يسعى لحفظ حقوق الطرف الآخر من العلاقة الكرائية وهو المكتري وذلك حماية للملكية التجارية، وتتمثل هذه الحماية في منح المشرع المكتري الحق في استعمال حقه في الرجوع إلى المحل، وعلاوة على ذلك الحق في الأسبقية في حالة تعدد المكترون، وأيضا مكنه من الحصول على التعويض المستحق عند استيفاء شروطه.

المطلب الأول الحق في الرجوع إلى المحل

بالرغم من أن المادة 13 من القانون 49-16 ضمنت الحق للمكري في المطالبة بإفراغ المحل الآيل للسقوط إلا أنه يبقى للمكتري الحق في الرجوع إلى المحل بعد إصلاحه أو صيانته أو إعادة بنائه، على اعتبار أن مطالبة المكري للمكتري بالإفراغ على أساس أن المحل آيلا للسقوط لا يعني ذلك انتهاء العلاقة الكرائية بصفة نهائية، فحسب مقتضيات المادة 13 من القانون 49-16 للمكتري الحق في الرجوع إلى المحل، وأضافت نفس المادة على أنه لا يكون للمكتري الحق في الرجوع إلى المحل إلا إذا تم بناءه أو إصلاحه داخل أجل ثلاث سنوات الموالية لتاريخ الإفراغ.

كما ألزم المشرع المكتري لضمان حقه في الرجوع إلى المحل أن يعرب عن ذلك وفي حالة ما لم يعبر عن نيته في الرجوع، فإنه وجب على المكري تحت طائلة التعويض عن فقدان الأصل التجاري أن يخبره بتاريخ الشروع في البناء وأيضا مطالبته بالتعبير عن نيته في استعمال حقه في الرجوع إلى المحل داخل أجل حدده المشرع في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ التوصل بهذا الإخبار، وإذا لم يعبر المكتري عن نيته في الرجوع داخل الأجل الذي حدده القانون يسقط حقه في الرجوع إلى المحل وكذلك الحق في المطالبة بالتعويض.

إن المشرع لم يتوقف على هذا الحد في ضمان حماية المكتري لحق الرجوع الى المحل بل أيضا ضمن له حق الأسبقية أي بعد الرجوع إلى المحل ويظهر هذا الحق في الحالة التي يكون فيها تعدد المكترون ما يترتب عنه تساؤل حول من يكون له حق الأسبقية في المحلات المعاد بناؤها وجواب على ذلك فإن المادة 14 من قانون 49-16 قد حسمت في هذا الأمر في ثلاث حالات وهي:

• إذا كانت البناية الجديدة لا تتوفر على محلات تكفي أو تتسع لجميع المكترين، فحق الأسبقية يعطى لأقدمهم الذي عبر عن رغبته في خيار الرجوع؛

• إذا كانت البناية الجديدة تتوفر على محلات تتجاوز مساحة البناية القديمة، فحق الأسبقية ينحصر في المحلات ذات المساحة المساوية لمساحة المحلات التي كان يستغلها المكتري، أو تكون صالحة لاحتواء اللوازم والنشاط الذي كان يمارسه في المحلات القديمة؛

• إذا كانت البناية الجديدة لا تشمل محلات صالحة للنشاط الذي كان المكتري يمارسه، فلهذا الأخير المطالبة بحق الأسبقية في المحلات المعاد بناؤها كي يمارس فيها نشاطا آخر ينسجم مع التهيئة الجديدة للبناء.

المطلب الثاني الحق في التعويض

يعتبر التعويض الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها جبر الضرر الناجم عن الإفراغ لكون المحل آيلا للسقوط بالرغم من أن حماية المكتري تتمثل في ضمان استقراره لا في الحصول على التعويض غير أن ذلك يبقى من باب خروج المكثري بأقل الأضرار وحمايته من تعسفات المكري.

وقد منح المشرع للمكتري استحقاق التعويض والذي لا يتأتى إلا إذا استوفى الشروط التي حددها القانون، وما ينبغي الإشارة إليه هو أن المكتري لا يكون مستحقا في الحصول على هذا التعويض إلا إذا تم بناء المحل أو إصلاحه داخل أجل ثلاث سنوات الموالية لتاريخ الإفراغ شأنه شأن الحق في الرجوع وذلك طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون 49-16، وهو نفس المقتضى الذي سارت على منواله المادة 8 من القانون 49-16 التي لم تلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري في الحالة التي يكون فيها سبب الإفراغ هو أن المبنى آيل للسقوط وأضافت ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم انذاره بذلك.

أولا إستحقاق المكتري التعويض

لفرض التوازن بين أطراف العلاقة الكرائية ضمن المشرع للمكتري الحق في طلب تحديد تعويض احتياطي كامل من رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة في حالة حرمانه من الحق في الرجوع إلى المحل من طرف المكري.

ويعد إستحقاق المكتري التعويض قاعدة آمرة لا يجوز الإتفاق على إسقاطها حيث أن كل شرط أو اتفاق من شأنه أن يحرم المكتري من التعويض المستحق له عن إنهاء الكراء يعد باطلا طبقا لمقتضيات المادة 7 من قانون 49-16.

وما يلاحظ فيما يتعلق باستحقاق المكتري التعويض أن القانون 94-12 المتعلق بمعالجة المباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري لم يقرر للمكتري أي تعويض جراء الإفراغ لكون المحل آيلا للسقوط بل رتب عنه فسخ عقد الكراء وإفراغ المكتري أو من يقوم مقامه، في حين أن القانون 49-16 تجاوز هذا النقص وقرر التعويض المستحق للمكتري إذا كان المحل آيلا للسقوط.

وعموما فإن القانون 49-16 يبقى هو المعمول به باعتباره جاء لاحقا عن القانون 94-12 وناسخ لبعض أحكامه غير أنه يبقى الرجوع ضروري إلى القانون 94-12 لتحديد مفهوم المبنى الآيل للسقوط وكيفية إثباته.

ثانيا تحديد التعويض للمكتري

حددت المادة 7 من القانون 49-16 كيفية تحديد التعويض المستحق للمكتري والتي إعتبرته على أنه يعادل ما لحق المكتري من ضرر ناجم عن الإفراغ وأضافت على أنه يشمل قيمة الأصل التجاري التي تحدد إنطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربعة الأخيرة زيادة على ما أنفقه المكتري من تحسينات وإصلاحات وما فقده من عناصر الأصل التجاري بالإضافة إلى أنه يشمل أيضا مصاريف التنقل من المحل.

ويعتبر تحديد التعويض إنطلاقا من التصاريح الضريبية للسنوات الأربعة الأخيرة عن تاريخ المطالبة القضائية العنصر الجديد الذي يتحكم في تحديد قدر التعويض الذي يستحقه المكتري، أي أن المشرع قيد من سلطة الخبير في تقديره التعويض عندما حدد له مشتملاته على سبيل الحصر، غير أن الإشكال يقع على المحلات التي لا تتوفر على أصل تجاري كالتعاونيات والمصحات ففي هذه الحالة تتاح للقاضي سلطة واسعة قصد تقدير قيمة التعويض استنادا إلى الأحكام العامة المعمول بها، وكذلك في الحالة التي لا يكون المكتري مصرحا بالضريبة أو أنه لم يستوفي الأربع سنوات فإنه في هذه الحالة لا مانع من الإعتماد على القواعد العامة لتقدير التعويض استنادا على قيمة الأصل التجاري.

ثالثا مسطرة مطالبة المكتري بالتعويض

يترتب عن حرمان المكتري من حقه في الرجوع الحق في المطالبة بالتعويض وهو الحق الذي يعتبر كل شرط أو اتفاق من شأنه حرمان المكتري منه باطلا.

وقد منح القانون المكتري مسطرتين اختياريتين للمطالبة بالتعويض تتمثل الأولى في تقديم طلب مضاد خلال دعوى المصادقة على الإنذار وبإمكانه من خلال هذا الطلب أن يلتمس حقه في المطالبة بالتعويض طبقا لما خول له القانون في ذلك، والحالة الثانية تتمثل في تقديم دعوى مستقلة داخل أجل ستة أشهر من تاريخ تبليغه بالحكم النهائي القاضي بالإفراغ في حالة تغاضيه عن تقديم طلب مضاد، وما ينبغي الإشارة إليه هو أنه بإنقضاء هذا الأجل ولم يرفع المكتري دعوى المطالبة بالتعويض فإنه لن يستفيد منه.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-